الوطن - الأربعاء 19 مارس 2008م - العدد 829
الشبهات الدستورية
والقانونية مازالت لاصقة بالنسخة المعدلة لاستجواب الوفاق
سحبت كتلة الوفاق يوم الأول من أمس استجوابها القديم الذي سبق لها أن تقدمت به
خلال دور الانعقاد السابق وسقط، والتي أعادت تقديمه كما هو مرة ثانية في دور
الانعقاد الحالي.
سحب الوفاق للائحة الاستجواب القديمة جاء بسبب اعتراض هيئة مكتب مجلس النواب عليه نظراً
لاحتوائه العديد من الشبهات الدستورية، والتي كان أبرزها مخالفة مبدأ الفصل بين
السلطات، وعدم إمكانية مساءلة وزير عن أعمال حكومة سابقة.
كما أن السحب جاء بعد خلافات واسعة بين نواب الوفاق ونواب الكتل الأخرى، وهي الخلافات
التي عطلت جلسات المجلس لمدة شهراً تقريباً، إلا أن كتلة الوفاق أعادت، في
وقت لاحق، تقديم صيغة استجواب معدلة عن السابق.
وكان رئيس مجلس النواب خليفة بن أحمد الظهراني قد أكد في تصريحات صحافية أنه سيتأكد
من سلامة الاستجواب من النواحي القانونية والدستورية وفقاً لصلاحياته.
وأشار إلى أن الرئاسة ستقوم '' بفحص هذا الاستجواب المعدل وتطبيق نصوص المواد 144
، 146 ,145 من اللائحة الداخلية والتي تتضمن الاشتراطات القانونية الواجب
توافرها في طلب الاستجواب''،لافتاً إلى أنه سيتخذ الإجراءات القانونية حول الطلب
الجديد لاستجواب وزير شؤون مجلس الوزراء وفق أحكام الدستور واللائحة الداخلية.
وبالنظر إلى استجواب كتلة الوفاق المعدل نجد أنه لازال يحتوي على الشبهات الدستورية
نفسها التي اعترضت عليها هيئة مكتب المجلس، وذلك لكون الكتلة اكتفت بحذف ما احتوته
اللائحة السابقة للاستجواب من تطرق إلى ''التقرير المثير للجدل''.
ومن الواضح أن ما تدعيه الوفاق في لائحة الاستجواب وفي المخالفة رقم (ثانيا)
تحديداً والمتعلقة بأحكام تنظيم المشتريات والمناقصات تعتبر من المسائل الخارجة
عن نطاق المساءلة السياسية للوزير.
فمن جانب تعد هذه المساءلة، حدثاً خارجاً عن نطاق المساءلة الزمنية، وذلك لأنه
يجوز للمجلس مساءلة أي وزير عن أعمال وزارته فيما يتعلق بالشأن العام بشرط أن
يرتبط موضوع المساءلة بأعمال وزارته الحالية في ظل التشكيل الحكومي الحالي، لا
سواها من الوزارات السابقة.
وإن كان موضوع المساءلة خارج النطاق الزمني لمسؤولية الوزير أو كان أمر المخالفة
غير مستمر لانقضاء نطاقه الزمني، فلا يصح الاستجواب، وذلك استناداً الى المادة
(66) فقرة أ من الدستور (أ- كل وزير مسؤول لدى مجلس النواب عن أعمال وزارته
)، والمادة (88) من الدستور(تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى المجلس
الوطني، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج ). فضلاً
عن المادة(45) من المرسوم بقانون رقم
(15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى
والنواب والتي تنص على: ''تقتصر رقابة كل من مجلسي الشورى والنواب، فيما يتعلق
بأعمال أعضاء السلطة التنفيذية وتصرفاتهم، على ما يتم منها بعد تاريخ انعقاد المجلسين
في أول فصل تشريعي، ولا يجوز لهما التعرض لما تم من أفعال أو تصرفات سابقة على
هذا التاريخ''.
ومن جانب آخر، لا يمكن للنواب مساءلة الوزير عبر ما أسمته الوفاق مخالفة أحكام
تنظيم المشتريات، وذلك للاستناد على الشيكات كدليل مع ورودها أمام القضاء ضمن أوراق
التقرير، فهي محل تحقيق ونظر السلطة القضائية، بل وقد تمت إدانة صاحب التقرير
بالجرائم المنسوبة إليه، ولم يتم غلق الملف القضائي بعد لأحقية صاحب التقرير
في الاعتراض على الحكم ثم رفع القضية أمام محكمة الاستئناف، ثم أمام محكمة التمييز،
ولم تسقط بعد هذه الأحكام أو تنقضي بالتقادم.
ويستند هذا المنع من مساءلة الوزير على ما هو منظور أمام القضاء كدليل على المادة
(32) من الدستور الفقرة (أ) (أ- يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطـات التشريعيـة
والتنفيذية والقضائيـة مع تعاونـها وفقـاً لأحكام هذا الدستور، ولا يجـوز لأي
من السلطات الثلاث التنازل لغيرها عن كل أو بعض اختصاصاتـها المنصوص عليها في هذا
الدستور، وإنما يجوز التفويض التشريعي المحدد بفترة معينة وبموضوع أو موضوعات
بالذات، ويمارس وفقاً لقانون التفويض وشروطه).
كما تستند أيضاً إلى المادة رقم (145) من المرسوم بقانون رقم
(45) لسنة
2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب والتي تنص إحدى فقراتها على:(ويجب
ألا يتضمن الاستجواب أموراً مخالفة للدستور أو القانون، أو عبارات غير لائقة
أو فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضرار بالمصلحة العليا للبلاد، أو أن
يكون متعلقاً بأمور لا تدخل في اختصاص الوزير المستجوب أو بأعمال أو تصرفات سابقة
على توليه الوزارة).
ومن ناحية أخرى، فان تقارير الرقابة المالية لم تتضمن ورود أي مخالفات مالية للوزارة
التي رأسها الوزير وهو الأمر الذي يضع قيداً على الاستجواب أيضاً وذلك استناداً
إلى المادة رقم (13) من المرسوم بقانون
(16)لسنة 2002 بشأن ديوان الرقابة
المالية، والتي تتعلق بالمخالفات المالية التي تعتبر كذلك في تطبيق أحكامه
وتحديد الفقرة (ج) التي نصت على ((كل تصرف خاطئ عن قصد أو إهمال أو تقصير
يترتب عليه أن تصرف بغير وجه حق مبالغ من الأموال التي تشملها الرقابة، أو ضياع
حق من الحقوق المالية للدولة أو إحدى الجهات الخاضعة لرقابة الديوان، أو المساس بمصلحة
من مصالحها المالية، أو إلحاق ضرر بالأموال التي تشملها الرقابة، أو التأخير
في إنجاز المشروعات الإنشائية)).
وبالعودة إلى موضوع احتواء اللائحة على شبهات قانونية ودستورية فان ما تدعيه الوفاق
في لائحة الاستجواب من وجود مخالفة رقم ثالثا والمتعلقة بالدليل المالي، فان تلك
المخالفة أيضاً لا يمكن مساءلة الوزير عليها.
فمن جانب يقع ذلك الحدث خارج عن نطاق المساءلة الزمنية، وذلك لأنه يجوز للمجلس
مساءلة أي وزير عن أعمال وزارته فيما يتعلق بألشان العام بشرط أن يرتبط موضوع
المساءلة بأعمال وزارته الحالية في ظل التشكيل الحكومي الحالي.
كما أن الأدلة التي يستند إليها عدم الجواز سبق وأن أوضحناها فيما تدعيه الوفاق من
مخالفة، ونكتفي بالإشارة إليها دون التطرق إلى ما تنص عليه، وهي المادة
(66) فقرة( أ) من الدستور، والمادة (88) من الدستور، فضلاً عن المادة
(45)من المرسوم بقانون رقم (15)
لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب.
ومن ناحية أخرى، فان تقارير الرقابة المالية لم تتضمن ورود أي مخالفات مالية للوزارة
التي رأسها الوزير وهو الأمر الذي يعد قيدا على الاستجواب ايضا وذلك استنادا الى
المادة رقم (13) من المرسوم بقانون
رقم (16) لسنة 2002 بشأن ديوان الرقابة
المالية.
وبالرجوع إلى لائحة الاستجواب مرة أخرى، نجد أنها كتلة الوفاق ادعت وجود ما أسمته
''شبهة الثراء الفاحش''، وتلك التهمة لا يوجد لها نص تشريعي في المملكة.
وكما هو الحال في المخالفات المذكورة أعلاه، لابد من وجود نص تشريعي أو أداة
قانونية يستند عليها لتوجيه أي اتهام، ولا يوجد بنص هذه المخالفة السند القانوني،
مثل تلك الموجودة في تشريعات الدول الأخرى كـ''قانون الكسب غير المشروع'' أو
قانون من أين لك هذا'' أو غيرها من القوانين المنظمة.
كما أن نص الاستجواب تضمن عبارات غير لائقة تمس بكرامة الأشخاص، وهو الأمر الذي
يعد مخالفاً للمادة رقم 145 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب والتي نصت في
إحدى فقراتها على ''ويجب ألا يتضمن الاستجواب أموراً مخالفة للدستور أو القانون،
أو عبارات غير لائقة أو فيها مساس بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضرار بالمصلحة
العليا للبلاد، أو أن يكون متعلقاً بأمور لا تدخل فى اختصاص الوزير المستجوب
أو باعمال أو تصرفات سابقة على توليه الوزارة''.
دستور
مملكة البحرين
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب
مرسوم
بقانون رقم (16) لسنة 2002 بإصدار قانون ديوان الرقابة المالية
مرسوم
بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
بقانون رقم (12) لسنة 1972 بشأن إنشاء مجلس تأسيسي لإعداد دستور للدولة