جريدة الايام العدد 10095 الإثنين 28 نوفمبر 2016
الموافق 28 صفر 1438
المـرأة البحــرينية في مجــال العـدالة
لا شك أن المرأة هي نصف المجتمع كما اصطلح على
تسميتها من قبيل تأكيد أهمية دورها في المجتمع، وهي راعية البناء التي تقف إلى جانب
الرجل في معترك التنمية.
وقد كان من الأهمية بمكان استعراض مآثر المرأة ومناقبها على مدار التاريخ قبل أن
نتطرق إليها في المجال القانوني عامة والقضائي بصفة خاصة، إلا أن مكانة المرأة في
أوساط مجتمعها تفرض نفسها على العالم بما يغني عن التذكرة والتأكيد. ولكن الأمر
يستلزم بيان بعض الأسس التي قامت عليها مكانة المرأة في مملكة البحرين كتمهيدٍ لهذا
الموضوع، حتى ندرك منطقية ما أحرزته إلى اليوم من نجاحات.
وفي هذا، يجب التذكير بحالة المرأة البحرينية اجتماعياً حتى بدايات القرن الماضي،
حيث كان شأنها كغيرها في المنطقة العربية، بل وفي أنحاء شتى من العالم، محصورًا في
إدارة شؤون بيتها ورعاية أسرتها، وهو دور لا يمكن بحال إنكار أثره على التنشئة
وتكوين المجتمع وإصلاحه، بيد أن هذا الدور على أهميته تلك؛ هو في النهاية ذو طبيعة
خاصة أشد الخصوصية، ومحدود بحدود الأسرة وأفرادها، فلم تكن للمرأة آنذاك مشاركة
فعالة وملموسة في المجالات الحياتية الأخرى ذات الصلة بتسيير شؤون المجتمع بشكل عام،
مما يمكن اختزاله من حيث التعريف في عبارة واسعة الدلالة هي: (صنع القرار).
غير أنه ومع تطور الفكر الإنساني عموماً بسبب اتساع النشاط الاجتماعي وتعدد
متطلباته، جاءت الحاجة الماسة إلى المرأة في غير دورها التراثي المحدود، فاتخذت
البحرين خطواتها الجادة نحو تنمية قدرات المرأة لتكون مؤهلة للقيام بنشاطها العام
ومهامها الجسيمة في خدمة بلدها. وتمثلت أولى هذه الخطوات في التعليم الذي كان قد
أخذ مساره في نهاية القرن التاسع عشر، ثم كان إنشاء أول مدرسة للبنات في العام
1928.
ومنذ ذلك التاريخ مروراً بالحقب اللاحقة، برز دور المرأة اجتماعياً، إلى أن تبوأت
مكانتها الطبيعية في مجتمعها، فشغلت العديد من المناصب المؤثرة في المجتمع، ثم كانت
نائبة بالمجالس النيابية فعضوًا بالسلطة القضائية.
ولقد كان اهتمام جلالة ملك البلاد المفدى بقضية المرأة؛ سبباً رئيساً في التعرف على
قدرات المرأة البحرينية والاعتراف بقيمة وأهمية دورها في الشأن العام، وقد تمثل هذا
الاهتمام وتلك الرعاية الكريمة فيما تضمنه الميثاق الوطني، وما أصل له الدستور من
مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وحظر التمييز بسبب الجنس أو
الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، وأيضاً فيما كفله الدستور من الحريات الشخصية،
واعتبار تكافؤ الفرص؛ دعامة أساسية للمجتمع.
كذلك تمثّلت رعاية القيادة للمرأة في إنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برئاسة
صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، حيث أسند إلى المجلس دوراً
في اقتراح السياسة العامة في مجال تنمية وتطوير شؤون المرأة في مؤسسات المجتمع
الدستورية والمدنية، وتمكين المرأة من أداء دورها في الحياة العامة وعدم التمييز
ضدها، وتقديم الاقتراحات بتعديل التشريعات، وإبداء الرأي في مشروعات القوانين ذات
الصلة بالمرأة، فضلاً عن توعية المجتمع بدورها وحقوقها.
ثم جاء انضمام المملكة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بموجب
المرسوم بقانون رقم 5 لسنة 2002، بمثابة تأكيد على كون المملكة عضوًا فاعلاً في
المجتمع الدولي، وعلى جديتها في الإعلاء من شأن المرأة البحرينية في إطار قيمي
محمود؛ يتفق مع الثوابت وينسجم مع الأعراف.
ما سبق كان استعراضًا موجزًا لفهم الواقع ولإدراك أهمية دور المرأة؛ من أجل الوقوف
على الأسس الاجتماعية والتشريعية التي أسهمت في تحقيق نجاحاتها إلى جانب مسؤولياتها
الجسيمة في النطاق الأسري.
وعلى الرغم مما قد تصادفه المرأة من تحديات في عملها العام، فقد نجحت في تلافي كل
الصعوبات، مدعومة في ذلك بما وفرته لها القيادة الحكيمة من مقومات تشريعية ومؤسسية،
ومناخ اجتماعي واعٍ لهموم المرأة، واثقاً في قدراتها، مؤمناً بقضاياها، ومعترفاً
بحقوقها. وفي ظل هذه الرعاية وذاك الوعي؛ تحقق للمرأة ما كانت تطمح إليه، فهي اليوم
صنو الرجل في مجالات عديدة، وشريكة كاملة في العمل العام، تسهم في تنمية مجتمعها
ووطنها وتنافح عن مقدراته، فاعتلت منصة القضاء وأصبحت عضواً بالنيابة العامة تتولى
سلطة التحقيق والإدعاء، إذ ساهمت في تأسيس النيابة العامة بمملكة البحرين العام
2003، حين شملت الدفعة الأولى لأعضاء النيابة العامة أربع عضوات، ثم تلاحق انضمام
مثيلاتهن في الدفعات اللاحقة، إلى أن تم دعم القضاء بالعنصر النسائي لأول مرة، حيث
نُقلت إحدى عضوات النيابة العامة للعمل بالمحاكم، لتكون أول امرأة تعتلي منصة
القضاء؛ ليس في البحرين فحسب وإنما في منطقة الخليج بأسرها. ومع مضي الوقت دُعم
القضاء بالمرأة وأصبح لها مكانة راسخة في هذا المجال حتى صارت عضوًا في المجلس
الأعلى للقضاء المعني بإدارة شؤون أعضاء السلطة القضائية في المملكة. ومما يؤكد
رسوخ مركز المرأة في النظام القضائي بمملكة البحرين هو تعيينها عضوًا بالمحكمة
الدستورية.
ولقد أثبتت المرأة جدارتها في النيابة العامة والقضاء، متغلبة على الصعوبات
والتحديات الناشئة عن طبيعة العمل وأوقاته. وجدير بالذكر أن وجود المرأة في العمل
القضائي لم يقتصر على كونها عضوا بالسلطة القضائية، بل توجد لها مشاركة ملموسة في
العمل الإداري، ويتمثل ذلك في الباحثات القانونيات والموظفات وأمينات السر بالمحاكم
والنيابة. بل لا يمكن إغفال المرأة في مجال العدالة كمحامية، خاصة وقد تبوأت
مكانتها المرموقة في هذه المهنة بتوليها رئاسة جمعية المحامين بالمملكة.
والحق أنه لا يمكن النظر فقط إلى مكتسبات المرأة على ذلك النحو على أنها تطور حتمي
لما تفرضه المعاصرة، بقدر ما هو اقتداء بالنماذج النسائية المشرفة التي حملها إلينا
تاريخ الإسلام، تلك النماذج التي إن وضعناها موضع البحث والدراسة والتفكر؛ لأدركنا
مدى سعة الفكر الإسلامي واستيعابه دور المرأة في مسيرة الحياة.
وإذ تحتفي مملكة البحرين هذا العام بالمرأة البحرينية إقراراً بإنجازاتها وتمكيناً
لها في مسيرتها العملية، فإن ما تحقق كان نتيجة لما حظت به من رعاية القيادة
الحكيمة، والدعم الموصول الذي تقدمه صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم
آل خليفة، والجهود الحثيثة المضنية التي يبذلها المجلس الأعلى للمرأة في المجالات
كافة، فضلاً عن سعة أفق المجتمع وإيمانه بأهمية دور المرأة في ظل أعراف وسطية
ومستنيرة تتفق مع الثوابت والقيم الاجتماعية.
الدستور
وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
المرسوم بقانون وفقا لآخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (42)
لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية
مرسوم
بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع
أشكال التمييز ضد المرأة
قرار وزارة
التنمية الاجتماعية رقم (21) لسنة 2011 بشأن تعديل النظام الأساسي للجمعية
البحرينية لتنمية المرأة
الأنصاري: نعمل مع الحكومة يدًا بيد لتمكين المرأة البحرينية