جريدة أخبار
الخليج العدد : ١٦٠٣٩ - الأحد ٢٠ فبراير ٢٠٢٢ م، الموافق ١٩ رجب ١٤٤٣هـ
حقوق المتقاعدين وذكرى الميثاق
احتفلت مملكة البحرين في الرابع عشر من
فبراير بذكرى مُضي واحد وعشرين عاماً على توافق قيادة مملكة البحرين
وشعبها على ميثاق العمل الوطني عام 2001 بنسبة تصويت بلغت
98.4% من مجموع أصوات المؤهلين للتصويت آنذاك، ما يُعدّ إجماعاً
شعبياً على ما تضمنه الميثاق من مواد عكست رؤية جلالة الملك
للمملكة كدولة عصرية، وطموحاته حول مستقبلها، ومن أبرز مظاهر الاحتفال
الذي نظمته مؤسسات المجتمع المدني احتفالية مركز عبدالرحمن كانو
الثقافي على مدى يومين متتاليين بهذه المناسبة الوطنية المجيدة.
وسأشارككم في هذا المقال معلومة مهمة اكتسبتها منها.
فقد خُصصت الليلة الأولى من الاحتفالية لحوار فكري مع الأستاذ نبيل
بن يعقوب الحمر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام، حيث رُويت تفاصيل
تاريخية عن فكرة الميثاق التي خامرت ذهن جلالة الملك كجسر للعبور
نحو المشروع الإصلاحي لجلالته، والتي تم طرحها للاستفتاء الشعبي
ليعبّر من خلاها الشعب البحريني عن مدى قبوله أو رفضه لمسودة
ميثاق العمل الوطني، وما لا أعلمه وربما لا يعلمه الكثير من
العامة هو أن الفكرة الأولى لإقرار الميثاق لم تكن عن طريق الاستفتاء
الشعبي، بل طُرحت أمام جلالته فكرة أن يكون إقراره من خلال لجنة
تُمثل أطياف الشعب البحريني، إلا أن جلالته فاجأ الجميع بفكرته
حول إشراك الشعب في القرار بطرح المشروع للاستفتاء الشعبي، وقد
جاءت تلك الخطوة إيذاناً بإطلاق الحريات السياسية في العهد الزاهر
لجلالته، تلتها خطوات يعلمها الجميع.
وحيث إن الحق في العمل يُعدّ من الحقوق الأساسية اللازمة لبقاء
الإنسان وبقاء أسرته وتحقيق الكرامة الإنسانية وبناء المجتمعات، وتُعدّ
الوظائف العامة وفقاً لنص المادة (16) من دستور مملكة البحرين
المعدل 2002 خدمة وطنية تناط بالقائمين بها، ويستهدف موظفو الدولة
في أداء وظائفهم المصلحة العامة، ولا يولى الأجانب الوظائف العامة
إلا في الأحوال التي يبينها القانون، وبناء عليه فإن تقلّد الوظائف
العامة يُصنّف من الحقوق المدنية والسياسية المكفولة للمواطنين من
حيث الأصل، كما تكفل الدولة تحقيق الضمان الاجتماعي اللازم للمواطنين
في حالة الشيخوخة أو العجز عن العمل أو اليتم أو الترمل أو
البطالة، كما تؤمن لهم خدمات التأمين الاجتماعي... الخ نص الفقرة
سادساً من ميثاق العمل الوطني والفقرة (ج) من المادة (5) من
الدستور.
وقد تطرقت في مقالي السابق بصورة عامة إلى أحكام مشروع القانون
بتعديل قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي الحكومة، الذي
بات يقضّ مضاجع كل من العاملين في الوظائف العامة والمتقاعدين
على حدّ سواء، وقد أفرز حراكاً شعبياً يطالب الحكومة من جانب
بعدم تحميل الموظف عبء ضمان استدامة الصناديق التقاعدية والتأمينية،
ويطالب السلطة التشريعية من الجانب الآخر بعدم التصويت على قبول
المشروع، وهو حراك ضجّت به وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات
المختلفة أو المقالات الصحفية.
ومما لمسته بشكل مباشر من خلال الاتصالات أو الرسائل التي تلقيتها
حول هذا الموضوع أن المتقاعدين والموظفين يتطلعون إلى القيادة، ويحدوهم
الأمل في قرار مُعجزي يكون لهم طوق نجاة من القلق الذي تسبب
به لهم مشروع القانون، وفي رأيي أنه من يطلع على رؤية جلالة
الملك المتقدمة والتي خرجت عن المألوف وفاجأت مستشاري جلالته قبل
عقدين من الزمن، عند انتقائه آلية التصويت على ميثاق العمل الوطني،
فإن آفاق الأمل تبقى دائماً مُشرعة أمامه، لأن من وضع الشعب
نصب عينه في قرار مصيري يتعلق بكينونة الدولة، فإنه سيقف حتماً
مع هذا الشعب ويزيح عنه ما يقلقه ويضمن تحقيق الرخاء للمواطنين
وبثّ روح الاطمئنان في حياة الأفراد والجماعة باعتبارها أهدافا مهمة
أكّدها دستور مملكة البحرين وأقرّها، ففي البحرين وقيادتها وشعبها
خير كثير.
ولعل من المفارقات الغريبة أنني أثناء كتابة هذا المقال وصل إلي
عبر الواتساب مسألة حسابية لرواتب المتقاعدين في المستقبل -من تبلغ
رواتبهم 800 دينار عند التقاعد أنموذجاً-، وهي مجهولة المصدر لكن
نتائج الحسابات -وفقاً للتعديلات المقترحة- صحيحة ومُحزنة في الوقت
ذاته، ومن يدري لربما يُسهم ذلك في جعل الوظيفة العامة أحد خيارات
العمل المستبعدة لدى المواطن.
(جعلنا الله من «الذين هم لأماناتهــم وعهدهم راعون» كما وصفهم
في محكم الكتاب، وعليه سبحانه توكلنا، هو نعم المولى ونعم النصير)
*.
وكل عام ومملكة البحرين في تقدم ورخاء مدنيا وسياسيا واقتصاديا
واجتماعياً وثقافياً.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين الصادر
بتاريخ 14/ 2/ 2002
قانون رقم (7) لسنة 2006 بالتصديق على الميثاق
القانون وفقًا لآخر تعديل - قانون رقم (8) لسنة 2010 بالتصديق على الميثاق المعدل
لمنظمة المؤتمر الإسلامي
مرسوم رقم (80) لسنة 2012 بإنشاء وتنظيم صرح الميثاق الوطني