جريدة اخبار الخليج -
العدد : ١٣٦٢٠ - الأربعاء ٨ يوليو ٢٠١٥ م، الموافق ٢١ رمضان ١٤٣٦ هـ
نواب وشوريون:
قانون حماية الأسرة الجديد يحقق الاستقرار للأسرة والمجتمع يجرم العنف الأسري..
ويضمن عدم إفلات المعتدي من قبضة القانون
أكد شوريون ونواب ومعنيون أهمية مشروع قانون حماية
الاسرة من العنف في تحقيق المزيد من الاستقرار للأسرة البحرينية، مشيرين إلى أن
القانون يعد خطوة مهمة على طريق استكمال المنظومة التشريعية الخاصة بالأسرة، ويضع
البحرين في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال.
وأوضحوا في تصريحات لهم على هامش تمرير مجلس الشورى مؤخرا للقانون أن مشروع القانون
الذي يتألف من 21 مادة حدّد بشكل واضح ماهية جرائم العنف الأسري وأنواعها، وضمن عدم
إفلات المعتدي من قبضة القانون تحت مظلة الحق الشرعي بالتأديب للزوجة أو للأولاد،
إذا تجاوز هذا الحق بالاعتداء الجسدي أو الجنسي أو النفسي الذي لا يقره الشرع ولا
القانون ولا العرف السائد في المجتمع البحريني.
وأشار الشوريون والنواب والاختصاصيون إلى أن مشروع القانون «وقائي بالدرجة الأولى
وليس علاجيا أو عقابيا»، وهو يراعي الروابط الأسرية ويعزز من تماسكها بما يعكس نصوص
الدستور والميثاق الوطني.
ودعوا في السياق ذاته إلى تكاتف جهود جميع المعنيين للسير قدما في طريق القيام
بخطوات أخرى مشابهة من بينها إصدار الشق الثاني من قانون أحكام الأسرة، وإنشاء
محاكم أسرية لمعالجة القضايا الأسرية وحفظ خصوصية الأسرة البحرينية.
وأكدت رئيسة لجنة شئون المرأة والطفل بمجلس الشورى هالة رمزي أن كثيرا من جوانب
القانون ركزت على وقاية الاسرة من العنف بتجفيف منابعه والحد من أسبابه، وأوضحت أن
الجوانب العلاجية أو العقابية في القانون كانت بهدف ردع أولئك الذين لا بد من
عقابهم بعد عدم ترك أي فرصة لإصلاحهم. وقالت إن القانون ركز على دور مراكز الإرشاد
الأسري ومراكز الإيواء في نشر الوعي وتوفير الحماية والمساعدة إذا لزم الأمر،
وقالت: «حرصنا على أن يضمن القانون إنشاء جيل واع بحقوقه وواجباته ومدرك لأهمية
تعزيز مؤسسة الأسرة». وأوضحت رمزي أن أهم ما يميز القانون هو أنه يعرِّف بوضوح
أفراد الأسرة، ويشملهم جميعا تقريبا، بما في ذلك الزوجان والأبناء والأحفاد والاخوة
ووالدا الزوجين وأبناء أحد الزوجين من زواج شرعي آخر، وغيرهم.
وأضافت رئيسة اللجنة أن ما يميز القانون أيضا هو أنه يعرِّف بوضوح كل أشكال العنف
كالعنف الجسدي والعنف النفسي والعنف الجنسي وحتى العنف الاقتصادي، وقالت «النوع
الأخير من العنف أي العنف الاقتصادي يجعل القانون البحريني متقدما ومميزا لتضمنه
هذا الجانب، وخاصة انه ليس هناك قوانين كثيرة تصنِّف العنف الاقتصادي على أنه عنف
أسري».
وخصت رمزي بالذكر المادة (19) من مشروع القانون التي فرَّقت بين الاعتداء النفسي
والاعتداء الجسدي والجنسي، ونصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر
وبغرامة لا تقل عن 100 دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب فعلا أدى إلى
إيذاء نفسي، بينما يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن 500
دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب إيذاء جسدياً أو جنسياً.
تضمين مرئيات «الأعلى للمرأة» في القانون
بدوره، أكد عضو لجنة المرأة والطفل في مجلس النواب النائب جمال بوحسن أهمية مشروع
قانون حماية الأسرة من العنف باعتبار أن الأسرة أساس المجتمع كما نص على ذلك
الدستور البحريني في المادة (5/أ)، بجانب خلق جو من التفاهم والطمأنينة داخل نطاق
الأسرة.
وأوضح بوحسن أن تمرير القانون بشكله الحالي من مجلس النواب جاء بعد مناقشات
ومداولات مطولة شملت الاطلاع على تقرير اللجنة السابق في الموضوع، وعلى رأي اللجنة
التشريعية والقانونية بالمجلس التي ارتأت السلامة الدستورية للمشروع بقانون، وعلى
مذكرة المستشار القانوني، وجدول مقارنة بين المواد المختلف عليها بين المجلسين،
وأكد في هذا السياق أهمية المرئيات التي قدمها المجلس الأعلى للمرأة إلى مجلس
النواب بخصوص هذا القانون وتضمينها فيه.
ولفت إلى أن مشروع القانون تضمن مواد للحماية من العنف الأسرى بكافة صوره سواء كان
جسديا، او نفسيا أو جنسيا أو اقتصاديا، حيث يبرز فيه إنشاء إدارة متخصصة لمتابعة
مسائل العنف الأسري ضمن بنية وزارة التنمية الاجتماعية، واشار إلى أن القانون حدد
جرائم الإيذاء الجسدي والجنسي والنفسي التي قد ترتكب من فرد في الأسرة على آخر في
محيطها ويضمن عدم إفلات المعتدي من قبضة القانون تحت مظلة الحق الشرعي بالتأديب
للزوجة أو للأولاد، ومعاقبة كل من يقوم بالاعتداء بالعنف الجسدي أو الجنسي أو
النفسي في محيط الأسرة بالحبس الذي يصل إلى خمس سنوات - في حالة الإيذاء الجسدي أو
الجنسي - والغرامة التي تتراوح بين 100 و500 دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
القانون يحمي المستضعفين ويعكس حضارة البحرين
وأكدت الاختصاصية في العنف الأسري وأستاذة علم النفس الدكتورة بنة بوزبون أن قرب
صدور قانون حماية الأسرة من العنف يحمل بوادر طيبة تجاه المزيد من تعزيز استقرار
الأسرة البحرينية والمجتمع البحريني بشكل عام، وقالت «إن هذا القانون الذي طال
انتظاره يتوِّج جهودا دؤوبة ويشكل إنجازا كبيرا للمجلس الأعلى للمرأة ومجلسي النواب
والشورى ومملكة البحرين عامة، وبما يعكس التطور الحضاري للبحرين التي بدأ فيها
التعليم للرجل والمرأة قبل نحو مائة عام وعرف عن أهلها التسامح وطيب المعشر ونبذ
العنف». وشددت د. بوزبون على أهمية هذا القانون في حماية أفراد الأسرة المستضعفين
كالأطفال والنساء وكبار السن، وتوجيه سلوك الاشخاص العنيفين وتحذيرهم من مغبة
ممارسة العنف الممنهج، واشارت إلى أن دراسات ميدانية أظهرت أن قرابة 30% من النساء
متضررات من العنف سجلن حالاتهن لدى المجلس الأعلى للمرأة ومراكز العنف الأسري، «فما
بالنا بحالات العنف خلف الأبواب والتي تفضل أو لا تجرؤ المرأة على الإفصاح عنها».
وفي السياق ذاته أكدت د. بوزبون أهمية المشاريع التي يقوم بها المجلس الأعلى للمرأة
للحد من العنف الأسري والتخفيف من آثاره، ومن ذلك مبادرة المجلس إلى توفير خدمة
«الطلاق الاتفاقي الآمن»، وكذلك قيامه بالتعاون مع المجلس الأعلى للقضاء بإنشاء
مكتب التوفيق الأسري، وقالت «فعل الطلاق بحد ذاته هو فعل عنف، وعلينا التخفيف من
آثاره على الطليقين وعلى الاطفال ما أمكن، وهنا تكمن أهمية المشاريع التي يعمل
عليها المجلس الأعلى للمرأة في هذا الإطار».
الحد من حالات الإيذاء الجسدي
من جانبها أوضحت اختصاصية طب الأسرة الدكتورة عضو مجلس إدارة جمعية الأطباء
الدكتورة مرام الشربتي أهمية القانون في تلافي حالات العنف الأسري التي ربما ينجم
عنها إيذاء جسدي جزئي أو كامل، وقالت «لا أذيع سرا إذا قلت انه من خلال عملنا نعاين
حالات تعرضت لعنف جسدي وإيذاء بأبشع الطرق وصولا إلى التسبب في عاهات مستديمة»،
وتابعت «غالبا ما يكون الزوج أو الأب أو الأخ الأكبر هو الطرف الذي يمارس العنف على
باقي أفراد العائلة ويتسبب في إيذائهم بشدة تحت ذريعة ولايته عليهم وهو يعلم أن
القانون السابق لا يردعه عن ذلك».
وتطرقت الشربتي إلى العنف الذي يمارس على الأطفال من والديهم، وقالت «في السابق كنا
لا نستطيع إنقاذ الطفل من عنف والديه لعدم وجود نص قانوني يسمح بذلك، أما الآن بعد
صدور القانون الجديد فلن يتوقع الأهل أن طفلهم ملك لهم يستطيعون شتمه وضربه وإيذاءه
وطرده من المنزل متى يشاؤون».
لكن الدكتورة الشربتي أكدت ضرورة تفعيل جانب توفير العلاج النفسي للأشخاص الذين
يمارسون العنف، وقالت «من خلال ملاحظتنا نرى أن من يمارس العنف بشكل ممنهج هو شخص
غير سويّ، وليس لديه محاكمة عقلية منطقية تجعله يخشى دفع الغرامة أو دخول السجن،
وبالتالي يجب التركيز على تأمين علاج إرشادي أو نفسي لهؤلاء الأشخاص بالدرجة
الأولى.
تشديد العقوبة يردع المتجاوزين
بدورها اشارت المحامية ابتسام الصباغ إلى ارتفاع ظاهرة العنف الاسري في البحرين
خلال الفترة السابقة لغياب الردع القانوني، وقالت «نلاحظ ارتفاعا كبيرا في حوادث
العنف الأسري نتيجة عدم وجود عقوبات مشددة، وغالبا ما يكون هذا العنف ممنهجا ويأخذ
منحى تصاعديا، بحيث يبدأ بالألفاظ مرورا بالضرب وليس انتهاء بالإيذاء الجسدي
والتسبب بإعاقات خفيفة أو دائمة». وأكدت أهمية قانون حماية الأسرة من العنف في وضع
الضوابط القانونية اللازمة للحد من هذه الظاهرة، وخاصة أن حوادث العنف الأسري
ينظرها الآن قانون العقوبات تحت بند «الاعتداء على سلامة جسم الغير» من دون اعتبار
لما إذا كان المعتدى عليه شخصا غريبا أو أحد أفراد الأسرة كالزوجة أو الابنة مثلا.
وأوضحت أن قانون العقوبات ينص على أنه إذا أفضى الاعتداء إلى ضرر بجسم الغير احتاج
معه الى فترة علاج لمدة أقل من 21 يوما اعتبرت حادثة الاعتداء جنحة، وإذا امتدت
الفترة الى أكثر من 21 يوما اعتبرت جناية، وأضافت أن «الغرامة ربما تكون عشرة
دنانير أو عشرين دينارا كحد أقصى، وهذه عقوبات لا يمكن أن تردع أحدا»، وتساءلت «هل
يمكن أن تكون عقوبة زوج أقدم على ضرب زوجته وتسبب لها بعاهة مستديمة مثلا مثل هذه
العقوبة البسيطة؟!». وأشارت الصباغ إلى أن الدين الإسلامي أكد بناء أمة تقوم أسسها
على الاستقرار والأمن والعدالة، وحرَّم الاعتداء على سلامة الغير، ومشروع القانون
الجديد يعكس هذا كله، وأكدت عدم تعارض مشروع القانون مع أحكام الشريعة الإسلامية
الداعية الى الرفق والتسامح ونبذ العنف بأشكاله وصوره كافة ومنها العنف الأسري،
وخاصة أن مشروع القانون تضمن إطارا قانونيا محكما يمكن القاضي من العمل من خلاله
وعدم إفلات المعتدي من قبضة القانون تحت مظلة الحق الشرعي بالتأديب للزوجة أو
للأولاد، إذا هو تجاوز هذا الحق بالاعتداء الجسدي أو الجنسي أو النفسي الذي لا يقره
الشرع ولا القانون ولا العرف السائد في المجتمع البحريني.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
قانون
رقم (19) لسنة 2009 بإصدار قانون أحكام الأسرة
مرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991 بشأن انضمام دولة البحرين
إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل
مرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة