البحرين-جريدة الايام - الأربعاء ٢٧ مارس ٢٠١٣
م، الموافق ١٥ جمادى الأولى ١٤٣٤ هـ-العدد :
8752
مشروعا «الأكاديمية
الإعلامية» و«المدينة السينمائية» قيد الدراسة.. بنت رجب:
قانون الإعلام الجديد يصدر قريباً وبرامج منوعة لمناقشة القضايا الاقتصادية
أكدت سميرة إبراهيم بن رجب وزيرة الدولة لشؤون
الإعلام أن البلدان اليوم تتجه إلى مزيد من حالة التبعية السياسية والثقافية وعدم
الاستقلالية في المجال الاقتصادي والتجاري نتيجة لتزايد وتيرة انتشار مفهوم العولمة
واستسلام الدول لمعاييرها الجديدة وشروطها لكنها في الوقت نفسه تعطي للدول فرصا
استثمارية وثقافية جديدة من خلال الاستفادة من انفتاح الأسواق العالمية ومن
المقاربة الكونية لمجتمع المعلومات والمعرفة.
وقالت الوزيرة في ورقة عمل بعنوان «الإعلام والاتصال: الطاقة الجديدة في خدمة
الاقتصاد والتنمية» بنادي الأعمال الخاص ضمن المنتدى الثالث للأعمال للعام 2013 إن
وسائل الاعلام والاتصال أصبحت هي المحرك الأساسي للعولمة حيث نشأ ما أصبح يتعارف
عليه بمجتمع المعلومات وهو المجتمع الذي تكون فيه المعلومة القلب النابض لأية عملية
اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية سواء كانت على المستوى المحلي أو الدولي.
وشبهت الوزيرة المعلومة في مجتمع العولمة الحالي كأحد أنواع الطاقة الجديدة التي لا
تختلف في أهميتها عن الطاقة المولدة عن طريق النفط أو الكهرباء وقدمت مقارنة موازية
بين نمو المجتمعات المبنية على الطاقة والمجتمعات المبنية على المعلومة وقالت إن
المحروقات والمحرّكات مثّلت العمود الفقري لنمو الصناعة والاقتصاد في المجتمعات
المتقدّمة بينما كانت الطباعة والبريد والهاتف والإذاعة والتلفزيون والكمبيوتر
وحاليا الإنترنت تعتبر المسرّع الحقيقي والطاقة الجديدة لمجتمع المعلومات.
وأضافت: إذا كانت الكهرباء تمثل «العملة المشتركة» ضمن مفهوم اقتصاد الطاقة الذي
يمكّن ويُسهّل العلاقات البينية بين مختلف المجالات الاقتصادية ويُيسّر التبادل
الصناعي والاقتصادي فإن المعلومة كونها غير مرئية إلا أنها تقوم بنفس الدور من خلال
ما توفره، عبر الشبكات، من أخبار وبيانات متأتية من مختلف المجالات، ففي مجتمع
الطاقة، تأتي الكهرباء عبر المحولات الكهربائية والبنزين عبر محطات الوقود، في حين
أنه في مجتمع المعلومات، تأتي المعلومة كطاقة جديدة عبر أسلاك الإنترنت.
وأوضحت الوزيرة الفرق بين النوعين من الطاقة قائلة إن الوقود أو الطاقة الكهربائية
تتبخّر بمجرد استهلاكها، في حين أن طاقة المعلومة لا تتبخّر، بل يمكن تخزينها وتؤدي
لدى استهلاكها وتقاسمها مع الآخرين إلى مزيد من المعلومات والثراء في تبادلها.
واكدت الوزيرة أن الإعلام الاقتصادي أصبح أداة حيوية لتنمية القطاعات الاقتصادية
المختلفة لترويج الفرص الاستثمارية ودعم خطط التنمية ولتحسين القدرة التنافسية
للاقتصاد الوطني.
كما أن له دورا رقابيا عندما يكون بنّاءً وهادفا، ولا يخفى على احد أهمية المعلومة
في المجال الاقتصادي من أي وقت مضى ففي السوق الاقتصادي العصري أصبح وجود صحفيين
وإعلاميين متخصصين في مجال المال والأعمال والاقتصاد بصورة عامة أمرا لا غنى عنه إذ
إن المستثمرين والمنتجين والمستهلكين يحتاجون إلى معلومة موضوعية ودقيقة يتم
تحديثها باستمرار حتّى تتمكن هذه الأطراف المعنية من اتخاذ القرارات الذكية
المناسبة والمسؤولة المرتبطة بالمؤسسة والاقتصاد والمجتمع.
ولفتت إلى أن العولمة جعلت البلدان والشعوب أقل استقلالية من ذي قبل لأن السلع
والخدمات ورؤوس الأموال والعمالة والمعلومات أصبحت تنتقل بحرية أكثر عبر العالم.
كما أن الأسواق وفرص الاستثمار انتقلت من مفهوم المحلية إلى مفهوم العالمية وأصبحت
تمثّل فرصا واعدة وللبقاء على خطّ المنافسة وجب على الشركات والمؤسسات والحكومات أن
تجري وراء الأخبار الاقتصادية وتدرس المعلومات الاستراتيجية لتتمكن من التأقلم مع
ما يحدث في الأجزاء الأخرى من العالم.
وهنا يأتي دور المعلومة الاقتصادية التي يمكن أن تؤدي سلبا او إيجابا على مستقبل
الشركات والاستثمارات المرتبطة بها ففي بعض الأحيان يكفي لبالون إعلامي أو إشاعة في
السوق المالية أن تتسبب في نتائج وخيمة على الاقتصاد أو تؤدي إلى وضعيات خطيرة تمس
الشركات والبنوك وحتّى الدول.
وأشارت الوزيرة إلى حرص المشرّع البحريني على حماية أعمال التجارة والاقتصاد ضمن
القانون المنظم للصحافة والطباعة والنشر لسنة 2002 إذ منع في المادة (71) من نفس
القانون نشر «أنباء من شأنها التأثير في قيمة العملة الوطنية أو بلبلة الأفكار عن
الوضع الاقتصادي للبلاد أو نشر أخبار إفلاس تجار أو محال تجارية وصيارفة بدون إذن
خاص من المحكمة المختصة».
وأكدت إصرار الحكومة على السير في نفس النهج في القانون الجديد المنظم للإعلام
والاتصال المزمع إصداره قريبا وذلك حماية للاقتصاد الوطني من المعلومات الخاطئة
والإشاعات المغرضة التي يمكن أن تؤثر سلبا على أعماله ونشاطاته.
وطرحت الوزيرة تساؤلا: هل قدّم الإعلام البحريني ما يلزم لدعم الاقتصاد الوطني؟ حيث
أكدت في إجابتها على هذا السؤال أن الإعلام البحريني لم يبخل بجهده في السنوات
الماضية عن الدعم الإعلامي للاقتصاد الوطني لافتة إلى أن الطريق لا يزال طويلا
أمامه ليعاضده بنجاعة أكبر من خلال الزيادة والتنويع في التغطيات الإعلامية وايجاد
فرص النقاش والحوار حول القضايا والمشكلات التي تهمه.
وقالت: نحن اليوم نحتاج إلى رؤية أكثر واقعية وشراكة فعلية بين وسائل الإعلام
والاتصال الرسمية والخاصة وممثلي قطاع المال والأعمال والاقتصاد بصورة عامة فلا
تطور للاقتصاد بدون إعلام ولا مستقبل للإعلام بدون شراكة مع مؤسساتنا الاقتصادية
الوطنية.
ونؤكد أن من واجبنا اليوم التفكير جدّيا في تكوين وتدريب صحفيين وإعلاميين مختصين
في الإعلام الاقتصادي حتّى يكونوا محرّكا إيجابيا في التغطية الإعلامية وفتح الحوار
الصحفي وتبادل الآراء حول المسائل الاقتصادية والقضايا التي تهم شركاتنا ومؤسساتنا
الاقتصادية الوطنية.
وأوضحت الوزيرة أن الحكومة تعمل حاليا على دعم الاقتصاد الوطني من خلال الإعلام
الرسمي مشيرة إلى النية في المستقبل القريب لتنويع البرامج الإذاعية والتلفزيونية
وفتح المنابر الإعلامية الرسمية لمناقشة القضايا التي تهم القطاع التجاري والصناعي
والاقتصادي حتّى تكون رافدا من روافد دعم ومعاضدة المؤسسات الاقتصادية الوطنية.
ووجهت الدعوة لجميع المؤسسات الاقتصادية الوطنية للدخول في شراكات مثمرة مع الحكومة
بما يعزّز مكتسبات الوطن ويساعد على النهوض قدما بالبحرين نحو التقدم والرقي.
وأكدت الوزيرة أن قطاع الإعلام والاتصال هو قطاع مهم أصبح من أكبر المجالات
الاستثمارية في الوقت الراهن خاصة في مجال الإعلانات والإنتاج السينمائي والدرامي
والصناعات الإعلامية والرقمية الأخرى التي أصبحت من أكثر الصناعات المؤثرة والمربحة
على الصعيدين المحلي والدولي.
ودعت المؤسسات والشركات الوطنية إلى مزيد الاستثمار في هذا المجال الواعد ليكون
جزءً من تنويع الدخل الوطني ورافدا من روافد النمو والتنمية الاقتصادية.
وفي سؤال حول العولمة وتحريكها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخطة الحكومة بشأن
وسائل التواصل الاجتماعي وتحريك النمو الاقتصادي قالت أن وسائل التواصل الاجتماعي
جزء من المنظومة المعلوماتية ويسري عليها ما يسري على تلك المنظومة والمهم في تلك
المرحلة هو كيفية تنظيمها واستثمارها لخدمة الاقتصاد الوطني.
وأكدت أن كل دول العالم تقريبا لم تنظم تشريعات لضبط وسائل التواصل الاجتماعي مشيرة
إلى أن البحرين تعمل على تنظيم التشريعات بالتوازي مع دول العالم المعنية بنفس
التقدم والمستوى لوضع أطر تشريعية لحماية تلك الحريات بشكل منظم.
وحول استثمار وسائل التواصل الاجتماعي قالت نحن بحاجة الى التفكير ضمن حوارات مطولة
لجمع كل الأفكار العلمية للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي وجعلها مثمرة خاصة
مع ما يحدث اليوم من استخدام سلبي لتلك الوسائل.
وفي إجابتها عن سؤال حول توافر المعلومات بالنسبة للزائر الأجنبي للبحرين من قبل
الحكومة ومعلومات عن الوزارات قالت الوزيرة إن البحرين تتمتع بمنظومة حديثة هي
الحكومة الالكترونية ورغم حداثتها إلا أنها تتقدم لكي تصبح الجهاز المركزي
للمعلومات في البحرين بحيث يستطيع كل إنسان أن يصل للمعلومة بشكل ميسر وأكدت أن
البحرين من الدول المتقدمة في وسائل الاتصال وتعمل بشكل مستمر على تحديث المعلومات
وتوسيع قاعدتها.
وحول مدى تعزيز معايير الشفافية والإفصاح في قطاع المالي والمصرفي من خلال
التشريعات الجديدة أكدت الوزيرة أن التشريعات الحالية تمنح ضمانات لحرية الاعلام من
خلال قانون رقم 47 لسنة 2002 الذي لا يقيد العمل الإعلامي، إلا أنها أشارت إلى
القانون الجديد للإعلام والاتصال سيشمل مزيدا من الحريات والانفتاح، وأضافت قائلة:
طموحنا أن نفتح المجال أمام القنوات الفضائية الخاصة والاستثمار في هذا المجال،
وتنظيم الإعلام الإلكتروني لحماية الاقتصاد من أعمال فردية قد تؤذي الاقتصاد، وقد
اقتبسنا مواد القانون من أفضل التشريعات العالمية للمزيد من الشفافية والحريات،
وتبقى كيفية ممارسة الفرد لتلك الحريات وكيف يستطيع حماية نفسه من خلال القانون،
وليست هناك حرية مفتوحة وإنما حرية مسؤولة.
وبشأن الاقتباس من قوانين في دول أخرى لصياغة قانون الاعلام ومدى ملاءمته لواقع
البحرين أكدت الوزيرة أن تشريعات مملكة البحرين قوية ومرنة تستطيع استقطاب المستثمر
ويتم تعزيزها عبر تشريعات إعلامية لدعم الاقتصاد، لافتة إلى وجود مستشارين إعلاميين
وقانونيين يعملون في هذا الشأن للخروج بقانون الصحافة، وقالت إن قانون قابل للتمحيص
والانتقاد والتعديل فيه ولابد أن ينتقد القانون في مراحله الأولى لكن أود أن أشير
إلى أن أي قانون يتطور مع الزمن.
وأوضحت الوزيرة أن الهيئة العليا للإعلام والاتصال هي هيئة منظمة للشأن الاعلامي
وموجود مثيل لها في الدول الديمقراطية، وتعد البحرين من أوائل الدول العربية في
تنظيم الشأن الاعلامي بشكل مسؤول، وكشفت عن قرب ظهور الهيئة، ليتم بعدها إقرار
قانون الصحافة والاعلام والذي سيساعد على عمل تلك الهيئة، وشددت الوزيرة على أن
القوانين والتشريعات في البحرين متطورة وتنافسية وقوية، كون البحرين بدأت مبكرا في
وضع التشريعات لتعمل على أسس قانونية قوية ما جعلها بلدا منفتحا على كل قطاعات
الاستثمار والاقتصاد، ويستمر التحديث والتطوير.
وحول الشراكة ما بين القطاع الخاص والحكومة لتطوير الإعلام، قالت الوزيرة إن
الاعلام بحر واسع ونحتاج من عقلية رجل الاعمال البحريني أن يستوعب ذلك، وضربت مثالا
عن الاستثمار في قطاع إنتاج المسلسلات، كاشفة عن مشروع طموح لبناء مدينة سينمائية
وطالبت الاقتصاديين الإسهام فيه، كما طرحت أفكارا أخرى عن إنشاء مدينة رقمية أو
مدينة للكتاب، وقالت إن تلك المشاريع تمثل قطاع استثماري جديد لم يدخل فيه
المستثمرين في الخليج والبحرين بشكل كبير.
ونفت الوزيرة نية الحكومة في إعادة تجربة الإمارات بإنشاء مدينة إعلامية مشيرة إلى
أن الحكومة البحرينية تفكر بشكل تكاملي مع دول الخليج العربي، والمطروح حاليا هو
إنشاء مدينة سينمائية يحتاج إليها كل فضائيات المنطقة خاصة مع تطور الدراما
الخليجية.
وأوضحت أنه تم وضع خطة استراتيجية ورؤية لمشاريع ضمن خطة خمسية وقالت إن من ضمن تلك
المشاريع التي قيد العمل والدراسة هو مشروع الأكاديمية الإعلامية وتم طرحه للحوار
ووضع دراسة جدوى له ومسح للمنطقة لمعرفة مدى الاحتياج وسيتم البدء فيه حال الانتهاء
من تلك الدراسات.
أما بشأن المدينة السينمائية أشارت إلى تواجد خطط علمية يتم العمل من خلالها مؤكدة
على إصرار الحكومة على تنفيذ تلك المشاريع.
وأكدت الوزيرة الحاجة إلى تطوير الكادر الاعلامي منوهة إلى أن هذا الأمر يحتاج إلى
وقت طويل لايجاد قاعدة ثقافية في الأساس.
ونحن نعمل على جميع الجبهات ونحاول من خلال الخطة الموضوعة أن نحقق مستوى الطموح
المأمول، مشيرة إلى ضرورة تأهيل الجيل الإعلامي الجديد ثقافيا.
وحول كيفية تغيير وجهة نظر الاعلام العالمي بشأن البحرين، قالت انه بقدر ما هو عمل
إعلامي إلا أنه شأن سياسي، مشيرة إلى أن الإعلام العالمي يتجاهل قضايا وأحداث كثيرة
في المنطقة مثل الصراع الدامي في العراق، بينما يضخم حدث آخر لشخص خالف القانون وتم
القبض عليه بناء على تلك المخالفة، ولفتت إلى أن الأداء الإعلامي العالمي مسيس،
واختتمت بالقول: يبقى أن نفهم أننا كلنا مسؤولون عن العمل الإعلامي في الوطن.