جريدة اخبار الخليج -
العدد : ١٤٢٣٧ - الخميس ١٦ مارس ٢٠١٧ م، الموافق ١٧ جمادى الآخرة ١٤٣٨ هـ
في
سابقة قضائية جديدة في محاكم مملكة البحرين
المحكمة المدنية ترفض تنفيذ حكم سعودي لمخالفته قانون النظام العام بالبحرين
حكمت المحكمة الكبرى المدنية الثانية برئاسة القاضي
مانع راشد البوفلاسة، وعضوية كل من القاضي رائد نايف العدوان، والقاضي خالد محمد
فكري، وأمانة سر نبيل مهدي، بإلغاء الأمر بتنفيذ الحكم الصادر من محكمة الاستئناف
الإدارية بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، والذي قضى بإلزام شركة
بحرينية بدفع 2 مليون و450 ألف ريال سعودي والحكم برفض طلب تنفيذ ذلك الحكم، وألزمت
المدعى عليه الرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وأشارت المحامية مها محسن جابر وكيلة الشركة البحرينية، إلى أن هذا الحكم يعد سابقة
جديدة في المحاكم البحرينية، لابتنائه على أن الحكم الذي أصدرته المحكمة السعودية
يخالف القانون والنظام العام في مملكة البحرين.
وقالت إن وقائع القضية تتلخص في أن موكلتنا وحال كونها شركة بحرينية تعمل في مجال
تصنيع المنظفات الكيماوية، وكان مالكها القديم قد منح شركة سعودية وكالة عامة
وحصرية لتقوم بتوزيع وتسويق منتجاتها بالمملكة العربية السعودية، ولم تقم تلك
الشركة السعودية بالعمل اللازم منها، فقام المالك الجديد لموكلتنا بإشعار الشركة
السعودية بفسخ عقد الوكالة، ومن ثم لجأت الشركة السعودية إلى القضاء السعودي لتطالب
بالتعويضات عن ذلك مستخدمة مجموعة من المستندات والمحررات لا تعلم عنها موكلتنا
شيئا، بل إنه يشوبها تزويراً مفضوحاً في بعض المواضع، واستطاعت الحصول على حكم
قضائي غيابي من المحاكم السعودية بالتعويض بمبلغ قدره مليوني ريـال سعودي تمثل
الشرط الجزائي، وكذلك مبلغ قدره مليونان وأربعمائة وخمسون ألفا وأربعمائة وثمانية
وتسعون ريالاً تمثل المصاريف والنفقات التي تكبدتها الشركة السعودية في سبيل تنفيذ
الوكالة التجارية أي بإجمالي مبلغ قدره -/4,450,498 ريالاً سعودياً.
ولما علمت موكلتنا بهذا الحكم القضائي اعترضت عليه أمام المحاكم السعودية وطلبت
اعادة تدقيقه مرة أخرى، ودفعت بعدم اختصاص المحاكم السعودية بنظر الدعوى استناداً
الى وجود شرط التحكيم بعقد الوكالة، إضافة إلى أن المدعى عليها شركة بحرينية
الجنسية ولا تختص المحاكم السعودية بنظر الدعاوى التي ترفع على غير السعوديين،
فأحيلت القضية مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف الإدارية بالدمام والتي قضت فيها بنقض
الحكم وإعادة الأوراق إلى الدائرة مصدرة الحكم وبإحالة الدعوى إلى الدائرة التجارية
الثانية، والتي أصدرت حكمها مجدداً بإلزام موكلتنا بأن تدفع للمدعى عليها مبلغا
قدره مليونان وأربعمائة وخمسون ألفا وأربعمائة وثمانية وتسعون ريالاً، فاعترضت
موكلتنا على ذلك الحكم أمام محكمة الاستئناف الإدارية بالدمام مرة أخرى، ولدى
دراسته أمامها ارتأت التصدي للموضوع وتم فتح باب المرافعة، وأمام تلك المحكمة قصرت
خصم موكلتنا طلباتها على المطالبة بالتعويض عن الشرط الجزائي المنصوص عليه بالبند
الخامس عشر من عقد الوكالة الحصرية، وقد دفع وكيل المدعية أمام تلك المحكمة بعدم
الاختصاص على اعتبار أن المدعية شركة بحرينية وتعمل في البحرين، وأن الوكالة
الحصرية الممنوحة من الملاك السابقين ليست الشركة مسؤولة عنها، وقد ردت المحكمة على
ذلك الدفاع بأن الاختصاص ثابت بموجب البند السادس عشر من الاتفاقية والذي جرى نصه
على أن «يجب حل الخلافات حلاً سلمياً، وفي حال عدم التمكن فإن المسألة يجب أن تحال
إلى لجنة الخلافات التجارية في المملكة العربية السعودية، أو تحال إلى لجنة تحكيم
محلية بما يتماشى مع إجراءات التحكيم»، وأما عقد الوكالة الحصرية فإنه موقع من
الطرفين ومختوم بختمها ومصدق عليه من الغرفة التجارية وهو عقد لا يمكن التنصل من
الالتزامات الواردة فيه لمجرد تغير ملاك الشركة لأن الشركة لها شخصية اعتبارية
مستقلة عن ملاكها، فإن أي عقد مبرم باسمها يصبح من الالتزامات المتعلقة بها، وعليه
فقد انتهت تلك المحكمة إلى القضاء بالأتي أولاً: بنقض الحكم الصادر من الدائرة
التجارية الثالثة بالمحكمة الإدارية بالدمام الصادر في القضية بتاريخ 12/1/1437هـ،
وثانياً بإلزام موكلتنا بأن تدفع لخصمها مبلغاً قدره مليونا ريـال (2,000,000)
ريـال.
تقدمت خصم موكلتنا إلى محكمة التنفيذ بمملكة البحرين لتنفيذ ذلك الحكم وتم قبول طلب
التنفيذ وفتح ملف تنفيذ ضد موكلتنا، ما حدا بنا إلى تقديم دعوى لدى المحكمة الكبرى
المدنية الثانية بطلب رفض الأمر بتنفيذ ذلك الحكم السعودي لعدة أسباب أهمها أن
المحاكم السعودية قد تصدت لنظر النزاع بالرغم من وجود شرط لحل الخلافات بين الطرفين
عن طريق التحكيم والذي من شأن وجوده أن تحكم المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى
لوجود شرط التحكيم، أما وأن المحكمة السعودية قد تصدت لنظر الموضوع بالرغم من وجود
ذلك الشرط وبالرغم من دفع موكلتنا أمامها بعدم الاختصاص، فإن هذا الحكم لا يكون
مقبولاً للتنفيذ به في محاكم مملكة البحرين وذلك لمخالفته لنص المادة الثانية من
اتفاقية تنفيذ الاحكام والانابات والاعلانات القضائية بدول مجلس التعاون لدول
الخليج العربي والموافق عليها من المجلس الأعلى لمجلس التعاون في دورته السادسة
عشرة التي عقدت في سلطنة عمان بتاريخ 13-14 رجل 1416هــ الموافق 4-6 ديسمبر 1995،
وبناء على توصية وزراء العدل في اجتماعهم السادس المنعقد في مقر الامانة العامة في
الرياض في 29-30 شوال 1414هـ الموافق 10-11 ابريل 1994 وقد صادقت عليها الدول
الأعضاء في المجلس والتي نصت على أنه «يرفض تنفيذ الحكم كله أو جزء منه في الحالات
الآتية: (أ) إذا كان مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الدستور أو النظام
العام في الدولة المطلوب إليها التنفيذ. (و) إذا كان تنفيذ الحكم يتنافى مع
المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعمول بها لدى الدولة المطلوب إليها التنفيذ».
ومن حيث إنه من القانون بقانون مملكة البحرين أن العقد شريعة المتعاقدين، ولا يجوز
لأحدهما أن يستقل بنقضه أو تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به
القانون، وأنه يجب تنفيذ العقد وفقاً لما اشتمل عليه من أحكام وبما يقتضيه حسن
النية وشرف التعامل، وكان عقد الوكالة الحصري قد تضمن وسيلة حل المنازعات والخلافات
بين أطرافه عن طريق التحكيم بأن يحال النزاع إلى لجنة حل الخلافات التجارية
بالمملكة العربية السعودية أو إلى لجنة تحكيم محلية بما يتماشى مع إجراءات التحكيم،
وحيث إن الحكم السعودي لم يمتنع عن نظر الدعوى لوجود شرط التحكيم حال كونه مفروضاً
عليه ذلك، بما يتعين معه رفض طلب التنفيذ، والقضاء بقبول دعوى موكلتنا والقضاء لها
بطلباتها، وهو الامر الذي استجابت له المحكمة الكبرى المدنية الثانية وقضت فيها
بالحكم المذكور أعلاه.
دستور مملكة البحرين
مرسوم بقانون رقم (9) لسنة 1996 بالتصديق على اتفاقية
تنفيذ الأحكام والإنابات والإعلانات القضائية لدول مجلس التعاون لدول الخليج
العربية