جريدة الايام العدد 10376
الثلاثاء 5 سبتمبر 2017 الموافق 14 ذو الحجة 1438
المغردون المسيئون يعكّرون صفو السلم الأهلي.. ولابد من تغليظ العقوبات
رأى محامون وقانويون ان المغردين المسيئين عبر وسائل
التواصل الاجتماعي لديهم حالة هوس في الظهور عبر هذه الوسائل، وأنهم لا يلقون بالاً
للمسؤولية الاجتماعية ولا بجودة التغريدات التي يكتبونها بل ما يهمهم فقط هو الظهور
والحضور، مطالبين بضرورة اعادة تنقيح وتعديل بعض النصوص في قانون العقوبات لمواجهة
هذه الظاهرة.
وحمل بعض القانونيين الذين استطلعت «الأيام» آراءهم المجتمع المدني والجهات المعنية
وذات العلاقة والمؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية والدينية مسؤولية التغريدات
المسيئة معتبرين انها ثقافة المجتمع ومسؤولية مجتمعية مشتركة.
وأكدوا أن وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت منبرًا لكل من يخالف الآخر من اجل الحضور
والظهور الاعلامي، وان منصات التغريدات تحولت الى منابر للشتم والسب والقذف مما
يهدد أمن المجتمع والاقتصاد ويعكر السلم العام.
وحول تغليظ العقوبة للمسيئين منهم طالب بضرورة اعادة تنقيح وتعديل بعض النصوص في
قانون العقوبات خصوصا مسألة العلانية، وشدد آخرون على ضرورة نشر ثقافة التسامح بين
شرائح المجتمع وان آخر الحلول هي تغليظ العقوبة، وثالث رأى أنه لا حاجة لتعديل
قانوني ولكنه دعا الى تطبيق وإنفاذ العقوبات الموجودة.
في البداية، عد الامين العام السابق للمؤسسة الوطنية لحقوق الانسان المحامي
والمستشار القانوني د.أحمد الفرحان ان المغردين المسيئين عبر وسائل التواصل
الاجتماعي «تويتر، فيس بوك وإنستغرام وسناب شات» أن لديهم حالة هوس في الظهور عبر
هذه الوسائل، وأنهم لا يلقون بالاً للمسؤولية الاجتماعية ولا بجودة التغريدات التي
يكتبونها بل ما يهمهم فقط هو الظهور والحضور، ومشددًا ان كل شرائح المجتمع فرحة
وسعيدة بالتعاطي بهذه الوسائل الجديدة سواء من مثقفين او جاهلين.
وأكد الفرحان ان الدستور في مملكة البحرين كان واضحًا في التعاطي مع حرية الرأي
والتعبير وجعل التعبير عن الرأي مفتوح باستثناء ثلاث قضايا وهي أولاً: التحريض على
الفتنة او اثارتها، ثانيا: المساس بالدين، ثالثا: المساس بالوحدة الوطنية، ومشيرًا
الى ان الكل يعترف بان زيادة وتغليط العقوبة هي رادع لكل مسيء، مضيفا «ومن وجهة
نظري ان العقوبة ليست الحل في معالجة التغريدات المسيئة، وأن نشر ثقافة التسامح
والتغاضي عن مشاكلنا الحياتية واليومية بشيء من النضج والاحترام للآخر» بدلاً من
الفجر في التخاصم والاساءة باستخدام الفاظ وتعبيرات وتصرفات مسيئة.
وحمل الفرحان المجتمع المدني والجهات المعنية وذات العلاقة والمؤسسات التربوية
والتعليمية والإعلامية والدينية مسؤولية التغريدات المسيئة، معتبرًا انها ثقافة
المجتمع ومسؤولية مجتمعية مشتركة، مشيرًا الى ان هناك احيانًا يسيء رجل دين فما
بالك بالرجل العادي وماذا تنتظر منه؟
واوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي اصبحت منبرًا لكل من يخالف الآخر من اجل الحضور
والظهور الاعلامي اذن هي عملية ثقافة، مشيرًا الى ضروه بحث الى اي مدى أسهمت الجهات
الإعلامية سواء الرسمية او غير الرسمية في التصدي لهذا الانجراف في الفكر، والتأكيد
على مسؤولية الكلمة للمغردين سواء كانت ايجابية او سلبية.
وأكد الفرحان ان التغريدات على تويتر وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي هي ثقافة
جديدة تواجه مجتمعاتنا بشكل مخيف، مؤكدًا ان تشديد وتغليظ العقوبة للمسيء في
التغريد هي احدى الوسائل وليست كلها، ومطالبًا بضرورة تدخل المثقفين الجادين في نشر
ثقافة التسامح بين شرائح المجتمع بالتعاون مع المؤسسات المعنية.
عادل: منصات الإعلام الاجتماعي تحوّلت منابر للشتم
ومن جانبه أكد استاذ القانون العام المساعد بكلية الحقوق جامعة البحرين د. بدر محمد
عادل: أن حرية الراي والتعبير مكفولة وفقا لنص المادة 23 من الدستور البحريني سواء
كان بالقول او بالكتابة او غيرهما، والمقصود بحرية التعبير هنا هي حرية التعبير
الموضوعية والمقيدة وبضوابط ينص عليها القانون، وايضا بعدم المساس بأساس العقيدة
الاسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة والطائفية وفقا للدستور، وهذا ما اكدت
عليه المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق
المدنية والسياسية التي انضمت اليها البحرين بموجب القانون رقم 56 لسنة 2006.
وتابع: والمسؤولية منصوص عليها في قانون العقوبات البحريني رقم 15 لسنة 1976، حيث
جرم هذه الافعال في الكثير من نصوصه منها نص المادة 209 وعقوبتها الحبس مدة لا تزيد
عن ستة شهور او غرامة لا تتجاوز 50 دينارًا لكل من تسبب في ازعاج غيره بإساءة
استعمال مواصلات واجهزة سلكية ولا سلكية، وكذلك الفقرة الاولى من المادة 364 من ذات
قانون العقوبات البحريني والتي نصت على الحبس مدة لا تزيد عن عامين او الغرامة التي
لا تتجاوز 200 دينار من اسند الى غيره بإحدى الطرق العلنية والتي هي من خلال» وسائل
التواصل الاجتماعي واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للازدراء او للعقاب او أي كلام
يسيء الى الشخص.
وزاد: كما نص قانون العقوبات البحريني بالجرائم التي تمس أمن الدولة الخارجي
والداخلي منها نص المادة رقم 143 والتي نصت بالحبس لمدة لا تزيد عن ثلاثة شهور او
بالغرامة التي لا تقل عن 100 دينار او بإحدى العقوبتين لكل من اذاع عمدا اخبارا او
بيانات او إشاعات كاذبة او مغرضة حول الاوضاع الداخلية للدولة، وكان من شأن ذلك
اضعاف الثقة المالية بالدولة او النيل من هيبتها او من شأن الاضرار بالمصالح
القومية.
واضاف: كما نص على مادتي رقمي 168 و172 والتي اكدت على عقوبة مدة لا تزيد عن عامين
وبغرامة 200 دينار لكل من يذيع اخبارًا او بيانات او اشاعات كاذبة او مغرضة او بث
دعاية من شانها الاضرار بالأمن لعام او إلقاء الرعب بالناس والحاق الضرر بالمصلحة
العامة.
واشار عادل الى أن هناك جرائم تقنية المعلومات «الجريمة الإلكترونية» ولها شقّان
الاول شق الجاني «الشخص المسيء» وأداة الجريمة هي الحاسوب والبرنامج المستخدم وهو
ما نسميه وسيلة تقنية المعلومات ونظام تقنية المعلومات، مضيفًا «والجزء الثاني
يتعلق بقانون العقوبات البحريني، ولذلك عندما صدر القانون رقم 60 لسنة 2014
والمتعلق بجرائم تقنية المعلومات حيث يتعلق بالجرائم التي تمارس من خلال الحاسوب او
الشبكة الالكترونية او أي من أجهزة الاتصال، بحيث يكون الحاسوب عبر شبكة الاتصال هو
مكان وقوع الجريمة مصدر الفضاء الالكتروني.
كما طالب بضرورة إعادة تنقيح وتعديل بعض النصوص في قانون العقوبات خصوصًا مسألة
العلانية وهل تعتبر بالفعل علانية كما نصت عليها المادة 90 وتغليظ العقوبة للمسيئين
في التغريدات والتي تخرج عبر وسائل الفضاء الإلكتروني باعتبارهم اساءوا استخدام
وسائل التواصل الاجتماعي بل تحولت منصات التغريدات الى منابر للشتم والسب والقذف
مما يهدد أمن المجتمع والاقتصاد ويعكر السلم العام، لافتًا الى أن النصوص القانونية
وضعت قبل هذه الطفرة في التكنولوجيا.
وثمّن عادل مجهودات ادارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية، حيث تقوم
بدور كبير بما لها من خبرة ومن تقنيات تملكها وكفاءات في هذا المجال، مشيرًا الى
انها احالت الكثير من الشكاوى الى النيابة العامة، ومتوقعًا ان تقل التغريدات
المسيئة في المستقبل.
وعن مسؤولية كل مغرد على تويتر او وسائل التواصل الاجتماعي أكد المستشار عبدالجبار
الطيب رئيس جمعية الحقوقيين البحرينية: أن هنالك عدة أنواع من المسؤولية فمنها
مسؤولية قانونية وهي التي تتعلق بأن لا يكون في التغريدات والآراء ما يشكل جريمة
جنائية عموما وتحديدا جرائم السب والقذف، وأيضا ان لا يكون فيما يغرد به كون
التغريد نوعا من إبداء الرأي والتعبير بما يمس وحدة الشعب او يثير الفرقة او
الطائفية او يمس ذات جلالة الملك لأن ذاته مصونة لا تمس بنص الدستور، اما المسؤولية
الاخرى فهي مجتمعية وتستهدف ضرورة ان يراعي فيها من يكتب ان يكون هادفًا ومحققًا
لمنفعة للمجتمع، اما المسؤولية الاخيرة في رأيي فهي أخلاقية وهي جزء من النظام
العام في الدولة بأن يسعى المجتمع عن طريق جميع تفاعلاته بأن يحافظ على العادات
والتقاليد وثقافة الشعب.
وحول العقوبات المنصوص عليها في القانون لمثل هذه الحالات اشار الطيب الى أنه توجد
عقوبات كثيرة لتعدد انواع الجرائم ومنها السب والقذف والتشهير وإفشاء المعلومات
ونشر معلومات تمس عدوانًا وتعديًا سلطات الدولة او هيبة الدولة او تؤثر في الحالة
الاقتصادية كأن تصدر اشاعة كاذبة تؤثر على التداول في البورصة مثلاً، والعقوبات
تتراوح عادة ما بين الحبس مدة لا تزيد عن 3 سنوات في الجنح والسجن مدة لا تزيد 7
سنوات وهذا وفق متابعاتنا لأحكام القضاء.
وردًّا على سؤال حول حاجة القانون الحالي إلى تعديل وتطوير لمواكبة المتغيرات
بالنسبة لاستخدامات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تحفظ بقوله شخصيًا لا أرى
حاجة لتعديل قانوني ولكنني أرى ضرورة تطبيق وإنفاذ العقوبات الموجودة وتكثيف دور
وزارة الداخلية في التحري عن ما يمس النظام العام في الدولة، مشددا أن قانون
العقوبات البحريني رادع ولكن هنالك حاجة لتحريات تلقائية من الجهات الأمنية وليس في
ذلك ما يمس حرية التعبير ما دام من يعبر يعبر عن رأيه بمسؤولية ويعلم ان حقه في
التعبير مرهون بعدة ضوابط نصت عليه الاتفاقيات الدولية كالعهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية حيث تعد من اهم الضوابط عدم مخالفة نصوص القانون في الدولة وان
لا تمس حقوق وحريات الأفراد وان لا تمس النظام العام في الدولة.
وبشأن امكانية زيادة ظاهرة التغريدات المسيئة مستقبلاً قال الطيب تزيد التغريدات
المسيئة في حالات الازمات عادة ولكن ذلك ليس مبررًا لذلك، معتقدًا أن نشر ثقافة
الكلمة المسؤولة عن طريق الصحافة ووزارة الاعلام ووزارة الشباب سيكون له دور في
انخفاض التغريدات المسيئة والمخالفة.
الدستور وفقا لأخر تعديل -
دستور مملكة البحرين
قانون رقم
(60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات
المرسوم بقانون وفقا لأخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (46)
لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
المرسوم بقانون وفقا لأخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (15)
لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات
الشورى يمرر قانون العقوبات البديلة.. ووزير العدل يؤكد أنه
يحقق الردع اللازم