الوسط - الأربعاء 6 فبراير 2008م - العدد 1979
البحارنة: التعديل المقترح لقانون الجنسية لصالح البحرينية جزئي لا يحل المشكلة
الجفير
- ندى الوادي
أكد الباحث والقانوني حسين البحارنة أن التعديل المقدم لمجلس النواب على قانون الجنسية
لصالح البحرينية المتزوجة من أجنبي لا يحل المشكلة، لأنه يبقى تعديلا جزئياً. وأشار
إلى أن موضوع منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية وملف التجنيس السياسي مرتبطان ارتباطاً
شرطياً، متسائلاً عن السبب في عدم تجنيس أبناء أمضوا أكثر من 30 عاماً في البحرين على
رغم نص القانون على ذلك.
من جانبه، قال النائب إبراهيم الحادي إن رئيس لجنة الدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب
النائب عادل المعاودة، أكد له ميل الحكومة لرفض المقترح المقدم بخصوص تعديل قانون الجنسية
لصالح المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي، في الوقت الذي يحتمل أن تتقدم الحكومة بمقترح
آخر بديل في هذا الخصوص، مشدداً على ضرورة ترشيد الخطاب فيما يخص هذا المطلب حتى لا
تضيع مطالب النسوة وقضيتهن في سجال سياسي بشأن التجنيس السياسي.
وكانت الحملة الوطنية بشأن حق منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية، جددت مطالبتها
بتعديل المادة رقم 4 من قانون الجنسية البحريني ليمنح الحق للبحرينية أن تعطي جنسيتها
لأبنائها، وذلك في الحلقة الحوارية التي نظمتها مساء أمس الأول بمناسبة يوم المرأة
العربية الذي يصادف الأول من فبراير/ شباط، وتحدث فيها كل من الأكاديمي حسين البحارنة،
والنائب إبراهيم الحادي، علاوة على رئيسة جمعية البحرين النسائية وجيهة البحارنة وعضو
اللجنة المنظمة للحملة هناء المحروس. واستعرضت عدد من النساء البحرينيات المتضررات
قصصاً أليمة يعانينها يومياً هن وأبناؤهن بسبب قانون الجنسية الحالي.
وفي مداخلتها بشأن القانون، قالت رئيسة الاتحاد النسائي مريم الرويعي، إن المشكلة الرئيسية
التي تواجه ملف منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من أجنبي، متعلقة بربط
الملف بموضوع التجنيس السياسي، مؤكدة أن الموضوعين مختلفان تماماً، إذ أشارت إلى أن
نقل البحرينية جنسيتها لأبنائها هو حق دستوري أصيل، يجعل قانون الجنسية مخالفاً للحق
الدستوري.
وأضافت أن «موضوع التجنيس السياسي هو ملف آخر ذو خطورة كبرى ولا يقارن بملف المرأة
البحرينية، فقد سمعنا عن تجنيس ما يقرب من 50 ألف شخص بحسب الإحصاءات الأخيرة، بينما
لا تزيد عدد البحرينيات المتزوجات من أجانب عن 2000 سيدة مع أبنائها. وعلى رغم أن الجنسية
حق أصيل لهؤلاء الأبناء، فإنهم لا يمنحون إياها حتى بعد مرور أكثر من 30 سنة من الإقامة
في البحرين. وهي مخالفة حتى لقانون الجنسية الحالي. ولانزال لا نعرف السبب في منع إدارة
الهجرة والجوازات منح الجنسية لهؤلاء الأفراد».
وحملت الرويعي مجلس النواب مسئولية حمل هذا الملف وخصوصاً بعد أن قامت الحملة الوطنية
بمقابلة الكتل النيابية وعرض مشكلات الحالات المتضررة عليها، مطالبة المجلس بترجمة
الوعود التي منحت للمتضررات بحل مشكلاتهن وتعديل القانون بالفعل. وقالت «لن يستقيم
الحال حتى يتم تعديل المادة رقم 4 من قانون الجنسية لصالح المرأة البحرينية، فكل ما
نجده لا يتعدى الوعود البراقة التي لا تنفذ ولا تترجم على أرض الواقع، ولذلك لابد أن
يتخذ مجلس النواب موقفاً قوياً في هذا الخصوص».
غير أن رئيسة جمعية أوال ابتسام علي خالفت هذا التوجه، مؤكدة أن تغيير نص القانون المقترح
لن يحل المشكلة، لأنه يبقى تعديلاً جزئياً على القانون وليس حلاً جذرياً وشاملاً، فالدول
العربية برأيها لاتزال تأخذ في منحها الجنسية بحق الدم أو «النسب» وليس حق «الإقليم»
الذي تأخذ به الدول الغربية.
أما الباحث الأكاديمي حسين البحارنة، فأكد من جانبه أن القانون الدولي لا يتطرق إلى
إلزامية معينة بالنسبة إلى قوانين الجنسية في الدول وأن منح الجنسية مرتبط بسيادة كل
دولة، مشيراً إلى أن المبدأ العام في القانون الدولي الإنساني هو تركيزه على ألا يولد
أي شخص على إقليم أي دولة من دون أن يحمل جنسية، سواء للبلد الذي يعيش عليه أو للبلد
الذي ينتمي إليه والده. مشيراً إلى أنه لا يمكن معالجة قانون الجنسية من خلال الدستور،
لأنه يضع قواعد عامة فقط ويجب أن تكون تفسيراته دقيقة جداً، ونص الدستور لا يعني التطرق
إلى قانون الجنسية مادام يحافظ على المبدأ الأساسي في القانون الإنساني.
وأضاف البحارنة أن «دستور 2002 عقَّد الأمور أكثر من تسهيلها، إذ أفسح المجال لازدواج
الجنسية وهي خطورة بدأت القوى السياسية تشكو منها. ومن جراء ذلك وجدنا في التصريحات
الرسمية أن عدد سكان البحرين تجاوز المليون و46 ألفاً، وهو ما ساهم في تغيير الكتلة
الانتخابية في الانتخابات الماضية».
وأكد البحارنة أن موضوع منح الجنسية لأبناء المرأة البحرينية وملف التجنيس السياسي
مرتبطان ارتباطا شرطيا، ولا يمكن فصلهما، موضحاً أن الأمل المعقود على تغيير القانون
بما يحقق مصلحة النسوة المتضررات وأبنائهن، وخصوصاً أن التجنيس القانوني أيضاً لم يفعَّل
بالنسبة إليهن، فكثير من المتضررات بحرينيات متزوجات من مواطني دول مجلس التعاون منذ
أكثر من 30 عاماً ومازلن ينتظرن الجنسية لأبنائهن، متسائلاً عن السبب في عدم منح هؤلاء
الجنسية ولو بناء على النص الخاص بالتجنيس وفق الشروط القانونية وليس السياسية.
وأضاف البحارنة بقوله «إن التعديل على مشروع الحكومة لا يفيد النساء المتضررات شيئاً،
فهو خاص بتعديل الفقرة الأولى من المادة 6 فقط من القانون، وهو تعديل يكرر ما يتضمنه
دستور العام 1963. وفي هذه الحالة، لو كانت المادة المقترحة في المشروع متعلقة بالتجنيس
القانوني والاعتماد على الاشتراطات فسيأتي النص المتعلق بأبناء الأم البحرينية جزئياً،
وغير كلي لأنه يقوم بتجنيس الأبناء بالتجنس وليس بناء على حق أصيل».
واستنكر البحارنة التفريق الذي يقوم به القانون فيما يخص معاملة الخليجيين الذين منحوا
حق التملك والاستثمار الاقتصادي كالبحرينيين تماماً، بينما تمنع الجنسية البحرينية
عن أبنائهم، ليقول «يجب تمييز أبناء الخليجيين حتى عن العرب إذا كانت أمهاتهم بحرينيات،
فهم ليسوا بحاجة إلى الجنسية البحرينية، إذ يمكنهم أن يعيشوا كالمواطن البحريني تماماً،
ولذلك فما حاجتهم إلى الجنسية البحرينية عندئذ إذا كان التخوف من رغبتهم في الجنسية؟».
ابن معوق سمعياً... وأم تخشى انحراف ابنها... وطفلة لا تعرف تعقيدات الحرب ...حلمهم
الجنسية البحرينية... ولا علاج لهم سوى الانتظار
تزوجته منذ 30 عاماً، وكانت ثمرة الزواج ولدين، أحدهما معوق سمعياً، تفكر في مصيره
ليل نهار، لا تعرف كيف تضمن له مستقبله في بلد أبى أن يعترف بانتمائه لها...
إنها أم طالب، سيدة بحرينية طلقت من زوجها السعودي لتدخل دوامة لا نهاية لها، بين أروقة
الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة، تطلب منح ولديها جنسيتها، والسفارة السعودية،
والشهادات الرسمية التي لا تنتهي، حتى ملت كل ذلك واستسلمت، فكل ما يحصل فوق طاقتها،
ولا يمكنها أن تنهي الإجراءات لوحدها، وهي الخمسينية الأمية الضعيفة. كل ما تفكر فيه
اليوم هو ابنها الثاني، وكأنما لم يكن ما تعانيه من تعقيدات في حياتها كافياً، ليولد
معوقاً سمعياً، ليجعلها لا تنام الليل وهي تفكر في مصيره.
ليست أم طالب وحيدة، فكثيرات تعانين حالة مثل حالتها، مهما اختلفت التفاصيل. سهام،
التي تزوجت سعودياً مولوداً في البحرين تشعر بأن نظارة سوداء قاتمة تغلف عينيها عندما
تفكر في المستقبل. تتحدث بحرقة عن الظلم الذي تعانيه، فهي بحرينية «أصلية»، وزوجها
من مواليد البحرين لأم بحرينية وأب سعودي، ولأنه لا يحمل الجنسية البحرينية، لم تتمكن
من الحصول لأي من أبنائها على الجنسية، واستمرت حياتهم جحيماً، لا يمكن الحصول على
أي خدمات إسكانية أو صحية أو غيرها، ويبقى المستقبل غامضاً.
عواطف، ترى هي الأخرى المستقبل غامضاً، فقد فقدت قدرتها على السيطرة على ولديها اللذين
وصلا إلى مرحلة المراهقة، فصار واجباً عليها أن تأخذ مهمة الأب السعودي الذي طلقها
وتركهم لها. عواطف بين فكي كماشة، فهي بحاجة للعمل في نوبات عمل إضافية لتوفر لعائلتها
ولو أقل القليل من احتياجاتها، لكنها في الوقت نفسه بحاجة إلى البقاء ولو قليلاً لمراقبة
ابنها الذي وصل إلى عمر 13 عاماً، فهي تخشى عليه أن ينحرف في غيابها الطويل عنه.
بحرقة تقول وهي لا تعرف لمن توجه حديثها «تحاسبون النساء إذا انحرفن، لكن كل ما حولهن
يدفعهن للانحراف دفعاً. تخشون الإرهابيين وثورتهم، ولا تستبعدون أن تخرج النسوة في
مظاهرة عنيفة يوماً لتصبحن هن الإرهابيات من شدة القهر والألم».
غير أن قصة عواطف ليست بأقل تعقيداً من قصة أم طاهرة، التي تزوجت عراقياً منذ أكثر
من سنتين، ولم تتوقع أن يكون مجرد لقائها بزوجها مشكلة. رزقت بطاهرة التي أصبح عمرها
سنة واحدة، ولأنها أرادت أن تسفرها ليشاهدها والدها اضطرت لاستخراج جواز سفر عراقي
للطفلة، فزادت التعقيدات، لأن الجواز العراقي لا يدخل لأي بلد، ولا يمكنها البقاء بالطفلة
في البحرين إلا بتأشيرة إقامة، ولا يمكنها البقاء في العراق لخطورة الوضع الأمني، كما
لا يمكن لزوجها الاستقرار في البحرين لحاجته إلى كفيل للإقامة. وبين كل تلك التعقيدات
تبقى الطفلة طاهرة معلقة بيد والدتها تارة، ووالدها تارة تسأل ختماً على جوازها هنا،
وتأشيرة إقامة لها هناك، وهي التي لا دخل لها بالحرب ولا الوضع الأمني في المنطقة.
دستور
مملكة البحرين
دستور
دولة البحرين لعام 1973
قانون
الجنسية البحرينية
مرسوم
بقانون بتعديل قانون الجنسية
البحرينية لعام 1963
قرار
بشأن الجنسية البحرينية
إعلان
بشأن الجنسية البحرينية