جريدة أخبار الخليج -
العدد : ١٣٧٠٢ - الاثنين ٢٨ سبتمبر ٢٠١٥ م، الموافق ١٤ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
السعودية سخرت كل إمكانياتها لخدمة الحجاج وتوفير الأمن لهم
لم تدخر المملكة العربية السعودية بقيادة خادم
الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز جهداً إلا بذلته في سبيل تذليل الصعاب
أمام حجاج بيت الله الحرام.
ولم تتوان المملكة يومًا من الأيام في تسخير كل إمكاناتها وطاقاتها البشرية
والمادية من أجل تسيير أعمال الحج وخدمة ضيوف الرحمن الذين يفدون إليها من كل حدب
وصوب، وإن مشاريع التطوير والتوسعات التي لم تتوقف طيلة العقود الماضية رغبة في
تيسير أعمال الحج وسلاسة أداء المناسك وحماية للحجاج وسلامتهم لخير شاهد ودليل، فمن
يقصد المملكة يلحظ كل عام تجديداً وتميزاً في الخدمات المقدمة للحجاج والمعتمرين
والزوار، فالجهود الكبيرة التي تقوم بها الحكومة السعودية لراحة وخدمة ضيوف الرحمن
تشهد تطوراً كبيراً عاماً بعد عام، مما سهل على الحجاج أداء مناسكهم بيسر وسهولة
وفي جوّ إيماني روحاني مبهر.
إن الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في هذا المضمار لا تقتصر على رعاية
الحجاج داخل الحرمين الشريفين أو حتى داخل المملكة فقط، بل تبدأ هذه الجهود الجبارة
بداية من سفارات وقنصليات المملكة في الخارج والتي تستقبل طلبات الحج الضخمة كل عام
وتوفر لمقدمي الطلبات أن يقوموا بجميع الإجراءات بيسر وسهولة، ثم يكون دور رجال
وزارة الداخلية في تسهيل دخول الحجاج إلى المملكة وتوفير كل الإمكانات التي تجعلهم
لا يعانون أي مشاق أو متاعب كما توفر المملكة الإمكانات الهائلة لسكن وتنقل الحجاج
ومراعاة الحالات الخاصة وكبار السن وتوعية الحجاج أنفسهم، كما تقوم المملكة بتوعية
مواطنيها فيما يجب عليهم تجاه إخوانهم المسلمين الذين يفدون الى الأراضي المقدسة في
كل عام لأداء مناسك الحج والعمرة، وكل تلك الجهود الجبارة تؤديها المملكة العربية
السعودية في صمت وبدون هالة إعلامية إيمانًا بواجبها تجاه ربها سبحانه وتعالى وتجاه
أمتها الإسلامية.
إن ما يقدم من خدمات من قبل المملكة العربية السعودية للحجاج يفوق الوصف، وتسعى
المملكة في كل عام لتلافي السلبيات وتعزيز الإيجابيات وتحاول المملكة دائماً أن
ترتقي بخدمتها وتوجد الحلول العاجلة في حال حدوث أي مشكلة ولو كلفها ذلك المليارات
في سبيل أن يؤدي الحاج نسكه بأمن وأمان واطمئنان، وقد أبهرت القفزات الكبيرة التي
حدثت في نوعية الخدمات المقدمة إلى الحجاج المتابعين وزوار بيت الله الحرام.
وهناك حرص خاص من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على الوقوف بنفسه
والإشراف على الخدمات المقدمة الى ضيوف الرحمن وتطويرها، كما أن هناك متابعة
ميدانية دقيقة لصاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف إلى جانب جهود المسئولين في المملكة والذين
لا يتوانون في أداء واجبهم الوطني والديني الكبير.
إن المملكة العربية السعودية طوال تاريخها رصدت ميزانيات مفتوحة لخدمة الحرمين
الشريفين ولم تبحث عن أي مقابل فيكفيها الشرف الرباني لها بذلك، ويكفي كجزئية أن
التوسعة الأخيرة كلفت أكثر من 100 مليار ريال سعودي، كما أن التجربة السعودية في
إدارة الحشود هي تجربة عالمية مستقاة وتبحث الكثير من الدول عن كيفية الاستفادة
منها.
وتعتبر المملكة في سباق مع التحديات التي تعترض سبل التطوير في الأماكن المقدسة،
وهي في هذا الصدد قد كسبت الرهان بعد أن طوعت كثيراً من المشروعات في خدمة حجاج بيت
الله الحرام والتيسير عليهم ليؤدوا مناسكهم بكل راحة وطمأنينة.
إن الاهتمام الذي توليه الدولة للمشاعر المقدسة لم يكن وليد اليوم بل كان أساساً من
أساسات البناء التي وضعها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ومن ثم سار عليها أبناؤه
البررة الكرام، ومنذ أن وحدت المملكة، وهي تقدم جهوداً كبيرة وخدمات وفرتها لحجاج
بيت الله الحرام بشكل يفوق كل التوقعات، ومن يقف اليوم في المشاعر المقدسة يلمس
التطور الواضح والملحوظ في الخدمات المقدمة الى حجاج بيت الله الحرام.
مشروعات عملاقة لتوسعة الحرم وتوفير كل سبل الراحة والأمان لضيوف الرحمن ولقد قامت
المملكة في فترات سابقة وحالية بتنفيذ مشروعات عملاقة لتوسعة الحرمين الشريفين
وتطوير المدينتين المقدستين والمشاعر المقدسة لرفع الطاقة الاستيعابية للحرمين
الشريفين أضعافاً عدة خدمة لضيوف الرحمن وخدمة للإسلام والمسلمين، ومن هذه
المشروعات التطويرية مشروع تطوير جسر الجمرات والمنطقة المحيطة به في مشعر منى،
الذي يسهم في انسيابية حركة الحجاج في منطقة الجمرات، هذه الخصوصية التي تنفرد بها
مكة المكرمة والتي تشهد ملتقى كبيراً من أقطار العالم كافة، وتوسعة صحن الطواف
والخيام المطورة لتقديم خدمة تليق بحجاج بيت الله الحرام وهو أمر يثلج الصدر.
وما كان حلما بالسابق أصبح اليوم حقيقة، وهذه التوسعة والتطور أصبحا حقائق يراها
الحاج بعينه ويعيشها واقعاً، وهي بالفعل مشروعات القرن المتمثلة في منشأة الجمرات
الجديدة التي أضحت تجسيداً عملياً لمكان يجمع الحجيج ويقلل من أزمات التدافع.
ويعتبر مشروع جسر الجمرات أحد أهم المشروعات التي شهدتها المشاعر المقدسة طيلة
الفترة الماضية، وكان له الدور البارز في توفير الأمن لضيوف الرحمن أثناء رميهم
للجمار.
وقد تم تنفيذ المشروع على خمس مراحل بتكلفة إجمالية بلغت قرابة 4,2 مليارات ريال،
ويتكون من أربعة طوابق إضافةً إلى الدور الأرضي، ويستوعب قرابة أربعة ملايين حاج،
وتم تطوير ساحات كبيرة في منطقة الجمرات تستوعب مئات الآلاف من الحجاج، فضلاً عن
إيجاد نظام آلي لتنظيف الساحات وإيجاد نظام نقل ترددي بالقطارات ينقل الحجاج من
مخيماتهم إلى جسر الجمرات ومنها وقت النفرة إلى الحرم المكي الشريف، مع ربط هذا
الجسر بمخيمات الحجاج على سفوح جبال منى وإنشاء عيادات طبية ومصاعد إلكترونية
إضافةً إلى (12) نقطة للدخول ومثلها للخروج وربطها بالمخيمات عن طريق جسور معلقة.
وساعد هذا المشروع على تنظيم وتخصيص الأماكن المناسبة للخدمات مثل الأغذية وأماكن
الحلاقة ودورات المياه والخدمات الطبية والإسعافية، والدفاع المدني، ولتحقيق أعلى
درجات الأمن والسلامة، زوّد المشروع بآلات تصوير تقنية مطورة موزعة في عدة أماكن
ومتصلة بغرفة العمليات التي تشرف على الجسر والساحة المحيطة به لمراقبة الوضع بصورة
عامة واتخاذ الإجراءات المناسبة وقت وقوع أي طارئ.
وروعي في التصميم الفصل بين حركة المشاة وحركة مرور المركبات عن طريق أنفاق ممتدة
من شارعي الجوهرة وسوق العرب في شمال المشعر وشارع الملك فيصل في جنوب المشعر، ويتم
توزيع كتل الحجاج على عدة مداخل في عدة مستويات واتجاهات بمنحدرات تصل إلى أماكن
قدومهم. كما ساهم تغيير شكل شاخص الجمرة إلى جدار وشكل الحوض إلى الشكل البيضاوي
المنتظم بطول 40 متراً من تمكين الحاج من الرجم، مع توفير انسيابية عالية وفصل
الحجاج إلى ممرين شمال الجمرات وجنوبها، والذي اشتمل على عدة مداخل ومخارج منها أحد
عشر مدخلاً واثنا عشر مخرجاً بالإضافة إلى المداخل المتعددة والمخارج المتعددة
للدور الأرضي مما ساعد على تفتيت الكتلة والوصول إلى أقرب نقطة من مكان قدوم
الحجاج. وساعدت توسعة ساحة الجمرات وإعادة تنظيمها وتخطيطها وإنشاء محطات للحافلات
في أماكن ومستويات عدة، على إيجاد خطوط ترددية لخدمة الحجاج والتخفيف عليهم، كما
ساهم قبو المنشأة في منع عرقلة السير بسبب قدوم الوفود ويتم استخدامه لرمي الجمرات
كما أنه يسهل عملية الإخلاء والطوارئ والإنقاذ ووضع المعدات والآليات بالقرب من
أماكن الحوادث، إضافة إلى تجميع المخلفات والحصى وسرعة نقلها إلى خارج منى.
وقد دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في يوليو الماضي
خمسة مشروعات جديدة ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام بمكة المكرمة، هذه
التوسعة التي تأتي امتداداً للتوسعات التاريخية السابقة التي بدأت بأمر الملك
عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة، طيب الله ثراه، وأتمها الملكان سعود وفيصل رحمهما
الله، ثم توسعة الساحات الشرقية التي تمت في عهد الملك خالد رحمه الله ثم توسعة
المسجد من الجانب الغربي التي تمت في عهد الملك فهد رحمه الله ثم توسعة المسعى التي
تمت في عهد الملك عبدالله رحمه الله ثم هذه التوسعة الكبرى التي تشمل مبنى التوسعة
والساحات والأنفاق ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول.
التوسعة للمسجد الحرام تضم بوابة رئيسية تتكون من ثلاثة أبواب تدار بأجهزة تحكم عن
بعد، وتقام التوسعة الذي يتكون مبناها من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 3,20
كيلومتر مربع، يستوعب 300 ألف مصل، هذه التوسعة التاريخية ستوسع المسجد الحرام
لتكون مساحته 14,740 كيلومترا مربعا.
ويحتوي المشروع على أنظمة متطورة منها نظام الصوت بإجمالي عدد سماعات يبلغ 4524
سماعة، وكذلك نظام إنذار الحريق ونظام كمرات المراقبة بإجمالي عدد كاميرات يبلغ
6635 كاميرا لكامل المبنى وأنظمة النظافة كنظام شفط الغبار المركزي، ويحتوي المبنى
كذلك على مشارب مياه زمزم ضمن منظومة متكاملة مياه زمزم المبردة بإجمالي عدد مشارب
زمزم 2528 مشربية، مما يوفر خدمات مميزة وأماكن للصلاة بالأدوار المختلفة والمناسيب
المتنوعة لتأتي متواكبة مع تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين والزائرين الذين سيودعون
بهذا المشروع التاريخي مشكلة الزحام للأبد إن شاء الله.
ويتم تنفيذ هذه التوسعة بأفضل معايير التصميم والجودة وبأعلى المواصفات العالمية
وأجود خامات البناء والخرسانة والحديد، وتم تزويده بأفضل وأحدث الخدمات والأنظمة
الميكانيكية والالكترونية، وتم تطويع كل الإمكانيات المتاحة من كل مكان ليتبوأ هذا
المسجد الأكبر مكانته وليلبس أحلى حلته تعظيماً لشعائر الله فيه.
أما أنفاق المشاة فتضم خمسة أنفاق لنقل الحركة من الحرم إلى منطقة الحجون وجرول خصص
أربعة منها لنقل ضيوف بيت الله الحرام فيما خصص الخامس للطوارئ والمسارات الأمنية،
ويبلغ إجمالي أطوال هذه الأنفاق حوالي 5300 متر.
ويضم مجمع الخدمات المركزية محطات الكهرباء والمولدات الاحتياطية وتبريد المياه
وتجميع النفايات والخزان ومضخات مياه مكافحة الحرائق، أما مشروع الطريق الدائري
الأول الذي يقع داخل المنطقة المركزية ويمتد بطول 4600 متر فيضم جسوراً وأنفاقا
لنقل الحركة من المنطقة المركزية إلى خارجها بثلاثة مسارات في كل اتجاه.
وبعد كل هذه المجهودات الجبارة المبذولة من قبل المملكة العربية السعودية يأتي دور
الحاج في الاستفادة منها وأداء هذا النسك العظيم وتطبيق أنظمة الدولة في إخراج هذا
الحج العظيم بأنقى نسك والحصول على الثواب والأجر من الله. ولقد أضاف خادم الحرمين
الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نقطة مضيئة أخرى لسجل حافل برعاية الحجاج والسهر
على أمنهم وراحتهم وهو يأمر بمراجعة خطط الحج بعد حادث تدافع الحجاج في مشعر منى،
رغم أن الحادث وقع بسبب قلة الوعي من بعض الحجاج، وعدم التزامهم بتعليمات المطوفين
التي تنظم أعمالهم وزارة الحج، والتي تجدول خروج الحملات للجمرات بأوقات متفاوتة؛
لضمان سلامة الحجاج.
إن المملكة العربية السعودية التي منّ الله عليها بأن جعلها مهبط الوحي، ومنبع
الرسالة، وقبلة المسلمين، فأشرقت منها أنوار التوحيد وعمت الأرجاء وأضاء سناها جميع
البقاع والأنحاء. تبذل كل هذه الجهود الجبارة في خدمة حجيج بيت الله الحرام لا
تنتظر جزاء ولا شكورا من أحد فهي مؤمنة بواجبها وتقوم به مرضاة لله سبحانه وتعالى،
ولن يقبل أي مسلم أن يتم التشكيك في جهودها العظيمة أو في استعدادها الدائم
لاستقبال ضيوف الرحمن وتوفير كل سبل الراحة والأمن والأمان لهم.
المرسوم بقانون وفقا لآخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (26)
لسنة 1976 بتنظيم شئون الحج
قرار رقم (17) لسنة 1976 بشأن تشكيل اللجنة العليا لشئون
الحج
قرار رقم (19) لسنة 1976 بشأن الإجراءات والاشتراطات
المتعلقة بحملات الحج