جريدة أخبار الخليج
العدد : 16724 - السبت ٠٦ يناير ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ جمادى الآخر ١٤٤٥هـ
الشورى يتجه إلى
رفض تعديل قانون «الحماية من العنف الأسري»
يتجه مجلس الشورى إلى التوافق مع مجلس النواب
بشأن رفض مشروع قانون بتعديل مشروع قانون الحماية من العنف
الأسري، وذلك بعد تمسك لجنة شئون المراة والطفل بمجلس الشورى بعدم
الموافقة على مشروع القانون الذي يهدف إلى مُعاقبة من يمتنع
عن الالتزام بواجب التبليغ عن أي واقعة عنف أسري عَلم بها،
وذلك من بين فئات الأشخاص الوارد ذكرهم في المادة (8) من
القانون وهم من علم بواقعة العنف الأُسري بحكم عمله، أو
مهنته الطبية أو التعليمية، وتكون العقوبة الغرامة التي لا تقل
عن مائتي دينار ولا تجاوز ألفي دينار، وتُشدد إلى عقوبة
الحبس الذي لا تقل مدته عن سنة والغرامة التي لا تقل عن
ألف دينار ولا تجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين
إذا كان الامتناع عن التبليغ يتعلق بجريمة عنف أسري نجم عنها
وفاة أو عاهة مستديمة.
وشددت اللجنة في تقريرها المعروض على مجلس الشورى يوم الأحد
القادم على أن مشروع القانون يخالف السياسة التشريعية المستقرة
في مملكة البحرين القائمة على حفظ كيان الأسرة، موضحة أن
العديد من القوانين صدرت بهدف حماية الأسرة والحفاظ عليها، وفي
المجال الجنائي على وجه الخصوص، كانت حماية الأسرة محل اعتبار
المُشرع في نطاق التجريم والعقاب.
وأوضحت اللجنة أن الغاية والهدف من مشروع القانون بفرض عقوبة
على عدم التبليغ متحققان على أرض الواقع في النصوص النافذة،
وذلك أن حق التبليغ عن جرائم العنف الأسري مُقرر جوازًا لكل
معتدى عليه من العنف الأسري أو أي فرد من أفراد الأسرة،
عملا بصريح نص المادة (8) من قانون الحماية من العنف الأسري
التي ورد بها أن «لكل معتدى عليه من العنف الأسري أو أي
فرد من أفراد الأسرة حق التقدم ببلاغ عن واقعة العنف
الأسري».
كما أن حق التبليغ عن الجرائم بشكل عام من الحقوق الأساسية
للإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية،
بالإضافة إلى أن التبليغ عن جرائم العنف الأسري يكون وجوبيا
على كل من علم بواقعة عنف أسري بحكم عمله، أو مهنته الطبية
أو التعليمية.
وأشارت اللجنة إلى أن قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم
من سوء المعاملة غطّى كافة الأمور المتعلقة بسوء معاملة الطفل،
بما يغني عن الحاجة إلى مشروع القانون.
ولفتت اللجنة إلى أنه لا يجوز للنيابة العامة تحريك الدعوى
الجنائية في أغلب جرائم العنف الأسري إلا بناء على شكوى من
المجني عليه، وبالتالي، فلا تأثير لفعل وجوب التبليغ عن وقائع
العنف الأسري، في حالة عدم تقدم المجني عليه بشكوى في
الحالات التي نص القانون على وجوبها في تحريك الدعوى
الجنائية.
ونوهت إلى أن النص العقابي الوارد بمشروع القانون يُخاطب فئة
غير مُحددة من الأفراد، بالمخالفة لطبيعة النصوص العقابية التي
يجب أن تتصف بالدقة والتحديد، وخاصةً في مجال التجريم والعقاب،
حيث جاء النص الوارد بمشروع القانون لتجريم عدم الإبلاغ إذا
حدث من أي من الثلاث فئات الذين حددتهم المادة (8) من
القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري
وهم من علم بواقعة عنف أسري بحكم عمله، وصاحب المهنة الطبية
وصاحب المهنة التعليمية، وإن كان الأخيران محددين بمهنتيهما
الطبية والتعليمية، فإن الفئة الأولى -وهم من علم بواقعة عنف
أسري بحكم عمله- يوسع من نطاق الموجه إليهم الالتزام على نحو
لا يتسع معه للشخص تقدير كونه مُلزما بالتبليغ من عدمه، وهو
ما يتعارض مع طبيعة النصوص العقابية التي يجب أن تكون مُحددة
على سبيل القطع.
علاوة على اتساع النص وشموله لخدم المنازل مؤداه إقحام هؤلاء
فيما قد ينشأ داخل الأسرة من مشاكل تحت طائلة عقوبة جنائية
تهددهم، وفي ذلك انتهاك لحرمة الأسرة.
وأوضحت لجنة شئون المراة والطفل بمجلس الشورى أنه قد يترتب على
تطبيق هذا النص آثار غير مقبولة، وذلك فيما لو تم عقاب شخص
ما لامتناعه عن التبليغ عن واقعة عنف أُسري تمّ العلم بها
بطريق آخر، وفي ذات الوقت تنازل المجني عليه عن حقه في
الشكوى قبل تحريك الدعوى الجنائية أو بعد تحريكها وفي أية
حالة كانت عليها الدعوى فتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل عنها
بمقتضى نص المادة (19) من قانون الحماية من العنف الأسري،
ولا يتم بالتالي عقاب الجاني في تلك الواقعة، بينما يقع
العقاب على الممتنع عن التبليغ.
كذلك، فإن قانون الحماية من العنف الأُسري في إطار ما نظمه
من سياسية تشريعية اجتماعية للدولة لم ير حاجة إلى النص على
عقوبة على مرتكب واقعة العنف الأُسري، ومن ثم فإن عدم النص
على مُعاقبة من لم يقم بالتبليغ عن هذه الجريمة يكون من
باب أولى.
وأشارت اللجنة إلى أن غالبية التشريعات المقارنة لم تقرر عقوبة
على عدم التبليغ عن جرائم العنف الأسري، كما أن غالبية الدول
العربية لم تقرر أي عقوبة كجزاء على عدم التبليغ مثل مملكة
البحرين، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية لبنان، وبعض
الدول لم تنظم قانونًا لمكافحة العنف الأسري مكتفية بما نص
عليه في قانون العقوبات مثل دولة قطر، في حين أن المملكة
الأردنية الهاشمية قررت عقوبة الحبس مدة لا تزيد على أسبوع
أو الغرامة التي لا تجاوز خمسين دينارًا كجزاء على عدم
التبليغ، وهي عقوبة في حدها الأدنى، وبعض الدول أحالت في ذلك
إلى قانون العقوبات مثل دولة الكويت، وبعضها جعل عدم التبليغ
مخالفة إدارية فقط للموظف العام المكلف، وقرر لذلك عقوبة
تأديبية مثل المملكة العربية السعودية.
كما تؤكد اللجنة من خلال دراستها للقانون رقم (58) لسنة 2017
بشأن القضاء على العنف ضد المرأة في تونس أنه لم يتناول
النص عقاب من يمتنع عن واجب التبليغ، كما أن القانون رقم
(103) لسنة 2018 بشأن محاربة العنف ضد النساء في المغرب لم
ينص على معاقبة من يتخلف عن الإبلاغ، وتأمل اللجنة الرجوع
إلى الجدول المرفق في هذا الشأن.
ولذلك ترى اللجنة التوافق مع الاتجاه السائد المقرر في
التشريعات المقارنة، والذي يتوافق مع المُستقر في وجدان اللجنة
بتقرير الأولوية للمصلحة الفضلى للأسرة في هذا الشأن.
وكانت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة قد أشادت بقرار اللجنة
إعادة النظر في مشروع القانون، وبينت أن المجلس الأعلى للمرأة
يتفق مع ما جاء في مذكرة الحكومة بشأن مشروع القانون، حيث
تكمن الغاية المرجوّة من المشروع في تقرير عقوبة جنائية على
من يمتنع عن التبليغ عن أي جريمة عنف أسري نَمَتْ إلى علمه
بحكم عمله، وتشديد هذه العقوبة إذا نجم عن هذه الجريمة وفاة
أو عاهة مستديمة، باعتبار أنّ التبليغ عن الجرائم بشكل عامّ،
وعن جريمة العنف الأسري بشكل خاصّ، من الحقوق الأساسية للإنسان
التي كفلتها المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، بل إنّ هذا
الحق يرقى إلى مصاف الواجب في كثير من الأحيان، وذلك عند
ممارسته من قبل الموظفين العموميّين، إذ قد يحول التبليغ عن
الجريمة في كثير من الأحيان دون وقوعها، وكذلك تفادي النتائج
التي قد تنجم عنها.
كما يرى المجلس الأعلى للمرأة ضرورة إعادة النظر في تقدير
العقوبة السالبة للحريّة المقرّرة في هذا الشـأن لتكون أكثر
تناسبًا، ودرءًا للتشديد المبالغ فيه أو الإفراط غير المبرّر
في تحديد مقدار العقوبة، ولتتّسق مع نظيرتها المقرّرة في
المادة (230) من قانون العقوبات والتي تعاملت مع الإهمال في
التبليغ من قبل الموظف المكلّف وغير المكلّف بالبحث عن
الجرائم، وليكون هناك حرص والتزام من قبل الملتزمين بالإبلاغ
عن حالات العنف الأسـري، وعدم التأخّر في التبليغ عن واقعة
العنف خلال مدة لا تتجاوز (24) ساعة، كما أنّ تحديد الإطار
الزمني سيساعد على رصد الآثار المادية الناتجة عن العنف وخاصة
العنف الجنسي والجسدي والتي يمكن أن تخف أو تزول مع مرور
الوقت.

الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
قانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من
العنف الأسري
المرسوم بقانون وفقا لأخر تعديل - مرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون
العقوبات