البحرين-جريدة الوسط - الأحد ٢٧ يناير ٢٠١٣ م،
الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٣٤ هـ-العدد :
3795
«مهارات العلم» في
تدريس حقوق الإنسان
فاضل حبيب
في صيف 2010م، أخذني أحد الأصدقاء الرائعين الذين
يعشقون المعرفة ويعرفون دهاليز الجامعات إلى كلية التربية بجامعة دمشق وتعرفت هناك
إلى جمال سليمان (الأستاذ في قسم المناهج وطرائق التدريس).
كنتُ حريصاً في هذه الزيارة على أن أحصل على نسخة من بحث الماجستير الذي سبق أن
أشرف عليه، والمعنون بـ «مفاهيم حقوق الإنسان ومدى كفايتها من وجهة نظر المدرِّسين
والموجِّهين الاختصاصيين»، وهي عبارة عن دراسة تحليلية لكتب المواد الاجتماعية في
مرحلة التعليم الأساسي الحلقة الثانية في الجمهورية العربية السورية، للعام 2007 -
2008.
وبالفعل، حصلت منه على نسخة إلكترونية للدراسة التي أشارت في إحدى توصياتها المهمة
إلى ضرورة إخضاع محتوى الكتب المدرسية للمتابعة والتطوير بشكل مستمر في ضوء
المتغيرات السياسية والاجتماعية والتربوية، مع التأكيد على مفاهيم حقوق الإنسان في
مختلف الموضوعات الدراسية.
مؤخراً، وجدت في بريدي الإلكتروني ملفّاً مرفقاً (PDF) بعنوان: «برنامج تدريبي
لإكساب معلمي الصف الرابع مهارات العلم، وأثره في تحصيل تلامذتهم»، وهي أطروحة
دكتوراه للباحثة شكرية حقي من جامعة حماة، وبإشراف جمال سليمان أيضاً.
سعدتُّ كثيراً، فعلى رغم الأزمة في سورية إلا أن حركة الإنتاج المعرفي لم تتوقف
هناك.
عرَّفتْ الباحثة حقي «مهارات العلم» بأنها «تلك المهارات التي تسمح للتلاميذ
بمعالجة المعلومات الجديدة من خلال التجارب الملموسة».
ترى الباحثة حقي أنه من الأهمية بمكان بناء برنامج تدريبي للمعلمين على «مهارات
العلم»، وذلك لمساعدتهم على اكتسابها، حتى يتمكنوا من تهيئة الفرص المناسبة أمام
تلامذتهم لتعرّفها والتّدرّب عليها واكتسابها، فالمعلّمون الذين لديهم كفاية في
استخدام «مهارات العلم» هم من سيستخدمون استراتيجيات تعطي التلاميذ فرصاً لتعلّم
تلك المهارات.
الجميل في ملاحق الأطروحة؛ أن الباحثة صمَّمت برنامجاً تدريبيّاً للمعلمين قائماً
على ستة نماذج تدريبية يمكن أن تشكِّل لنا خارطة طريق لتوظيف «مهارات العلم» في
مجال تدريس حقوق الإنسان، وذلك على النحو الآتي:
1ـ مهارة الملاحظة: سواءً أكان في الملاحظة الموضوعية بأن يترك المعلم التلاميذ
يسجّلون تقريراً عن فيلم شاهدوه مثلاً يتناول قضايا حقوق الإنسان، أو الملاحظة
التتبعية عندما يطلب منهم ملاحظة مؤشر حرية الرأي والتعبير في مدرستهم من خلال
علاقات المنتسبين إلى المجتمع المدرسي في كل يوم دراسي، أو طوال فصل دراسي أو عام
دراسي، وملاحظة مدى التقدم أو التراجع على هذا الصعيد، بحيث يسجلون ملاحظاتهم
ويناقشونها في تقرير يقدمونه إلى معلميهم.
2ـ مهارة التصنيف: يقوم التلاميذ بتصنيف الممارسات السلوكية التي تحدث أمامهم
يوميّاً في الفضاء المدرسي إلى ممارسات سلوكية صحيحة وأخرى خاطئة، أو يقومون بتصنيف
مفاهيم حقوق الإنسان من خلال المواقف التعليمية والأمثلة الحسية بحسب الأجيال
الثلاثة المعروفة لحقوق الإنسان.
3ـ مهارة الاستنتاج: يُطلب مثلاً من التلاميذ الاستشهاد ببعض النصوص أو الأقوال أو
الحِكم أو القصائد الشعرية ذات العلاقة بحق الأفراد في «التعلم مدى الحياة»، مثل:
اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد.
4ـ مهارة الاستقراء: يتتبع المعلم مع التلاميذ الجزئيات الآتية للوصول إلى القاعدة
الكلية: الاهتمام بنظافة الكتاب المدرسي ـ المحافظة على نظافة الصف والممرات
الدراسية ـ عدم الكتابة على الطاولات الدراسية والجدران ـ الاهتمام بالرقعة الخضراء
بالمدرسة... إلخ، للتوصل إلى الحق المراد تعلّمه واكتسابه «حق الطلبة في التمتع
ببيئة تعليمية نظيفة وملائمة».
5ـ مهارة التفسير: كأن يطلب المعلم من التلاميذ تفسير أو تعليل تفشِّي بعض الظواهر
المدرسية السلبية التي تؤثر على تحصيلهم الدراسي وتتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان،
مثل ظاهرة «الغش» أو «الغياب الجماعي» أو «العنف المدرسي» وغير ذلك.
6ـ مهارة استخدام العلاقات الزمانية والمكانية: يقوم التلاميذ بترتيب الخط الزمني
لصدور المواثيق والصكوك الدولية المعنية بحقوق الإنسان، كالإعلان العالمي لحقوق
الإنسان 1948، والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان 1966، واتفاقية القضاء على
أشكال التمييز كافة ضد المرأة (السيداو) 1979، واتفاقية حقوق الطفل 1989... وهكذا،
وعدم اكتفاء الطلبة بحفظ هذه المراحل، وإنما بتمثلها وربطها بالمناسبات الحقوقية
العالمية، كالاحتفاء مثلاً بالعمّال وبيان حقوقهم والدفاع عن كرامتهم في المؤسسات
التعليمية وأمام الطلبة، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للعمّال الذي يصادف الأول
من مايو/ أيار من كل عام.
بالإضافة إلى المهارات الست السابقة؛ فإن هناك أيضاً ما يُسمى بـ «مهارات العلم
المتكاملة»، وهي تشمل: «التحكّم في المتغيرات وتفسير البيانات وفرض الفروض والتعريف
الإجرائي والتجريب»، وجميعها تعتمد على إتقان المتعلمين للعمليات الأساسية وتستخدم
أكثر مع طلبة الصفوف العليا كالمرحلة الثانوية، وتصلح أيضاً مع المرحلة الجامعية
التي قرأنا مؤخراً تصريحاً لرئيس جامعة البحرين إبراهيم جناحي عن طرح مقرر مبادئ
حقوق الإنسان، اعتباراً من الفصل الدراسي المقبل، والذي سيكون من متطلبات الدراسة
الجامعية ويدرسه جميع المنتسبين إلى الجامعة ابتداءً من الدفعة الأخيرة 2012.
أمر
ملكي رقم (46) لسنة 2009 بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان
بدء
تدريس مقرر حقوق الإنسان في الفصل القادم