جريدة
البلاد 8 جمادى
الآخرة 1444هـ - 01 يناير 2023م
هل من
حق شركات الاتصالات مطالبة العملاء بمبالغ مالية بعد سنوات من قطع الخدمة؟
السؤال: ما رأيك القانوني بمطالبة شركات
الاتصالات العملاء بالمبالغ المالية بعد مرور سنوات من قطع الخدمة؟
أولًا: نوع العلاقة فيما بين العميل وشركة الاتصال علاقة تعاقدية؛
وفي ذلك نصت المادة رقم (١٢٨) من القانون المدني على أن
“العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز لأحدهما أن يستقل بنقضه أو
تعديل أحكامه إلا في حدود ما يسمح به الاتفاق أو يقضي به القانون”،
ما مفاده أنه يرتب العقد المتفق عليه بين أطرافه مسؤوليات والتزامات
متبادلة بينهم، فيجب على كل طرف الالتزام بما يرتبه على عاتقه
من مسؤوليات وإلا كان مخالفًا لأحكام العلاقة التعاقدية التي تتكون
أركانها من الخطأ العقدي والضرر والعلاقة السببية، فالخطأ العقدي
يتمثل في عدم قيام أحد الأطراف بتنفيذ الالتزام الذي يرتبه العقد،
فعدم تنفيذ هذا الالتزام العقدي يعتبر خطأ يرتب مسؤولية لا تدرأ
إلا بالسبب الأجنبي، والركن الثاني للمسؤولية العقدية هو ركن الضرر،
وهو ما يترتب على أحد الأطراف من أضرار نتيجة إخلال الطرف الآخر
بالتزامه، والركن الأخير هو العلاقة السببية وهي الرابط ما بين
الخطأ العقدي والضرر، بمعنى أنه يجب أن يكون الخطأ العقدي هو
السبب في الأضرار.
وبالتالي فإن ما يتعلق بموضوع الخدمة التي تزودها شركة الاتصالات
للعميل بموجب العقد تعتبر علاقة تعاقدية، وبالتالي فإن لكل من
الطرفين التزامات ومسؤوليات يرتبها ذلك العقد، فالتزام شركة الاتصالات
هو تزويد العميل بالخدمة المتفق والمتعاقد عليها مقابل أن يلتزم
العميل بدفع المبلغ المتفق عليه بموجب العقد فيما بين الطرفين،
وعليه فإن كانت شركة الاتصالات، حتى وإن طالبت العميل بالمبالغ
المالية المستحقة بعد مرور مدة زمنية من قطع الخدمة، فإنه لا
إشكال من تلك الناحية، خصوصًا أنها تكون مستحقة لتلك المبالغ طالما
زودت العميل بتلك الخدمة في تلك الفترة التي تطالب فيها الشركة
بالمبالغ المستحقة لها، وبالتالي فإنه يجب على العميل كذلك تنفيذ
الالتزام المتفق عليه طالما أن الشركة نفذت التزامها.
ثانيًا: الإشكال الذي يطرأ في تلك الأنواع من العقود (عقود شركات
الاتصالات)، وهو أنه عندما يتضمن العقد المبرم بين الشركة والعميل
بندًا من البنود التي يضطر من خلالها العميل إلى قبوله بسبب
حاجته لتلك الخدمة، وهو البند الذي ينص على فصل أو إنهاء الخدمة
بأن يلتزم العميل عندما يريد إنهاء العقد أو عندما يتم فصل الخدمة
قبل انتهاء تاريخ العقد بتحمل كل المبلغ عن المدة المتبقية لذلك
العقد، وهو ما يطلق عليه في القانون (عقود الإذعان)، وهي تلك
التي تحتوي على بنود تعسفية كهذا البند المتعلق بإنهاء الخدمة
أو فصل الخدمة قبل انتهاء تاريخ ومدة العقد، وفي تلك العقود
عادة تكون شركات الاتصالات هي الطرف الذي يفرض تلك الشروط دون
السماح للطرف الآخر، وهو العميل، بالتفاوض بشأنها، خصوصًا أن العميل
عادة ما يكون مضطرا للتوقيع على تلك الأنواع من العقود لحاجته
إلى الخدمة مثلًا لضرورتها، وتلك الأنواع من العقود عادة لا تراعي
حقوق الطرف الآخر، وهو العميل، أو رغبته في تعديل شرط من الشروط
أو تغييرها.
وبالتالي فإن توقيع العميل على ذلك العقد برضاه وبكامل إرادته يعتبر
بمثابة إقرار منه بتحمل ما ينتج من تخلف عن تنفيذ الالتزام الذي
يقع على عاتقه، لكن طالما كان العميل هو الطرف المذعن في تلك
العلاقة وشركة الاتصالات هي الطرف الذاعن فإن القانون لم يغفل
عن معالجة تلك المشكلة عندما يكون هناك إذعان في العقد من أحد
الأطراف للطرف الآخر في ظل وجود ذلك الإجحاف بحقه وعليه فقد
نصت المادة (٥٨) من القانون المدني على أنه: “إذا تم التعاقد
بطريق الإذعان، وكان قد تضمن شروطًا تعسفية، جاز للقاضي بناء على
طلب الطرف المذعن أن يعدل من هذه الشروط برفع ما فيها من إجحاف،
أو يعفيه كلية منها ولو ثبت علمه بها، وذلك كله وفقًا لما
تقتضيه العدالة ويقع باطلًا كل اتفاق على خلاف ذلك”.
كما نصت المادة (٥٩) من ذات القانون على أنه: “يفسر الشك دائمًا
في عقود الإذعان لمصلحة الطرف المذعن”، وبالتالي فإن القانون والمشرع
البحريني قد منح السلطة وأجاز للقضاء رفع ذلك الإجحاف عن الطرف
المذعن وتعديل العقد وفقًا لما يتوافق ويتناسب مع مصلحة جميع الأطراف.
المرسوم بقانون وفقاً لآخر تعديل- مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2002 بإصدار قانون
الاتصالات
المرسوم وفقًا لأخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (19) لسنة 2001 بإصدار القانون
المدني