جريدة أخبار الخليج :
١٦٧١٨ - الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠٢٣ م، الموافق ١٨ جمادى الآخر ١٤٤٥هـ
أطباء العقود.. حقوق
ضائعة ومستقبل مجهول
لا علاوات أو بدل مناوبات.. وبعضم بلغ منتصف الثلاثينات من دون توظيف.. ولا تأمين
فرحوا بقرار إدماجهم فـي التأمينات الاجتماعية وتبين أنها فرقعة إعلامية
30 يوما في السنة تشمل الإجازة السنوية والمرضية والحالات الطارئة!
رسالتهم: أملنا كبير في سعادة الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية
تحقيق: محمد الساعي
هي رسالة التماس نرفعها إلى الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية
الدكتورة مريم الجلاهمة، أملا في أن يجد عشرات الأطباء من
ينصفهم، بعد أن ضاعت الكثير من حقوقهم في ظل إدارات سابقة.
ومع استلام الجلاهمة قيادة الدفة في المستشفيات الحكومية تجدد
الأمل لديهم، لما عهده الجميع منها من إخلاص وتفان في أي
موقع تتسلم فيه زمام القيادة.
أكثر من مائة طبيب شاب، بعضهم ابتعثوا من قبل الدولة، وآخرون
درسوا على حسابهم الخاص، عانوا كثيرا حتى وجدوا فرصة للعمل
ضمن (برنامج الطبيب المقيم) الذي يموله صندوق العمل (تمكين).
والحق يقال، ساهم هذا البرنامج في انقاذهم من براثن التعطل
والبقاء سنوات في قوائم الانتظار. وهذا البرنامج جاء لاحقا
لبرنامج التدريب الذي كانت تديره وزارة الصحة.
ولكن.. في الوقت الذي أنصفهم فيه صندوق العمل (تمكين)، وتحمل
رواتبهم لمدد تتراوح بين 4-6 سنوات حسب التخصص، هدرت جهات
أخرى حقوق كثيرة لهم خلال سنوات قدموا خلالها جهودا مشهودة
خاصة في فترة جائحة كورونا، وكان المقابل انهم لم يستلموا
حتى شهادة شكر، واستثنوا من الأوسمة التي سلمت حتى للمتطوعين،
وبقى اخرون ممن انهوا البرنامج في قائمة العاطلين انتظارا
لتوظيفهم. لتمر سنوات العمر ويصل بعضهم إلى منتصف الثلاثينات
وليس لديهم أي تأمين اجتماعي أو وظيفة ثابتة!. والأسوأ من
ذلك، انه بعد ان تغنى بعض المسؤولين بإدماجهم في التأمين
الاجتماعي صدموا بأن الأمر كان بهرجة إعلامية، وأن الواقع
مختلف تماما.
فما هي حكايتهم؟ وما هي الرسالة التي نود ايصالها بشأنهم؟
أين المشكلة؟
في السابق، كان برنامج التدريب للطبيب المقيم الذي تنظمه وزارة
الصحة للأطباء الجدد يعاملهم كأي طبيب عادي، يحصلون على حقوقهم
وامتيازاتهم بما في ذلك التأمين الاجتماعي والعلاوات. وبعد ان
استحدث برنامج (الطبيب المقيم)، تم اعتبارهم متدربين، وبالتالي
لا تشملهم قوانين التوظيف، ولا تخضع عقودهم لجداول رواتب جهاز
الخدمة المدنية. وترتب على ذلك انهم حرموا من كل العلاوات
والمميزات واولها التأمين الاجتماعي، ولا يحصلون الا على مكافأة
ثابتة هي اقل بكثير مما يحصل عليه اقرانهم في برنامج التدريب
السابق.
وهذه المكافأة لا تغطي ساعات العمل الإضافية ولا المناوبات ولا
البدلات، بل لا يوجد تاريخ ثابت لاستلامها. ففي مرات عدة
تتأخر أشهرا من دون ان يستلموا دينارا واحدا. في حين ان
المستشفيات الأخرى غير السلمانية تقدم حتى للمتدربين علاوات
للمناوبات والساعات الإضافية.
هذا عدا عن الاجازة السنوية التي تبلغ 30 يوما فقط شاملة
الاجازة السنوية والمرضية والاجازات الطارئة مثل حالات الوفاة
وغيرها. ولا يضاف اليها الا 7 أيام فقط في السنة للدراسة
او المشاركة في مؤتمرات او تقديم امتحانات.
لذلك يضطر البعض إلى العمل حتى في حال مرضه كي لا يخسر
اجازته السنوية. لينطبق عليه المثل القائل: «يداوي الناس وهو
عليلُ».
هذه هي البداية، وليست جوهر المشكلة. فعدد كبير ممن أنهوا
البرنامج بقوا في البيت انتظارا للتوظيف. وهم طاقات وكفاءات
يشهد بها المسؤولون أنفسهم. والمحظوظون منهم وجدوا بعض الفرص
المتواضعة في القطاع الخاص، فيما بقي الآخرون ينتظرون..
وينتظرون. والغريب ان الاستشاريين في مختلف الأقسام يؤكون وجود
الحاجة إلى توظيف هؤلاء الأطباء، وأن هناك نقص بعد انتهاء
عدد من المتدربين من البرنامج واجبارهم على التوقف عن العمل.
وتأخر المواعيد أحد افرازات هذا النقص في الأطباء. وعلى الرغم
من ذلك لم يتم توظيفهم على الرغم من اكتسابهم خبرة مميزة
خلال سنوات عملهم وتخرجهم بدرجة اخصائي.
وبعضهم وصل من العمر الى 35 عاما، وهو يتساءل: متى اتوظف
واستلم راتبا ثابتا؟ كم بقي من عمر الشباب؟
ولا ننسى هنا ان نضيف أنه في الوقت الذي ينتظر فيه عدد
كبير من هؤلاء الاختصاصيين التثبيت تم توظيف أطباء انهوا سنة
الامتياز فقط، من دون أي خبرة، ومن دون المرور ببرنامج
الطبيب المقيم!.
وصمة عار!
من حقنا ان نتساءل: ماذا قدم مثل هؤلاء الأطباء الشباب كي
يستحقوا تقديرا أكبر؟
لنعد قليلا إلى الوراء، وتحديدا فترة الجائحة. حيث تم الاستعانة
بهذه الطاقات، عملوا خلالها في مختلف المواقع بما في ذلك
مراكز الفحص والمراكز الصحية العامة وجسر الملك فهد والمستشفيات
والأقسام الإدارية ومراكز الاتصال وغيرها. كان العمل اجباريا
وليس اختياريا. اثبتوا أنفسهم وعملوا لساعات طويلة وقدموا جهودا
مضاعفة. وعلى الرغم من ذلك حرموا من الكثير من الامتيازات.
ففي حين كان الموظفون يحصلون على بدل للساعات الإضافية، لم
يحصل الأطباء على أي علاوة. ولم يعترضوا على ذلك مقدرين
الظروف.
ثم حصل الموظفون والمتطوعون على مكافئات بعد انفراج الأوضاع،
وحصل بعض الموظفين على درجتين في السلم الوظيفي، وتم تكريم
الجميع بأوسمة شكر وتقدير على ما قدموه من جهود في مكافحة
الجائحة بما في ذلك رجال الأمن والحراس والعاملون في الأقسام
الفنية. أما هؤلاء الأطباء المقيمون فلم يحصلوا حتى على ورقة
بيضاء تجبر خواطرهم. بل كانت أسماؤهم قد أدرجت في البداية
ضمن المكرمين بالأوسمة، وبقدرة قادر اختفت هذه الأسماء في إحدى
المحطات التي مرت بها، بحجة انهم متدربون. والمنطق يقول إن
المتدرب لا يقل عن المتطوع. وهذا ما جعلهم يشعرون بأن جل
ذنبهم هو انهم ضمن (برنامج الطبيب المقيم)
وكلنا يعلم حجم المعاناة التي عاشتها الطواقم الطبية والإدارية
فترة الجائحة، وهو ما اكدته دراسة أمريكية أن عام 2021 كان
الأقسى نفسيا وجسديا على الأطباء، بل انه استنزف المخزون
العاطفي لدى الطواقم الطبية.
التأمين
من الطبيعي أن التأمين الاجتماعي يعتبر من أهم الضمانات التي
يحتاج اليها المواطن. والسؤال هنا: هل من الإنصاف ان تتجاوز
أعمار هذه الكفاءات الثلاثين والخامسة والثلاثين وهم غير مسجلين
في التأمينات الاجتماعية.
وموضوع التأمينات هذا بحد ذاته حكاية لا تخلوا من الغرابة،
نضطر فيها إلى العودة مرة أخرى إلى الوراء قليلا.
فمع التماسات هؤلاء الأطباء وقلقهم المتزايد من مرور السنوات
وتقدم العمر من دون تأمين اجتماعي تقدم عدد من النواب بمقترح
برغبة يقضي باحتساب سنوات الخدمة للأطباء البحرينيين العاملين
بعقود مؤقتة في وزارة الصحة ومساواتهم مع زملائهم لوجود تفاوت
كبير في المزايا التقاعدية، وأكد النواب أن الاستجابة لهذا
المقترح يعزز التسريع في إحلال الأطباء البحرينيين محل الكوادر
الوافدة وجعلهم الخيار الأمثل في عمليات التوظيف، فضلاً عن
دوره في تحسين ظروف العمل وتحقيق الأمان الوظيفي والاستقرار
الأسري لهم من خلال ضمهم لمظلة التأمين الاجتماعي.
واستند النواب إلى أن الدستور نص على أن تكفل الدولة توفير
فرص العمل للمواطنين وعدالة شروطه وأن الوظائف العامة خدمة
وطنية تناط بالقائمين بها. كما دعوا إلى توفير كافة الامتيازات
الوظيفية لهم باعتبار أن ممارستهم للمهنة تتطلب التحفيز
والاستقرار الوظيفي الذي يتطلب ضرورة النظر في استحقاقهم لسنوات
الخدمة.
بالمقابل، برزت تصريحات حكومية في ابريل 2022 تؤكد ان تثبيت
الأطباء والممرضين والصيدلانيين البحرينيين بمجمع السلمانية الطبي
سيكون بعد اعتماد الهيكل التنظيمي للمستشفيات الحكومية. وأن
إجراءات توظيف هذا الفئة تمت خلال جائحة فيروس كورونا «كوفيد
19»، وسيتم تحويل العقود المؤقتة إلى عقود دائمة حال
استيفائهم للشروط وفور اعتماد الهيكل التنظيمي.
بالطبع لسنا بحاجة الى أن نشير مرة أخرى إلى ان التوظيف
مازال معرقلا، ولكننا نركز هنا على موضوع التأمين.
فقد صدر القرار مؤخرا بإتاحة المجال للأطباء العاملين عن طريق
صندوق العمل «تمكين» للتسجيل في التأمين الاجتماعي والاشتراك
في صندوق التقاعد للقطاع العام. وبدا الأمر وكأنه استجابة
لمطالبهم ومكافأة لهم على جهودهم. وتبع ذلك إشادات وثناء من
النواب والأطباء والمجتمع.
ولكن.. كانت الصدمة عندما علموا ان الموافقة لا تمنحهم أي
حقوق إضافية، وانما عليهم ان يتحملوا نسبة التأمين كاملة وهي
30% من الراتب الذي يعتبر بحد ذاته متدنيا واقل من حقوقهم
كأطباء يعملون في مستشفى السلمانية الطبي لسنوات، ولا يحصلون
على العلاوات أو الزيادة السنوية ولا على بدل المناوبات، فضلا
عن عدم حصولهم على أية مكافآت مالية أو معنوية. بل وحتى
اجازاتهم المرضية تحتسب من رصيد إجازاتهم السنوية. ثم يأتي
استقطاع 30% للتأمينات الاجتماعية ليستنزف البقية الباقية من
دخلهم. وهذا ما تسبب لهم بحالة إحباط، وجعلهم يتساءلون: أين
الإنجاز في الموضوع؟ لماذا هذه الفقاعة الإعلامية التي صاحبت
التصريح بتسجيلنا في التأمينات والتقاعد؟
العقود
من الأمور المستغربة اننا حاولنا الحصول على نسخ من بعض
العقود التي وقعوها، وكانت المفاجأة انهم وقعوا على عقود لم
يحصلوا على نسخة منها على الرغم من مطالبة البعض بذلك! فهل
هناك ثغرات يخشى البعض ان يُحاجج بها؟.
وتؤكد بعض الدفعات الجديدة انه حتى المكافأة اليتيمة والوحيدة
التي يحصل عليها الطبيب المتدرب تم تخفيضها 300 دينار في
العقود الجديدة.
ومن الأمور الملفتة هنا ان احدى هذه الحالات وافقت على الدخول
في برنامج التدريب هذا، ولكن لم تحصل على التخصص الذي ترغب
به. وكان الفرج ان حصلت على عرض في مستشفى بدولة مجاورة
وبالتخصص الذي تطمح اليه، وكانت المفاجأة ان العقد نص على
مرتب يبلغ 200% مما كانت ستحصل عليه هنا، ويضاف اليه
العلاوات والبدلات. وهي تتساءل: هل يعقل ان اضطر إلى التدرب
خارج البحرين كي احصل على حقوقي كطبيبة؟
وأمام ذلك، يلخص الأطباء مشكلتهم بأن أعمارهم تتقدم، وهم غير
موظفين رسميا، وغير مؤمن عليهم، لديهم أسر ومسؤوليات، وامامهم
مستقبل مجهول وحقوق ضائعة.
وكما ابتدأنا الموضوع نختتم به، وهو أن أملهم اليوم بالرئيس
التنفيذي للمستشفيات الحكومية الدكتورة مريم الجلاهمة التي يشهد
الجميع بدعمها للبحرينيين، وابتدأت منذ اليوم الأول لتوليها هذه
المسؤولية باتخاذ خطوات جادة.
الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
القانون وفقًا لآخر تعديل- قانون رقم
(38) لسنة 2009 بإنشاء الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية
المرسوم وفقاً لآخر تعديل- مرسوم رقم (5) لسنة 2013 بإنشاء المجلس الأعلى للصحة
نـواب يـوقعون على طلب مناقشة عامة حول تزايد البطالة في صفوف الأطباء
مجلس الوزراء يطلق 5 مبادرات لتوظيف الأطباء.. و800 دينار حد أدنى لأجورهم