جريدة البلاد 6 المحرم 1443هـ - 15 أغسطس 2021م
لترشح
كفاءات مالية وهندسية وقانونية بالانتخابات البلدية
القناعة التي لا لبس فيها هي أن المجالس
البلدية في مملكة البحرين رغم كونها تجربة رائدة إلا أنها فقدت
الكثير من بريقها بعد سلب البلديات استقلالها المالي والإداري، ورهن
قرارات المجلس لقلم الوزير المختص بشؤون البلديات، حتى زهد رئيس
مجلس بلدي في وضع برنامج انتخابي له؛ لأنه لا يرى جدوى من
قطع وعود لا يملك صلاحية تمكنه من الوفاء بها. تلك القناعة كانت
خلاصة تجربة أكثر من 10 سنوات من الخدمة البلدية عضوا ورئيساً
لرئيس مجلس المحرق البلدي غازي المرباطي الذي يحل ضيفا على
“البلاد” للحديث حول حصاد الأدوار التشريعية الماضية، ومناقشة مجموعة
من القضايا والتحديات والهموم البلدية. وفيما يأتي الجزء الأول من
الحوار مع المرباطي:
تجربة رائدة
كيف تقيم مسار التجربة البلدية بعد نحو 20 سنة على انطلاقها؟
- هذه التجربة تعد من التجارب الرائدة التي انطلقت مع المشروع
الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، حيث تعد أول مؤسسة خدمية منتخبة،
وكان الأمل أن تتطور هذه التجربة وتصبح لديها صلاحيات التقرير،
بدلا مما هو حاصل الآن من رهن جميع قرارات ومقترحات وتوصيات
المجلس بموافقة الوزير المختص بشؤون البلديات، وهو أمر له جوانب
سلبية وله جوانب إيجابية أيضا.
صحيح أن بعض التوصيات تعتريها عيوب قانونية، وتخالف سياسة الدولة
التنموية، وهنا يكمن أهمية اشتراط موافقة الحكومة ممثلة بالوزير
المختص، ولكن رهن جميع التوصيات والمقترحات بهذه الموافقة يبطل فعالية
البرنامج الانتخابي للعضو البلدي ويحد قدرته على الإنجاز.
كما كنا ننادي بضرورة استقلال الهيئات البلدية ماليا وإدارياً لتنعكس
إيرادات الهيئات البلدية كخدمات على المواطنين الذين هم مصدر هذه
الإيرادات، ولكن المعمول به حاليا أن تحول جميع الإيرادات لصندوق
مشترك ومن ثم توزع ضمن سياسة معينة تراها الحكومة، ويتم ذلك
حتى دون مشورة المجالس البلدية ومجلس أمانة العاصمة.
تجربة المجالس البلدية دون شك إيجابية ورائدة، إلا أنها بحاجة إلى
إصلاح، وتحويل هذه السنوات إلى مرحلة متقدمة من خلال منح المجالس
بعض الصلاحيات للتقرير فيها وإحالتها للتنفيذ مباشرة من قبل الجهاز
التنفيذي، الذي يعد سلطة، ونظرا لأنه لا يصح وجود سلطتين في
مؤسسة واحدة، فإنه من المفترض أن يكون الجهاز التنفيذي تابع للمجلس
التنفيذي مع وضع الاعتبار أن تكون الأجهزة التنفيذية مستقلة ماليا
وإدارياً.
نهاية المطاف
ما الدور المتاح وفق القانون الحالي للمجالس البلدية في التقرير
بشأن الميزانية البلدية؟
- بطبيعة الحال الجهاز التنفيذي معني بإعداد مشروع الميزانية وعرضه
على المجلس البلدي؛ ليبدي ملاحظاته حول الميزانية، وله حق القبول
أو الرفض، ولكن هذا القرار في نهاية المطاف يرفع كتوصية للوزير
الذي له حق فرض الميزانية حتى لو رفضها المجلس، وبالتالي فإن
اليد الطولى للوزارة.
دخول الكفاءات
هل نستنتج من ذلك أن صلاحيات المجالس البلدية أصبحت مقتصرة على
الاقتراح وإبداء الرأي فقط؟ ألا يكبل ذلك العضو في أداء دوره
ووفائه بوعوده التي قطعها للناخبين؟
- نعم، وهذه الصلاحيات لا تختلف كثيرا عن صلاحيات وحقوق أي مواطن
عادي.
ولذلك أنا في جميع الانتخابات التي خضتها لم أطرح برنامجا انتخابيا،
وذلك حتى لا أقطع وعودا للناس تقف الآليات والصلاحيات المحدودة
للمجالس عائقا عن تحقيقها.
وبالرغم من هذه العيوب، إلا أننا نشجع أيضا على دخول الكفاءات
المتخصصة في الأمور المالية والهندسية والقانونية وغيرها، وذلك من
شأنه أن يدعم قوة أداء المجالس البلدية.
عاجز
إلى أي مدى تمنح الصلاحيات المحددة للعضو البلدي حاليا من القيام
بدور فعال في المجال الخدمي؟
للأسف الشديد أن الصلاحيات الموجودة حاليا أعطت انطباعا بأن المجلس
البلدي عاجز عن فعل أي شيء.
في نظري أن الجانب الإعلامي يلعب دورا كبيرا في دعم حل ومعالجة
الكثير من القضايا البلدية وهو ما ساهم في إنجاح أهداف المجالس
البلدية، حيث ساهم في إيصال المشكلات والقضايا إلى أصحاب القرار،
مما أدى إلى صدور القرارات التي تعالج تلك المشكلات والقضايا.
وسيلة ضغط
لكن ألا يعني ذلك أن المجلس من دون إعلام هو ضعيف وغير فعال
وغير مؤثر وغير منتج؟
- بالضبط، هذه هي الحقيقة التي أؤمن بها من خلال التجربة، فالمجالس
البلدية من دون الإعلام الداعم “لا تسوى شيء”.
أقول ذلك لأن الاختصاصات البلدية لا تتعدى كونها اقتراحات وتوصيات
مرتبطة بإرادة الوزير المختص بشؤون البلديات، ولذلك فإن الإعلام
يمثل وسيلة ضغط مهمة نحو تنفيذ تلك الاقتراحات والتوصيات، عبر
حشد وتوجيه الرأي العام بهذا الاتجاه، وهنا أتوجه بجزيل الشكر
لوسائل الإعلام التي ساعدت في إنجاح مراحل كبيرة من العمل البلدي
الحديث في البحرين.
إيرادات ضخمة
لنبتعد عن الجانب السلبي ونسلط الضوء على ما قدمه مجلس المحرق
البلدي خلال الأدوار الثلاثة المنصرمة، كيف تقيم هذه الفترة من
العمل البلدي؟
- دون شك، لا ننكر أن هناك مراحل مضيئة في العمل البلدي، وهناك
مراحل تفهمت فيها السلطة التنفيذية توصيات واقتراحات المجالس البلدية
واستجابت لها، ولكنها من حيث الكم قليلة ومحدودة جدا.
اليوم جميع محافظات البحرين تنعم بإيرادات بلدية ضخمة، وعليه فإن
البيئة مهيأة لأن تستفيد كل محافظة من إيراداتها، من خلال تخصيص
إيرادات كل محافظة لصالح المشاريع التنموية في المحافظة نفسها، ودعم
الاستقلال المالي والإداري للهيئات البلدية بمعية المجالس البلدية.
وأد المحاولات
هذا ينقلنا للسؤال حول، ما رؤيتكم لتطوير التجربة البلدية؟
- ببساطة، إعادة النظر في الاختصاصات بحيث تصبح تقريرية، وهناك
محاولات برلمانية في هذا السبيل إلا أنه تم وأدها، والأغرب من
ذلك أن هناك تحركات لنسف ما تبقى من استقلال مالي وإداري من
قبل النواب، وذلك من خلال اقتراح إدماج إيرادات الصندوق المشترك
للهيئات البلدية بالميزانية العامة.
هناك حاجة لتعديل التشريعات المنظمة للعمل البلدي من جهة، لاسيما
مع وجود رغبة سياسية واضحة وملموسة للاستجابة والتعاون مع المجالس
البلدية والأعضاء.
عائق المخاوف
لماذا لا نمنح الطرف الآخر الحق في مخاوفه من توسيع صلاحيات
المجالس البلدية وما سينتج عنها من مقترحات وتوصيات غير مدروسة
أو مخالفة للنظام والسياسة العامة؟
- نقدر هذه المخاوف، ولذلك أكدت على أن توسيع صلاحيات المجلس
يجب أن يكون مدروسا ولا يشمل جميع الصلاحيات، فمثلا بالإمكان الإبقاء
على صلاحية قرار إبرام العقود للجهاز التنفيذي وذلك لما يترتب
على هذه القرارات من التزامات مالية.
الإنسان لا يتعلم إن لم يخطئ، لا بأس أن نخوض التجربة، هذا
هو مجتمعنا، لا ينبغي أن نجعل من المخاوف عائقا أمام تطوير تجربتنا.
كثير من الدول العربية تتمتع فيها المجالس البلدية بصلاحيات تقريرية،
وأعتقد أن البحرين من أفضل الدول التي تتمتع بمميزات بيئية وجغرافية
وبنية تحتية تساعد على سلوك هذا الاتجاه.
لاحظ اليوم أن أكثر أعضاء المجالس البلدية اتجهوا لوسائل التواصل
الاجتماعي لإيصال صوتهم، وهذا يعكس أن الصلاحيات المتاحة للأعضاء
غير كافية وغير ملائمة وتحتاج للتطوير.
دور الحصاد
بدأتم الفصل التشريعي الحالي بنظام الإدارة بالأهداف، وحددتم هدفا
لكل دور تشريعي، فما هو هدفكم للدور المقبل، وماذا ينتظر المحرق
من مشاريع وخدمات بلدية؟
- بلاشك أن الدور الأخير دائما ما يكون دور الإنجازات والحصاد،
إلا أن هذا الفصل التشريعي مر بظروف استثنائية نتيجة تفشي جائحة
كورونا، وهو ما أثر على العمل البلدي، من خلال توقف الكثير
من الخطط والبرامج، إلى جانب ترشيد الميزانيات.
ومع تلك الظروف الاستثنائية إلا أن هناك بعض الإنجازات التي
تحققت، وننتظر خلال الدور المقبل حصاد متابعات الأدوار السابقة،
فعلى سبيل المثال نحن موعودون باستكمال المرحلة الثانية من
ساحل البسيتين، وإنشاء بعض المماشي في عراد وبعض المناطق
الأخرى، إلى جانب إقامة بعض الحدائق التي أرى ضرورة الاكتفاء
بما هو موجود منها، حيث أصبحت تشكل عبئا على الوزارة.
ولا ننسى أن العمل البلدي هو عمل تراكمي، والمجلس الحالي يسعى
أن يحقق ما لم يتمكن من تحقيقه المجالس السابقة ويبني على
ما تحقق من إنجازات.
تواصل دائم
كيف تصف عملية التنسيق بينكم وبين المجالس البلدية الأخرى؟
- العلاقة ممتازة جدا، وهناك اجتماعات تنسيقية كثيرة تجري بين
لجان المجالس البلدية.
ومن أبرز نتائج التنسيق المشترك بين المجالس البلدية ومجلس
أمانة العاصمة هو مناقشة وتوحيد رؤى المجالس البلدية بشأن
التعديلات المقترحة على الاشتراطات التنظيمية للتعمير المطبقة على
المشاريع الإسكانية.
إضافة لذلك، فإن رؤساء المجالس البلدية على تواصل دائم، ونلمس
من الجميع رغبتهم للعمل والإنجاز.
الدستور
وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
قرار وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف رقم 80 لسنة 2018 بتشكيل لجان الإشراف
على الانتخاب أعضاء المجالس البلدية
القرار وفقا لآخر تعديل – قرار وزارة شئون البلديات والزراعة رقم (77) لسنة 2006
بشأن تنظيم الدعاية
الانتخابية
لانتخابات أعضاء مجلس النواب والمجالس البلدية