جريدة
الايام 21 شعبان 1444هـ - 13 مارس 2023م
دعوة
جلالة الملك المعظم لإقرار اتفاقية دولية لتجريم خطابات الكراهية الدينية والطائفية
والعنصرية.. رؤية حكيمة لعالم أكثر سلامًا واستقرارًا
تجسد الدعوة التي أطلقها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد
بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لإقرار اتفاقية دولية لتجريم
خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية بجميع صورها، مدى ما يوليه جلالته من
اهتمام بكل ما يعزز التقارب بين الدول والشعوب والثقافات من أجل رفاهية وسلام
البشرية، وذلك برؤى حكيمة تؤمن وتدرك بأن السبيل لتحقيق ذلك هو التصدي لكل خطاب
يتنافى مع المرتكزات الإنسانية الراسخة التي تحض على الإخاء والتعايش.
وتتجلي أهمية دعوة جلالته، والتي تضمنتها كلمته السامية في افتتاح اجتماعات الجمعية
العامة للاتحاد البرلماني الدولي في دورتها السادسة والأربعين بعد المائة،
والمنعقدة بمملكة البحرين، إلى أن مقترح الاتفاقية الدولية لم يقتصر فقط على تجريم
خطابات الكراهية الدينية والطائفية والعنصرية، بل تعداها إلى تحليل أسباب القضية
ووضع الحلول لها من منبعها الرئيسي، حيث أكد جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه،
على ضرورة أن تتضمن الاتفاقية منع إساءة استغلال الحريات والمنصات الإعلامية
والرقمية في ازدراء الأديان أو التحريض على التعصب والتطرف والإرهاب، والعمل
الجماعي على نشر ثقافة السلام والتفاهم وقبول الآخر، وتعزيز عرى التآخي والصداقة
بين الأمم، وإدماج هذه القيم وتعميمها في المناهج التعليمية والأنشطة الدينية
والثقافية والرياضية، استرشادًا بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ودعوة
الأديان كافة إلى التسامح والمحبة.
وتمثل هذه الدعوة الملكية السامية إضافة جديدة في سجل مشرف من المبادرات والخطوات
الرائدة التي تعكس النهج الحكيم لجلالة الملك المعظم، في التأكيد على أهمية الإيمان
بثقافة الاختلاف واحترام الآخر والتعايش بسلام، والتي جعلت مملكة البحرين بقيادة
جلالته واحة للتسامح والتعايش والإخاء، وسبقتها العديد من المبادرات الرائدة الأخرى
ومنها: تدشين مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في
البحرين عام 2018م، وتدشين «كرسيّ جلالة الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش
السلمي» في جامعة سابيانزا الإيطالية بالعاصمة روما، وإطلاق مركز الملك حمد العالمي
للحوار بين الأديان والتعايش السلمي لبرنامج: (الملك حمد للإيمان - في القيادة)
بالتعاون مع جامعتي أوكسفورد وكامبريدج ببريطانيا.
وتضم المبادرات النبيلة لجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه أيضَا تأسيس برنامج «مركز
الملك حمد للسلام السيبراني لتعزيز التسامح والتعايش بين الشباب» في مدينة نيويورك
الأمريكية، و «وسام الملك حمد للتعايش السلمي»، وصولا إلى إطلاق «جائزة الملك حمد
للحوار والتعايش السلمي «، خلال افتتاح فعاليات ملتقى البحرين للحوار «الشرق والغرب
من أجل التعايش الإنساني» في نوفمبر 2022 أثناء فعاليات ملتقى البحرين للحوار «الشرق
والغرب من أجل التعايش الإنساني» بحضور قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، وفضيلة
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين.
وتميزت كلمة جلالة الملك المعظم خلال اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني
الدولي برؤية واقعية وشاملة حددت بدقة طبيعة التحديات التي تواجه المجتمع الدولي
وحجم الأخطار التي تواجهه إذا استمرت خطابات الكراهية هي السائدة وتواصلت الصراعات
التي تغذيها الأفكار والممارسات القائمة على نشر العنف والتطرف، في وقت يحتاج
العالم فيه أن يكون أكثر تنظيمًا واتحادًا لمواجهة أخطار حقيقية تمس حياته ومستقبله،
وهو ما يمكن قراءته في النقاط التالية:
أولا: ما نبه إليه جلالته بشأن خطورة الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم حاليًا
في ظل تنامي موجات الكراهية والعداوة والحروب والكوارث الطبيعية كالزلازل
والفيضانات، والأزمات المتعلقة بالتغيرات المناخية والأمن المائي والغذائي، وتفاقم
مخاطر التطرف والإرهاب، وهو الأمر الذي يتطلب بناء نظام سياسي وأمني واقتصادي عالمي
أكثر عدالة وإنصافًا وتضامنًا على أسس راسخة من الود والاحترام المتبادل والتعايش
السلمي والشراكة الدولية في حفظ الأمن والسلام الدوليين، ويرتكز على مبادئ ميثاق
الأمم المتحدة والقوانين الدولية.
ثانيًا: إيمان جلالة الملك المعظم بأن تحقيق الأمن والاستقرار العالمي والتصدي
لأفكار التطرف والتخريب ومواجهة الأزمات المستجدة هو مسئولية تتشارك فيها الحكومات
مع البرلمانات التي تمثل الشعوب، ومن هنا جاء تأكيد جلالته على أهمية دور
الدبلوماسية البرلمانية في التوعية وتشجيع التعاون وتبادل الخبرات بين البرلمانات
وتعزيز دورها في حث الحكومات على وضع وتنفيذ تدابير وإجراءات أكثر فاعلية وحرصاً
على أمن الإنسانية ورخائها.