جريدة الايام - العدد 8860
السبت 13 يوليو 2013 الموافق 4 رمضان 1434
نتاجٌ
للاحتقان السياسي والاجتماعي أم ظاهرة موجودة في كل المجتمعات؟
مراقبون: عقوبات جرائم السب والقذف الإلكتروني غير مُفعلة
تباينت ردود فعل مراقبين حول ضرورة تغليظ العقوبات
على المسيئين للرموز أو مكونات المجتمع عبر المواقع الإلكترونية، ففيما يؤكد البعض
أنها جريمة يعاقب عليها القانون، يرى آخرون أن هذه الظاهرة هي نتاج حالة الاحتقان
السياسي والاجتماعي التي يعيشها البحرينيون، وبالتالي يجب عدم التسرع في سن تشريعات
وقوانين تعالج التطورات المفاجئة دون النظر إلى أبعادها، لكن الطرفين يتفقان على
وجود قوانين غير مفعلة في هذا الشأن.
المحامي فريد غازي يؤيد تغليظ العقوبة على مستخدمي المواقع الإلكترونية بشكل يسيء
للوحدة الوطنية وللأفراد، وما يشكل تعديا على رموز الوطن، منوها إلى أن ما سبق
«جرائم يعاقب عليها القانون».
غير أنه يشير إلى أن نصوص قانون العقوبات في هذا الشأن غير مفعلة، وهو ما يعزز
انتشار هذا النوع من جرائم السب والقذف والتشهير، حسب قوله، متمنيا أن يتم توسيع
النصوص القانونية وتجريم تلك التصرفات وفقا للقانون.
ويتابع موضحا «لا يمكن أن ندع مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الإلكتروني يأججون
الطائفية والانقسام ويعرضون المجتمع للخطر تحت مسمى حرية الرأي والتعبير، ولا يمكن
لمجتمع عاقل أن يذهب لحماية هؤلاء». لكنه يؤكد تأييده لحرية التعبير وحرية الكلمة
المسؤولة والنقد البناء مهما كان لاذعا، شرط أن يكون في إطار من الأدب والاحترام،
والبعد عما يثير النعرات الطائفية.
لا جدوى من التشريعات
لكن رئيس كتلة البحرين النيابية النائب أحمد الساعاتي يرى أن «لا جدوى من سن
التشريعات ما لم تُعالج جذور المشكلة مع الإحاطة بأبعادها السياسية والاجتماعية»،
معتبرا الإساءة عبر المواقع الإلكترونية إحدى إفرازات حالة الاحتقان والأزمة
السياسية التي مرت بها البحرين.
وذكر أن البحرين تمر بمرحلة استثنائية لما تعرضت له من تغييرات جذرية ومفاجئة على
الصعيدين السياسي والاجتماعي، وبالتالي يجب عدم التسرع في سن تشريعات وقوانين تعالج
التطورات المفاجئة دون النظر إلى أبعادها، وذلك حتى تلبى الاحتياجات على المدى
الطويل.
وأضاف أن «لدى البحرين العديد من القوانين والتشريعات التي تعالج مثل هذه المشاكل،
لكنها غير مفعلة»، متابعا القول «لا نريد صياغة قوانين ووضعها في الأدراج، كما لا
نريد – نتيجة ردة الفعل العاطفية – سن قوانين مغلظة للعقوبة تسجن أبناءنا، وهو ما
يتناقض مع دعوات وتوجيهات جلالة الملك بالسماح للجميع بالتعبير عن رأيه بحرية
ومسؤولية دون إساءة لفئة أو مكون في المجتمع».
وأوضح أن «ما تعرضت له البحرين من سياسة شديدة التطرف من قبل الجماعات السياسية
والشبابية أو تدخلات خارجية يجب ألا تدفعنا لتغليظ العقوبات والحد من الحريات باسم
حماية الوطن والمواطنين»، واصفا مثل هذه الظواهر بأنها موجات عالية مخيفة تتصاعد في
مرحلتها الأولى، ثم تتحول إلى موجات بسيطة يستوعبها المجتمع.
وحول ميثاق الشرف لمستخدمي المواقع الإلكترونية والذي كان من المزمع إطلاقه العام
الماضي، قال «لقد ارتأينا تأجيله حتى لا يفسر بأنه يأتي في سياق تقييد الحريات، أو
يهدف إلى أغراض سياسية تصب في صالح الدولة ضد المواطنين».
وفيما رأى أنه يمكن الحد من ظاهرة الإساءة عبر المواقع الإلكترونية عند تحقيق حلول
سياسية، لفت الى المسؤولية الواقعة على مؤسسات المجتمع المدني في توعية الشباب
بخطورة الانزلاق نحو الحرب الالكترونية، بحسب تعبيره.
قصور في التشريعات الإلكترونية
يؤكد خبير المحتوى الإلكتروني وحيد البلوشي أن هناك قصورا كبيرا في التشريعات
الإلكترونية في البحرين. وذكر أن الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت ينطبق عليها قانون
العقوبات ويبقى الموضوع موضوع إثبات الجريمة بالأدلة، وهو ما يصعب الموضوع قليلا،
حسب قوله، فيما يستدرك «لكن الدول والحكومات لديها أدوات إلكترونية متطورة تستطيع
ملاحقة المسيء بها وإن طال الزمن».
وأوضح يمكن محاسبة المتطاولين إلكترونيا بتسجيل شكوى رسمية لدى الجهات المختصة، وهي
تقوم بدورها بالتحقيق وملاحقة المتطاولين وإثبات الأدلة ضدهم وتحويلهم للقضاء.
واعتبر البلوشي أن بث الفتنة والإساءة إلى الآخرين ظاهرة عربية بامتياز، مضيفا أنه
«في الوقت الذي أوجدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجرأة في طرح الآراء
السياسية والاجتماعية والرأي العام بعيدا عن الخوف من الرقيب، فقد ساهمت – مع
إمكانية التخفي خلف أسماء وهمية - في انتشار أو تسهيل الإساءة للآخرين. كما تحولت
إلى وسيلة لبث الفتنة بين المسلمين منذ انطلاق ما يسمى بالربيع العربي، فأصبح
الفرقاء والأحزاب يجيشون التغريدات والانفعالات ضد الآخر في تلك المواقع، مما جعلها
بالفعل وسيلة تنفير في معظم الأحيان، بينما لا نجد هذا الأمر – وبهذه المساحة من
التجييش – في الدول الغربية».
ظاهرة مرتبطة
بطبيعة الفضاء الافتراضي
وخلافا لرأي البلوشي، يعتبر الباحث وعالم الاجتماع الدكتور باقر النجار أن ظاهرة
الإساءة عبر المواقع الإلكترونية «غير مرتبطة بحالة الاحتقان السياسي والاجتماعي،
بل هي مرتبطة بطبيعة الفضاء الذي يتم فيه هذا الحديث، وهي موجودة في كل المجتمعات»
لافتا إلى أن الفضاء الافتراضي «مفتوح لا يحده شيء، والأهم أنه يتيح للفرد التخفي
خلف أسماء مستعارة».
ويتابع موضحا «الناس في العلن لا تعبر عن مواقفها أو ما يجول في داخلها كما في
الغرف المغلقة، وبالتالي يلجأون إلى الفضاء الافتراضي، ولأنه يخلو من الضوابط تسود
فيه حالة من الفوضى، ويقال فيه ما لا يُسمح القول به علنا»، مبينا أن طبيعة الفضاء
نفسه يساعد على تضخيم الإساءة، لأن هناك من سيقرأ دون أن يعرف من قائله. ومن جهة
أخرى «لا يوجد مجتمع قادر حتى الآن على ضبط ما يتم تناوله في هذا الفضاء، فوسائط
العمل فيه مختلفة ولم تتشكل فيه روادع» وفقا لقوله.
وأضاف أن «طبيعة الخطاب الاستفزازي تستقطب الانتباه، كما أن هناك أشخاصا دخلت في
طبيعة بنائهم الفكري والعقلي عوامل دفعت باتجاه التعبير عن آرائهم بطريقة متطرفة،
ونرى فيهم شكلا من أشكال الشخصيات غير السوية، وهم قلة، إلا أن مضمون خطابهم هو
الذي يلقى الاهتمام».
ولكن لماذا يلجأ الناس إلى الإساءة لبعضهم؟ يلخص النجار الأمر في «عدم قدرة الأشخاص
على التعايش مع المختلف، وهي جزء من ثقافة لم يشكلها الفضاء الافتراضي، بل شكلتها
مجتمعاتنا المختلفة من أسرة وحي ومؤسسات دينية وتعليمية».
وحول الحاجة إلى فرض عقوبات على المسيئين إلكترونيا، يقول «لا أعتقد أن القوانين
الرادعة ستحد من الظاهرة، بل ربما نحتاج مزيدا من الحريات حتى يصل الناس بوعيهم
وبإدراكهم إلى أن هناك حدودا للتعبير، وهي متعلقة بحدود الآخرين كأشخاص وأنظمة،
فعلى الأشخاص التعبير عن هذه الحرية بقدر من الاتزان بحيث لا يُساء استخدامها».
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
المرسوم بقانون وفقا لأخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون
العقوبات
المرسوم بقانون وفقا لآخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (42) لسنة 2002 بإصدار قانون
السلطة القضائية
الأمر الملكى وفقا لأخر تعديل - أمر ملكي رقم (46) لسنة 2009 بإنشاء المؤسسة
الوطنية لحقوق الإنسان