جريدة أخبار الخليج العدد :
16998 - الأحد ٠٦ أكتوبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٣ ربيع الآخر ١٤٤٦هـ
بعد قرار النائب
العام إنشاء مكتب الصلح في قضايا الأسرة والطفل..
رئيس المكتب محمد بوحجي في أول حوار: حماية الأسرة والطفل والنشء أولوية قصوى
أصدر النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين
في 22 سبتمبر الماضي قرارا بإنشاء مكتب بنيابة الأسرة والطفل
بمسمى «مكتب الصلح في قضايا الأسرة والطفل» يختص باتخاذ
إجراءات الصلح فيما يحال إليه من قضايا نيابة الأسرة والطفل
المقيدة عن الجرائم التي تقع في نطاق الأسرة، والجرائم التي
يرتكبها طفل تجاوز خمس عشرة سنة ميلادية ولم يتجاوز ثماني
عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة التي يجوز فيها
الصلح أو التصالح أو التنازل قانوناً، والتي ترى النيابة
العامة إمكان حسم النزاع وإنهاء الخصومة فيها بما يجيزه
القانون، ووفقاً للاعتبارات والمصالح المُقدرة قانوناً.
ويعد المكتب خطوة للأمام تخطوها النيابة العامة في سبيل تعزيز
دورها الاجتماعي وكسب المزيد من ثقة المجتمع من خلال الانخراط
في قضاياه والعمل على حل مشاكله بناء على ما يتوافر لديها
من معلومات ومعطيات بناء على ما تباشره من قضايا أسرية، حيث
ترى في إحالتها إلى المحكمة ما يؤثر سلباً على الوشائج
الأسرية أو مصالح الطفل الفضلى وتستدعي لظروفها وأبعادها النظر
في إمكان حسمها من خلال إجراءات الصلح وفقاً للقواعد والمعايير
المراعية لتلك المصالح والواردة بالقانون الوطني والصكوك الدولية
المنضمة إليها المملكة.
«أخبار الخليج» التقت رئيس النيابة محمد عبدالحكيم بوحجي نائب
رئيس نيابة الأسرة والطفل، ورئيس مكتب الصلح بقضايا الأسرة
والطفل في أول حوار له ليتحدث عن اختصاصات المكتب والضوابط
التي يعمل من خلالها ودور المكتب في الحد من الجرائم في
نطاق الأسرة والجرائم الواقعة من وعلى الطفل، وهل إن انشاء
مكتب خاص لقضايا الأسرة يعكس ارتفاعا في القضايا، ام إنها
خطوات استباقية من النيابة للتواصل مع المجتمع بشكل أكبر؟ هل
المكتب معني بالقضايا التي أحد أطرافها الأطفال، أم قضايا
الأسرة بشكل عام؟ وهل قضايا الأزواج تدخل في دائرة اختصاصات
المكتب؟ وإذا كانت تدخل في إطار المكتب فهل بينها وبين
التوفيق الأسري تعارض؟
إلى نص الحوار:
- صدر قرار النائب العام بإنشاء مكتب الصلح في قضايا الأسرة
والطفل، فما الغرض من إنشاء هذا المكتب؟ وما هي اختصاصاته؟
القضايا التي في اختصاص نيابة الأسرة والطفل دائما تدخلها
الاعتبارات الإنسانية والعلاقات الأسرية، ولذلك فإن نهج النيابة
العامة في التعامل والتصرف في هذه النوعية من القضايا يتطلب
قدراً كبيراً من إعمال المواءمة مراعاة لتلك الاعتبارات
والعلاقات حفاظاً على الوشائج الأسرية وضمان استقرار الأسرة
وتنشئة الطفل في أجواء صحية سليمة، وهذا يتطلب وجود آليات
قانونية مناسبة تمكن النيابة من حسم الخصومة الجنائية على
النحو الذي يحقق هذه الأهداف.
لهذا واتباعاً لما أجازه القانون من إمكان حسم بعض الدعاوى
صلحاً، فقد أنشئ مكتب الصلح للمساعدة في سرعة إنجاز قضايا
الأسرة والطفل باستعمال هذه الإتاحة القانونية، وقد نظم قرار
النائب العام كيفية مباشرة المكتب اختصاصاته بأن يتخذ إجراءات
الصلح فيما يحال إليه من قضايا نيابة الأسرة والطفل المقيدة
عن الجرائم التي تقع في نطاق الأسرة، وكذلك الجرائم التي
يرتكبها الطفل الذي تجاوز سنه الخمس عشرة سنة ولم يتجاوز
الثامنة عشرة وقت ارتكابه الجريمة بشرط أن تكون الجريمة مما
يجيز القانون فيها الصلح أو التنازل. وترى النيابة إمكان حسم
النزاع وإنهاء الخصومة في الدعوى من هذا الطريق وفقاً لما
تقدره من الظروف والمصالح المعتبرة.
- س: وعلى أي نحو سيباشر المكتب اختصاصاته تلك؟
يتلقى المكتب القضايا المحالة إليه بعد دراستها من قبل نيابة
الأسرة والطفل من حيث ظروف وقائعها وأبعادها ومدى تأثيرها على
الأسرة والطفل والمجتمع، وتقييم الظروف الشخصية للجاني وحالته
الجنائية، ومدى قابلية الخصومة لإنهائها صلحاً بناء على اعتبارات
مصلحة الأسرة والمصالح الفضلى للطفل، وبناء على ذلك يعرض
المكتب الصلح أو التصالح أو التنازل على الأطراف مع إحاطتهم
بما يترتب على ذلك من انقضاء الدعوى، ويثبت الصلح أو التنازل
في محاضر وإقرارات، ويتم ذلك بمعرفة الباحث القانوني الذي له
الاستعانة بالباحث الاجتماعي إذا اقتضى الأمر، وذلك تحت إشراف
رئيس المكتب أو نائبه، وهناك ضوابط يتعين اتباعها في تلك
الإجراءات، منها أن يكون عرض الصلح والتنازل على الأطراف لمرة
واحدة فقط وفي حيادية تامة، واشتراط موافقة الأطراف جميعاً
للسير في الإجراءات، وحضور ولي أمر الطفل أو المسؤول عنه هذه
الإجراءات، وضمان حق الأطراف في الحصول على المشورة القانونية،
وأن تكون الإجراءات بصدد الجرائم التي يتهم فيها طفل مُقدمةً
على سائر الإجراءات أو التدابير القضائية، وأن تُعطى في ذلك
الأولوية بهدف إنهاء الدعوى صلحاً أو تصالحاً أو تنازلاً،
بالإضافة إلى إنجاز المكتب جميع تلك الإجراءات في مدة أقصاها
أسبوعان من تاريخ ورود القضية يجوز تمديدها بموافقة رئيس
المكتب لمدة مماثلة ولمرة واحدة.
- س: إلى أي حد سيكون للمكتب واختصاصاته آثار اجتماعية
إيجابية؟
لا شك أن من شأن تطبيق القانون فيما أجازه من الصلح
والتنازل في الدعاوى الجنائية، وبالأخص في قضايا الأسرة والطفل،
مع تفعيل دور مكتب الصلح المرسوم بقرار إنشائه تعزيز الاستقرار
الأسري، وتحقيق مصالح الطفل بأطر تسوية نزيهة وسريعة، والجدير
بالذكر أن مهام مكتب الصلح لا تقتصر فقط على الإجراءات
المشار إليها آنفاً، بل هناك مهام أخرى أسندها إليه قرار
النائب العام تسهم في الحد من الجرائم في نطاق الأسرة
والجرائم الواقعة من وعلى الطفل، ومن هذه المهام إجراء وإعداد
الدراسات والأبحاث لرصد أسباب هذه الجرائم وإبداء المقترحات
والتوصيات لمعالجتها.
- س: نرى اهتماما من النيابة العامة بقضايا الأسرة بشكل العام
وقضايا الطفل بشكل خاص، هل ذلك الاهتمام يعكس ارتفاعا في
قضايا الأسرة والطفل، أم إنها خطوات استباقية من النيابة
للتواصل مع المجتمع بشكل أكبر؟
ج: الاهتمام يرجع إلى خصوصية أطراف الدعوى الجنائية وهم أفراد
الأسرة الواحدة والطفل، وهذا الاهتمام هو انعكاس للحرص البالغ
الذي يوليه سعادة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين
لهذه الفئة ولقضاياهم، وذلك حرصاً على الروابط الأسرية ومستقبل
الطفل، ولهذا تلاحظون التطوير المستمر غير المنقطع لنيابة الأسرة
والطفل بهدف رفع كفاءتها للتعامل مع هذه القضايا وأطرافها،
ولتواكب أية مستجدات واقعية أو قانونية، ومكتب الصلح هو أحد
مظاهر ذلك التطوير من أجل حسم الخصومة الجنائية على النحو
الذي يحقق استقرار الأسرة، ويرعى المصالح الفضلى للأطفال التي
جعل لها القانون الأولوية في كافة الإجراءات والأحكام
والقرارات.
- س: هل يمكن اعتبار إنشاء "مكتب الصلح" أحد ثمار ومخرجات
نظام الوساطة القضائية؟ ومتى بدأت فكرة إنشاء المكتب؟
الوساطة الجنائية لها نظام معين وإجراءات خاصة، ولكن يمكن القول
إن مكتب الصلح يلتقي مع الغرض من الوساطة غير أن اختصاصاته
وإجراءاته مختلفة لحسم الخصومة، فهو يباشر مهامه دون التدخل
برأي، فمن بعد دراسة الواقعة موضوع القضية وأبعادها ومدى
تأثيرها على الأسرة والطفل والمجتمع، وتقييم الظروف الشخصية
للجاني وحالته الجنائية، ومدى قابلية الخصومة لإنهائها صلحاً
بناء على اعتبارات مصلحة الأسرة والمصالح الفضلى للطفل، يعرض
المكتب الصلح أو التصالح أو التنازل على الأطراف مع إحاطتهم
بما يترتب على ذلك من انقضاء الدعوى، ويثبت الصلح أو التنازل
في محاضر وإقرارات، ويتم ذلك بمعرفة الباحث القانوني الذي له
الاستعانة بالباحث الاجتماعي إذا اقتضى الأمر، وكما أوضحت.. هناك
ضوابط يتعين اتباعها في تلك الإجراءات، منها أن يكون عرض
الصلح والتنازل على الأطراف لمرة واحدة فقط وفي حيادية تامة،
واشتراط موافقة الأطراف جميعاً للسير في إجراءات الصلح.
- س: هل كان إنشاء مكتب الصلح بناءً على دراسات معينة أو
ما وقفت عليه النيابة من حالات تستدعي الاستعانة فيها
باختصاصات ذلك المكتب؟
ج: جميع قضايا الأسرة والطفل تحتاج إلى دراسة اجتماعية إلى
جانب تحديد المراكز القانونية للأطراف، وأحياناً كثيرة نرى من
نتاج هذه الدراسة إمكان حسم الخصومة مبكراً دون استكمال السير
في الدعوى بتقديمها للمحكمة، وذلك للعلاقات والروابط الوثيقة
القائمة بين الخصوم ولإدراك مصلحتهم في إنهاء النزاع بشكل ودي،
وهو ما يتطلب إفاقتهم إلى جواز الصلح والآثار القانونية
المترتبة عليه، ومن هنا جاء إنشاء مكتب الصلح في قضايا
الأسرة والطفل بناءً على الحاجة الفعلية التي رصدتها النيابة
العامة لهذا الدور المهم الذي سيقوم به في هذا الشأن على
نحو تخصصي وبإجراءات محددة.
- س: هل المكتب معني بالقضايا التي أحد أطرافها الأطفال، أم
قضايا الأسرة بشكل عام؟ وهل قضايا الأزواج تدخل في دائرة
اختصاصات المكتب؟ وإذا كانت تدخل في إطار المكتب فهل بينها
وبين التوفيق الأسري تعارض؟
كما ذكرنا من قبل فإن دور واختصاص مكتب الصلح المنشأ بموجب
قرار النائب العام هو المساعدة في إنجاز قضايا الأسرة والطفل
بأن يتخذ إجراءات الصلح المبينة بالقرار فيما يحال إليه من
قضايا نيابة الأسرة والطفل، أي القضايا المقيدة عن الجرائم
التي تقع في نطاق الأسرة، أي بين أفرادها، وهذا يشمل الزوجين
والأطفال بطبيعة الحال، وذلك بشرط أن تكون الجريمة مما يجيز
القانون فيها الصلح أو التنازل، وترى النيابة إمكان إنهاء
الخصومة في الدعوى من هذا الطريق وفقاً لما تقدره من الظروف
والمصالح المعتبرة، وإن كان هذا يسهم في حسم الخلافات الزوجية
على سبيل المثال، إلا أن المكتب لا يطرح اتفاقات تسوية بين
الخصوم على غرار نظام التوفيق الأسري، وإن كان يلتقي معه من
حيث الأثر والنتيجة من الناحية الاجتماعية.
- س: مبادرات نوعية تتعلق بحماية المجتمع أطلقتها النيابة
العامة جعلت لها السبق خليجياً وعربياً، هل يمكن القول إن
النيابة العامة من هذا المنطلق قد رسخت دورها الاجتماعي إلى
جانب دورها القضائي في مواجهة الجريمة وآثارها؟
صحيح أن مكافحة الجريمة أياً كان نوعها تتطلب في الأساس
مجموعة من الإجراءات الحاسمة؛ ينتظمها القانون، وتباشرها سلطات
وأجهزة قادرة على إنفاذ أحكامه، وللنيابة العامة بلا أدنى شك
دور مؤثر في مكافحة الجريمة من خلال اختصاصها ومباشرة مهامها
في الدعوى الجنائية، غير أنه من منطلق أن الجريمة هي في
النهاية ظاهرة اجتماعية سلبية، ومن نتاج ظروف تحيط أو تعتري
الجاني، فإن النيابة العامة تؤمن بأن المكافحة الجادة للجريمة
لا ينبغي أن تقتصر فقط على المعالجة القانونية، بل ينبغي أن
تمتد لإزالة البواعث والظروف التي تدفع لارتكابها، ولهذا رأت
النيابة أن تكون لها مساهمات في مواجهة الجريمة من ذلك
الجانب من خلال الكشف عما ترصده من أسباب اجتماعية وشخصية
تقود إلى الجريمة والعمل على إزالتها أو الحد منها على أقل
تقدير، وأذكر في هذا المقام ما صرح به سعادة النائب العام
في العديد من المناسبات بأن النيابة العامة ليست بمعزلٍ عن
قضايا المجتمع وشواغله.
قانون رقم
(19) لسنة 2017 بإصدار قانون الأسرة
أمر ملكي
رقم (24) لسنة 2017 بتشكيل لجنة شرعية لمراجعة مشروع قانون الأسرة