البحرين-جريدة أخبار
الخليج - الأحد ٢٦ أغسطس ٢٠١٢ م، الموافق ٨ شوال ١٤٣٣ هـ العدد : ١٢٥٧٤
الثقافة السياسية
اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان.. لماذا؟
في منتصف شهر أغسطس الجاري، أصدر صاحب السمو الملكي
الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر قراراً بإنشاء اللجنة
التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، فما معنى هذا القرار ودلالاته؟ وما هي أهميته على
المستوى الحقوقي؟
بداية، يعكس هذا القرار اهتمام مملكة البحرين بمبادئ حقوق الإنسان، ويؤكد حرصها على
تنفيذ التزاماتها وتعهداتها الدولية في المجال الحقوقي، وهي التزامات وتعهدات
كثيرة، توليها المملكة اهتماماً خاصاً من خلال التشريعات التي تصدر عبر السلطة
التشريعية (البرلمان)، أو من خلال الأنظمة والإجراءات واللوائح التي تحددها السلطة
التنفيذية (الحكومة)، أو حتى بحرص السلطة القضائية على التأكد من تطابق أنظمة
القضاء مع معايير حقوق الإنسان التي يجب احترامها، وخاصة أن دستور المملكة، وميثاق
العمل الوطني يكفلان مبادئ حقوق الإنسان.
البحرين وقعت على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان،
وخاصة المرتبطة منها بمنظومة الأمم المتحدة. وطوال الفترة الماضية استحدثت البحرين
العديد من المؤسسات الرسمية التي تعنى بالمجال الحقوقي، كما هو الحال بالنسبة
للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ثم وزارة الدولة لحقوق الإنسان، وكان آخرها اللجنة
التنسيقية العليا لحقوق الإنسان.
هذه المنظومة تعمل إلى جانب شبكة واسعة من مؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق
الإنسان، وهي مؤسسات ناشطة وفاعلة، وتمارس أدواراً مهمة تعكس حيوية المجتمع المحلي،
ومدى اهتمامه الحقوقي، ووعيه الخاص في هذا المجال.
في هذا السياق، يمكن فهم قرار صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر عندما أصدر
قراره بإنشاء اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، وهي لجنة تختص بالتنسيق بين
الجهات الحكومية في كافة المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان بحسب اختصاص كل جهة.
فتزايد الجهود الحكومية المعنية بالمجال الحقوقي تتطلب اهتماماً خاصاً بتنظيمها
لضمان وجود أعلى درجات التنسيق، وبما يسهم في تحقيق الأهداف الحقوقية التي تعمل
عليها جميع المؤسسات الحكومية.
أيضاً أعطيت اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان مجموعة من الصلاحيات لتقوم
بدورها على أكمل وجه، وتشمل الآتي:
أولاً: وضع آلية للتنسيق تكفل تحقيق أفضل السياسات للتعامل مع المسائل المتعلقة
بحقوق الإنسان.
ثانياً: إعداد خطة وطنية لحقوق الإنسان على مستوى الحكومة وعرضها على مجلس الوزراء
للموافقة عليها.
ثالثاً: التنسيق في إعداد الردود على البيانات والتساؤلات الصادرة من المنظمات
والجمعيات داخل المملكة وخارجها المتعلقة بحقوق الإنسان.
رابعاً: التنسيق في إعداد التقارير التي تلتزم مملكة البحرين بتقديمها تطبيقاً
للاتفاقيات التي انضمت إليها المملكة في مجال حقوق الإنسان.
خامساً: النظر في طلبات المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان التي ترغب
في إرسال ممثل لها إلى مملكة البحرين.
سادساً: متابعة تنفيذ توصيات مجلس حقوق الإنسان ورفع تقارير دورية بشأنها إلى مجلس
الوزراء.
سابعاً: تحقيق المواءمة بين خطط وزارة الدولة لشؤون حقوق الإنسان وبين متطلبات
أوضاع الجهات الحكومية المتعلقة بحقوق الإنسان.
ثامناً: وضع خطة سنوية للتدريب في مجال حقوق الإنسان.
تاسعاً: رفع التوصيات أو المرئيات المتعلقة بالقضايا الحقوقية إلى مجلس الوزراء.
عاشراً: إعداد الدراسات بشأن مواءمة القوانين المحلية للاتفاقيات التي انضمت إليها
مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان.
باستعراض الدور الأساسي للجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان وأهم الصلاحيات التي
تتولاها، يلاحظ أنها تمثل جهة مركزية في الحكومة لإدارة كافة الأنشطة المتعلقة
بحقوق الإنسان، ومن أهمها توليها مسؤولية وضع آلية للتنسيق بين الجهات الحكومية في
المجال الحقوقي، وكذلك إعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان على المستوى الحكومي. كما
أن اللجنة نفسها تعد قناة الاتصال الرئيسة بين حكومة البحرين، والمنظمات الحقوقية
الدولية، ومن أهم المهام في هذا السياق تولي إدارة العلاقة مع مجلس حقوق الإنسان
التابع للأمم المتحدة والذي يناقش الأوضاع الحقوقية في جميع دول العالم، ومن بينها
البحرين التي تقدم تقارير المراجعة الدورية.
وطالما أن دور اللجنة تنسيقياً، فإنه يلاحظ أيضاً الشمولية والتنوع في عضوية
اللجنة، فهي برئاسة وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان، ووكيل الوزارة لشؤون حقوق
الإنسان نائباً للرئيس، و١٣ عضواً منهم الوكيل المساعد للتنسيق والمتابعة لشؤون
حقوق الإنسان، وممثلين عن وزارات الخارجية، والداخلية، والعدل والشؤون الإسلامية
والأوقاف، والتربية والتعليم، والتنمية الاجتماعية، والصحة، والعمل، والمجلس الأعلى
للمرأة، وجهاز الأمن الوطني، وهيئة شؤون الإعلام، بالإضافة إلى ديوان الخدمة
المدنية.
العضوية في اللجنة تمتد ثلاث سنوات قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة، واجتماعات
اللجنة شهرية. كما يمكن للجنة تشكيل لجان فرعية من بين أعضائها أو من غيرهم من ذوي
الخبرة لدراسة موضوع أو أكثر من الموضوعات المعروضة عليها.
من العرض السابق، يمكننا التعرف على الدور المهم الذي ستضطلع به اللجنة التنسيقية
العليا لحقوق الإنسان خلال الفترة المقبلة، وهي بداية أساسية لتنظيم النشاط الحكومي
في المجال الحقوقي لضمان التكامل في الجهود، وضمان أقصى درجات التنسيق بين كافة
المؤسسات الحكومية بما يضمن تحقيق تطلعات المملكة والتزاماتها وتعهداتها الدولية في
مجال حقوق الإنسان.
كما أن قرار اللجنة يعطي قناعة وإيماناً بمدى اهتمام المملكة بمبادئ حقوق الإنسان
التي تسعى دائماً إلى تطوير نشاطاتها في هذا المجال.
أمر
ملكي رقم (46) لسنة 2009 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان