جريدة اخبارالخليج العدد :
١٤٢٨٩ - الأحد ٧ مايو ٢٠١٧ م، الموافق ١١ شعبان ١٤٣٨ هـ
عجلة
إصدار قانون أسرة موحد انطلقت ولا عودة إلى الوراء
أكد حقوقيون ومحامون أنه لم يعد مقبولاً تأخر صدور
قانون موحد للأسرة أكثر من ذلك، وخاصة بعد مرور نحو ثماني سنوات على إصدار الشق
السني من قانون الأسرة، لافتين إلى أن الأصوات التي لا زالت تعارض إصدار هذا
القانون إنما «لا زالت تستعيد محاولات التغريد خارج سرب العدالة المنشودة
والاستقرار والتطور».
وأكد الحقوقيون والمحامون لوكالة انباء البحرين «بنا» ضرورة عدم الالتفات إلى ذريعة
«الضمانات» التي يتشبث بها معارضو القانون، مشددين على أن الممارسة العملية للقانون
في شقه الأول أعطيت الوقت الأكثر من كاف لرفع وتعميق التوافق المجتمعي بضرورته،
إضافة إلى أن تشكيل لجنة تضم نخبة رجال الدين من الطائفتين الكريمتين بأمر ملكي هو
بحد ذاته الضمانة التي تؤطر مضمون القانون وتحفظ بنوده بما يتطابق مع مبادئ وأحكام
الشريعة الإسلامية السمحاء.
ولفتوا إلى أن قانون الأسرة الموحد يحقق العدالة والانصاف بتساوي المركز القانوني
لجميع المواطنين، كما يعزز من التزام مملكة البحرين بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة
بالمرأة والأسرة، إضافة إلى أنه ينهي معاناة النساء من متبعي المذهب الجعفري
واللواتي تمتد فترة الفصل في قضاياهن إلى سنوات، كما سيسهم القانون في تسهيل العمل
على القضاة والمحامين بسبب وضوح الإجراءات وضمان الالتزام بها.
ضمانات أكثر من كافية
وقال الناشط الحقوقي والمحامي فريد غازي رفيع: «كان هناك ولا زال من يتحدث عن
(ضمانات) للطائفة الجعفرية الكريمة بعدم تغيير قانون الاسرة الموحد مستقبلاً من دون
مشاركة المختصين، وتوافق هذا القانون مع المرجعية لاطمئنان العامة إلى المحاكم
الشرعية»، وأضاف «رغم جميع المطالب عبر سنوات بإصدار الشق الثاني من قانون الأسرة،
ورغم ما لهذا القانون من أهمية على الصعيد الداخلي والخارجي لمملكة البحرين، إلا أن
جلالة الملك المفدى لم يصدر هذا القانون بأمر ملكي –رغم الأحقية الدستورية لجلالته
بذلك-، بل فضَّل جلالته أن يأخذ هذا القانون مجرياته الدستورية، وأن يكون هناك أكبر
توافق شعبي ممكن حوله».
وأشار رفيع في هذا الصدد إلى أن إصدار جلالة الملك المفدى أمره الملكي السامي
بتشكيل لجنة شرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة تضم نخبة من علماء الدين الأفاضل من
الطائفتين إنما دليل على رغبة سامية على احتواء جميع الآراء الفقهية والشرعية
ومراعاة جميع تفاصيل الفروق المذهبية في مجال قضايا الأسرة، وصولاً إلى صدور قانون
أسرة جامع مانع يلبي احتياجات الأسرة والمرأة في مملكة البحرين، ويعزز من الحقوق
الشخصية للأفراد، والتأكد تمامًا من مطابقة بنود القانون المرتقب لأحكام الشريعة
الإسلامية.
وأكد أن الحديث عن أي ضمانات إضافية ما هو إلا محاولة التفاف على صدور هذا القانون
ورغبة بتعطيله، وقال «من المتوقع أن يحاول البعض وضع العراقيل أمام صدور قانون
الاسرة الموحدة متمسكا بحجج واهية ومحاولا التأثير على عقول الناس من أجل خدمة
مصالح خاصة»، وأضاف أن مثل هذه التصرفات تنم عن أفق ضيق لا يدرك عدم جدوى الوقوف
أمام الحركة الطبيعية للزمن والتطور».
وقال «لا يمكن أن نقبل بأي حال من الأحوال تأجيل صدور القانون أكثر من ذلك، فقد
تأخرنا لأكثر من ثمانية سنوات رغم إدراكنا جميعا لمدى الفوائد الجمة التي حصلنا
عليها نتيجة لصدور الشق السني من قانون الأسرة».
قانون طال انتظاره
بدوره أكد رئيس مجموعة «حقوقيون مستقلون» سلمان ناصر «أهمية صدور هذا القانون الذي
طال انتظاره بالسرعة القصوى، وقطع الطريق على محاولات عرقلة إصداره عن طريق تكرار
ذرائع واهية نسمعها منذ سنوات وسنوات ولم تسفر إلا عن مزيد من الحالات الإنسانية
الصعبة لنساء من المذهب الجعفري بائسات نراهُنَّ كل يوم على أبواب المحاكم يترجين
ويرتجين الخلاص من جحيم حياتهن الزوجية دون اكتراث فعلي لصرخاتهن. «وشدد على أنه
يجب الوقوف بقوة أمام محاولات التشكيك في أهلية المختصين من أعضاء مجلس الشورى
الذين صاغوا نصوص قانون الأسرة الموحد، وكذلك القنوات الدستورية التي يمر بها هذا
القانون تمهيدا لصدوره المرتقب، والذي يشكل خطوة واسعة على طريق تعزيز استقرار
وترابط المجتمع البحريني ككل.
من جانبها صرحت القائم بأعمال مركز المنامة لحقوق الإنسان المحامية دينا اللظي بأن
المركز وانطلاقًا من الأهداف التي توافق عليها الأعضاء المؤسسون للنظام الأساسي
لعمل المركز منذ تأسيسه في عام 2011، وعلى الأخص الهدف التاسع الذي يوجه المركز
وأعضاءه بصيغة ملزمة للتنسيق مع الجهات التشريعية والحكومية المختصة للدفع باتجاه
تذليل الصعوبات التي تواجه تطبيق القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان وإصدار قوانين
وتشريعات جديدة تحفظ وتحترم حقوق الإنسان وإعادة النظر في بعضها، يتابع باهتمام
كبير الخطوات المهمة التي يتم اتخاذها من قبل السلطات المختصة لاستكمال الفراغ
التشريعي على صعيد الأحكام الأسرية.
وبينت اللظي بأن خطوة تنظيم المسائل المنظورة أمام المحاكم الشرعية باتت ضرورة ملحة
لتعزيز خطى سير العجلة الصلاحية بمفهومها الشمولي ولاستكمال الصورة العامة للواقع
الحقوقي وخاصة فيما يتعلق بالأسرة والمرأة والطفل.
كما أشارت اللظي الى أن المركز فور الإعلان عن مشروع القانون الموحد شكل فريقًا
قانونيًا قام بدراسة المشروع بشكل مستفيض من الجانب الحقوقي والقانوني، وخرج
بمرئيات وتقسيم لكل بنوده، ضمّنها بملاحظات عامة، كما قام المركز بالاستعانة
بمتخصصين في العلوم الشرعية السنية والجعفرية والذين توصلوا الى ما توصل إليه
الفريق الحقوقي والقانوني، بكون هذا القانون سيعزز الحقوق الأسرية وفق مفاهيم وقيم
الشريعة الإسلامية في المقام الأول، وبما يتوافق مع المبادئ الحقوقية الواردة في
الدستور والتشريعات الوطنية والمواثيق الدولية وعلى الأخص الشرعية الدولية لحقوق
الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال
التمييز ضد المرأة (السيداو).
10آلاف دينار
مقابل الطلاق!
بدورها قالت المحامية فوزية جناحي إن المتقاضين أمام المحاكم الجعفرية، والمحامين،
وصولا إلى معظم العاملين في القضاء، ضاقوا ذرعا بالوضع الراهن نتيجة عدم قانون واضح
ينظم القضايا الاسرية في المحاكم الجعفرية، ويحصر الأمور كلها بيد قاضي المحكمة
الجعفرية.
وأضافت جناحي «اسمع عن تسريع الإجراءات والنهوض بأداء المحاكم الجعفرية، لكني صراحة
لا ألمس ذلك على أرض الواقع، وموكلاتي من الطائفة الجعفرية لا زلن يعانين من طول
أمد التقاضي»، وتابعت «حصول المرأة الجعفرية على حقها بالطلاق شبه مستحيل إلا إذا
وافق زوجها على تطليقها، لذلك تلجأ إلى الخلع، وفي معظم حالات الخلع تضطر للتنازل
عن جميع حقوقها حتى حقها في حضانة أطفالها، كما تدفع لزوجها مبالغ مالية تصل أحيانا
الى عشرة آلاف دينار حتى يقبل بتطليقها».
وكشفت جناحي أنه «لهذه الصعوبات بتنا نرى تزايد الطلب على ابرام عقود الزواج أمام
المحاكم السنية، لكن هذا مسموح فقط في حال كان أحد الزوجين من الطائفة السنية، أما
إذا كان كليهما من الطائفة الشيعية فهما ملزمان بالزواج أمام المحكمة الجعفرية».
صعوبات آن لها أن تنتهي
وفي الاتجاه ذاته ذهبت المحامية سهى الخزرجي مشيرة إلى أن إحدى أبرز المعوقات
والمشاكل التي تواجه القضاء الجعفري هي غياب مرجعية واحدة للأحكام الشرعية مما يؤدي
إلى صدور أحكام متناقضة في قضايا متشابهة، حيث أنه يتعذر في كثير من الأحيان تحديد
مصير الدعوى سواء كان بالقبول أو الرفض لاختلاف توجهات القضاة ومدارسهم الفقهية،
ويخضع الأمر في كثير من الأحيان للرؤية الشخصية للقاضي الذي يفصل في الدعوى.
وأوضحت الخزرجي أن الحكم في المحاكم الجعفرية الكبرى يجب أن يصدر بحسب القانون
بالتداول بين قضاة المحكمة الثلاثة، إلا أن ما يطبق في الواقع بخلاف ذلك، حيث يقتسم
القضاة الدعاوى بينهم ويفصل كل قاض في مجموعة منها، وهو ما يؤدي الى صدور أحكام
متناقصة من ذات المحكمة. ورأت أن صدور قانون موحد للأسرة سيسهل الفصل في الدعاوى
أمام المحاكم الشرعية ويختصر فترات التقاضي، كما أن المحامي سيكون على بينة منذ
البداية بمدى جدوى رفع الدعوى من عدمه، وأوضحت أن المحاكم الجعفرية تمد في آجال
الإجراءات للأزواج لتقديم دفوعاتهم، ولا تتقيد بالقانون الذي ينص على حجز الدعوى
للحكم في حال تخلف أحد الطرفين عن الحضور أو تقديم الرد لجلستين متتاليتين من دون
سبب وجيه.
وأشارت إلى مشكلة أخرى تدور حول أن المحاكم الجعفرية عادة ما تشترط اقتران الهجر
بعدم الإنفاق لإيقاع الطلاق، وهذا يوقع المرأة في ظلم كبير، حيث أنه ليس من المنطق
أن تقرن المرأة حياتها بزوج هجرها لأنه فقط ينفق عليها بضعة عشرات من الدنانير
شهريًا.
كيان الأسرة وكينونتها
بدورها أكدت المحامية ابتسام الصباغ أهمية إصدار قانون الأسرة الموحد الذي يحفظ
للأسرة البحرينية كيانها وكينونتها، لكنها دعت في الوقت ذاته إلى إعطاء هذا القانون
حقه الوافي من الدراسة والتمحيص بغية الخروج به كاملا متكاملا تلبي مواده احتياجات
جميع الأطراف ذات المصلحة كالأسرة والمرأة الجعفرية والمحامين والقضاة.
وقالت «كنا ومازلنا نترقب صدور قانون أحكام الأسرة في شقه الجعفري، مشيدة بتشكيل
جلالة الملك المفدى لجنة شرعية لدراسة هذا القانون ومراجعة أحكامه، وخاصة أن اللجنة
تضم نخبة من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعددًا من القضاة،
وهو ما يضمن تطابق مواد القانون لأحكام الشريعة الإسلامية السمحاء، ومراعاتها
للفروقات المذهبية المتعلقة بالطلاق والخلع والنفقة والحضانة وغير ذلك.
قانون رقم
(19) لسنة 2009 بإصدار قانون أحكام الأسرة
المرسوم
بقانون وفقا لآخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (26) لسنة 1986 بشأن الإجراءات أمام
المحاكم الشرعية
مرسوم
بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع
أشكال التمييز ضد المرأة
قرار وزارة
التنمية الاجتماعية رقم (21) لسنة 2011 بشأن تعديل النظام الأساسي للجمعية
البحرينية لتنمية المرأة
الحكومة بصدد إحالة مشروع قانون الأسرة الموحد إلى السلطة
التشريعية
شوريون يتقدمون رسميًا بقانون موحد للأسرة