جريدة أخبار الخليج العدد
: ١٤٣٧٧ - الخميس ٠٣ أغسطس ٢٠١٧ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٣٨هـ
إشادة جماعية بصدور القانون قانونيون وناشطات نسائية يستعرضون ويناقشون مواد قانون
الأسرة
صدر قانون «الأسرة
الموحد» ووافق عليه كل من مجلسي الشورى والنواب في نهاية يوليو الماضي وكان بمثابة
فتح صفحة جديدة وجميلة في ملف الأسرة البحرينية وما تحويه من حقوق وواجبات وخاصة
للمرأة والطفل وفيما يتعلق بعقود الزواج والطلاق والنفقة وحضانة الأطفال والزواج
بثانية وغيرها من الأمور المختلف عليها في الفقهين السني والجعفري، وهي اختلافات
ظلت مراوحة محلها إلى ان انفرجت اسارير المرأة البحرينية مع اصدار هذا القانون
مؤخرا.
وعلى الرغم من ابصار النور لهذا القانون، فإن عددا من المختصين والمهتمين بشؤون
المرأة والطفل يرون انهم لم يستشاروا ولم يؤخذ بآرائهم في هذا الشأن، وأوضحوا ان
القانون نظر إليه من منظار ديني وفقهي بحت اكثر من نظرة مدنية ومن منظار المعايير
الدولية ومبادئ حقوق المرأة والطفولة ومع ذلك يظل القانون هو في الحقيقة جهدا مميزا
من ناحية، ومن ناحية ثانية هو بداية تمهد لطريق طويل للتغيير، مشيرين في هذا الخصوص
إلى ان المرأة البحرينية ومن خلال الجمعيات الداعمة للمرأة ستعمل على تغيير بعض
مواده.
بهذه المقدمة استهلت مديرة ندوة «قانون الأسرة» نعيمة المرهون المقدمة معلنة الحديث
عن قراءة في بعض احكام الأسرة ويتحدث فيها كل من النائبة البرلمانية الدكتورة جميلة
السماك والمحامي حسن اسماعيل والمستشارة القانونية سهام صليبيخ.
دعم الملك
وأكدت الدكتورة جميلة السماك انه لولا دعم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة
لهذا المشروع وقراره بتشكيل لجنة تشريعية من المذهبين (السني والجعفري) لما رأى هذا
القانون النور، وعزت السبب في ذلك إلى وجود تسييف في الموضوع ولكن رؤيا جلالة الملك
هي التي أوصدت الأبواب على كل من يريد إغلاق هذا الملف، منوهة في هذا الشأن إلى
أنها ستتناول عددا من النقاط في هذا القانون لكنها ليست خبيرة في الشؤون الدينية
والفقهية إلا أن اصدار القانون يقلل من المشاكل التي تعاني منها المرأة البحرينية
وخاصة تلك المتضررة من عدم وضوح الموقف الشرعي من معاناتها، حيث شمل المشروع تقديم
(141) مادة منها (98) متفق عليها بين الفقهين و(43) مختلف عليها.
نماذج من الاختلاف
وتابعت الدكتورة جميلة السماك القول ان من أمثال المواد المختلف عليها قضايا تتعلق
بالخطبة والهدايا والرضاعة والزواج والشبهة وولاية الزواج وهل هو الأب أم الجد أم
يعتبر الزواج صحيحا إذا كانت الفتاة راشدة وبالغة، وما الحكم الصحيح إذا تنازل
الخطيب عن المهر قبل الدخول على الفتاة المخطوبة، فالقول للزوجة، أما بعد الدخول،
فالقول للزوج، كما جاء في بعض المواد من (4) إلى (28).. كما أوضحت أن هذا ينطبق
أيضا على وجود اختلافات وردت في بعض المواد من (41) إلى (98) تدور حول شرط الكفاءة
الزوجية في الزوج (ويعني شرط ان يكون عنده دين، أي يصلي ويصوم)، فهو حق للزوجة
ووليها في الفسخ في المذهب السني وحقها في الفسخ إذا كان الزوج كبيرا في العمر بحسب
الفقه الجعفري.
وأوضحت من جانبها أيضا ان الزواج وبحسب (قانون الأسرة الموحد) ينقسم إلى زواج صحيح
وغير صحيح، والزواج غير الصحيح هو ما اختل فيه ركن من اركان الفقه فقط في المذهب
الجعفري، وفي المذهب السني هو ما اختل فيه ركن أو وجد مانع وغيرها من الاختلافات
التي تتعلق بالتحريم المؤقت للمرأة على زوجها والنفقة والحمل والطلاق ووكيل الطلاق
والتوريث الشرعي وغير الشرعي والحاضنة وتوفير السكن للمرأة المطلقة وأولوية الصرف
على المرأة قبل الأولاد والوالدين وغيرها من الرؤى والاختلافات الفقهية بين
المذهبين في قانون الأسرة الموحد، أخذت بعين الاعتبار ليرى هذا القانون النور.
مبدأ المساواة
ومن جانبه، تناول المحامي (مستشار قانوني بالمحكمة الدستورية) حسن إسماعيل مدى
توافق أحكام القانون مع مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وقال: لا شك ان الجهود
التي بذلت في اصدار هذا القانون يشهد لها ولا نقلل من قيمتها على الرغم من ان مجلس
النواب قد اخذ على مجلس الشورى محمل الجد لإنهاء هذا الملف قبل انتهاء دور الفصل
الثالث للمجلس.
وتابع: كنا نأمل ان يكون لمؤسسات المجتمع المدني وجمعيات المرأة سماع رؤاها في هذا
الخصوص قبل اصدار قانون الأسرة الموحد في 19 يوليو2017، منوها إلى ان بداية تطبيق
القانون مع الأول من أغسطس الجاري، ومهما قلنا من ملاحظات، فإن الحقيقة تظل بأن
صدور القانون بهذه الصيغة افضل مما هو قائم ولا يعني صمت رجال الدين من الطائفة
الشيعية على القانون بعد إصداره يعني استمرار رفضه لأن الواقع يتغير ويتقدم،
وبالتالي فإننا نشجع أي مبادرة لتغيير ما جاء من مخالفات قد تكون دينية أو مدنية
غير واضحة للمواطنين والمواطنات، مشددا في هذا الشأن على ان المساواة في القانون لا
تعني المساواة في الحياة وأن تقدم المجتمعات يقاس بتقدم المرأة وتحسن أوضاعها.
المرأة والطفل
وتطرق المحامي إسماعيل إلى أحوال المرأة والطفولة في المادة (20) حول زواج الفتاة
دون سن 16 سنة وهو ما يخالف ما جاء في التشريع الذي ينص على (18 سنة) بل اجازت
الزواج للفتاة بأقل من عمر(16 سنة) بإذن من المحكمة الشرعية، وهذا لا يتماشى مع
أعراف ومبادئ الأمم المتحدة.
وأكد أهمية التمعن في عدد من المواد المتعلقة بإسقاط الزواج وعدم صحته وعدم تشجيع
الزواج المبكر وعدم معاملة الأطفال بسوء، ثم تناول الحديث عن الولاية في الزواج في
مواد (15 و26 و28) حيث تشترط حضور الولي وموافقته. ضاربا المثال بعدم وجوب موافقة
الولي على الزواج في مصر متسائلا لماذا اشتراط موافقة الولي بهذا الموضوع طالما
الفتاة راشدة وبالغة وراضية، واستدرك: لكن الغريب أنه لا يفرق بين (البنت البكر
والفتاة الراشدة والبالغة) حيث يؤخذ الموضوع ب(البلوغ الجنسي 9 سنوات والرشد ب 7
سنوات)، وهذا يتناقض مع مبادئ السيداو، وأوضح أن الأفضل ان يترك الأمر للمرأة في
حرية اختيار الزوج وكذلك حرية اختيار الزوج للزوجة تماشيا مع الواقع البحريني مع
التنويه هنا بأن تعدد الزوجات يعد سببا من أسباب الطلاق والتصدعات الأسرية. وقد
أجاز القانون تعدد الزوجات في (المادة 19) وهكذا الحال فيما يتعلق ببيت الطاعة وسكن
الزوجة والعمل، وتساءل: كيف يعتبر خروج المرأة (الزوجة) للعمل ناشزا؟ ألا يعتبر هذا
الوضع ان الرجل (الزوج) هو المتحكم في عمل المرأة؟
الحضانة والنفقة
وكانت المستشارة القانونية سهام صليبيخ المتحدثة الأخيرة في موضوع قانون الاسرة
الموحد وتناولت عنوان (احكام الحضانة والنفقة) وخاصة انها تشاهد كثيرا من القضايا
التي تعرض عليها من خلال عملها بالمحكمة، وقالت: «ان القانون هو قانون موحد ولا بد
للشق القانوني ان يكون ساريا على كل الأطراف»، وتابعت: صدر في مرسوم واحد وبتغيير
بسيط في الشق الجعفري، مشيرة إلى ان كثيرا من القضايا التي تعرض في المحكمة فيها
الكثير من الإجحاف وتظل في الأدراج لعدم البت السريع فيها من قبل رجال الدين
والقضاة في المذهب الجعفري.
وتطرقت إلى مواد (142 و139 و129 و127 و125 و130 و131 و132 وغيرها). وتدور حول مدى
قيد السلطة القضائية وخيار الحضانة وواجبات الأبوين ومتى تسقط الحضانة ومتى تعود
الحضانة والعقم والنفقة والسلامة من الأمراض وزيف التقارير الطبية لدرجة ان مصابا
لديها بـ(الإيدز) احضر تقريرا من وزارة الصحة بأنه غير معد، فكيف يمكن حماية المرأة
أو الأطفال في مثل هذا الحال؟
تعليقات
وعلقت فاطمة الريس رئيسة الاتحاد النسائي بأن هذا القانون لم ير النور إلا بعد جهود
استمرت منذ ثمانينيات القرن الماضي، والقانون لا يقول انه موحد بقدر انه قانون جمعت
مواده في مكان موحد، ولنا ملاحظات تتعلق بسن الزواج (16 سنة) للبنت، وهذا يعني انها
مازالت طفلة بل يمكن ان تتزوج بأقل من (16 سنة) بأمر القاضي، وهذا الأمر يدعونا إلى
القول انه يفترض توحيد الأمر بسن الطفل، ونفس الأمر لا عذر للمرأة إذا خرجت للعمل،
إلا ان القانون يسمح لهيمنة الرجل على عمل المرأة، وهذا شيء غير صحيح. منوهة إلى
نقد عدم اخذ رأي الجمعيات النسائية بالموضوع مع العلم ان لدينا إمكانيات للعطاء
والاستشارة. ثم عرجت وداد المسقطي (ناشطة نسائية) وقالت: «القانون صدر ونضيف
القانون ليس بالعصا السحرية، والحل ليس في القانون بل الحل في التطبيق، والقانون هو
خطوة أولى نحو البناء وهذا هو دورنا في المرحلة القادمة»، ونأمل من خلال التوصيات
ان تؤخذ آراءنا بعين الاعتبار، مشيرة إلى وجود ثغرات تتعلق بالجمع بين الزوجة
وعمتها وخالتها والنفقة والناشز حينما تخرج للعمل، منوهة إلى ان مثل هذه الأمور
تعتبر أمورا ابتزازية للمرأة فيما أكد حسيم محمد على اننا في البحرين دولة مدنية
ومن حقنا ان يكون لنا في هذا الشأن (قانون مدني).
صعدنا نصف السلم
وفي متابعة لملف التعقيبات، أفادت (أم خالد) وهي إحدى الحاضرات اننا مهما قلنا إلا
ان الحقيقة التي نقرها هي انه بصدور هذا القانون، فلقد صعدنا نصف السلم ويجب أن
نهيئ انفسنا لصعود النصف الثاني، معلنة انها ليست مع الرفض التام لهذا القانون،
معتبرة ان الرفض هو عملية غير موضوعية، والأصح هو المطالبة بتصحيح الوضع، وعقب
آخرون حول عدد من النقاط التي تركت لتقدير القاضي، منها سن الزواج وعمل المرأة
والتعارضات في بعض مواد القانون، منوهين إلى ان صدور القانون يظل شمعة على الطريق،
ووجوده افضل من عدمه من أجل حصاد افضل لمستقبل المرأة والطفل في مملكة البحرين، ومن
حقنا كمواطنين ومواطنات ان نفتخر بوجود هذا القانون الموحد لكونه قد خرج من القوقعة
وما بقي علينا إلا ان نرفع التوصيات (التعديلات الني نريدها إلى الجهات المعنية)
للنظر فيها. ونختتم التغطية (الفعالية) بتعقيب من رئيسة جمعية المرأة البحرينية
دينا جاسم الأمير في لقاء مع «أخبار الخليج» أكدت على أهمية هذه الفعالية لتناول كل
الجوانب المتعلقة بقانون الأسرة وأوجه القصور التي نراها فيه بالإضافة إلى توصياتنا
في هذا الشأن، وتطلعت إلى الآمال الموجودة لدى جمعية المرأة واتحاد النساء وغيرهما
من مؤسسات المجتمع المدني بالتنسيق والعمل سويا على اصدار تعديلات على هذا القانون،
وباركت للجميع الإصدار الحالي مقدرة دور كل من أسهم من قريب أو بعيد في هذا الجهد
الطيب.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
قانون رقم
(19) لسنة 2009 بإصدار قانون أحكام الأسرة
أمر ملكي
رقم (24) لسنة 2017 بتشكيل لجنة شرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة
سنناقش
ضمانات وفعالية قانون الأسرة الموحد بدقة
يوم تاريخي
للبحرين.. قانون الأسرة يبصر النور