الأيام - السبت 8 مارس 2008م
حقوق الإنسان مكفولة بنص الدستور
تعتبر الشرعية الإجرائية الجنائية مجرد حلقة من حلقات الشرعية الجنائية التي يخضع
لها القانون الجنائي. فهذا القانون يتتبع بالخطى الواقعة الإجرامية منذ تجريمها
والمعاقبة على ارتكابها إلى ملاحقة المتهم بالإجراءات اللازمة لتقرير سلطة الدولة في
معاقبته حتى تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه. وفي كافة هذه المراحل يضع القانون
الجنائي النصوص التي تمس حرية الإنسان، سواء عن طريق التجريم والعقاب، أو عن
طريق الإجراءات التي تباشر ضده، أو بواسطة تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه.
وعندما تعرض قضية الحرية على بساط البحث، يبرز مبدأ الشرعية ليحدد النطاق المسموح
به عند معالجة حقوق الإنسان في هذه الأحوال.
وقد ظهرت الحلقة الأولى من الشرعية الجنائية تحت اسم »لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون«،
لكي تحمي الإنسان من خطر التجريم والعقاب بغير الأداة التشريعية المعبرة عن إرادة
الشعب وهو القانون الصادر من السلطة التشريعية، ولكي تجعل المتهم في مأمن من
رجعية القانون، وبعيداً عن خطر القياس في التجريم والعقاب.
على أن هذه الحلقة الأولى وحدها لا تكفي لحماية حقوق الإنسان إذا أمكن القبض عليه
أو حبسه أو اتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاكمته مع افتراض إدانته، فكل إجراء يتخذ
ضد حرية الإنسان دون افتراض براءته سوف يؤدي حتماً إلى إثقاله بعبء إثبات براءته،
فإذا عجز عن إثبات هذه البراءة اعتبر مسؤولاً عن جريمة لم تصدر عنه، وهو ما يخالف
حقوق الإنسان التي نص عليها مشرعنا الدستوري بالمادة ٠٢ الفقرة ج »المتهم بريء
حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع
في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون«.
يؤدي هذا الوضع إلى قصور الحماية القانونية التي يكفلها مبدأ لا جريمة ولا عقوبة
إلا بنص، طالما كان من الممكن المساس بحرية المتهم من غير طريق القانون أو كان
من الممكن المساس بحرية المتهم من غير الطريقة القانونية أو كان من الممكن إسناد
الجرائم للناس ولو لم يثبت ارتكابهم لها عن طريق افتراض إدانتهم لذلك كان ولابد من
استكمال الحلقة الأولى للشرعية الجنائية بحلقة ثانية تحكم تنظيم الإجراءات على نحو
يضمن احترام حقوق الإنسان وتسمى الشرعية الإجرائية التي تفرض على الجميع براءة المتهم
قبل صدور حكم الإدانة.
أما إذا صدر حكم بإدانة المتهم، سقطت عنه قرينة البراءة وأصبح المساس بحريته أمرا
مشروعاً بحكم القانون ولكنه ليس مطلقاً وإنما مقيد بغلال إنسانية هي غلال
حقوق الإنسان والتي تفرض احترام حقوقه أثناء مرحلة الاستدلال والتحقيق الابتدائي
والاستجواب والمحاكمة وتنفيذ العقوبة، وقد أيدت هذه الفكرة السياسة الجنائية
الحديثة لتيار الدفاع الاجتماعي، وأوصت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول
بتطبيق هذا الاتجاه وفقاً لقرارها رقم ٨١٢٣ الصادر في ٦ نوفمبر ٧٧٩١، وقد
تماشى مع هذا التيار المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد
المفدى مما كان له بالغ الأثر في ترسيخ مبدأ سيادة القانون بوصفه أساس الحكم
في مملكتنا دولة القانون.
بما يضمن التوازن العادل بين حماية الحرية وحماية المجتمع يقر من خلاله بالحد
الأدنى لحرية الإنسان في تلك المراحل والذي استوجب القانون الحفاظ عليها وعدم التضحية بها وبذلك أرسى الدستور المعدل لمملكتنا جوهر الشرعية الإجرائية ومن خلال هذا المبدأ
وحده الذي أضحى الأداة التشريعية لتنظيم الحرية الشخصية وتحديد الإجراءات التي يجوز
اتخاذها للمساس بهذه الحرية ذلك بأنه لا عقوبة بغير حكم قضائي ويمكن تحديد مبادئ
الشرعية الإجرائية الجنائية بثلاث مبادئ أولهما الأصل في المتهم البراءة، وثانيهما
القانون هو مصدر الإجراءات الجنائية، وثالثهما الأمر القضائي في الإجراءات الجنائية.
وسوف نستكمل في المقال القادم إن شاء الله إلقاء الضوء على قرينة البراءة كحق من
حقوق الإنسان.
دستور
مملكة البحرين
قانون
الإجراءات الجنائية
قانون
بالتصديق على الميثاق العربي لحقوق الإنسان
قانون
رقم (41) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (46) لسنة 2002
مرسوم
بقانون بشأن إنشاء مجلس تأسيسي لإعداد دستور للدولة
مرسوم
بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
أمر
أميري بإنشاء لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى
قرار
بشأن الترخيص بتسجيل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان