جريدة أخبار الخليج
العدد : 16571 - الأحد ٠٦ أغسطس ٢٠٢٣ م، الموافق ١٩ محرّم ١٤٤٥هـ
السلمانية: مدة انتظار المواعيد
لا تتجــاوز 3 أشـــهـر فـقـط
استعرضنا في الجزء الأول من هذا الملف ملاحظات
وشكاوى مواطنين وأطباء بشأن تأخر مواعيد مستشفى السلمانية الطبي
لمدد وصفها البعض بغير المعقولة.. ولا المقبولة. حيث تصل إلى
عام ونصف العام في بعض الأحيان. الامر الذي يدفع الكثيرين
الى التوجه للطب الخاص وتكبد التكاليف العالية وفي كثير من
الأحيان الاقتراض لتوفير تكاليف العلاج. وشملت الملاحظات أيضا ما
يمكن اعتباره هجرة العقول من السلمانية الى القطاع الخاص. وكل
ذلك جعل السلمانية تواجه ما يراه البعض أزمة حقيقية.
ولكن مهلا.. من قال ان إدارة السلمانية تتحمل المسؤولية كاملة؟.
فبحسبة بسيطة، نجد ان عدد سكان البحرين في عام 2007 مثلا
كان 1.04 مليون نسمة. وكان عدد الاسرة في مجمع السلمانية
الطبي 930 سريرا (لم يتم زيادة أي سرير ما بين عامي
1996و2007). وفي 2003 بلغ عدد الأسرة 1233. وهنا نجد ان عدد
السكان ارتفع خلال تلك الفترة بنسبة 51%، فيما ارتفع عدد
الأسرّة في السلمانية بنسبة 32.6% فقط. وبالتالي من المتوقع
ان يحدث هذا الضغط الكبيرة على هذا المجمع الطبي العريق. مع
الإشارة الى أن مستشفى الملك حمد ومستشفيات الطب الخاص امتصت
نسبة كبيرة من الضغط، ولولا ذلك لكان الوضع أكثر سوءا.
من جانب آخر، تشير الاحصائيات الرسمية الى انه في عام 2010
كان نصيب كل عشرة الاف مواطن في البحرين 27.2 طبيبا،
و52.9 ممرض. وقد حاولنا الحصول على النسب المتعلقة بعام 2023
الا ان إدارة السلمانية اعتذرت عن توفيرها بتبرير ان هناك
اكثر من مستشفى حكومي وبالتالي ليس من (العدالة) حصر النسب
بالسلمانية!.
ملاحظات وشكاوى المواطنين التي نشرناها في الجزء الأول من
الملف، عرضناها على الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية الدكتور
احمد الانصاري، أملا في مناقشتها وتحليل ابعاد المشكلة. وقدمنا
عددا من التساؤلات المحورية، وقد استلمنا الردود التالية التي
نضعها بين يدي القارئ كما وردتنا من الرئيس العام للخدمات
الطبية للأقسام الباطنية الدكتورة رجاء اليوسف.
* وفقا لأحدث الاحصائيات، ما هي نسبة عدد الأطباء، والممرضين،
والأسرة في مجمع السلمانية الطبي مقارنة بعدد المواطنين (عدد
الأطباء وعدد الممرضين لكل عشرة الاف مواطن في البحرين)؟.
وكم عدد المرضى الذين يستقبلهم المستشفى سنويا؟.
** من أولويات المشاريع التطويرية بالمستشفيات الحكومية في مملكة
البحرين، لا سيما في مجمع السلمانية الطبي، هو مواصلة تحسين
وتعزيز مستوى الخدمات الصحية المقدمة لجميع المواطنين والمقيمين
من خلال طرح العديد من المبادرات الرائدة والكفيلة برفع نسبة
رضا متلقي الخدمة، كما ويتم الحرص على تكثيف الجهود في هذا
الإطار بما ينعكس على تعزيز قوة ومتانة القطاع الصحي في
المملكة.
كما وتقوم المستشفيات الحكومية بدور هام وحيوي في خدمة شريحة
كبيرة من المرضى من المواطنين والمقيمين، وتتميز بأفضل
الإمكانيات والقدرات المادية والبشرية، حيث يضم مجمع السلمانية
الطبي 1233 سريراً في مختلف التخصصات الطبية لتوفير خدمات
رعاية تخصصية ودقيقة، كما ويضم طاقم المستشفيات الحكومية ما
يقارب 5500 موظفاً يخدمون مختلف التخصصات.
كما وشهد المجمع العديد من مبادرات التطوير الهامة، ففي يناير
من العام الجاري تم افتتاح مشروع توسعة دائرة الحوادث والطوارئ
في مجمع السلمانية الطبي، حيث تشمل التوسعة رفع الطاقة
الاستيعابية للأسرة من 80 سريراً إلى 120 سريراً، وتشمل
التوسعة 7 غرف استشارة، و15 غرفة إنعاش، و5 غرف تصنيف إلى
جانب 3 غرف للمعالجة، كما تشمل التوسعة وحدة منفصلة للأطفال
ومنطقة انتظار تتسع إلى 120 شخصاً.
وقد استقبل مجمع السلمانية الطبي في العام 2022 493 ألفاً
و306 مريضاً في العيادات الخارجية، 311 ألفاً و326 مريضاً في
قسم الحوادث والطوارئ، كما استقبلت الأجنحة الداخلية للمستشفى 52
ألفاً و842 مريضاً، علماً بأن نسب العاملين الصحيين يتم
احتسابها مقارنةً بعدد السكان على مستوى الدول وليس المستشفيات،
حيث يتعين حساب جميع الأطباء والممرضين العاملين في مملكة
البحرين في القطاعين العام والخاص للحصول على مقارنة متكافئة
يمكن مقارنتها بدول الجوار أو بالنسب العالمية.
* منذ سنوات طويلة والشكاوى لا تتوقف من مشكلة تأخر المواعيد
ونقص الأسرة. وبالمقابل لا يمكن ان ننكر ان جهودكم لا تتوقف
هي الأخرى للتعامل مع الامر. أين المشكلة تحديدا في رأيكم؟
(في عام 2007 صرحت إدارة السلمانية بأننا سنلمس فارقا واضحا
في مشكلة المواعيد والأسرة خلال ثلاثة أشهر).
** تؤكد آخر الاحصائيات أن مدة الحصول على موعد اختياري هي
ثلاثة أشهر بينما كانت تصل لأكثر من ستة أشهر في السنوات
الماضية، كما طرأ تطور ملحوظ على مواعيد تخصص الغدد الصماء
وأمراض السكري، وكذلك الأمر لتخصصات الأمراض الروماتيزمية والأمراض
المعدية التي يصل معدل انتظارها إلى حوالي الشهرين، أما
التخصصات الجراحية كتخصص جراحة التجميل وجراحة المخ والأعصاب فقد
تراجعت المدة إلى ما يقارب الشهر في حين أنّ مدة انتظار
المواعيد تستغرق قرابة التسعة أسابيع وحتى أحد عشر أسبوعاً من
يوم التحويل حتى مقابلة الطبيب.
ولعل أبرز التحديات التي تواجه مجمع السلمانية الطبي، الزيادة
الملحوظة في عدد التحويلات التي تصل الى حوالي 10 آلاف مريض
في الشهر أي زيادة شهرية بما يقارب الـ3000 مريض منذ شهر
مارس من العام الماضي، كما أن عدم حضور المرضى لمواعيدهم
يشكل تحديا آخر، اذ تصل نسبة عدم الحضور للمواعيد 42% من
المواعيد المسجلة مما يسبب تأخيراً كبيراً على المرضى الآخرين.
وتعمل المستشفيات الحكومية على وضع نظام لتحويل الحالات وتصنيفها
من المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية وذلك باعتماد المستشفيات
الحكومية على معايير تصنيف عالمية ومتفق عليها بين مراكز
الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات الحكومية ويتم التدقيق بشكل
دوري لضمان تطبيق المعايير، ومنها خطة لزيادة عدد العيادات
الخارجية.
وقد تم تشكيل فريقين مختصين بالتصنيف ومتابعة وتسهيل أمور
المريض عند دخوله قسم الطوارئ، وفريق آخر مختص بمتابعة المريض
في حال المكوث في المستشفى (التنويم) وهما: فريق الرعاية
والدعم والفريق الاداري لتيسير حركة المرضى بقسم الحوادث و
الطوارئ.
وتشير الإحصائيات إلى أنّ معدل الوقت المستغرق في تصنيف المرضى
عند وصولهم الى قسم الحوادث والطوارئ من قبل طاقم التمريض 40
دقيقة واستشارة الطبيب إلى 90 دقيقة في 2019 ، فيما في
2023 وبعد التغييرات في قسم الطوارئ تشير الإحصائيات إلى أن
معدل الوقت المستغرق في تصنيف المرضى عند وصولهم إلى قسم
الحوادث والطوارئ من قبل طاقم التمريض 6 دقائق واستشارة الطبيب
إلى 20 دقيقة.
* هل ما نشهده من طوابير انتظار وتأخر في المواعيد التي قد
تصل الى أكثر من ستة اشهر وفي بعض الأحيان عاما كاملا
يعتبر امرا طبيعيا في مستشفى حكومي عام؟
** هناك تحديات عالمية عامة لمقدمي الخدمات الصحية بسبب
الازدياد المضطرد عالمياً في عدد السكان، وارتفاع متوسط عمر
الفرد، وذلك بسبب التقدم في أنواع العلاجات وأساليب التشخيص
والتطور العلمي والتقني الهائل.
أما بالنسبة لمعدلات الانتظار في مجمع السلمانية الطبي فتقع ضمن
المعدل العالمي في غالبية التخصصات، والتي تبلغ نحو 100 يوم،
والعمل جارٍ على تقليص قائمة الانتظار، وتبني الاستراتيجيات
الكفيلة بتطوير الخدمات في جميع المستشفيات الحكومية لاسيما
بمجمّع السلمانية الطبي، حيث تم تمديد أيام العمل إلى 6 أيام
في الأسبوع وتم تمديد أوقات العمل من الساعة الثانية ظهراً
وحتى السادسة مساءً، وذلك لخدمة أكبر عددٍ من المرضى وتقليص
قوائم الانتظار، وتم في شهر يونيو الماضي افتتاح مشروع توسعة
غرف العمليات والإفاقة بمجمع السلمانية الطبي، حيث تم زيادة
غرف العمليات من 13 إلى 17 غرفة لزيادة نسبة التشغيل بمعدل
33% لتخدم أكثر من 13 تخصصاً طبياً وتعمل على تقليل فترات
انتظار المرضى للعمليات، كما وتم إجراء 8585 عملية جراحية
بالإضافة إلى 1475 عملية إجراءات المناظير في الفترة من يناير
إلى يونيو 2023.
ومن ضمن المشاريع التي يجري العمل عليها تقليص فترة الانتظار
في قسم الأشعة، حيث تم تمديد فترات العمل من الثانية ظهراً
إلى 11 مساءً على مدار أيام الأسبوع، لتشمل مختلف أنواع
خدمات الأشعة المقدمة في مجمع السلمانية الطبي، ولا وجود لفترة
انتظار لأي حالة طارئة أو مستعجلة، والجدير بالذكر هنا أنه
تم إجراء 6088 فحصاً خلال شهر أبريل المنصرم.
* بعض الاطباء يؤكدون انهم يضعون ملاحظة تفيد بأن المريض
يحتاج الى موعد خلال شهر بحد اقصى نظرا لحالته الصحية.
ولكنهم يفاجئون بأن الموعد يكون بعد ستة أشهر. وهذا ما قد
ينعكس سلبا على الحالة الصحية للمريض. الا يعكس ذلك نوعا من
عدم التصنيف بين الحالات المستعجلة وغيرها؟
** تعمل المستشفيات الحكومية بنظام يفصل بين الحالات الطارئة
جداً والحالات الاعتيادية، حيث يكون للمرضى من التصنيف الأول
أولوية الحصول على المواعيد خلال يوم واحد وبحسب خطورة الحالة
والتخصص وفقاً للمعايير العالمية، بينما في الحالات الاعتيادية
التي ليس لها صفة الاستعجال فإن المعدل بين جميع التخصصات
الجراحية والباطنية قد ازداد بشكل بسيط خلال الأشهر الثلاثة
الأخيرة رغم كونه لا يزال منخفضاً حسب المعيار العالمي في
المستشفيات الحكومية.
* هجرة الأطباء المعروفين من السلمانية الى القطاع الخاص احدى
اكثر الشكاوى المتكررة من قبل المواطنين. كيف تنظرون الى هذه
المشكلة؟ خاصة وانه ليس كل المواطنين قادرون على تحمل أعباء
الطب الخاص.
** تستمر المستشفيات الحكومية في مبادرات التطوير والتحسين، وفي
مقدمتها الاهتمام بالكادر الطبي، حيث تم ترقية عدد من الأطباء
الأكفاء الذين اجتازوا البورد العربي أو البورد السعودي أو ما
يعادلهما وحصلوا على زمالة تخصصية وخبرة ما بعد التأهل،
بالإضافة إلى مواصلة ابتعاث الأطباء المؤهلين إلى الخارج للحصول
على زمالات في تخصصات دقيقة، حيث تم ابتعاث 62 طبيباً للتخصص
لاستكمال الزمالات المتقدمة خلال السنتين الماضيتين.