جريدة أخبار الخليج
العدد : 16663 - الاثنين ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٣ م، الموافق ٢٢ ربيع الآخر١٤٤٥هـ
3017 قضية عنف
أسري في البحرين:
الشورى يرجئ تعديل «قانون العنف الأسري» لمزيد من الدراسة
قرر مجلس الشورى في جلسته أمس برئاسة علي بن
صالح الصالح رئيس المجلس إعادة مشروع قانون بإضافة مادة جديدة
الى قانون الحماية من العنف الأسري، المعد في ضوء الاقتراح
بقانون «بصيغته المعدلة» المقدم من مجلس النواب، إلى لجنة
شؤون المرأة والطفل لمزيد من الدراسة، وذلك بعد الاستماع إلى
مداخلات عدد من الأعضاء.
وقال أسامة العصفور وزير التنمية الاجتماعية إن أصل هذا الموضوع
هو مقترح مقدم من النواب، وذلك لسد فراغ تشريعي والنص على
عقوبة على المكلف بالتبليغ عن أي جريمة يمكن تصنيفها على
أنها نتجت عن عنف أسري ووصلت إليه بحكم عمله الطبي أو
التعليمي إذا امتنع عن التبليغ وتشديد العقوبة إذا نتج عن
الجريمة وفاة أو عاهة مستديمة.
وأوضح أنه ليس بالضرورة أن يتم سد الفراغ التشريعي لوجود
ظاهرة من عدمه، وإنما هي معالجة لنص نافذ حاليًا وفرض عقوبة
مناسبة ورادعة لتحقيق الحماية للأسرة، مؤكدًا أن بمراجعة النصوص
التي وافقت عليها الحكومة اتضح وجود فراغ تشريعي يتطلب وجود
عقوبة لمن يتخلف عن التبليغ، وهذه المسألة تمت معالجتها من
خلال وجود نص يتناسب مع اتساق تفريد العقوبة في نص العقوبات
بما لا يتجاوز المكلف بالتشديد، ولا تقل عن التطبيق الذي
يحقق الرادع ويؤكد سلامة الأسرة.
وأكدت الدكتورة جميلة محمد رضا السلمان مقرر اللجنة، أن مشروع
القانون يتضمن سد الفراغ التشريعي في القانون بشأن الحماية من
العنف الأسري، وذلك بتجريم الفعل المنصوص عليه في المادة (8)
من القانون المذكور والذي يتمثل في الامتناع عن التبليغ عن
وقائع العنف الأسري، وذلك بتقرير عقوبة جنائية واجبة التطبيق
على المكلف الممتنع عن التبليغ، مع تشديد العقوبة إذا نجم عن
الجريمة وفاة أو عاهة مستديمة.
بدورها، قالت لينا قاسم نائب رئيس لجنة شؤون المرأة والطفل
إننا كلجنة نرى رفض المشروع بقانون على اعتبار انه فضفاض
ويحمل جميع فئات المجتمع مسؤولية التبليغ عن حالات العنف، وهذا
من غير الممكن تحقيقه، إذ سيؤدي تغليظ العقوبة إلى التهاون
في التبليغ عن حالات العنف الأسري خوفًا من العقوبة، فضلا عن
أن العقوبة المقررة في مشروع بقانون يقيد السلطة التقديرية
لقاضي الموضوع ولا يعطيه المجال في تحديد العقوبة المناسبة
لواقعة العنف.
إلى ذلك، اختلفت المحامية دلال الزايد رئيسة لجنة الشؤون
التشريعية تمامًا مع النتيجة والرأي الذي خلصت إليه اللجنة،
مشيرة إلى أن أعضاء من مجلس النواب ارتأوا في مناقشاتهم أن
يتم الموافقة على مشروع القانون أيضًا واقترحت أن يتم إعادة
التقرير إلى اللجنة للتروي في مسألة اتخاذ القرار والموازنة ما
بين الراجح والمرجوح في هذا الأمر باعتبار تحقيق المصلحة
الفضلى كما اعتدنا في التشريع البحريني هي أمر مهم جدًا.
وأفادت أن أحكام الدستور نصت على مسألة قوام الأسرة وأنها
واجب من واجبات الدولة حمايتها، وكذلك من واجب المؤسسات
الدستورية جميعها السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية بأن تضع
الأحكام والشروط وكيفية تنفيذ وإنفاذ القانون بما يحكم هذه
الحماية.
وأوضحت أن المسؤولية الأولى في تقرير الحماية تقع على المشرع
فيما ينصه من أحكام بموجب القانون ليتسنى سواء للسلطة
التنفيذية أن تتخذ ما يلزم من قرارات بموجب ذلك القانون،
وكذلك ان يمنح للسلطة القضائية ان تقدر ما هو تحقيق للعدالة،
كما نص في قانون العقوبات عندما قرر القاضي الجنائي لكيفية
وقوع الجريمة وأركان تحقق الجريمة، وعند تداول الجلسات يراعي
القاضي مسألة الاعذار سواء المشددة أو المخففة أو الأمور التي
تخضع لتقرير القاضي على ضوء كل جريمة تنظر أمامه.
وأشارت إلى أنه عندما جاءت مسألة الإلزام في نص المادة 17
قرر عقوبة واعتبر نوع العقوبة جنحة، وبالتالي قرر إما مسألة
الغرامة أو الحبس أو تلك العقوبتين وترك هذا الخيار في
اختيار نوع العقوبة للقاضي وهذا ما تم شرحه أيضًا باللجنة
وفي سياق الكلام بأنها تأخذ لمسألة تفريد وشخصية العقوبة
والأخذ بالاثنين ولا بد أن تكون لدينا ثقة بأنه عندما تعرض
أمام القاضي الجنائي وهذا نشهد فيه من سير الأحكام التي تصدر
في هذا الجانب أن القاضي الجنائي لديه القدرة والخبرة
التراكمية في قضايا الأسرة بحيث يقرر على طبيعة نوع العنف
وجسامته ومدى تكراره والشخص الذي ارتكبه وتأثير هذا العنف على
الشخص المعتدى عليه وكل هذه الأحكام يقدرها القاضي.
وعرفت الزايد العنف بأنه العنف الأسري والجنسي والنفسي، ومؤخرًا
صدر حكم من محكمة التمييز يعتبر إضافة كبيرة في هذا الجانب
في الضرر النفسي قررت مبلغا كبيرا جدًا للتعويض لأنها اعتبرت
انه قد يكون الضرر النفسي أوقع على الشخص من الضرر المادي.
واستعرضت الإحصائيات الواردة في مرفقات تقرير مجلس النواب والتي
كشفت أن مجموع قضايا العنف الأسري بلغت 3017 قضية، وبلغ عدد
الأخوة المتهمين 217، الآباء عددهم 248، الأبناء 113، الأزواج
660، الزوجات 129، بما معناه أن قد يكون المتهم أي فرد من
أفراد الأسرة وليس بمعزل عن هذا الاتهام.
وأشارت إلى أن قانون العقوبات فرض عقوبة فيما يتعلق بكيدية
التبليغ إذا تبين ان المُبلغ قد قام بالإبلاغ عن دعوى ثبت
كيديتها وعدم صحة وقائعها فرض عليه عقوبة بموجب القانون، كما
انه في حال ثبت استغلال للأمر لإبلاغ السلطات ببلاغات كيدية
أيضًا قررت له عقوبة.
وأكدت ضرورة عدم التسرع والتريث في الأمور المرتبطة بحماية
الأسرة، مضيفة «لا نطمح إلى العقاب بقدر ما نطمح إلى وجود
المأوى العلاجية التي تتخصص في مسألة السيطرة على الغضب
والعنف».
بدورها، تساءلت الدكتورة جهاد الفاضل النائب الثاني لرئيس مجلس
الشورى عن وجود فراغ تشريعي جاء هذا التشريع لسده بالامتناع
عن التبليغ عن وقائع العنف الأسري، موضحة أن حق التبليغ
مفتوح للكافة، وبالتالي لا يوجد أي حظر أو مصادرة لهذا الحق
الذي أقرته المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأكدت أن المنظومة التشريعية في مملكة البحرين متماسكة، وألزمت
الموظف العام في المادة 230 من قانون العقوبات بالتبليغ عن
الجرائم سواء كان مكلفا بذلك أم لا، كذلك يوجد تفريج خاص
بقانون مزاولي المهن الطبية والصحية بمعاينة حالات الجرائم من
بينها العنف الأسري.
وأشارت الفاضل إلى أننا نريد ضمان الإلزام بالتبليغ عن حالات
العنف الأسري، وسوف تتم معاقبة من لا يقوم بذلك، ولكن في
المقابل ما ضمانات عدم الكيدية، وما ضمانات الإسراف في
الاشتباه في حالات التبليغ بوجود عنف أسري خوفًا من العقوبة،
هذه التساؤلات يجب أخذها في عين الاعتبار.
وتطرقت إلى أنها كانت تتطلع إلى وجود مرئيات الجهات المعنية
وخاصة الأهلية التي تقوم بمتابعة حالات العنف الأسري وأن يكون
هنالك إحصائيات من قبلهم، لرغبتنا في معرفة أن ما يتحدث عنه
التشريع يعد ظاهرة في المجتمع البحريني أو حالات فردية.
وذكرت أن السؤال الأهم، هل فعلا العقوبة المقررة في قانون
العقوبات للامتناع عن التبليغ غير رادعة وغير كافية وبالتالي
نحتاج إلى تعديل في هذا القانون.
إلى ذلك، أشار الدكتور محمد علي حسن علي عضو مجلس الشورى
إلى وجود تناقض بين المقترح وقانون العقوبات الموجود وقوانين
أخرى، لذلك فإن اللجنة عندما رفضت المقترح لم ترفض العقوبة
على عدم التبليغ، وإنما رفضته لعدم اتساقه مع قوانين أخرى من
ضمنها قانون العقوبات.
من جانبه، قال الدكتور هاني الساعاتي عضو مجلس الشورى: إن
موضوع العنف الأسري هو ظاهرة تحدث في كل المجتمعات، لكن
بتفاوت وتناسب مختلف وعليه يكون دورنا تقليص هذه الظاهرة
والتخلص منها.
وعرف ظاهرة العنف الأسري بأنه سلوك غير سوي قسري يشمل
الاعتداء الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي ويمارس من قبل فرد
يكون شريكا في الأسرة على الآخر لإحراز السلطة والسيطرة
لمواصلة إخضاعه. وأشار إلى أن إحصائيات النيابة العامة في عام
2022 أظهرت أن هنالك 3017 حالة عنف أسري تقريبًا، منها 660
حالة عنف أسري يخضع الأزواج ضد الزوجات، موضحًا أن البحرين
دخلت في مبادرات مهمة لحماية المرأة وضمان سلامتها، كما أطلق
المجلس الأعلى للمرأة الاستراتيجية الوطنية لحماية المرأة من
العنف الأسري.
وأكد انخفاض نسبة الزوجات البحرينيات المعنفات من إجمالي
البحرينيات المتزوجات بنسبة 0,2% في عام 2019 مقارنة بـ2018،
كما انخفضت حالات العنف الجسدي ضد الزوجات من إجمالي المتزوجات
في البحرين بنسبة 0,1%، ما يعني أن هنالك جهودا متكاملة
ومثمرة من المجتمع المدني مع المؤسسات الحكومية للخفض من هذه
الظاهرة.
وطلب إعادة النظر في مشروع القانون وإعادة صياغته.
من جانبه، تساءل علي العرادي عضو مجلس الشورى عما إذا كان
العنف الأسري ظاهرة منتشرة، وعن كون القوانين في البحرين تحقق
الردع الخاص والعام، كما تساءل عن هل نتوقع ان الجهات
المكلفة قانونا أو من اتصل الى علمها او كان يعمل في مهنة
طبية او تعليمية اذا وصل إلى علمه ان الشخص امامه عنف
اسريا هل سيمتنع عن التبليغ ولماذا سيمتنع عن التبليغ. وأوضح
العرادي أن ملاحظات اللجنة أن التشريعات الموجودة في مملكة
البحرين كافية، كما أن التعديل يضعنا في وضع فضفاض بمعنى أن
القانون يحمل على عدة أوجه، والتشريع يقوض من الصلاحية لدى
القاضي الموجود في فرض العقوبة.
واتفق مع أعضاء مجلس الشورى بضرورة عودة مشروع القانون إلى
اللجنة، متوقعًا العودة إلى نص مشروع القانون المقدم من
الحكومة، إذ إن التعديلات الأخرى على مشروع القانون فرغت النص
من هدفه الأساسي، وأصبح النص عصا مسلطة من دون أسباب وجيهة
ومقنعة.
قانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن
الحماية من العنف الأسري
«أمانة الشورى» تقيم مناقشة
افتراضية حول كتاب «الحماية من
العنف الأسري في مملكة
البحرين»