الوطن - الأحد 25 نوفمبر 2007م - العدد 714
بين قانون الخدمة المدنية البحريني ولائحته التنفيذية
يعد حق الإنسان في الدفاع عن نفسه أحد الأركان الأساسية للعدالة، لذلك فقد سعت
مختلف الدساتير والتشريعات للنص على هذا الحق وتنظيم أحكامه، بل أصبح حق الدفاع من
المبادئ العامة للقانون المستقرة في ضمير الجماعة والتي يستطيع القاضي أن يكشف
عنها من روح التشريع وقواعد العدل والإنصاف والضمير العام للجماعة حتى في حالة غياب
وجود النص الصريح. ولم تعد مسألة الاهتمام بحق الإنسان في الدفاع عن نفسه تنحصر
في التشريعات الداخلية للدول بل أن هذه المسألة قد نالت اهتماماً عالمياً
ملحوظاً فقد جاء في المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي
أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948: ''كل شخص متهم بجريمة
يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد وفـّرت
له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه''.
كما جاء في المادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي
تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16 ديسمبر 1966 وأصبح نافذاً
في 23 مارس 1976: لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته وعلى
قدم المساواة التامة بالضمانات الدنيا التالية: ''أن يحاكم حضورياً وأن
يدافع عن نفسه بشخصه أو بواسطة محام من اختياره''.
وتبنى المشرع الدستوري البحريني ذات المبدأ في المادة (20/ج) منه
اذ جاء فيها ''المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له
فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً
للقانون''
وبناءً على هذه المبادئ فقد أولت التشريعات الوظيفية اهتماماً ملحوظاً بحق الموظف
الذي يوجه إليه الاتهام بارتكاب المخالفة التأديبية في الدفاع عن نفسه باعتبار
أن ذلك يعد من المقومات الأساسية لعدالة التأديب.
ولم يشذ قانون الخدمة المدنية البحريني رقم (35) لسنة 2006 عن هذه التشريعات،
فتبنى مبدأ حق الموظف الذي تنسب إليه المخالفة التأديبية في الدفاع عن نفسه،
حيث نصت المادة (60) منه على أنه: ''لا يجوز توقيع الجزاء على الموظف إلا
بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ....''.
ويمكن القول إن المادة المذكورة جاءت بالأحكام التالية:
1- عدم جواز إيقاع أي جزاء على الموظف إلا بعد التحقيق معه لأن النص جاء مطلقاً
بعبارة ''لا يجوز توقيع الجزاء...'' وحيث أن المطلق يجري على اطلاقه ما
لم يرد قيد بتقييده، وحيث ان المشرع لم يفرق بين الجزاءات البسيطة والجزاءات
الجسيمة في هذا الصدد. لذلك لا جزاء بلا تحقيق وسماع اقوال الموظف وتحقيق دفاعه.
2- يجب أن يكون التحقيق مع الموظف كتابة، وهذا يعني أنه لصحة إجراءات التحقيق
فلابد من تدوين مجريات التحقيق في محضر مكتوب مستوفٍ للشروط القانونية.
3- سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه.
أما اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية والصادرة عن مجلس الوزراء بالرقم (37)
لسنة 2007 فقد أولت اهتماماً ملحوظا بالتحقيق والتأديب الوظيفي وخصصت أحكام
الفصل الثاني عشر، المواد من (214 - 042( لهذا الموضوع.
وقد بيّنت اللائحة المذكورة ضوابط تشكيل لجنة التحقيق مع الموظف، والإجراءات التي
يجب أن تتخذ أثناء التحقيق، والتي من أهمها ما جاءت به المادة (221) من أحكام
تشكيل ضمانة مهمة من ضمانات التحقيق، ومنها إخطار الموظف كتابة خلال مدة لا تتجاوز
خمسة عشر يوماً من تاريخ إحالته للتحقيق للمثول أمام اللجنة في المخالفة أو المخالفات
المنسوبة إليه.
ويجب أن يتضمن الإخطار بياناً موجزاً بالوقائع التي تشكل المخالفة أو المخالفات
وتاريخ وقوعها، على أن يقوم الموظف بالتوقيع على الإخطار بما يفيد الاستلام،
وكذلك الاستماع إلى أقوال الشهود واستدعاء الخبراء، (المادة221/6 ) والاستماع
إلى أقوال الموظف إن رغب في الإدلاء بها شفاهة أو كتابة، والاستماع إلى شهود الدفاع
عنه (المادة221/7) ومنحه الحق في سبيل تحقيق دفاعه أن يستعين بمن
يراه مناسباً. (المادة221/8 )
ونرى أن عبارة ''.... بمن يراه مناسباً ....'' الواردة في المادة (221/8
) جاءت مطلقة مما يتيح للموظف الاستعانة بمحامٍ للدفاع عن نفسه أو بذوي الخبرة
القانونية أو أي شخص آخر يعتقد الموظف بقدرته على الدفاع عنه.
ولكن على الرغم من هذه المبادئ المهمة والضمانات التي جاءت بها اللائحة التنفيذية
في كفالة حق الموظف في الدفاع عن نفسه أثناء التحقيق.
إلا أن ما جاء في المادة (221/4) من اللائحة المذكورة يدعو إلى التساؤل بصدد
جدوى تلك الضمانات إذ جاء فيها: ''لا يتم التحقيق إلا بحضور الموظف، ويجوز أن
يجري التحقيق في غيابه إذا اقتضت مصلحة التحقيق أو ظروف الموظف ذلك''.
ومعنى النص المذكور أنه جوّز الخروج على القاعدة العامة التي تقول إن الجزاء لا
يفرض دون تحقيق مع الموظف، ذلك أن اللائحة أجازت أن يجري التحقيق مع الموظف
في غيابه في حالتين هما:
- إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.
- إذا اقتضت ظروف الموظف ذلك.
ونرى أن نص الفقرة (4) من المادة (221) من اللائحة التنفيذية يخالف صراحة
المادة (60) من قانون الخدمة المدنية. فالقانون لم يجوّز إيقاع أي جزاء
على الموظف إلا بعد ''التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه''. بينما
أجازت اللائحة أن يجري التحقيق في غياب الموظف إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.
ونرى أن النص المذكور يترك للسلطة المختصة بالتحقيق واسع التقدير في أن تقرر أن
مصلحة التحقيق دعتها إلى إجراء التحقيق في غياب الموظف.
وإذا ما تم ذلك فإنه يعد هدراً لأحد أهم ضمانات التحقيق مع الموظف وهو كفالة حق
الدفاع. ثم أن المادة (224/10) من اللائحة التنفيذية اجازت للجنة التحقيق وقبل
اعداد توصياتها بهدف عرضها على السلطة المختصة بالتأديب أن تستمع الى أية ظروف أو أسباب
مخففة يرغب الموظف في الإدلاء بها. فإذا كانت الائحة قد أباحت للجنة التحقيق
أن تجري التحقيق في غياب الموظف عندما تعتقد أن ذلك يحقق مصلحة التحقيق، فكيف
يتسنى لها عندئذ أن تستمع الى ما يبديه الموظف من أسباب قد تدعو الى تخفيف الجزاء
التأديبي الذي سوف تقترحه لجنة التحقيق؟
والذي نراه في ضوء الواقع التشريعي البحريني أن النص الذي يجب أن يعمل
به هو النص الوارد في قانون الخدمة المدنية وهو المادة (60) وأنه حيث ما تتعارض
القواعد التشريعية مع القواعد اللائحية فإن القواعد التشريعية تكون أولى بالاتباع.
وأنه لا يجوز أن يفرض أي جزاء على الموظف في البحرين إلا بعد التحقيق معه كتابة
وسماع أقواله وتحقيق دفاعه. لأن ذلك ينسجم تماما مع صراحة الأحكام الواردة في
الدستور وقانون الخدمة المدنية، كما أن أحكام القضاء زاخرة بالمبادئ التي تؤكد
حق الموظف في الدفاع عن نفسه أثناء التحقيق أو أثناء محاكمته تأديبيا، اذ اعتبرت
المحكمة الإدارية العليا في مصر مواجهة الموظف بما نسب اليه بالحد الأدنى من الضمانات
الأساسية التي ينبغي كفالتها للموظف سواء في مرحلة التحقيق أو المحاكمة. حيث
قالت ''...ايقاف العامل على حقيقة التهم المسندة اليه وأحاطته علما مختلف الأدلة
التي تشير الى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلي بأوجه دفاعه قبل توقيع
الجزاء عليه، ويتطلب ذلك استدعاء العامل وسؤاله وسماع الشهود إثباتا ونفيا حتى يصدر
الجزاء مستندا على سبب يبرره دون تعسف أو انحراف...''.
وذهبت محكمة الاستئناف العليا المدنية في مملكة البحرين بذات الاتجاه حيث قالت ''...وإذ
خلت الأوراق مما يفيد اعطاء المستأنف ضده أية معلومات عن الشهود أو أن التحقيقات
قد أجريت بشأن ما اسند اليه، ومن ثم يكون القرار الصادر بفصل المستأنف ضده قد صدر
قبل اتخاذ الإجراءات التي نص عليها القانون، رغم كونها اجراءات جوهرية تؤثر في
سلامته، لم تتضمنه من ضمانات مقررة للموظف بما يبطل القرار الصادر بحق المستأنف
عليه ...''.
بناء عليه لا نجد أن هنالك ما يبرر ما ورد في الفقرة(4) من المادة
(221) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية، لأنها تعد خروجا صريحا على
نص المادة (60 ) من قانون الخدمة المدنية ،وأن اللجوء اليها تحت مبرر أن مصلحة
التحقيق تقتضي ذلك، يمثل مساسًا واضحا بحق الدفاع الى منحه القانون للموظف العام.
وأن الحالة الوحيدة التي تبرر عدم سماع أقوال الموظف ودفاعه هي حالة عدم حضوره
للتحقيق على الرغم من اتباع الإجراءات الأصولية في تبليغه المنصوص عليها في المادة
(221/3) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية.
دستور
مملكة البحرين
قانون
بإصدار قانون الخدمة المدنية
مرسوم
بقانون بإنشاء مجلس
الخدمة المدنية
مرسوم
بقانون بشأن إنشاء مجلس تأسيسي لإعداد
دستور للدولة
مرسوم
بشأن تـنظيم ديوان الخدمة المدنية
قرار
بشأن تعديل رواتب الموظفين
والمستخدمين في الحكومة
قرار
بشأن الإجازة المرضية لموظفي الحكومة العاملين في الخدمة المدنية
قرار
بشأن تقرير زيادة لأصحاب المعاشات والمستحقين عنهم من
موظفي ومستخدمي الحكومة
من المدنيين والعسكريين
إعلان
بشأن راتب الموظفين