جريدة أخبار الخليج
العدد : 17205 - الخميس ٠١ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ذو القعدة ١٤٤٦هـ
واقع
العمال في محاكم البحرين يكشف..
معدلات الحسم 102%.. ومتوسط عمر الدعوى 3.3 أشهر
في قلب كل نهضة اقتصادية حقيقية، يقف «العامل»
كركيزة صلبة تُبنى عليها المؤسسات، وتُصاغ من خلالها السياسات، ومن
هذا المنطلق، لا يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي دون التوقف أمام
الإطار القانوني الذي ينظّم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وقد
كان إصدار قانون العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012
خطوة متقدمة في المسار التشريعي البحريني، إذ جاء محمّلًا بنَفَس
إصلاحي واضح، وحرصٍ على موازنة المصالح، وتنظيم العلاقة التعاقدية
ضمن بيئة عمل آمنة وإنسانية.
وبنظرة على واقع الدعاوى العمالية في المحاكم كشفت وزارة العدل
أن عدد الدعاوى العمالية التي نظرتها المحاكم خلال فترة سنتين
وشهرين بلغت 5849 دعوى، وذلك في الفترة من ديسمبر 2022 حتى فبراير
الماضي، منها 925 دعوى مازالت منظورة أمام المحاكم، فيما صدرت
أحكام نهائية في 4924 دعوى بنسبة 84% من إجمالي الدعاوى.
وذكرت أن متوسط عمر الدعوى العمالية بين جميع المحاكم والدرجات
بلغ 3.3 أشهر، بينما 85% من طلبات التنفيذ المقدمة من أصحاب
الشأن إلى محاكم التنفيذ تمّ قبولها خلال يوم عمل واحد، في حين
استغرقت البقية بضعة أيام بحسب نوع الطلب وطبيعة الإجراءات الإضافية
اللازمة للبت فيه، فيما بينت إحصاءات المجلس الأعلى للقضاء أن
نسبة الحسم في مكتب إدارة الدعوى العمالية بلغت 102% ومتوسط عمر
الدعوى في المكتب 0.8 بينما بلغت نسبة الحسم في المحاكم الكبرى
1.3% وبالدائرة العمالية بمحكمة التمييز نسبة الحسم 102%.
في السياق ذاته يؤكد محامون أن قانون العمل نظم العلاقة التعاقدية
بين العامل وجهة العمر بشكل يضمن وجود بيئة عمل آمنة وإنسانية،
حيث حرص المشرّع البحريني الذي سعى من خلال هذا القانون إلى
إرساء دعائم العدالة العمالية، حيث يقول المحامي محمود ربيع إن
قانون العمل رقم (36) لسنة 2012 غاير اجراءات الدعوى العمالية
عما كان عليه العمل في القانون القديم الصادر بموجب القانون رقم
(23) لسنة 1976 إذ استحدث نظام إدارة الدعوى العمالية بهدف سرعة
البت في الدعاوى العمالية إذ أنشأ القانون في وزارة العدل مكتبا
لتحضير الدعاوى العمالية وتهيئتها للمرافعة يُسمى «مكتب ادارة الدعوى
العمالية» من رئيس بدرجة قاضٍ بالمحكمة الكبرى المدنية يتولى الإشراف
على عمل المكتب، وعدد كاف ٍ من الأعضاء من قضاة المحكمة الصغرى
المدنية.
ووضع القانون مواعيد تنظيمية لعمل المكتب بحيث يجب ألا تزيد مدة
نظر الدعوى أمام قاضي إدارة الدعوى العمالية على شهرين من تاريخ
تقديم لائحة الدعوى، واستثناءً أجاز القانون بقرار من رئيس مكتب
إدارة الدعوى العمالية وبناءً على طلب قاضي إدارة الدعوى العمالية،
مد هذه المدة بما لا يجاوز شهرين آخرين.
وبهدف سرعة البت في المنازعات اشترط القانون على المدعي أو من
يمثله أن يقدم في الاجتماع الأول المحدد لنظر الدعوى أمام قاضي
إدارة الدعوى العمالية، الأدلة والمستندات المؤيدة لدعواه وأن يبين
الوقائع التي يرغب في إثباتها بشهادة الشهود وأسماء وعناوين الشهود،
كما يجب على المدعى عليه أو من يمثله أن يقدم رداً على طلبات
المدعي مشفوعاً بالأدلة والمستندات المؤيدة له وأن يبين الوقائع
التي يرغب في إثباتها بشهادة الشهود وأسماء وعناوين الشهود، وللمدعي
الحق في التعقيب على دفاع المدعى عليه. وذلك كله خلال المواعيد
التي يحددها قاضي إدارة الدعوى العمالية والتي لا تتجاوز في جميع
الأحوال أربعة أشهر.
وأضاف أن قاضي إدارة الدعوى العمالية يعد قبل الاجتماع الأخير المحدد
لنظر الدعوى أمامه تقريراً يتضمن وقائع الدعوى وحجج الطرفين ودفاعهما
وما استندوا إليه من أدلة ورأيه في الدعوى، ويعرض قاضي إدارة
الدعوى العمالية على الطرفين إنهاء النزاع صلحاً وفقاً لما انتهى
إليه في تقريره، فإن وافقا على ذلك أثبت ما اتفقوا عليه من
صلح في محضر الاجتماع، ويكون لهذا المحضر بعد توقيعه من طرفي
الدعوى أو ممن يمثلهما ومن قاضي إدارة الدعوى قوة السند التنفيذي.
إذا انتهت مدة نظر الدعوى من دون أن يتم حسم النزاع صلحاً،
وجب عليه إحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة الكبرى المدنية.
ولما كان المشرع يتوخى من المدد واجراءات مكتب الدعوى العمالية
السرعة وقطع الطريق على من يبتغي المماطلة، فقد حظر القانون لأي
من طرفي الدعوى العمالية أن يتقدم إلى المحكمة الكبرى المدنية
بأي طلبات جديدة أو إبداء أي دفع أو دفاع لم يسبق إبداؤه أثناء
نظر الدعوى أمام قاضي إدارة الدعوى العمالية إلا إذا كان الدفع
متعلقاً بالنظام العام، وفي الحالات التي يثبت فيها أن عدم تقديم
الدليل إلى قاضي إدارة الدعوى العمالية كان لأسباب خارجة عن إرادة
من يتمسك به وبشرط أن يكون الدليل الجديد، بحسب الظاهر، صحيحًا
وجديًا ومنتجًا في الدعوى.
كما أن قانون العمل قد نص على أن تنظر المحكمة الكبرى المدنية
الدعوى العمالية على وجه السرعة، وعليها أن تصدر حكمها في الدعوى
خلال ثلاثين يوماً من تاريخ أول جلسة أمامها، وتكون الأحكام الصادرة
عن المحكمة الكبرى المدنية في الدعاوى العمالية نهائية، بحيث يحق
للمحكوم له مباشرة إجراءات التنفيذ لاستحصال حقوقه ومستحقاته العمالية
فور صدور الحكم مباشرةً.
تحديات قائمة
من جانبه يرى المستشار القانوني محمود الودياني أن إصدار قانون
العمل في القطاع الأهلي رقم (36) لسنة 2012 خطوة متقدمة في المسار
التشريعي البحريني، إذ جاء محمّلًا بنَفَس إصلاحي واضح، وحرصٍ على
موازنة المصالح، وتنظيم العلاقة التعاقدية ضمن بيئة عمل آمنة وإنسانية،
وقال من الإنصاف أن نثمّن جهود المشرّع البحريني الذي سعى من
خلال هذا القانون إلى إرساء دعائم العدالة العمالية، مع منح القضاء
العمالي الصلاحية الكاملة للفصل السريع في المنازعات.
وأشار إلى أن من أبرز ما جاء به القانون، تحديد الحد الأدنى
من الحقوق الأساسية للعامل، بدءًا من الأجر وساعات العمل، ومرورًا
بالإجازات، ووصولًا إلى الحماية من الفصل التعسفي. كما أولى أهمية
خاصة للمرأة العاملة، ومنح وزارة العمل أدوات رقابية للمتابعة والتفتيش.
واستدرك الودياني قائلا إنه ومع كامل الاحترام والتقدير لهذه المنجزات،
فإن التجربة العملية أظهرت حاجة حقيقية لتطوير بعض الجوانب الجوهرية
في هذا القانون، ليس نقدًا للمنظومة، وإنما وفاءً للفكرة الأصلية
التي أُقرّ من أجلها: تحقيق التوازن والعدالة، حيث لا يزال العمال
في بعض القطاعات –وعلى رأسها العمالة المنزلية والعمالة المرنة–
خارج دائرة الحماية الكاملة وهنا لا بد من تدخل تشريعي ذكي يُراعي
خصوصية تلك القطاعات دون الانتقاص من الحقوق الأساسية للعامل.
كما أشار إلى أن السرعة في التقاضي تبقى رهينة إجراءات قد تطول،
رغم وجود محاكم عمالية متخصصة، وهو ما يستدعي تعزيز آليات التوفيق
المبكر والتحكيم العمالي، كما أنه في ظل الثورة الرقمية، برزت
فئات جديدة من العمال (مثل سائقي التطبيقات والمستقلين)، لا تحكمهم
عقود واضحة ولا يتمتعون بأي حماية حقيقية هؤلاء هم جزء من واقعنا
الاقتصادي الجديد، ويجب أن يجدوا صدى في نصوص القانون.
وأكد إن الحديث عن حقوق العمال لا يعني الانتقاص من دور أصحاب
الأعمال، فهم شركاء في التنمية، ويحتاجون إلى قانون يضمن المرونة
والاستقرار كما لا يمكن إغفال دور القضاء البحريني الذي أثبت في
قضايا كثيرة أنه حصن الحقوق وحامي التوازن، والمشرّع الذي سعى
– ومازال يسعى – لمواءمة القانون مع الاتفاقيات الدولية واحتياجات
المجتمع.
وأضاف: «أرى أن الوقت قد حان لـإطلاق مشروع تطوير تشريعي مدروس
ومتكامل لقانون العمل، يُبنى على قراءة ميدانية دقيقة للواقع العمالي،
ويستند إلى تجارب الدول المتقدمة، ويهدف إلى سد الثغرات وتعزيز
الكرامة الإنسانية للعامل، من دون الإضرار بمصالح أصحاب العمل أو
زعزعة التوازن الاقتصادي».

الدستور وفقا لأخر تعديل -
دستور مملكة البحرين الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
القانون وفقاً لآخر تعديل-
قانون رقم (36) لسنة 2012 بإصدار قانون العمل في القطاع الأهلي