صحيفة الوسط البحرينية -
العدد 4804 - الإثنين 02 نوفمبر 2015م الموافق 19 محرم 1437هـ
الأنصاري: التقييم
السنوي مقياس الكفاءة... فيما تراجع عن موقفه السابق
«الشورى» يقر أولوية توظيف البحريني على الأجنبي...والمعاودة: دغدغة العواطف
«اشتراكية»
تراجع مجلس الشورى عن موقفه السابق، وتوافق مع مجلس
النواب على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي الصادر
بالقانون رقم (36) لسنة 2012، والذي يقضي
بمنح العامل البحريني أولوية على الأجنبي في التوظيف.
ويتألف مشروع القانون من ثلاث مواد فضلاً عن الديباجة، تنص المادة الأولى على
استبدال نص الفقرة الأولى من المادة (110)، بالنص الآتي: يجوز لصاحب العمل إنهاء
عقد العمل بسبب إغلاق المنشأة كلياً أو جزئيّاً أو تقليص حجم نشاطها أو استبدال
نظام إنتاج بآخر بما يمس حجم العمالة، على ألا يتم إنهاء العقد إلا بعد إخطار
الوزارة بسبب الإنهاء قبل ثلاثين يوماً من تاريخ إخطار العامل بالإنهاء، وفي غير
حالة الإغلاق الكلي للمنشأة يتم مراعاة عدم إنهاء عقد العامل البحريني الذي يتمتع
بنفس كفاءة وخبرة العامل الأجنبي الذي يعمل معه في المنشأة، بينما نصت المادة
الثانية على إضافة مادة جديدة تحت رقم (9 مكرراً) تضمنت أن يراعي صاحب العمل إعطاء
الأفضلية للعامل البحريني على الأجنبي عند الاستخدام متى كان صالحاً للعمل كما
أوجبت عند الاستغناء عن عدد من عمال المنشأة أن يتم تسريح العامل الأجنبي قبل
البحريني متى ما كان صالحاً لأداء العمل، فيما أتت المادة الثالثة تنفيذية.
موافقة مجلس الشورى هذه، لم تمر دون جدلٍ دخل فيه أعضاء المجلس بشأن «غياب المعايير
الواضحة لتحديد معيار الكفاءة والخبرة في القانون»، ففي مداخلتها قالت العضو دلال
الزايد «إنه لا يوجد اختلاف نهائياً على حرص الحكومة أو القطاع الخاص في توظيف
العامل البحريني، وإذا كنا نسعى لوضع تشريعات للعامل البحريني في القانون، فلابد أن
تكون فعالة، وليست مجرد نص قانوني نرتكن له».
وتساءلت الزايد «في الوقت الذي جاء فيه رأي هيئة الإفتاء والتشريع أن مشروع القانون
أتى بتفضيل البحريني على الأجنبي أثناء التعيين وإنهاء العقد حال تساويهم في الخبرة
والكفاءة، إلا أن قانون العمل والقطاع الأهلي خلا من بيان المعايير التي تقاس بهما
خبرة العامل وكفاءته (...) بما يصعب أمامه القياس والمفاضلة. فما هي المعايير التي
تحدد أن أحدهما يفوق الآخر خبرة وكفاءة؟»، ورأت أن وضع وصف الكفاءة والخبرة على
إطلاقهما «سيثقل الكاهل، باعتبار أنه سيحتاج إلى ندب خبير ذي تكلفة مالية».
من جانب آخر، أشارت الزايد إلى أنه «إذا أردنا نصّاً حمائيّاً فعالاً؛ فيجب أن يحكم
بالوجوبية»، لأن ثمة سؤال يطرح عن الجزاء القانوني المترتب على عدم تفضيل العامل
البحريني».
وفي هذا السياق، أتت تساؤلات النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، «أنا لو
كنت صاحب عمل، فكيف سأقيس وأقول إن هذا الأجنبي أكفأ من البحريني أو العكس. لاشك أن
هذه المادة ستفتح لي مشكلة عند وزارة العمل والمحاكم»، معرباً عن قلقه بأن «إقحام
الفقرة في هذه المادة، لن تسهل تطبيق القانون بل ستعقده»، متسائلاً «ما هو الداعي
لهذا التعديل، الذي يحرمني من إعادة هيكلة مؤسستي بحسب ما أرى، لأن يد صاحب العمل
هنا أصبحت مغلولة».
بإزاء ذلك، أجاب الوكيل المساعد لشئون العمل محمد الأنصاري على هذه التساؤلات،
مؤكداً «إن معايير قياس الكفاءة والخبرة واضحة»، وقال: «إنه من المفترض أن صاحب
العمل قبل التوظيف يحدد وصفاً وظيفياً معيناً، ثم يقيِّم الموظف سنوياً على أساسه،
وبعض الشركات تلجأ للتقييم بشكل نصف سنوي أو أقل، وعليه إذا اضطر صاحب العمل إلى
فصل أحد العمال، فعليه أن يراجع التقييم وبعض المعايير»، لافتاً إلى أن «الوزارة
تحاول أن تعالج الأمور ودّياً، لكن إذا ذهبت القضية إلى المحاكم؛ فالقاضي يعيّن
خبيراً».
أما بشأن الجزاءات القانونية المترتبة على عدم الالتزام بتسريح الأجنبي قبل
البحريني، أوضح الأنصاري «إن عقوبة ذلك اعتباره فصلاً تعسفياً، وهنالك مبالغ وقيم
محددة للتعويض».
وأما فيما يخص الاتفاقية الدولية 111 التي حضرت التمييز في الاستخدام والتوظيف
والمهنة، وتبدل رأي وزارة العمل تجاه معارضة تعديل القانون وهذه الاتفاقية في المرة
السابقة، قال الأنصاري: «كان رأينا في نص مجلس النواب قبل التعديل، لأنه كان يحمل
مخالفة صريحة للاتفاقية، أما النص الجديد لا يعارض، لأن يقتصر على حالة استثنائية
وهي «تساوي الخبرة والكفاءة».
هذا وواصل أعضاء المجلس مداخلاتهم بشأن مشروع تعديل القانون، وقال العضو فؤاد
الحاجي «إنه لا نختلف على حق صاحب العمل في إدارة مؤسسته، لكننا مجلس تشريعي
ومهمتنا سن القواعد التي تكفل حقوق الجميع»، مردفاً «لكن الضير الأكبر هو حرمان
العامل البحريني من فرصة عمله إذا ما ارتأى صاحب العمل أن الأجنبي أفضل له»،
متابعاً «هناك دائماً خط رجعة إلى العامل الأجنبي وهو العودة لبلده، غير أن السؤال
أين يذهب العامل البحريني إذا ضيق عليه في رزقه؟ وأين تذهب عائلته؟»، معتبراً أن
«عدم الموافقة على المشروع يعني انعقاد المجلس الوطني»، بسبب اختلاف وجهات النظر
بين مجلس الشورى والنواب.
من جهته، أفاد العضو محمد علي حسن أن «جوهر المشكلة هو المادة الثانية مكرر والتي
تتعلق بحق العامل البحريني في البقاء في عمله بالمقارنة مع العامل الأجنبي»، نافياً
أن يكون ذلك «تدخلاً في حق صاحب العمل أو انتقاصاً من حقه عندما يكون هنالك تغيير
في الإنتاج أو حجم العمل».
واعتبر العضو محمد حسن مجلس الشورى أمام «مفترق طرق»، وقال: «هل نوافق أم نرفض أو
نذهب لمجلس وطني، والأولوية الحفاظ على مكانة ومصلحة العامل البحريني».
العضو عادل المعاودة قال في مداخلته: «إن الاقتصاد القوي هو أكبر خدمة للمواطن،
بدون عواطف وخطط وبكاء على المصلحة العامة، في الوقت الذي تسن فيه قوانين لغير
مصلحة المواطن»، مضيفاً «المواطن لا يستفيد من الكلام أو الصراخ أو دغدغة العواطف
التي هي من منهج الاشتراكية، وحينما سئل أحدهم عنها قال فيها «إن الكادحين كدحوا
والقائلين طفحوا».
ورأى المعاودة أن «الدول الغنية والمتطورة لا تقوم بمثل هذه النصوص. لأن المواطن
مدعوم ويعطى القوة بغير الأساليب الاستجدائية».
إلى ذلك، أرجعت لجنة الخدمات بمجلس الشورى تراجعها عن قرارها الرافض السابق وتحولها
إلى الموافق على المشروع، إلى «الاستحقاق الدستوري الذي جاءت به المادة (13) فقرة
(ب) من دستور مملكة البحرين والتي تنص على أن «تكفل الدولة توفير فرص العمل
للمواطنين وعدالة شروطه»، إضافة إلى مساندة إصلاحات سوق العمل ضمن رؤية البحرين
الاقتصادية (2030) التي تستهدف جعل العامل البحريني الخيار المفضل لدى أرباب العمل،
عبر الارتقاء بدرجة تنافسية العامل البحريني مقابل العمالة الأجنبية».
كما شددت على «أهمية توفير بيئة آمنة للعامل البحريني»، ورأت «أن نص المادة (110)
من مشروع القانون، قد وضع لمعالجة حالات الإغلاق الجزئي للمنشأة أو تقليص حجم
نشاطها، أو استبدال نظام إنتاج بآخر، ما يمس حجم العمالة، الأمر الذي يتطلب توفير
الضمانات اللازمة لتحقيق البيئة الآمنة للعامل البحريني، وذلك عبر ضرورة مراعاة عدم
إنهاء عقد العامل البحريني الذي يتمتع بنفس كفاءة وخبرة العامل الأجنبي، حيث تبقى
أولوية المحافظة على العمالة الوطنية الكفوءة».
وأشارت لجنة الخدمات الشورية إلى «أهمية إعطاء العمالة الوطنية الحماية القانونية
من خطر إنهاء عقد العمل، حتى مع الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنشأة، مادامت
تتوافر في هذه العمالة الكفاءة والخبرة المطلوبة للنهوض بمتطلبات العمل»، مؤملةً أن
يكون من شأن تطبيق المشروع بقانون، بيان حدود سلطة صاحب العمل التقديرية في تنظيم
منشأته في حالات الإغلاق الجزئي للمنشأة أو تقليص حجم نشاطها أو استبدال نظام
الإنتاج بآخر، بما يسهم في المحافظة على العمالة البحرينية، باعتبارها ثروة وطنية
مهمة، وبما يصب في خدمة المصلحة الوطنية العامة.