جريدة أخبار الخليج العدد
: ١٦١٩٣ - الأحد ٢٤ يوليو ٢٠٢٢ م، الموافق ٢٥ ذو الحجة ١٤٤٣هـ
محامون يطالبون بقانون يواكب تطورات المملكة التشريعية
18 ديسمبر 1980 هو تاريخ استبشر معه المحامون
في مملكة البحرين الخير بعد صدور قانون المحاماة الذي جاء الفصل
الأول منه متضمناً شروط ممارسة مهنة المحاماة، وجاء الفصل الثاني
لينظم الجدول العام للمحامين وإجراءات قيدهم والفصل الثالث تحدث
عن حقوق وواجبات المحامين، والفصل الرابع عالج كيفية تقدير اتعاب
المحامين، وفي الفصل الخامس المعونة القضائية، والفصل السادس والأخير
كان عن إجراءات التأديب.
إلا أنه وعلى مدار 42 عاما منذ صدور القانون لم يشهد أي تغيير
او تعديل ولم يحظ بحقه التشريعي من السلطة التشريعية حتى ظل
حبيسا في إدراجها عدة سنوات ينتظر الفرج، بعد أن أصبح عمر القانون
الحالي أكبر من 90% من نسبة العاملين في مهنة المحاماة ليستحق
معه إطلاق لقب القانون الأكثر جمودا، وخاصة في ظل التطور التشريعي
السريع للعديد من القوانين التي تسير في ركب التطور التشريعي في
المجال العدلي. وتزامنا مع لقاءات بدأت بين وزارة العدل وجمعية
المحامين انطلقت مطلع الشهر الحالي لمناقشة مشروع قانون المحاماة
الجديد أكد فيها ممثلو الجمعية مرئياتهم التي سبق تقديمها لمجلس
النواب وقدم ممثلو الجمعية مذكرة شارحة خمسة مبادئ أساسية تحتوي
على مقارنة بقوانين بعض الدول الشقيقة لتضمينها مشروع القانون وهي:
قيد المحامين وتجديد القيد لدى الجمعية، وحصر رفع بعض الدعاوى
على المحامين، وحصر إنابة أقارب المتقاضين في الدعاوى المصرح بحضورها
شخصيًا على أقارب الدرجة الثالثة، ووجوب تعيين محامين للشركات المساهمة
وذات المسؤولية المحدودة، ووجوب إنجاز العقود لمبلغ معين والنظام
الأساسي للشركات وعقود التأسيس بواسطة محام، حيث تم الاتفاق على
إعادة طرح مرئيات الجمعية بعد الحصول على تقرير اللجنة التشريعية
بمجلس النواب على أن يعاد الاجتماع بين الجمعية والوزارة في وقت
لاحق.
«أخبار الخليج» استطلعت آراء بعض المحامين واستمعت لمرئياتهم حول
ما يجب النظر إليه في القانون الجديد، وخاصة بعد تغير المنظومات
في الدول وتغير الأداء التقليدي لأجهزتها في مختلف القطاعات، وهجرة
النظريات والقواعد القانونية التقليدية بما فيها القانون الدولي، حيث
أشار المحامون إلى أن قطاع المحاماة تم تدويله عالميا من خلال
اتفاقية الخدمات بمنظمة التجارة العالمية والخطوات التي جعلت مهنة
المحاماة ذات أبعاد جديدة جعل منها قطاعا يستوجب تنظيمه بما يتلاءم
مع أدوات ومتغيرات العصر من حيث المضمون والأداء والقواعد التي
تحكمه ليواكب مع تطلعات المملكة وأهداف الرؤية الوطنية المستقبلية.
تحول رقمي
في البدايةقال المحامي والمحكم الدولي د. محمد رضا بو حسين إن
التحول الرقمي بمملكة البحرين أحد أبرز المبادرات الرئيسية لتوجيهات
جلالة الملك، حيث دعا إلى تبني الاقتصاد الرقمي في كل مفاصل
الإدارة والمجتمع البحريني، ودعوته الحكومة إلى وضع خطة وطنية شاملة
تؤمن الاستعداد الكامل للتعامل مع متطلبات الدولة الرقمية، ووضع
الأنظمة والتشريعات اللازمة لها، كما أن العهد الجديد في ظل حكومة
سمو ولي العهد رئيس الوزراء يتميز بالعمل على إنشاء الوزارات الرقمية،
التشريعات الرقمية، الدبلوماسية الرقمية، الخدمات الرقمية لجميع قطاعات
الدولة، بما في ذلك السيادة الرقمية التي ستكون لها مكانة قانونية
مؤثرة وخاصة بالمستقبل في المجتمع الدولي.
وأضاف أنه نظرا إلى كون قطاع المحاماة من القطاعات المهمة، فإن
الانتقال به من الممارسة التقليدية إلى الرقمية يستدعي بالضرورة
تغييرا جذريا لقانون المحاماة وتحديثه، وخاصة أن التحول الرقمي فرض
على قطاع المحاماة أهمية تحديث الوسائل التي يستخدمها في أداء
مهامه، وتحكمه في التقنيات والآليات التكنولوجية المبتكرة وتمكنه من
خلالها أداء اعمال وخدمات أكثر دقة وسرعة، وجميع تلك العناصر بيئة
خارج القوالب التقليدية المألوفة التي نص عليها قانون المحاماة لسنة
1980، بل ما يعتبره هذا القانون محظورا أصبح بالفرض الواقعي Defacto
مباحا وضروريا.
وقال إن الحديث عن حدود تطوير قانون المحاماة، يقتضي منا الانطلاق
من التطورات الاقتصادية والسياسية والتكنولوجيا التي تستخدم في أداء
جميع الخدمات وظهور مفهوم العولمة بنشوء اقتصاد عالمي موحد لا
يعترف بالحدود الجغرافية، تلك التطورات دفعت للانتقال من نظام العدالة
والقانون التقليدي الى العدالة والقانون الرقمي المعتمد على تكنولوجيا
المعلومات والاتصال الرقمي في تحقيق الحصول على الخدمات القانونية
ولمرفق العدالة بوسائل وأدوات جديدة غير مألوفة في القواعد القانونية
والاجرائية، من خلال التقاضي الالكتروني والاعلان الالكتروني، ما حول
عمل المحامي من الممارسة التقليدية المنصوص عليها بالقانون الى ممارسة
عبر موقع ومنصة رقمية، وقد خلا التشريع بما فيها قانون المحاماة
من تحديد طبيعة هذا الموقع، وكيفية انشائه وضوابط استخدامه، وحدود
التعامل معه.
تلك التطورات يجب توظيفها في تطوير القطاع القانوني وإعادة صوغ
القوالب القانونية في ممارسة عمل المحاماة بضوابط ومهارات وقدرات
جديدة جنبًا إلى جنب مع التكنولوجيا، وتطوير منظومة قطاع المحاماة
سيؤدي حتما إلى ظهور تحديات جديدة ومسائل قانونية وتقنية وأخلاقية
يجب علينا كمحامين معالجتها من خلال قواعد قانونية تستوعب متغيرات
العصر وادواته.
فقد أدت تقنيات المعلومات والذكاء الاصطناعي في البيئة القانونية
وأتمتة العمليات القضائية إلى تغيير النظام البيئي القانوني في وقت
قصير جدًا، والقانون تأثر بالتقدم التكنولوجي وما يسمى بالثورة الرقمية،
جعل المحامي يضطر إلى تعديل ممارسته المهنية من حيث المضمون والشكل
والأداء، على سبيل المثال، أصبح عليه اعداد عقود الكترونية واستيعاب
قواعد التجارة الالكترونية والتحكيم الالكتروني وإجراء عمليات شراء
عبر الإنترنت أو التسجيل للحصول على خدمات معينة، ومن حيث الاداء
جعل من الممكن لنا مواصلة ممارستنا المهنية، خارج المكتب أينما
كنا، يمكننا الوصول إلى جهات الاتصال الخاصة بنا، وجدول الأعمال،
والوثائق، والملفات، والقوانين، والسوابق القضائية، والفقه القانوني
وغيرها من المعلومات الضرورية للعمل.
لا يمكننا أن نكون غافلين عن المسؤولية التي نتحملها كمحامين في
تقديم المشورة القانونية للمنصات أو الشركات الرقمية، ونماذج الأعمال
الجديدة التي تستخدم تقنيات المعلومات والتي تمثل تحديًا دائمًا
من الناحية القانونية. منصات مثل Facebook® وYoutube®و Twitter®خاضعة
للتنظيم الذاتي، نظرًا إلى عدم وجود قوانين أو معاهدات دولية سارية،
ولا تعترف هذه المنصات أو نماذج الأعمال بالحدود أو الجنسيات.
في ظل الطفرة النوعية وهجرة القوالب التقليدية، أصبح من الضروري
تغيير قانون المحاماة ليمكن المشتغلين في هذا القطاع مع العمل
في بيئة قانونية امنه توفر كل الضوابط للمحامي في أدائه لعمله،
فالمتغيرات الدولية في قطاع القانون وممارسة المحاماة والتحول الرقمي
والرؤى الوطنية المستقبلية 2030 يجب ان تكون المعايير والعناصر الأساسية
لتحديث قانون محاماة جديد يتلاءم مع تلك المتغيرات ويتوافق مع
الرؤية الوطنية.
حق تشريعي
فيما قال المحامي عبدالرحمن غنيم أن المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة
القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة
الدفاع عن الحقوق والحريات ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم
وأحكام القانون المنظم لعملهم ومن أجل ذلك، فان مهنة المحاماة
كغيرها من المهن الحرة متطورة بتطور الزمان والحياة الاجتماعية للمجتمع
وتدور في فلكه ومع هذا التطور يجب تعديل أحكام القانون المنظم
لعمل المحامي بحيث يتواكب مع التطورات التشريعية والاجتماعية في
المجتمع.
وأشار إلى أنه منذ 42 عاماً اي اكثر من أربعة عقود لم يحظ
قانون المحاماة بحقه التشريعي من السلطة التشريعية في إعادة النظر
فيه وتحديث نصوصه بما يتواكب مع التطور التشريعي الهائل الذي لحق
بالمنظومة التشريعية البحرينية منذ تولي جلالة الملك المعظم حمد
بن عيسى بن سلمان آل خليفة مقاليد الحكم في عام 1999 وهي الفترة
التي شهدت تطورا دستوريا وتشريعيا عظيما خلال 22 عاماً في كل
مجالات الحياة، وخاصة المنظومة التشريعية حيث صدر قانون السلطة القضائية
وقانون الإجراءات الجنائية في عام 2002 فكان على السلطة التشريعية
في ذلك الوقت ان تكمل تطوير القانون المنظم لمهنة المحاماة الجناح
الثالث للعدالة ولكن على مر عشرين عاماً لم ينل قانون المحاماة
من مجلس النواب او مجلس الشورى سوى بعض المناقشات لمسودات طرحتها
السلطة التنفيذية لتعديل بعض احكام القانون وإلى يومنا هذا مازال
الصراع قائما بين نصوص التعديلات المطروحة من السلطة التنفيذية وبين
جمعية المحامين البحرينية من اجل اصدار قانون متكامل ينظم هذه
المهنة العظيمة الذي بدونها لا تكتمل المنظومة القضائية والعدلية
في أي وطن.
وقال: من أبرز ما يجب أن يتضمنه القانون الجديد من ملامح جوهرية،
أولاً: عدم صدور أي تعديل لقانون المحاماة إلا بعد اقراره والموافقة
عليه من جمعية المحامين البحرينية ممثلة في مجلس ادارتها، بعد
مناقشته وابداء رأيها فيه والأخذ بعين الاعتبار كل ما تم ابداؤه
منها في مشروع القانون الجديد.
ثانياً: يجب ان يتضمن مشروع القانون الجديد تنظيم عملية تدريب المحامين
وواجبات كل من المحامي المدرب والمحامي المتدرب، وتحديد أجره بما
يضمن له حياة كريمة ومنحه الحق في تولي القضايا لحساب نفسه وأتعابه
الخاصة في المحاكم المسموح له الحضور فيها خلال فترة التدريب.
ثالثاً: منح جمعية المحامين وضعها القانوني المعمول به في معظم
تشريعات العالم من كونها الجهة المنوط بها مسؤولية المحامين من
حيث انضمام كل المحامين المقيدين بالمهنة كأعضاء في الجمعية وإعطائها
النصيب الأكبر في إجراءات التأديب للمحامين، والفصل في منازعات تقدير
اتعاب المحاماة و دعمها مادياً من خلال ما يقضى به من أتعاب
محاماة في الاحكام القضائية وتحويلها من وزارة العدل إلى حساب
الجمعية حتى تستطيع الجمعية من خلال هذا المورد المالي وغيره من
الموارد المالية الأخرى التأمين على أعضائها من المحامين ضد المرض
والشيخوخة ومخاطر المهنة.