البحرين-جريدة
أخبار الخليج -الخميس
04 صفر 1433 الموافق29 ديسمبر2011 العدد 12333
في بيان مشترك لـ
«المــــــنبر» و«الأصالة»:
نطالب اللجنة المعنية بتقصي الحقائق بالالتزام بالشفافية واستقلال القضاء
تزامنا مع أعمال اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ
توصيات لجنة تقصي الحقائق وما اتخذته من قرارات في إطار الأمر الملكي (45) لسنة
2011 الخاص بإنشائها وإدراكا منا بضرورة تحديد رؤيتنا من عمل اللجنة التي لنا أعضاء
وممثلون فيها بموجب الأمر الملكي رقم (48) لسنة 2011 يأتي هذا البيان ليوضح موقف كل
من جمعية المنبر الوطني الإسلامي وجمعية الأصالة الإسلامية من اللجنة وتعاطيها مع
توصيات لجنة التقصي.
لقد سبق أن عبرنا في حينه عن ترحيبنا بالأمر الملكي رقم (28) لسنة 2011 الخاص
بإنشاء اللجنة الملكية المستقلة للتحقيق في أحداث فبراير ومارس ورأينا فيها خطوة
غير مسبوقة عربيا ودوليا أن تقوم دولة بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الاضطرابات
السياسية التي وقعت فيها وتوفر لمحققيها صلاحيات هائلة للتقصي والتحقيق ووضع ما
يرونه من توصيات، وذلك باعتراف رئيس اللجنة نفسه البروفيسور محمود بسيوني. وفي نفس
السياق رحبنا بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ التوصيات ومتابعتها ولنا ممثلون
فيها مع باقي قوى المجتمع، ونرى في هذا الشأن أن كلا من لجنة التقصي واللجنة
الوطنية يمثلان فرصة تاريخية لحل الملفات السياسية وتجفيف منابع التوتر وعدم
الاستقرار في بلادنا ونأمل أن يكونا بارقة أمل نحو صفحة جديدة في الحياة السياسية
بالبحرين.
إن موقفنا من لجنة متابعة توصيات لجنة تقصي الحقائق ينطلق من الثوابت التالية:
1- الالتزام بمبادئ الشريعة الإسلامية حين تنفيذ التوصيات أو القيام بتعديلات
تشريعية أو غيرها من إجراءات.
2- الالتزام بسيادة القانون على الجميع.
3 - الالتزام بمبدأ فصل السلطات واحترام استقلالية القضاء البحريني.
4- تأكيد الشفافية في عمل اللجنة الوطنية.
5- الالتزام بمبدأ التوافق الوطني وعدم تهميش أي مكون من مكونات الشعب وخاصة في
الملفات الوطنية الكبرى.
وبناء على هذه الثوابت نذكر الملاحظات التالية:
1- لما كان تقرير لجنة التقصي قد وثق وقائع الاعتداءات التي قام بها المحتجون على
المواطنين ? وخاصة من أهل السنة ? والمقيمين، من إزهاق للأرواح وإغلاق للشوارع وضرب
للاقتصاد واعتداء على الأبرياء وإثارة للطائفية واعتداء على رجال الأمن، فإننا لا
نقبل بأي شكل أن تحدث مصالحة وطنية لا تشمل هذه الشريحة الواسعة من المواطنين.
2- نطالب باتخاذ الخطوات اللازمة لرفع الظلم الذي أصاب أي إنسان خلال الأحداث من
خلال القضاء والقنوات الشرعية وندعو لتطوير أجهزة الأمن والتشريعات البحرينية إلا
أننا لا نقبل أن يتم تعطيل القانون والتعدي على اختصاصات القضاء بغرض استرضاء فئة
معينة ولأغراض سياسية ونشدد على أن سياسة العفو والاسترضاء من أهم أسباب عدم
الاستقرار والاستخفاف بهيبة القانون.
3- ندعو اللجنة للالتزام بمبدأ الشفافية في التعامل مع الرأي العام وقد يكون ذلك من
خلال نشر محاضرها أولاً بأول. كما ندعوها إلى الالتزام بالأطر الدستورية التي
ارتضاها الشعب ومنها المجالس التشريعية والنظام القضائي وفصل السلطات. وأن لا يتحول
عملها إلى تسوية سياسية على حساب القانون وحقوق المواطنين العامة والخاصة فالالتزام
بالقانون هو المخرج من الأزمة وتنفيذ للقانون الإلهي الذي أكد: «ولكم في القصاص
حياة يا أولوا الألباب».
4- بالنظر لما احتواه تقرير لجنة التقصي من توثيق لعنف المحتجين، فإننا نطالب
الجمعيات والقوى التي ساهمت في زيادة التطرف إلى إدانة ما حصل من تجاوزات ضد أبناء
الشعب والمقيمين والأجانب ورجال الأمن. كما ندعوهم لإدانة المطالبات بإسقاط النظام
والمساس بالرموز والشخصيات والعوائل البحرينية والاعتراف بالتجاوزات التي قام بها
المتظاهرون ووثقها التقرير.
5- كما ندعو الحكومة إلى الاعتبار من أخطائها في التعامل مع الأزمة والتي أدت إلى
تجاوزات ووفيات وتركها الأمور معلقة من غير حسم شهرين تقريبا مما أسهم في توسيع
التخبط والفراغ الأمني وانتشار الرعب والخوف.
أما موقفنا من التوصيات التي وردت في تقرير لجنة التقصي فنوجزه فيما يلي:
× التوصية «1715» الخاصة بـ «وضع آلية مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين
الذين ارتكبوا أعمالا مخالفة للقانون أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب
وسوء معاملة المدنيين»: نؤكد أن هذه التوصية متحققة بالفعل ومتوفرة في القضاء
البحريني الذي يعتبر آلية فعّالة لمساءلة المسئولين الحكوميين وغيرهم وبالتالي
إنشاء آلية جديدة يعد طعنا مرفوضا في القضاء البحريني، فضلا عن أن النظام القضائي
يكفل للمتضرر حق مقاضاة المسئولين الحكوميين دون عوائق كما أن التوصيتين (1717)
و(1718) ينصان على إنشاء آليتين في وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني كل على حدة
تتلقيان الشكاوى وتقومان بتحقيقات مستقلة وتكفلان القيام بإجراءات تأديبية وجنائية
وفقا لما نصت عليه اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية
والسياسية، وبالتالي لا داعي لإنشاء آلية منفصلة أخرى تنازع القضاء وهاتين الآليتين
اختصاصاتها.
× التوصية 1719: نؤكد أهمية تحقيق هذه التوصية وما ذكرته بخصوص «التحقيق في دعاوى
التعذيب والأشكال الأخرى من المعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المعاملة أو
العقوبة المهينة» من خلال التشريعات والإصلاح الإداري ضماناً لحقوق من يتم التحقيق
معهم وضماناً لسلامة إجراءات النيابة والأجهزة الأمنية في المملكة والتزامها
بالمعايير الإنسانية في إجراءاتها. كما نؤيد تنظيم البرامج التدريبية التي تعزز
ممارسات حقوق الإنسان في وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية.
× التوصية 1722 (ب): نرى أنها متحققة بالفعل حيث إن التحقيق في شكاوى التعذيب أو
سوء المعاملة يعد اختصاصا أصيلا للقضاء ولا حاجة إلى إنشاء آلية أخرى وعلى المتضرر
من سوء المعاملة اللجوء إلى القضاء الذي ضمن له الدستور درجات عليا من الاستقلالية
تحت مبدأ فصل السلطات.
× التوصية 1722 (ح) و(ط): يعد البندان تدخلاً صارخاً في اختصاصات السلطة القضائية
لأنهما يتضمنان إما إلغاءً أو تخفيفاً لأحكام صادرة من القضاء ما يعد مخالفة واضحة
للدستور الذي ينص على الفصل بين السلطات بنص صريح في المادة (23 الفقرة أ: يقوم
نظام الحكم على أساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونهما وفقا
لأحكام هذا الدستور). كما ينص الدستور في الفصل السابع المتعلق بالسلطة القضائية في
المادة 104 الفقرة (ب) على أنه: (لا سلطان لأية جهة على القاضي في قضائه، ولا يجوز
بحال التدخل في سير العدالة، ويكفل القانون استقلال القضاء). ولذا فإن جمعيتي
الأصالة والمنبر تتحفظان بشدة على البندين لمخالفتهما صريح الدستور.
× كما أن التوصية (1722) البند (ط) يوصي بتخفيف أحكام الإعدام استنادا إلى المادة
(6) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الخاصة بإلغاء عقوبة الإعدام رغم أن
المادة 6 نفسها من العهد الدولي الذي انضمت إليه البحرين بموجب القانون رقم 56 لسنة
2006 تنص على خلاف ذلك بل تنص صراحة على الإبقاء على عقوبة الإعدام: (الفقرة 2: لا
يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد
الجرائم خطورة وفقاً للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا
العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه
العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة).
ومن ثم يتبين من هذا أن المادة (6) من العهد الدولي لا تلغي عقوبة الإعدام بالنسبة
للدول التي تعمل بهذه العقوبة وإنما تشترط عليها تطبيقها بالنسبة للجرائم الأشد
خطورة ولا يخفى على الجميع خطورة الجرائم التي قام بها المدانون وفظاعتها، وبغض
النظر عما سبق فإن هناك حقوقاً خاصة لذوي المجني عليهم لا يمكن التغاضي عنها.
وأخيراً لا يسعنا إلا الاستناد إلى قوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي
الألباب) وقوله تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله أن يقتلوا أو يصلبوا
أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الحياة الدنيا
ولهم في الآخرة عذاب عظيم).
× التوصية 1723: الخاصة بـ «قيام الحكومة بإعادة بناء بعض المنشآت الدينية وفقا
للنظم الإدارية على نفقة الدولة» نطالب اللجنة بالالتزام بالقانون وإعادة بناء ما
هو مرخص فقط وضمن حدود النص الذي ذكر شرط «الالتزام بالنظم الإدارية»، وهو ما يجنب
البلاد الفوضى وانتشار ظاهرة الاستحواذ على الأراضي ذات الملكية العامة والخاصة لأي
غرض كان.
× التوصية 1723 (ب): بخصوص التوصية بإعادة المفصولين في القطاع الخاص نرى فيها
تعدياً غير دستوري على القطاع الاقتصادي وتدخلاً غير مقبول في القطاع الأكثر تضرراً
من الاحتجاجات. ونرى جعل الأمر بيد القضاء فمن لديه شكوى أن يلجأ إلى القضاء
الإداري للبت في شكواه بدلاً من ممارسة الضغوط الحكومية على القطاع الخاص.
× التوصية 1724 (أ): نطالب بوضع ضوابط حين تنفيذ هذه التوصية حيث تنص على أن يكون
«للمعارضة» صوت مسموع بصورة كافية في الإعلام الوطني التلفزيوني والإذاعي والإعلام
المقروء ولم تحدد التوصية المقصود بالمعارضة ومن جانبنا نرى ضرورة أن تكون معارضة
وطنية لا تستغل الإعلام البحريني للدعاية لأجندات خارجية أو لبث الفرقة وإثارة
الكراهية والنعرات الطائفية أو الفئوية.
× بخصوص التوصيتين 1724 و1725: فإننا نؤكد أن المصالحة الوطنية يجب أن تقوم على
العدل والمساواة دون الانجرار إلى تقديم تنازلات للأعلى صوتا أو من يهدد مصالح
الوطن بسكب الزيت واستخدام المولوتوف والعنف. كما أن أي تعويض يجب أن يكون بناءً
على أحكام القضاء وأن يعوض جميع من تضرر بمن فيهم الأبرياء الذين منعوا من العلاج
ورجال الأمن ومن سقط من المتظاهرين ولم يمارس العنف ولم يهدد حياة الآخرين.
× بخصوص البند 1725 (ب): نؤيد جهود المصالحة الوطنية ونؤكد أننا نرغب بأن تكون
خريطة للطريق يتم من خلالها الدعوة للتوافق الوطني وبث روح التسامح وغلق ملف
المظلومية الذي تستغله بعض الجهات لتنفيذ أجندات غير وطنية، مع ضرورة التوافق على
أي خطة لتحقيق المصالحة.
وفي الختام فإننا نطرح تساؤلاً على الحكومة واللجنة الوطنية - مع إقرارنا بأهمية
تأطير وتأصيل حقوق الإنسان في مملكة البحرين - حول موقف التيارات التي تسمى
بالمعارضة والمنفلتة حالياً والتي لا تسير ضمن أطر وطنية أو تصالحية. فهل بعد تنفيذ
هذه التوصيات ستتجاوب هذه التيارات وتسير نحو المصالحة الوطنية المنشودة؟ أم ستستمر
في اجترار التنازلات بعد التنازلات من دون اعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها في حق
الشعب ووحدته الوطنية وأمنه واستقراره؟ ولذا فإننا نضع هذه التحفظات أمام الشعب
البحريني وأمام التاريخ مذكرين الدولة المرة تلو الأخرى بضرورة الالتزام بسيادة
القانون والدستور وفصل السلطات تنفيذاً لمبدأ العدل والمساواة بين أبناء الشعب
الواحد. يقول تعالى: (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به
إن الله كان سميعاً بصيرا).
اللهم هل بلغنا، اللهم فاشهد.
دستور
مملكة البحرين
قانون
رقم (50) لسنة 2006 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (42) لسنة 2002
استقلالية
ونزاهة القضاء مصونة في إطار الفصل بين السلطات
تفعيـل
ميـثاق شرف الحقوقيـين العرب وتأكيد استقلال القضاء