جريدة أخبار الخليج
العدد : 16627 - الأحد ٠١ أكتوبر ٢٠٢٣ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٥هـ
شركات التأمين
بين التحديات.. وشكاوى العملاء
في تقريره نصف السنوي الأخير، أشار مصرف البحرين المركزي إلى
أن إجمالي أقساط التأمين (التقليدي والتكافل) في سوق البحرين
خلال النصف الأول من هذا العام (2023) شهد نموا بنسبة 3.1%
ليبلغ 151.49 مليون دينار بحرينية مقارنة مع 146.86 مليونا
في ذات الفترة من العام المنصرم.
ولفت التقرير إلى ارتفاع أقساط التأمين الصحي من 46.78 مليون
دينار إلى 52.31 مليونا. كما ارتفع إجمالي الأقساط المحققة
في التأمين على السيارات بنسبة 8% ليصل إلى 38.89 مليون
دينار. وبنفس الوقت بلغ إجمالي الأقساط الخاصة بفروع التأمين
على الحياة 15.90 مليون دينار. وبلغ إجمالي اشتراكات شركات
التكافل 46.67 مليون دينار.
هذه الأرقام جاءت نتيجة أداء 21 شركة تأمين مرخصة في السوق
البحريني و10 فروع لشركات تأمين أجنبية تزاول أعمال التأمين
وإعادة التأمين والتكافل وإعادة التكافل وأعمال شركات التأمين
التابعة الخاصة داخل المملكة.
وتتكون الشركات الوطنية من 13 شركة تأمين تقليدية و5 شركات
تكافل، إلى جانب شركتين لإعادة التأمين وشركة إعادة تكافل
وشركة تأمين تابعة خاصة.
أرقام وتساؤلات
الأرقام السابقة قد تثير عديدا من التساؤلات المرتبطة بقطاع
التأمين في البحرين. فمن جانب، هل تدعو هذه النتائج إلى
التفاؤل؟ أم إنها مازالت دون المستوى المطلوب؟.
بالمقابل، هل يعد عدد شركات التامين في البحرين كبيرا مقارنة
بحجم السوق؟ ما التحديات التي تواجه هذه الشركات في المرحلة
الحالية والفترة القادمة؟.
من جانب آخر، ما سر تلك الفجوة أو أزمة الثقة بين الزبائن
وشركات التأمين؟ فلا يمكن أن ننكر أن الشكوى السائدة لدى
كثير من أفراد المجتمع هي أن شركات التأمين.. أو الوسطاء،
يتفننون في تقديم الوعود والحلول التي تجذب العملاء، وعند
الحاجة، تتفنن هذه الشركات ولكن في التملص من الالتزامات.
نقول ذلك في الوقت الذي تعد شركات التأمين في كثير من الدول
المتقدمة من أكبر المعلنين في الصحف الأجنبية، وتكون أغلب
إعلانات هذه الشركات توعوية تسهم في خلق مصداقية لها أكثر من
كونها إعلانات لجذب العملاء. فهل تمارس شركات التأمين عندنا
ذات الدور التوعوي؟
أضف إلى ما سبق، أنه في الوقت الذي أشارت أرقام تقرير مصرف
البحرين المركزي إلى نمو التأمين في مختلف القطاعات مثل الصحي
والسيارات والحياة، فإن التقرير خلا تماما من الإشارة إلى
التأمين على العقارات، لاسيما الخاصة. وهذا ما يطرح تساؤلات
حول ما إذا كانت ثقافة هذا النوع من التأمين مازالت غائبة
عن مجتمعاتنا على الرغم من أهميتها.
نتائج إيجابية
تساؤلات عديدة كانت محور نقاشاتنا مع عدد من قيادات قطاع
التأمين في البحرين. ومحطتنا الأولى مع الرئيس التنفيذي لمجموعة
سوليدرتي القابضة الأستاذ أشرف بسيسو، وسؤالنا له: كيف تنظر
إلى أرقام تقرير مصرف البحرين المركزي نصف السنوي؟.
يجيبنا الرئيس التنفيذي للمجموعة: لا شك أن أي نمو يتحقق
بقطاع التأمين في هذه الظروف يعد أمرًا إيجابيًا مرحبًا به
ويدل على الوضع الصحي للقطاع، وذلك لأن النمو في قطاع
التأمين مرادف للنمو في الاقتصاد بشكل عام. لذلك نتوقع ونأمل
أن نشهد أرقامًا أفضل في التقرير النهائي نهاية العام وهو
التقرير الأشمل، خاصة وأن أغلب بوليصات التأمين لاسيما الكبيرة
تكون في الربع الثالث والرابع من العام.
* في الفترات السابقة كانت هناك شكاوى من شركات التأمين
بانخفاض الأرباح، هل مازال هذا الوضع قائما؟
** نتائج الربع الثاني لأغلب شركات التأمين في البحرين هذا
العام تقدم مؤشرات مبشرة، كما أن معظم الشركات خاصة الكبيرة
التي أعلنت نتائجها حققت أداءً أفضل من العام الماضي، والعام
المنصرم كان أفضل من سابقه. لذلك النتائج التأمينية والمؤشرات
إيجابية وتدعو إلى التفاؤل، لا سيما فيما يتعلق بالاستثمار
نظرًا إلى التطور في قطاع الاستثمار ورفع أسعار الفائدة وتحسن
أسعار الودائع.
عدد كبير
* 21 شركة تأمين في البحرين.. هل هو رقم مناسب لحجم السوق
في رأيك؟
** في الواقع هو رقم كبير مقارنة بسوق البحرين، فعلى الرغم
من أنه سوق واعد ولكنه يبقى محدودًا وصغيرًا. لذلك نركز في
شركة سوليدرتي على الاستحواذات والاندماجات مثل الاستحواذ على
الشركة الأهلية و«تآزر» وغيرها. وهذا الأمر يعد مهما لمواجهة
تحديات السوق. علمًا بأن شركات التأمين الثلاث الكبرى في
البحرين تستحوذ على حوالي 80% من السوق المحلي.
لذلك أعتقد أنه من الضروري أن يلعب مصرف البحرين المركزي
والجهات المعنية الأخرى دورًا في التشجيع على مثل هذه الخطوة
خاصة بالنسبة إلى الشركات الصغيرة التي قد تواجه تحديات أكبر،
خاصة مع تغير النظام الرقابي ومتطلبات السيولة وكفاية رأس
المال والمعيار المحاسبي الجديد (IFRS17) الذي يفرض تغييرًا
جذريًا في طرق محاسبة عقود التأمين. وهو معيار جيد ولكنه يضع
الشركات الأصغر أو تلك التي لا تمتلك الملاءة المالية الكافية
في تحديات أكبر.
* ولكن المراقبون يرون أن قطاع التأمين في البحرين سيشهد نقلة
تحول نوعية لأسباب منها تطبيق المعيار الدولي (IFRS17)؟
** نعم، فتطبيق هذا المعيار يعد من المبادرات المهمة. ولكن
الأمر أكثر تعقيدًا. فهذا المعيار كما أشرت يغير طريقة
المحاسبة لدى الشركات بشكل جذري بما في ذلك احتساب المخاطر
الائتمانية والعمولات وغيرها. وهنا فإن تجربة تطبيق هذا المعيار
سواءً في البحرين أو خارجها أفرزت بعض النتائج السلبية على
بعض الشركات خاصة الصغيرة، والشركات التي لم تكن تمتلك نظامًا
قويًا تأثرت سلبًا. وهذا ما يجعلنا نتوقع أن يؤثر هذا
المعيار مستقبلاً في الشركات الأصغر أو التي تمتلك كفاءة مالية
أقل ويضعها في موقع تحد، بل ستكون على مفترق طرق، إما أن
ترفع من رأس المال والكفاءة المالية، أو أن تبحث عن حلول
أخرى.
وهنا نعود إلى ما أشرنا إليه وهو أن الاندماج والاستحواذ الذي
قد يمثل خيارًا أمثل بالنسبة إلى هذه الشركات.
وشخصيًا أتوقع أن يضع مصرف البحرين المركزي جهة رقابية للأخذ
بعين الاعتبار هذه التحديات والاحتمالات، وأن يحث هذه الشركات
على التأقلم مع الأوضاع ومع المعايير التي يعتمدها والتي
يستوجب على هذه الشركات أن تتواءم معها.
وفي النهاية هدف الجهات الرقابية كمصرف البحرين المركزي هو
توفير الحماية لكل الأطراف خاصة حملة الوثائق.
وتستمر التحديات
* بعد مرحلة جائحة كورونا وما صاحبها من نكسات في مختلف
القطاعات، ما التحديات التي تواجه قطاع التأمين في البحرين
بالفترة الحالية والقادمة؟
** بالفعل كانت فترة كورونا فترة صعبة وضعت الاقتصادات في
العالم تحت ضغط كبير لاسيما فيما يتعلق بالنمو وإعادة الهيكلة.
فحوالي عامين توقف النمو بشكل تام، بل كانت الدولة هي من
تصرف على القطاعات وتضع برامج التحفيز المالي الذي تميزت به
حكومة البحرين واستطاعت أن تساعد القطاع الخاص في كثير من
الجوانب. ولكن بالتأكيد هذه الجهود تكون على حساب أمور أخرى
منها الضغط على الميزانية.
وهنا عندما نتساءل عن التحديات الحالية والقادمة، يمكنني القول
إن الاقتصاد العالمي لم يتعاف حتى الآن بشكل كامل من براثن
الجائحة، وهذا بحد ذاته تحد كبير، وخصوصًا مع رفع أسعار
الفائدة لكبح جماح التضخم، وهذا ما يعني أيضًا سحب السيولة
من السوق بشكل كبير وانخفاض الصرف في مختلف القطاعات، ويتبع
ذلك الحرب في أوكرانيا التي مازالت تداعياتها وانعكاساتها مستمرة
مثل ارتفاع أسعار الكثير من السلع كالطاقة.
وكل ذلك جعل من التحديات تتواصل حتى بعد الجائحة لأن المعالجة
في الدورة الاقتصادية أمر معقد ويتطلب مددًا طويلة.
فجوة في الثقة
* بصراحة.. لماذا نجد دائما فجوة ثقة بين العملاء وشركات
التأمين خاصة بالنسبة إلى التأمين على السيارات؟ فالشكوى
المتكررة هي أن شركات التأمين تقدم العروض والتسهيلات التي
تجذب العملاء، ولكن عند وقوع الضرر (تتفنن هذه الشركات في
التملص من الالتزامات)!.
** الأمر يرتبط بالوعي أكثر من كونه تملصًا أو هروبًا من
المسؤولية. نعم قد تعمد بعض الشركات خاصة الأصغر إلى محاولة
تصعيب معالجة المطالبات. ولكن بشكل عام يرتبط الأمر بالتوعية.
وهي المشكلة الحقيقية التي نعاني منها والتي نناقشها في جمعية
التأمين البحرينية دائمًا. فمثلا أنا على يقين بأن أغلب المؤمن
لهم لا يقرأون عقد التأمين، في حين أن بوليصة التأمين فيها
كل شروط العقد بكل تفاصيله. فمثلاً قد ينص العقد على عدد
سنوات محددة للتصليح في الوكالة، وبعدها تكون التغطية في ورشات
تصليح أخرى. وبعض العقود تنص على تحمل المؤمن له بعد سنوات
محددة من عمر السيارة لمبلغ (الاستهلاك). وهنا عندما يقع حادث
لشخص يتصور بما أنه دفع قسط التأمين فيجب أن تتحمل الشركة
كامل التصليح وفي الوكالة. وعندما تعود إلى العقد الذي وقعه،
تجد فيه تفاصيل كاملة.
لذلك نحن في شركة «سوليدرتي» نركز على هذا الجانب ونعمل
على وضع الحلول التي تكفل حق جميع الأطراف، ومثال ذلك إننا
تحولنا إلى التأمين الرقمي الكامل من دون الحاجة إلى زيارة
الفرع من خلال تصوير السيارة وإنهاء إجراءات التعويض.
مثال آخر هو أن كثيرًا من الوكالات لم تعد تحتفظ بقطع غيار
في مخازنها خاصة بعد جائحة كورونا، وتضطر إلى طلب القطع،
وهذا ما يؤخر من تصليح السيارة. والمشكلة أن شركة التأمين هي
التي تكون في وجه المدفع وتواجه اللوم من العملاء الذين
يتهمونها بتأخير تصليح مركباتهم!.
الأمر الآخر أن البعض يتصور أنه إذا كان مبلغ القيمة
التأمينية للسيارة مبلغًا محددًا (كأن يكون عشرة آلاف دينار
مثلاً)، فإنه سيحصل على هذا المبلغ في كل الأحوال.
ولكن في الواقع أنه لو قرأ العقد لوجد أن البند المختص ينص
على أن مبلغ التأمين هو عشرة آلاف مثلا أو سعر السوق (وفق
تقييم محايد) أيهما أقل. وبالتالي يعتبر أن الشركة لم تلتزم
بالعقد عندما تدفع سعر السوق الذي قد يكون أقل من مبلغ
التأمين.
لذلك كان النظام في السابق هو خفض قيمة السيارة 15% كل
عام. والتوجه الجديد لدينا هو وضع القيمة السوقية لكل سيارة
حسب نوعها واحتفاظها بقيمتها السوقية مع السنوات.
وعمومًا، ما يمكنني تأكيد هو أن الشركات لا تعمد إلى التملص
من الالتزامات، فعقد التأمين هو عقد تعويض، وهدف التأمين ليس
أن يربح المؤمن له ولا أن تتهرب الشركة من التزاماتها. وإنما
هناك بنود عقد يلتزم بها جميع الأطراف.
من المسؤول؟
* ألا تعتقد أن الوسطاء أو موظفي المبيعات مثلا يلعبون دورا
في خلق مشكلة الثقة هذه من خلال الوعود التي يقدمونها من
دون توضيح؟ مثلا يختصر المندوب الأمر بتأكيد أن التأمين يغطي
المركبة من الأمام إلى الخلف بالكامل. ولكن بعد التدقيق نجد
أن هذا التأمين لا يشمل الزجاج الأمامي مثلاً وغيرها من
الأجزاء؟
** هذا صحيح، فهناك بعض الوسطاء يلعبون دورًا في هذا الصورة
السلبية. فالهدف بالنسبة إلى الوسيط هو البيع والحصول على
نسبته. وهذا لا يقتصر على تأمين السيارات فقط، فالمشكلة موجودة
حتى في التأمين على الحياة، فقد يوقع العميل على بوليصة
مقابل مبلغ معين، ولكن بعد سنوات قد ينخفض المبلغ. وعندما
نعود إلى البوليصة نجدها تنص على الالتزام بتقلبات السوق
والأوضاع الاقتصادية.
هنا من الضروري أن تكون الشفافية كبيرة بين جميع الأطراف،
ويفترض أن يكون الوسيط مرخصًا من مصرف البحرين المركزي
وملتزمًا بالنظم والعقود بوضوح، وأن يوصل المعلومة كاملة للمؤمن
له الذي هو في الأخير ليس مختصًا ولا ملمًا بالجوانب
القانونية. وهنا نعود إلى مسألة التوعية الكافية وقراءة العقد
بالكامل قبل التوقيع عليه.
* من يتحمل مسؤولية التوعية هنا؟ وهل هناك قصور في هذا
الجانب حاليا؟
** قطاع التأمين والمؤمن لهم يتحملون المسؤولية معًا. وفي
اعتقادي هناك قصور فعلاً من قبل الشركات فيما يتعلق بجهود
التوعية.
* اسمح لي بسؤال أخير، تقرير مصرف البحرين المركزي تطرق إلى
عدة قطاعات تأمينية مثل السيارات والصحة والحياة، ولكن لم يأت
بذكر التأمين على العقارات. هل يعكس ذلك انخفاضا في نسبة
التأمين على العقارات لاسيما الخاصة في البحرين؟ وما السبب في
رأيك؟
** عندما نتحدث عن العقارات الخاصة، نجد أن المشكلة تتعلق
أيضا بالوعي بشكل كامل. فمثلا يعتقد الكثيرون أقساط التأمين
على المنزل مكلفة جدا. والبعض يقول إذا كنت أدفع مالاً يقل
عن 300 دينار لتأمين السيارة، فكم سيكون قسط تأمين منزل
بالكامل؟
ولكن هل تعلم أن تأمين العقار أرخص بكثير من تأمين السيارات؟
قد يفاجأ البعض من ذلك. ولكنه واقع فعلي. فالنسبة المحتسبة
في تأمين المنزل مثلا تكون 1 على الألف. أي إذا كان سعر
المنزل 100 ألف دينار فإن القسط يكون 100 دينار. في حين أن
النسبة المحتسبة للسيارة أعلى بكثير.
والمشكلة الأخرى أن الكثير منا يعتبر التأمين أمرًا كماليًا غير
مهم، ولا يلجأ إليه طالما لم يكن إجباريًا. وبنفس الوقت من
الصعوبة فرض التأمين على البيوت الخاصة. لذلك لابد من بذل
جهود مضاعفة للتوعية من خلال حملات توعوية منظمة، لأن ما
تدفعه من مبالغ رمزية للتأمين يغطي كل الخسائر بما في ذلك
الأثاث والبناء وغيرها. وبالتالي دفع 100 أو 150 دينارا لتأمين
المنزل يعتبر رمزيًا مقابل مبالغ التعويض في حال حدوث أي
حادث لا قدر الله.
زيادة الوعي
تساؤلاتنا هذه ناقشناها مع رئيس جمعية التأمين البحرينية الأستاذ
جواد محمد، وانطلاقة الحوار كانت حول تقرير مصرف البحرين
المركزي الذي أكد نمو قطاع التأمين بالمملكة بنسبة 3.1%.
وهذا ما علق عليه بقوله:
يجيبنا رئيس الجمعية: تعكس هذه الأرقام نموًا إيجابيًا في قطاع
التأمين بالمملكة. حيث حقق زيادة بنسبة 3.1% في الأعمال خلال
الأشهر الستة الأولى من العام وهو ما يعادل 151.49 مليون
دينار بحريني. كما بلغت مساهمة فروع التأمينات العامة بما فيها
التأمين الصحي ما يقارب 90% من إجمالي حجم الأقساط. وهذا
الزيادة تشير إلى نمو الاهتمام والنشاط في هذا القطاع. وهذا
النمو يعكس زيادة الوعي بأهمية التأمين والطلب على منتجات
التأمين، وتحسن في الظروف الاقتصادية العامة للبلاد، مما يشجع
على زيادة استثمارات التأمين والتحوط ضد المخاطر.
عوامل تحد من الأرباح
* ولكن على الرغم من ذلك، الكثير من شركات التأمين تشكو من
انخفاض الأداء والأرباح؟
** هناك عدة أسباب قد تفسر تكرار الشكاوى من قِبل شركات
التأمين بتراجع الأرباح بالرغم من النمو المطرد، ومن بين هذه
الأسباب:
- المنافسة القوية. فهناك منافسة كبيرة في سوق التأمين، ما
يجعل الشركات تخفض أسعارها لجذب المزيد من العملاء. وهذا
التنافس الشديد قد يقلل من هوامش الربح للشركات.
- زيادة في المطالبات. إذا شهدت الشركات زيادة في حجم
المطالبات المقدمة من قبل المؤمنين، وذلك يمكن أن يؤثر سلبًا
في الأرباح، مما يتسبب في رفع تكاليف المطالبات وتقليل
الأرباح.
- تقلبات الأسواق المالية. فتأثير تقلبات الأسواق المالية على
الاستثمارات التي تمتلكها شركات التأمين يمكن أن يؤدي إلى
تقليل العوائد المالية، ما يضغط على الأرباح.
- تغيرات في اللوائح والتشريعات. وهذه التغيرات في التشريعات
المحلية واللوائح المالية يمكن أن تزيد من التزامات شركات
التأمين وتكاليف الامتثال، ما يقلل من الأرباح الصافية.
- تغيرات في تقييم المخاطر. فمثلا إذا قامت الشركات بتقدير
المخاطر بشكل غير دقيق أو إذا ازدادت المخاطر بشكل غير
متوقع، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تحمل خسائر غير متوقعة.
- تغيرات في طبيعة المخاطر المؤمن عليها. فقد تتغير طبيعة
المخاطر التي تتعامل معها شركات التأمين بمرور الوقت، وهذا
يمكن أن يؤدي إلى تغيير في تكاليف الامتثال والتأمين.
وبالتالي فإن هذه العوامل مجتمعة يمكن أن تسهم في تكرار
الشكاوى وتراجع الأرباح في قطاع التأمين. الأمر الذي يتطلب من
شركات التأمين متابعة وتقييم هذه العوامل بعناية وتنفيذ
استراتيجيات مناسبة للتعامل معها وضمان استدامة الأعمال.
الشركات.. والسوق
* أشرت إلى موضوع المنافسة، وفي البحرين هناك 21 شركة تأمين
وطنية، و10 فروع لشركات تأمين أجنبية. هل يعد هذا العدد
مناسبا لسوق البحرين؟
** لتقدير ما إذا كان عدد شركات التأمين والفروع الأجنبية في
البحرين مناسبًا أم كبيرًا لسوقها، يجب أن نأخذ في الاعتبار
عدة عوامل ومعايير. ومن ذلك:
- حجم السوق والسكان. فيجب أن يكون عدد الشركات متناسبًا مع
حجم سوق التأمين في البحرين وعدد السكان.
- التنافسية والخدمات المتاحة. فالمنافسة القوية بين الشركات يمكن
أن تكون مفيدة للمستهلكين عن طريق توفير خيارات متعددة وأسعار
منافسة. ولكن يجب أيضًا أن يكون هناك توازن بحيث تكون هناك
فرصة للشركات لتحقيق ربح مستدام.
- تنوع المنتجات والتغطية. فيجب أن تقدم الشركات تنوعًا كافيًا
من منتجات التأمين لتلبية احتياجات العملاء المتنوعة.
- التنظيم والمراقبة. وهذا ما يعني أن يكون هناك نظام فعال
لمراقبة نشاط الشركات وضمان التزامها باللوائح والقوانين.
- الاستدامة الاقتصادية. أي يجب أن يكون هناك عدد كافٍ من
الشركات لدعم استدامة قطاع التأمين وتوفير الخدمات بشكل مستدام.
- التكاليف والكفاءة. فعدد كبير من الشركات قد يؤدي إلى
تكاليف إدارية زائدة إذا لم تكن الشركات فعالة من الناحية
التشغيلية.
- التنوع والتكامل مع الاقتصاد الوطني. ما عني أن تكون
الشركات جزءًا من الاقتصاد الوطني وتسهم في التنمية الاقتصادية.
وهنا، إذا تم مراعاة هذه العوامل وإذا كان هناك توازن بين
العدد والاحتياجات، يمكن أن يكون العدد مناسبًا. ومع ذلك، يجب
متابعة السوق بشكل دوري ومراجعة النمو والتنظيم بناءً على
التغيرات في البيئة الاقتصادية والسوقية.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن عمليات الدمج والاستحواذ تعد
خياراً مناسباً لتحقيق مستويات نمو جيدة.
المعيار المحاسبي الدولي
* يتوقع المراقبون أن يشهد قطاع التأمين في البحرين نقطة تحول
مع بدء تطبيق عدة مبادرات منها المعيار الدولي (IFRS17)، ما
الذي تضيفه هذه المعايير للقطاع؟
** تعمل شركات التأمين على اعتماد المعيار الدولي المحاسبي رقم
17. والتي تضيف لقطاع التأمين في البحرين شفافية مالية محسّنة،
وتقييمًا دقيقًا للمخاطر، وتحسينًا في إدارة رأس المال، ما
يسهم في تعزيز الثقة والاستدامة في القطاع. حيث كان هذا
المعيار قيد التطوير لأكثر من 20 عامًا، وتم فرض تطبيقه بدءا
من 1 يناير 2023. ونتوقع أن يغير هذا المعيار الطريقة التي
ننظر بها إلى أعمال التأمين ويوفر فرصة لتحسين الأنظمة
والعمليات والطريقة التي تعمل على أساسها الشركة، حيث بدأت بعض
الشركات بالفعل رحلة التنفيذ وفقًا للتعاميم الصادرة عن مصرف
البحرين المركزي (CBB)
كما نتوقع أن توجيهات مصرف البحرين المركزي الأخيرة لشركات
التأمين بشأن تعيين محلل اكتواري بحريني داخلي ستكون مفيدة
للغاية في التعامل مع متطلبات هذا المعيار المعقد وفي بناء
قوة عاملة بحرينية موهوبة.
صورة.. ليست دقيقة
* ألا تتفق معي إنه وعلى الرغم من تطور الوعي بشأن أهمية
التأمين، إلا أن هناك مشكلة ثقة من قبل الأفراد إزاء شركات
التأمين التي يعتبرونها تتفنن في عدم الالتزام بشروط البوليصة.
بصراحة.. ما مدى صحة ذلك؟ ولماذا تعجز شركات التأمين عن
تغيير هذه الصورة السلبية؟
** هذه الصورة ليست دقيقة دائمًا. فتقديم خدمات التأمين يتضمن
تحديات حقيقية ومعقدة، والصورة السلبية قد تنشأ بسبب تجارب
سلبية لبعض العملاء. وعلى الرغم من ذلك، هناك العديد من
شركات التأمين التي تعمل لبناء سمعة جيدة من خلال تقديم
خدمات عالية الجودة والالتزام بالمعايير الأخلاقية وأهداف خطة
التعافي واستراتيجية الحوكمة. تحسين الشفافية وزيادة الوعي وتواصل
فعال مع العملاء قد يسهم في تغيير هذه الصورة السلبية بمرور
الوقت.
ويمكن القول أن يكون غياب دور شركات التأمين في جذب العملاء
في مجتمعات بعض البلدان بسبب عدة عوامل منها:
- قلة الوعي بأهمية التأمين. ففي بعض المجتمعات، قد يكون هناك
قلة في الوعي بأهمية التأمين وفوائده. والناس قد لا يدركون
الفوائد الكاملة للتأمين وكيف يمكن له أن يساعد في تحمل
المخاطر المالية في حالة الحوادث.
- الاهتمام بالاستثمار الفوري بشكل أكبر، فبعض أفراد المجتمع قد
يفضلون استثمار أموالهم في الأمور التي تجلب عوائد فورية
وواضحة بدلاً من دفع أموال لشراء تأمين قد لا يحتاجونه في
الوقت الحالي.
- قلة الحوادث الكبيرة. في بعض المجتمعات، يمكن أن يعتبر
الناس أن احتمال وقوع حوادث كبيرة أو مخاطر مالية كبيرة
منخفض جدًا، ما يجعلهم يشعرون بأنه لا حاجة ماسة لشراء
التأمين.
وبشكل عام، يعتمد دور شركات التأمين في جذب العملاء على الوعي
والاحتياجات والظروف الاقتصادية والثقافية في المجتمعات المعنية.
التأمين على العقار
* ماذا عن التأمين على العقار الذي يعد شبه غائب حتى في
التقارير المعنية بأداء القطاع بالمملكة؟ هل يعكس ذلك غيابا
لثقافة هذا النوع من التأمين الذي يعد أساسيا في كثير من
المجتمعات؟
** التأمين على العقارات الخاصة يلعب دورًا مهمًا في حماية
ممتلكات الأفراد والعائلات. ففي حالات عديدة مثل حوادث السرقات،
يمكن أن يوفر التأمين تعويضًا ماليًا يساعد على تغطية تكاليف
الإصلاح أو الاستبدال.
وعلى الرغم من ذلك هناك انخفاض في نسب التأمين على المنازل
والعقارات الخاصة في البحرين. وقد تشمل الأسباب الرئيسية لانخفاض
هذه النسب في مستوى الوعي المنخفض حيال أهمية التأمين على
العقارات. وقد يكون هذا نتيجة للتركيز الأكبر على أنواع أخرى
من التأمين أو عدم فهم كامل للفوائد التي يمكن أن يوفرها
التأمين على العقارات.
لذلك، قد تكون هناك حاجة إلى حملات توعية وتثقيف تستهدف
المجتمع المحلي لشرح فوائد وأهمية هذا النوع من التأمين.
رقمنة القطاع
* ختاما.. ما الذي تحتاج شركات التأمين في البحرين أن تركز
عليه للمرحلة القادمة في رأيك؟
** مستقبل قطاع التأمين سيكون رقميًّا، رغم أن تكنولوجيا
التأمين (InsurTech) تسير بوتيرة أبطأ مقارنة بالتكنولوجيا المالية
الرقمية (FinTech) على المستوى العالمي.
كما أن التغيرات التكنولوجية المتسارعة والمنافسة تحتم على
الشركات تغيير قنوات التوزيع والمنتجات وتقنية الاكتتاب، بل وحتى
نماذج الأعمال التجارية بحيث تعالج الرقمنة أوجه القصور في
السوق لتلبية مطالبات العملاء.
المعايير الجديدة
ننتقل هذه المرة إلى الشركة البحرينية الكويتية للتأمين، لنسأل
رئيسها التنفيذي الدكتور عبدالله سلطان حول تقييمه لأداء قطاع
التأمين في النصف الأول من العام.
في الواقع -يجيب الدكتور عبدالله- تؤكد البيانات التي يصدرها
مصرف البحرين المركزي أن النمو في قطاع التأمين بالمملكة يسير
بوتيرة مطردة وإيجابية. ونأمل أن يستمر الأداء في هذا الاتجاه
خاصة على مستوى صافي الأقساط المكتسبة.
* ولكن ألا تشكو شركات التأمين دائما من انخفاض الأرباح؟
** بالنسبة إلينا لم نلحظ أي انخفاض في الأرباح خاصة وأن
المحفظة الاستثمارية خلال هذا العام قد ساهمت في تعزيز النتائج
المالية بشكل كبير وإيجابي. ومع ذلك، فإن أي انخفاض قد يرجع
إلى أسباب منها التغييرات في المعايير المحاسبية الجديدة. والأمر
الآخر أن هناك زيادة في مطالبات تأمين المركبات والتأمين الصحي
والتي تحتاج بعض التدابير والمعالجات من قبل شركات التأمين.
* ألا يمثل ارتفاع عدد شركات التأمين في البحرين تحديا بحد
ذاته؟
** نعم، فالأرقام تشير إلى أن هناك 21 شركة تأمين وطنية،
و10 فروع لشركات تأمين أجنبية، وهذا الرقم يعد كبيرا بالنسبة
إلى حجم سوقنا خاصة مع مقارنته مع الشركات الأخرى في دول
مجلس التعاون الخليجي الذين يتمتعون بحصص أفضل من الأقساط.
* شهد قطاع التأمين بالمملكة اعتماد عدد من المبادرات منها
تطبيق المعيار المحاسبي الدولي (IFRS17)، ما الذي أضافته هذه
المعايير للقطاع؟
** نعم، يمنح المعيار المحاسبي الجديد المساهمين مزيدا من
الشفافية للبيانات المالية خاصة عند مقارنتها بالقطاعات الأخرى.
كما سيكون هناك تأثير من تطبيق المعيار المحاسبي الجديد على
نتائج الشركات خلال هذا العام الذي مازلنا في طور التعلم
بشأنه، حيث سيستمر تأثيره حتى عام 2024 خاصة بعد تطبيق
الشركات التكافلية في البحرين المعايير المحاسبية الجديد.
فهم خاطئ
* ألا تعتقد ان هناك مشكلة في العلاقة بين العملاء وشركات
التأمين تتعلق في الثقة بمصداقية الشركات وجديتها في التعويض؟
** أعتقد أن المشكلة تكمن في الفهم الخاطئ الناتج عن ضعف
الوعي بمحتوى وثيقة التأمين.
وبالمقابل يمكن تأكيد أن مصرف البحرين المركزي وجمعية التأمين
البحرينية يلعبان دورا فاعلا ومهما لتعزيز هذا الوعي.
* ماذا عن شركات التأمين؟ ألا يفترض أن تخصص جزءا من
إعلاناتها في وسائل الإعلام لأهداف التوعية كما هو الحال في
الدول الأجنبية؟
** لا أتوقع أن ذلك ينطبق على سوق البحرين، فبالفعل أغلب
إعلانات شركات التأمين في الصحف المحلية تركز إما على البيانات
الصحفية أو للترويج لمنتج أو حملة ترويجية معينة.
* على الرغم من نمو كثير من قطاعات التأمين بالبحرين، إلا
أن التأمين على العقارات الخاصة مازال شبه مغيب، ألا يثير
ذلك تساؤلات حول أهمية هذا النوع من التأمين؟
** يعد التأمين على العقارات الخاصة ذا أهمية كبرى، حيث يعد
المنزل أحد أكبر الاستثمارات للأسر الذي يتطلب تغطية تأمينية
لحمايته من أي أضرار قد تلحق به خاصة وأن معظم الأسر لا
تستطيع تحمل تكاليف بناء أكثر من منزل. وأعتقد أن هناك
إشكالية تتمثل في عدم الوعي الكافي بأن تكلفة التأمين على
المنزل تعتبر منخفضة للغاية، والاعتقاد الخاطئ لدى الناس بمقارنة
ذلك مع تأمين المركبات حيث يتم دفع قسط تأمين مقداره 200
دينار بحريني لتأمين مركبة تبلغ قيمتها 10000 دينار بحريني،
ويفترضون دفع قسط تأمين مقداره 2000 دينار بحريني لتأمين منزل
تبلغ قيمته 100000 دينار بحريني. وهذا اعتقاد خاطئ تماما، حيث
من الممكن الحصول على تأمين منزل تبلغ قيمته 100000 دينار
بحريني مقابل قسط تأمين مقداره 35 دينارا بحرينيا سنوياً. وعلى
الرغم من ذلك نجد أن نسبة التأمين على العقارات الخاصة في
البحرين قليلة جدا.
ولكن بالمقابل لا يمكن أن نتجاهل الكثير من الجهود التي تصب
في هذا الاتجاه، منها مثلا أن تمويل المنازل التي يتم تمويل
شرائها عن طريق البنوك، يكون التأمين فيها متطلبا إلزاميا من
قبل الجهة الممولة. كما يعتبر إجمالي القسط منخفضا كنسبة مئوية
من إجمالي المحفظة في الشركة عند إضافة المخاطر التجارية أو
الصناعية.
القانون وفقا لآخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (24) لسنة 1976 بإصدار قانون
التأمين الاجتماعي
القرار وفقًا لأخر تعديل قرار وزير العمل والشئون الاجتماعية رقم (1) لسنة 1994
بشأن التأمين
الاختياري