جريدة أخبار الخليج العدد
: ١٤٦٨١ - الأحد ٠٣ يونيو ٢٠١٨ م، الموافق ١٨ رمضان ١٤٣٩هـ
النائـب د. عيسى تــركــي: مشـروع قــانون التقــاعد يحتـوي عــــلى شبهـــة عـــدم
الدستوريـــة لمســـاسه بجـــوهــر الحــق
قال النائب د. عيسى تركي عضو اللجنة التشريعية بمجلس
النواب إن التقاعد يعد من المفاهيم الحديثة، وجزءا من فلسفة الضمان الاجتماعي التي
تعمل جميع الدول المتحضرة على توفيرها لمواطنيها لكونها ضرورة لضمان الأمن
الاجتماعي والاقتصادي والإنمائي، ومطلبا إنسانيا ذا بعد حقوقي.
وقد حرصت أغلب الدساتير على تضمينه وهذا ما سار عليه النهج في الدستور البحريني إذ
تضمن الدستور مع صدوره في عام 1973 وأيضا مع تعديلاته في عام 2002 على هذا الحق
وعده من «المقومات الأساسية للمجتمع» إذ نص في المادة «5/ج» على ان (تكفل الدولة
تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين.. كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي
والرعاية الصحية، وتعمل على وقايتهم من براثن الجهل والخوف والفاقة).
ولذا حرص المشرع الدستوري على وضع ضمانة دستورية إضافية لهذا الحق من خلال ضرورة أن
يكون تنظيم شؤون المعاشات والتعويضات والإعانات من خلال القانون أي تحت رقابة
وصلاحية السلطة التشريعية وهذا ما نصت عليه المادة «119» من الدستور (ينظم القانون
شؤون المرتبات والمعاشات والتعويضات والإعانات والمكافآت..). وبالتالي فإن أي مشروع
قانون يتجه إلى تنظيم العناصر الأساسية وأركان شؤون التأمين الاجتماعي كتحديد نسبة
اشتراكات التقاعد وتحديد مدة احتساب تسوية المعاش ومدة استحقاق المعاش وغيرها من
الأمور الأساسية من خلال تفويض مطلق وعام للسلطة التنفيذية لتنظيمها بأداة اقل من
القانون يكون عرضة لشبهة عدم الدستورية لمساسه بجوهر الحق.
كما أن الأصل في النصوص الدستورية أنها تمثل القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام
الحكم في الدولة وهي باعتبارها كذلك تتبوأ مقام الصدارة بين قواعد النظام العام
التي يتعين احترامها والعمل بموجبها باعتبارها أسمى القواعد للتخرج ولحقها بالنزول
على أحكامها. وإذا كان الدستور قد حدد لكل سلطة عامة وظائفها الأصلية وما تباشره من
اعمال، وحيث ان الدستور اختص السلطة التشريعية بسن القوانين وفقا لأحكامه فقد نص في
المادة «70» بأنه (لا يصدر القانون إلا إذا أقره كل من مجلسي الشورى والنواب أو
المجلس الوطني بحسب الأحوال، وصدق عليه جلالة الملك).
وكذلك ما أكدته المادة «32» من الدستور أنه «يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات
التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي من
السلطات الثلاث التنازل لغيرها عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا
الدستور، وإنما يجوز التفويض التشريعي المحدد بفترة معينة وبموضوع أو موضوعات معينة..)،
وبذلك فقد أجاز الدستور التفويض ولكن بضوابط من أهمها إلا ينطوي التفويض على نقل
الولاية التشريعية بأكملها أو في جوانبها الأكثر أهمية من الهيئة النيابية إلى
السلطة التنفيذية، وأن يكون التفويض «موقوتًا بميعاد معلوم» محددا سلفا أو قابلا
للتعيين كي يمثل هذا الميعاد حدا زمنيا لا يجوز أن تتخطاه السلطة التنفيذية في
ممارستها لاختصاصها الاستثنائي وإلا انطوى عملها على اقتحام للولاية التشريعية التي
جعل الدستور زمام إقرار القوانين وتعديلها وإلغائها بيدها- رقيبا على مجاوزة السلطة
التنفيذية لحدود التفويض أو التزامها بأبعاده..- هذا ما أكدته المحكمة الدستورية
العليا المصرية لعام 1992، وحيث إن متى ما تقدم وكان مشروع قانون تعديل قانون
التقاعد ينال أكثر المواضيع أهمية في تنظيم التقاعد التي سبق ان بيناها، ولم يحدد
هذا التفويض بفترة زمنية محددة يكون ذا شبهة عدم الدستورية.
ومن المسلم به أن السلطة التنفيذية تصدر الأنظمة التي تحدد المركز القانوني للموظف
بدءا من القواعد التي تحكم تعيينه بالوظيفة العامة وانتهاء بالكيفية التي تنتهي
فيها وظيفته، فهناك رابط بين الراتب والموظف، فإذا ما انقضت هذه العلاقة الوظيفية
بالتقاعد أو الوفاة أو بغير ذلك بعد أن كان قد تفرغ مدة طويلة لتلك الوظيفة من دون
أي عمل آخر خلالها، ولكونه أصبح عاجزا عن العمل بعد انتهاء خدمته، فقد خصه المشرع
بمعاش تقاعدي لسد حاجته وحاجة أسرته، وتنظيم شؤون هذا المعاش التقاعدي لا تنفرد به
السلطة التنفيذية لكونه لم يعد يرتبط بالوظيفة ولا بالسلطة التنفيذية بل أصبح يكيف
بأنه «تأمين اجتماعي» أو «معاش تقاعدي» يجب أن يكون تحت حماية وضمان السلطة
التشريعية وهذا ما يؤكده حكم المادة «119» من الدستور وبالتالي فإن التنازل عن
حمايته من قبل السلطة التشريعية وجعل تنظيمه بيد السلطة التنفيذية يعد تغولا
وافتئاتا على صلاحية السلطة التشريعية ويكون ذات شبهة عدم الدستورية.
إن هذا المشروع يلغي أساس قانون قائم من 90 مادة استقرت أوضاع المراكز القانونية
للموظفين والمتقاعدين عليه ليجعل جوهر وأساس تنظيمها بقرارات لها قوة القانون خارجة
عن رقابة وسلطة التشريعية وهذا هو انتقاص من مفهوم دولة المؤسسات والقانون.
بكل تأكيد أن الجميع يتفق على ضرورة معالجة الجانب المالي لصناديق التقاعد
والمحافظة على مدخرات الموظفين، وأن الحل الحقيقي والمجدي لا يكون من خلال هذه
المشاريع بقانون وإنما بالشفافية والمكاشفة وبالإدارة الرشيدة والمهنية لاستثمارات
هذه الصناديق، وعدم هدر هذه المدخرات.
إن طرح هذا المشروع بهذه الأداة وفي هذا التوقيت بالذات لا يعزز من دور السلطة
التشريعية وخاصة مجلس النواب ولا يضمن للمواطن تقاعدا يحافظ على كرامته واستقراره
الوظيفي وأمنه الاجتماعي.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
القانون وفقاً لآخر تعديل- قانون
رقم (3) لسنة 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي
المرسوم بقانون وفقا لآخر تعديل -
مرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي