البحرين-جريدة الوسط-الأحد
09 ديسمبر 2012م الموافق 25 محرم 1434هـ- العدد 3746
فقاعات دكتاتورية ضد
«حقوق الإنسان» عربياً
يصادف غداً (الإثنين) اليوم العالمي لحقوق الإنسان
(10 ديسمبر/ كانون الأول 2012) وهو اليوم الذي يتيح لشعوب العالم للاحتفال بحقوق
الإنسان والدعوة العالمية للتمتع بحقوق الإنسان بصورة كاملة دون نقصان.
وهذا العام يُسلّط الضوء على حقوق جميع الناس؛ النساء، والشباب، والأقليات، وذوو
الإعاقة، والشعوب الأصلية، والفقراء، والمهمشون من أجل جعل أن يكون صوتهم مسموعاً
في الحياة العامة وإدراجهم في عملية صنع القرار السياسي.
وحقوق الإنسان هذه تتمثل في الحق في حرية الرأي، والحق في حرية التعبير، والحق في
حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية، والمشاركة في الحكومة (المواد 19
و20 و21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) كانت محور التغييرات التاريخية التي جرت
في العالم العربي خلال العامين الماضيين؛ إذ خرج الملايين إلى الشوارع مطالبين
بالتغيير. وفي أنحاء العالم، جعلت نسبة الـ99 في المئة صوتها مسموعاً من خلال حركة
«احتلوا» العالمية احتجاجاً على اللامساواة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وفي اليوم العالمي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في خطابه الموجه إلى
شعوب العالم بالقول «لكل إنسان الحق في أن يُعرب عن رأيه ويشكّل القرارات التي تؤثر
في مجتمعه. وهذا الحق مكرس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كما أنه مدمج في
القانون الدولي اندماجاً كاملاً، ولاسيما في المادة 25 من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية».
كلام الأمين العام ينصب في إطار عادل ولكن لو نظرنا إلى ما يحدث في شوارع وخطابات
الشوارع العربية فهي بلاشك تثير الاشمئزاز والشفقة في آن واحد لأنظمة لا تريد أن
تسمع لشعوبها وأخرى ممارسات لا تفقه شيئاً من الديمقراطية عدا أنها تنفذ أوامر
اعتادت على تنفذيها لا النقاش فيها.
إن ممارسات الدكتاتورية تتمثل في عدم سماع الأطراف الأخرى داخل المجتمع الواحد وهو
تَعدٍّ واضح وخطير يعزز ثقافة إقصاء الآخر وقمع وجوده ورأيه تحت أعذار واهية.
بان كي مون أشار في كلمته لهذا العام إلى أن ثمة جماعات وأفراداً لا حصر لهم
يواجهون عقبات لا حصر لها. وتملك المرأة الحق في التصويت في أي مكان تقريباً، غير
أنها ما برحت ممثلة تمثيلاً ناقصاً بدرجة هائلة في البرلمانات وعمليات السلام، وفي
الوظائف الحكومية العليا ومجالس إدارة الشركات، وفي مراكز أخرى لصنع القرار.
هكذا يرى الأمين العام للأمم المتحدة، أمّا نحن فنجدها صورة أو كمالية تستخدمها
الأنظمة الديمقراطية لتكميل مشهدها الخارجي رغم أنها واقعاً صورة فارغة من محتواها
الأصلي لا طعم لها فهي إداة تستخدم لترويج ما ولغرض إبقاء صوت النظام الدكتاتوري.
وخطاب بان كي مون إلى شعوب العالم وجّه كلامه للسكان الأصليين في البلدان التي
مازالت الأنظمة تضطهدها إذ قال «كثيراً ما يواجه السكان الأصليون تمييزاً يحرمهم من
فرصة استخدام حقوقهم المكفولة (...) فضلاً عن ذوي الإعاقة أو آراء سياسية مختلفة عن
المشاركة في المؤسسات والعمليات الرئيسية. ويجب أن تمثل المؤسسات والحوار العام
المجتمعات بجميع أنواعها».
وأضاف «بصورة أعم، فقد شهدنا في عدة أجزاء من العالم تهديدات باعثة على القلق
للمكاسب التي تحققت بصعوبة في مجال الحكم الديمقراطي. وفي بعض البلدان، تواجه
جماعات المجتمع المدني ضغوطاً وقيوداً متنامية. واستحدثت تشريعات تستهدف منظمات
المجتمع المدني تحديداً وتكاد تجعل من المستحيل عليها أن تعمل. ويواجه أنصار
الديمقراطية تدابير جديدة تنطوي على التحدي لهم. وخليق بنا جميعاً أن نشعر بالقلق
إزاء هذا التردي».
وحتى الآن لم ينجح أي بلد في ضمان أن يكون جميع سكانه قادرين على المشاركة في
الشؤون العامة على نحو كامل، بما في ذلك الحق في الانتخاب للمناصب العامة والمساواة
في فرص الحصول على الخدمات العامة - بحسب الأمين العام للأمم المتحدة - كما أن سَن
قوانين بحقوق جديدة أو إزالة قوانين غير عادلة لا يكون أمراً كافياً دوماً. ففي
معظم الأحوال، يتواصل التمييز، ويثير عقبات وأنماطاً للتفكير قد يصعب التغلب عليها.
وهذا تماماً ما نلمسه في بلدان المنطقة العربية التي لا تكف تميزاً عرقياً ولا
مذهبياً ولا جندرياً.
ويرى الأمين العام للأمم المتحدة أن جماعات المجتمع المدني الناشطة تُعَدُّ من
السبل الرئيسية لتحقيق الرفاه وحسن الأداء لأي بلد، ومن ثم فإن الأمم المتحدة تعرب
عن استيائها للتدابير التي تتخذ لقمعها. وهذا هو السبب في أن الأمم المتحدة، في هذا
الاحتفال بيوم حقوق الإنسان، تشدد على الحق في المشاركة والحقوق المرتبطة به التي
تمكن من تحقيقه؛ ألا وهي حرية التعبير والرأي، والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات.
إلا أن هذه المفاهيم وما يحدث من متغيرات ومناطحات في شوارع وأنظمة منطقتنا العربية
مازال غير متوازن وملائم لمتطلبات وملامح المرحلة التي تعيشها المنطقة؛ ألا وهي
صحوة وحراك مطلبي على أشد مراحله يطمح إلى تغيير حقيقي يلبي حقوقه الغائبة ويُعدِّل
من أوضاعه البائسة دون وعود أو رتوش من نظام يخاف من سقوطه.
أمر
ملكي رقم (46) لسنة 2009 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان