أخبار الخليج - الأحد 23 مارس 2008م - العدد 10957
أساتذة وخبراء القانون الدستوري العرب
لا صحة لاستجواب عطية الله
الاستجواب لا يسانده القانون أو الدستور واعتراض الوفاق على الظهراني باطل
صرح النائب
الثاني لرئيس مجلس النواب وعضو هيئة المكتب الدكتور صلاح علي بأنه وبناء على تكليف
رئيس المجلس السيد خليفة بن أحمد الظهراني بشأن مسك ملف المفاوضات مع الكتل البرلمانية
حول استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة، وبناء على توجيهات
الرئيس فقد تم الاتصال بعدد من الخبراء الدستوريين والقانونيين العرب من أجل أخذ آرائهم
حول الاستجواب المختلف عليه وما آلت اليه جلسات مجلس النواب البحريني وتمسك كل طرف
بوجهة نظره في تفسير الدستور ونصوص اللائحة الداخلية.
وقد تم عرض جميع مراحل الاستجواب منذ تقديمه من النواب مقدمي طلب الاستجواب وتم عرض
محتوى الاستجواب وبنوده ووجهات النظر المتباينة حول آلية التعاطي مع الاستجواب والاختلاف
الحاصل بشأنه على الاساتذة الدستوريين والقانونيين. واوضح د.صلاح ان هذه الآراء من
الخبراء طلبت للاستئناس بها ومعرفة مدى سلامة الاجراءات التي اتخذت في مجلس النواب
البحريني وخصوصا ان التباين في الآراء هو بسبب الاختلاف في فهم نصوص الدستور واللائحة
الداخلية المنظمة لعملية الاستجواب، لذا كان من الحكمة أخذ آراء المختصين في هذا المجال.
وقال د.صلاح: ان هذه الآراء غير ملزمة لأي طرف من الأطراف ولكنه رأي حيادي ودستوري
وقانوني كي تتطلع عليه جميع الكتل البرلمانية كما اننا نعرضه أمام الرأي العام لمعرفة
رأي المختصين الدستوريين في الاختلاف الحاصل على استجواب وزير شئون مجلس الوزراء، مؤكدا
د.صلاح اننا نعرض آراءهم كاملة من دون نقص أو زيادة، على أمل ان تساهم مثل هذه الآراء
في حل المشكلة والمضي قدما في سير عمل المجلس النيابي. وقد أكد عدد من أساتذة وخبراء
القانون الدستوري بكليات الحقوق بالجامعات المصرية عدم دستورية وقانونية الاستجواب
المقدم من كتلة الوفاق ضد الوزير احمد بن عطيةالله، وان المستشار القانوني لمجلس النواب
قد أصاب كبد الحقيقة عندما انتهى رأيه الى عدم توافر بعض الشروط الموضوعية في طلب الاستجواب
حيث انه يخالف مبدأ الفصل بين السلطات لتناوله أمورا مازالت منظورة أمام القضاء وسلطات
التحقيق.
وأكدوا ان رئيس المجلس وهيئة مكتبه يختصون بالتحقق من دستورية طلب الاستجواب وضرورة
توافر شروطه. وقد استند أساتذة القانون والخبراء في آرائهم وفقا لنصوص الدستور البحريني
واللائحة الداخلية للمجلس والاجراءات المتبعة بشأن طلبات الاستجواب في بعض الدول. وحول
الاسئلة المثارة وتقييم رأي المستشار القانوني لمجلس النواب حول طلب الاستجواب قال
الاستاذ الدكتور مصطفى محمود عفيفي أستاذ القانون الدستوري وعميد كلية الحقوق بجامعة
طنطا سابقا والمحامي بالنقض والدستورية العليا: انه استنادا الى الحقائق الدستورية
بالنسبة الى تقييم رأي المستشار القانونى للمجلس حول طلب الاستجواب * الموافقة على
ما انتهى إليه هذا الرأي من عدم استيفاء الطلب للشرطين الموضوعيين الآتيين: أ- تناول
طلب الاستجواب لأمور سابقة على تولي من وجه إليه لمنصبه الوزاري. ب- توقف تقرير المسئولية
السياسية للوزير محل هذا الطلب على ما سوف تسفر عنه المسئولية القانونية في نتائج أمام
القضاء. * عدم الموافقة على ما انتهى إليه الرأي من تعليق عرض أو عدم عرض طلب الاستجواب
الماثل على المجلس فى ضوء ما يسفر عنه قرار مكتب المجلس من قبول أو رفض طلب الاستجواب.
إذ يتعين نتيجة للخلاف القائم عرض الاستجواب على المجلس بإدراجه على جدول أعماله (لحسم
النزاع بين كل من مكتب المجلس ومقدمي الاستجواب)، وبحيث يكون الرأي الصادر عن المجلس
بعد التصويت، سلباً أو إيجاباً، هو الملزم وحده باستكمال باقي الإجراءات بالإحالة من
عدمها على اللجنة المختصة، ولا يجوز في كل الأحوال الإحالة التلقائية الآلية إلى اللجنة
كما يطالب مقدمو الاستجواب. أما بخصوص هل يحق لمكتب المجلس من تلقاء ذاته بحث دستورية
طلب الاستجواب واتخاذ القرار بقبوله أو رفضه؟ * ليس ثمة مانع من تولي مكتب المجلس بحث
قبول أو رفض طلب الاستجواب في ضوء توافر أو عدم توافر شروطه الدستورية واللائحية الشكلية
والموضوعية إذا ما تم إحالة الأمر إليه بواسطة رئيس المجلس. على أنه فى حالة الموافقة
على الطلب يتم استكمال الإجراءات بالإدراج على جدول أعمال المجلس تمهيداً لإحالته إلى
اللجنة المختصة بعد تصويت المجلس على ذلك. وأنه فى حالة عدم الموافقة ــ فى مثل ظرف
الاختلاف المثار بين مقدمي الاستجواب ومكتب المجلس ــ يتعين عرض الطلب على المجلس بإدراجه
على جدول أعماله لكي يحسم عن طريق التصويت (مشكلة قبول طلب الاستجواب من عدمه)، ومن
ثم تقرير إحالته من عدمها إلى اللجنة المختصة بدون معقب عليه فى ذلك. ويعد هذا تقليداً
برلمانياً متبعاً في المجالس النيابية لحسم أية مشكلة خلافية تطرأ بصدد ممارسة مهام
تلك المجالس وممارسة الاختصاصات المسندة إلى أعضائها وهيئاتها ولجانها المختلفة.
وحول تحديد المختص بحسم الخلاف في حالة تباين وجهات النظر بين مكتب المجلس ومقدمي طلب
الاستجواب * يعد المجلس مجتمعاً بكامل هيئته (ووفقاً للنصاب القانوني اللازم لصحة الانعقاد)
هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى حسم أية مسألة خلافية تتعلق بممارسة أعماله. ليس
فحسب في حالة ما إذا كان هذا الخلاف دائراً فيما بين رئيس ومكتب المجلس من ناحية وبين
أعضاء المجلس (مقدمي طلب الاستجواب او غيرهم) وإنما يشمل ذلك كافة المسائل المختلف
عليها وبغض النظر عن أطرافها أشخاصاً كانوا أم لجاناً أم غيرهم ممن يسهمون فى تسيير
أعمال المجلس وذلك باعتباره أعلى سلطة تملك اتخاذ القرارات المسيرة لمهامه الدستورية
واللائحية. هل ثمة محل للتصويت في المجلس على إحالة طلب الاستجواب على اللجنة المختصة
في حالة قبول مكتب المجلس لطلب الاستجواب؟ (الشق الأول). أم أنه لا يلزم التصويت وأن
تتم الإحالة في هذه الفرضية بدون تصويت إلى اللجنة المختصة أى إحالة آلية تلقائية،
ومن ثم يكون إدراج الطلب على جدول أعمال المجلس لمجرد العلم فقط؟ (الشق الثانى). *
الإجابة على الشق الأول، الفرض فيها أن قبول مكتب المجلس لطلب الاستجواب يعني التيقن
من استيفائه لشروطه الدستورية واللائحية الشكلية والموضوعية، وهو ما يفترض أيضاً اتفاقه
مع وجهة نظر مقدمي هذا الاستجواب. وفي هذه الحالة لا يتصور من الناحية الفعلية أن يقوم
المجلس برفض إحالة الاستجواب إلى اللجنة المختصة، وإن ظل للتصويت دور أساسى بشأن (تحديد
ماهية تلك اللجنة المختصة من بين سائر لجان المجلس) درءا لأية مظنة أو احتمال التعارض
في الاختصاص بين اللجان مستقبلاً. * الإجابة على الشق الثانى، إن إدراج طلب الاستجواب
على جدول أعمال المجلس في كل الحالات (وجود موافقة من مكتب المجلس على هذا الطلب أو
عدم وجودها) هو ليس لمجرد العلم والإحاطة، وإنما لابد من قيام المجلس بالتصويت وتحديد
اللجنة المختصة، وبخاصة فى الحالات التى يتعلق فيها الطلب بأعمال أكثر من لجنة واحدة
فى المجلس أو بأكثر من اختصاص واحد فى اختصاصات تلك اللجان أو حتى لقيام المجلس بتحديد
لجنة مشتركة لإحالة طلب الاستجواب إليها من بين تلك اللجان وفقاً لما هو ثابت للمجلس
باللائحة من صلاحيات فى هذا الصدد. أما السؤال الذى لم يتم طرحه بين هذه الأسئلة، هو
الخاص بما رآه رئيس المجلس واقترحه على مقدمي طلب الاستجواب من إدراج طلبهم على جدول
أعمال المجلس مشفوعاً برأي مكتب المجلس المرافق لهذا الطلب وأنهم أي مقدمو طلب الاستجواب
ـ قد رفضوا ذلك الاقتراح تمسكاً بقيام المجلس بالإحالة التلقائية إلى اللجنة المختصة.
والرأي في هذه الحالة هو (أن فلسفة العمل البرلمانى المتوازن، والتقاليد البرلمانية
السائدة يفرضان تطبيق ذلك الاقتراح بصدد الخلاف المطروح للرأي علينا ذلك أن القول الفصل
في أية مسائل خلافية تتعلق بعمل مجلس النواب يجب أن يكون من اختصاص أعلى السلطات فيه،
ولا جدال في أن أعلى تلك السلطات هي (المجلس ذاته). ومن ثم فإن ما قد يطرأ من عقبات
لتنفيذ هذا الاقتراح يتعين تذليلها للقضاء على تلك المشكلة، ونقصد بهذه العقبات بداية
الاعتراض وإشاعة البلبلة من المغرضين داخل المجلس لتفشيل انعقاد المجلس لاتخاذ قراره
في هذا الشأن، ونهاية اتخاذ القرار من السلطة العليا في الدولة بإعمال صلاحياتها الدستورية
في هذه الحالة للقضاء على مشلكة (تعطيل الأداء البرلماني للمجلس كإحدى السلطات الدستورية
عن ممارسة مهامة وأعماله).
وحول الرأي القانوني في التصرف في طلب الاستجواب قال أ.د.جابر جاد نصار استاذ القانون
الدستوري بكلية الحقوق بجامعة القاهرة: أولاً : صحة رأي المستشار القانوني لمجلس النواب
البحريني. ثانياً: يختص رئيس المجلس وهيئة مكتبه بالتحقق من دستورية طلب الاستجواب
وضرورة توافر شروطه. ثالثاً : أما عن الجهة المختصة بحسم الخلاف فى حالة تباين وجهات
النظر بين مكتب المجلس ومقدمي طلب الاستجواب، فالقول فيه أنه إذا تعلق الأمر بممارسة
رئيس المجلس لاختصاص مقرر له بمفرده فإن الخلاف هنا ما هو إلا اعتراض بغير سند، وأما
إذا تعلق الأمر بمسألة معروضة على المجلس فيحكم فيها البرلمان تصويتا. ومن ثم فإنه
فى الحالة الماثلة ليس للخلاف مبرر قانونى ولا يستدعي تحكيماً، إلا إذا قرر رئيس المجلس
إحالة الأمر إلى المجلس مجتمعا للتصويت عليه واتخاذ قرار بشأنه . فالأمر فى حقيقته
اعتراض على ممارسة الرئيس لسلطاته التى قررتها اللائحة فى المادة 12 والمادة 145 وما
بعدها. رابعاً: أما من حيث ضرورة تصويت المجلس على إحالة الاستجواب إلى اللجنة المختصة،
فهو أمر واجب في جميع الحالات التي يوافق فيها مكتب المجلس أو رئيسه عليه، ويتم إدراجه
فى جدول أعمال المجلس بعد التأكد من توافر شروطه، والقول بغير ذلك يكون مخالفاً لنص
اللائحة في المادة .146 فوفقا لهذا النص لا يملك رئيس المجلس الإحالة المباشرة، لأن
فى اشتراط النص ضرورة إدراج الاستجواب في جدول أعمال المجلس ما يؤكد ضرورة تصويت المجلس
عليه. وقال د.صلاح الدين فوزي المحامي بالنقض والمحكمة الدستورية العليا وأستاذ ورئيس
قسم القانون ووكيل الحقوق بجامعة المنصورة بجمهورية مصر العربية: أولا: فيما يتعلق
بالسؤال الأول والمتعلق بطلب تقييم رأي المستشار القانوني لمجلس النواب حيال طلب الاستجواب:
بدراسة مذكرة أ.د المستشار القانوني لمجلس النواب اتضح الآتي: 1ــ تم تصميم الرأي بشكل
قانوني صحيح حيث عرض في مقدمته للواقعة تفصيلا ثم تلى ذلك استعراض النصوص الحاكمة لموضوع
الاستجواب سواء تلك التي اوردها الدستور، أم تلك الواردة في اللائحة الداخلية لمجلس
النواب، ثم انتقل الى فحص دقيق لمحاور الاستجواب وماهيته مع بيان شروطه الشكلية والموضوعية
وانتهى الى ان الاستجواب تضمن الآتي: { مخالفة مبدأ الفصل بين السلطات، حيث لا يجوز
أن يتناول الاستجواب موضوعا معروضا على القضاء ولم يتم الفصل فيه بعد.
{ تضمن الاستجواب أعمالا وتصرفات سابقة على تولي الوزير المستجوب الوزارة. وانتهى الرأي
الى ان طلب الاستجواب لم يستوف احد الشروط الموضوعية اللازمة لصحته الأمر الذي يوجب
رفض الاستجواب لمخالفته لأحكام الدستور والقانون. واقترح المستشار القانوني عرض طلب
الاستجواب على مكتب المجلس في اول اجتماع قادم لمناقشته واتخاذ القرار المناسب بشأنه
وذلك إما برفضه وإما بالموافقة عليه، ومن ثم إدراجه على جدول أعمال الجلسة التالية
للمجلس للتصويت عليه بالإحالة أو عدم الإحالة إلى اللجنة المختصة. ومن جانبنا نرى ان
هذا الرأي جاء مصادفا لصحيح حكم الدستور في مملكة البحرين وخاصة نص المادة 32/أ والتي
تنص على أن يقوم نظام الحكم على أساس الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية
مع تعاونها وفقا لأحكام هذا الدستور، ولا يجوز لأي من هذه السلطات الثلاث التنازل لغيرها
عن كل أو بعض اختصاصاتها المنصوص عليها في هذا الدستور.... وبالإرتكان الى ذلك فقد
أجمع الفقه والقضاء الدستوري على انه ليس لأي جهة أو سلطة أن تصرف القضاء عن مهامه
أو تعطله ليظل واجبه مقيدا دوما بأن يفصل فيما يعرض عليه من اقضية وفقا لمقاييس موضوعية
لا يداخلها باطل، ولا يعتريها بهتان وعلى ضوء القواعد التي تستبين له صحتها ووفقا للقواعد
القانونية المعمول بها وبما يرد عنها كل تدخل في شؤونها سواء أكان ذلك بالوعد أو الوعيد،
بالإغراء أو الإرغام، ترغيبا أو ترهيبا، بطريق مباشر أو غير مباشر ليكون قول كل قاض
فصلاً فيما اختص به. وحول حق مكتب مجلس النواب ذاته بحث دستورية الاستجواب وبالتالي
اتخاذ قرار بقبول طلب الاستجواب أو رفضه؟ قال: إن الاستجواب من أهم وسائل الرقابة البرلمانية
لأنه يفتح باب المناقشة على مصراعيه ويجوز أن يؤدي إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على
مجلس النواب، ولهذه الأهمية فقد أحاطه كل من الدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب
بإجراءات خاصة منها : 1- أن يكون طلب الاستجواب موقعًا من خمسة أعضاء من مجلس النواب
على الأقل. 2- أن يوجه إلى أي من الوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم. 3- لا يجوز
أن يكون الاستجواب متعلقا بمصلحة خاصة بالمستجوب أو بأقاربه حتى الدرجة الرابعة أو
بأحد موكليه. 4- يجب أن يقدم الاستجواب كتابة إلى رئيس المجلس. 5- يلزم أن ترفق بالاستجواب
مذكرة شارحة وتتضمن بيانا بالأمور المستجوب عنها والأسباب التي يستند إليه مقدمو الاستجواب
ووجه المخالفة التي تنسب إلى من وجه اليه الاستجواب وما يراه المستجوبون من اسانيد
تؤيد ما ذهبوا إليه. 6- يجب ألا يتضمن الاستجواب أمرًا مخالفًا للدستور أو القانون
أو عبارات غير لائقة أو مساسا بكرامة الأشخاص أو الهيئات أو إضرارا بالمصلحة العليا
للبلاد.
7- لا يجوز تقديم استجواب في موضوع سبق للمجلس أن فصل فيه في نفس دور الانعقاد. 8-
يلزم عدم إدراج أي استجواب في جدول أعمال المجلس قبل عرض الوزارة لبرنامجها. وبمطالعة
الضوابط سابق الإشارة إليها يتضح دستوريًا أن الالتزام بها ومراعاتها يعد شرطا مسبقا
لإدراج طلب الاستجواب على جدول الأعمال. ومن حيث إن طلب الاستجواب يلزم أن يتم التقدم
به إلى رئيس المجلس فإننا نرى أنه من اللازم دستوريًا أن يتم التثبت من الضوابط الدستورية
سابق الإشارة إليها بمعرفة رئيس المجلس فإذا ما استبان له توافرها حينئذ تتم الموافقة
على طلب الاستجواب ومن ثم يصار إلى إدراجه في جدول الأعمال، وإذا تبين عدم الالتزام
بالضوابط سابق الإشارة إليها فيتم رفض طلب الاستجواب بحسبان أن رئيس المجلس ملتزم دستوريا
بالتثبت من أن أعمال المجلس كافة سواء منها التشريعية أو الرقابية مطابقة لأحكام الدستور
والقانون. إلا أننا نرى انه في حالة رفض طلب الاستجواب يتعين إبلاغ مقدميه بأسباب الرفض
ويكون بمقدورهم بالطبع تجنب تلك الأسباب ومعاودة التقدم بطلب آخر مستوفيا لكل الشروط
والضوابط سابق الإلماح إليها. ومن حيث أن مكتب المجلس يختص ضمن ما يختص به بـ (بحث
أي أمر آخر يرى رئيس المجلس أخذ رأيه في شأنه مادة 18 /ط من اللائحة الداخلية لمجلس
النواب)، وبالترتيب على ذلك فيجوز دستوريًا لرئيس المجلس إحالة طلب الاستجواب إلى مكتب
المجلس لدراسته - من زاوية القبول الشكلي - ويكون بالطبع للمكتب اتخاذ قرار بقبول طلب
الاستجواب حالة ما يكون مستوفيا للضوابط الدستورية الشكلية، كما يكون له رفضه إذا لم
يكن مستوفيا لتلك الضوابط. وإننا نرى أن القول بغير ما ذهبنا إليه سيقود إلى أن يصبح
كل من رئيس المجلس ومكتب المجلس مجرد أجهزة تقوم بأعمال مادية (الإحالة التلقائية)،
وهذا ما لم يقل به قائل لتعارض ذلك مع حكم المادة 12 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب
والتي تنص على أن رئيس المجلس يشرف على جميع أعماله ويراقب مكتبه ولجانه ويراعي في
ذلك كله تطبيق أحكام الدستور والقوانين وتنفيذ نصوص اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
ولنا أن نشير إلى أن ما تضمنته المادة 146 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب بقولها
(يدرج الاستجواب في جدول أعمال المجلس في أول جلسة تالية لتقديمه لإحالته إلى اللجنة
المختصة لمناقشته وتقديم تقرير للمجلس بشأنه). وليس مقصودًا بذلك الإدراج التلقائي
على جدول الأعمال، كما أنه ليس مقصودًا الإحالة التلقائية إلى اللجنة المختصة، بل إن
الإدراج على جدول أعمال المجلس يكون لازما دستوريا حالة ما يكون طلب الاستجواب مستوفيا
للضوابط الدستورية والقانونية، كما أن الإحالة إلى اللجنة المختصة لا تكون تلقائية
لأن الاستجواب يكون مدرجًا على جدول الأعمال فيلزم أن يصدر المجلس في شأنه قرارًا بالإحالة
إلى اللجنة التي يراها مختصة، كما له أيضا أن يصدر قرارا بعدم الموافقة على الإحالة
إلى اللجنة المختصة إن كان لذلك مقتضى، وكل ذلك لا يمكن أن يتم إلا عن طريق تصويت المجلس
بعد إحالة الأمر إليه من رئيسه.
وتأسيسًا على كل ما تقدم فإننا نرى أنه يحق دستوريا ليس لمكتب المجلس فقط بل أيضا لرئيس
المجلس أن يبحث دستورية طلب الاستجواب ، واتخاذ قرار من قبل رئيس المجلس بإدراجه على
جدول الأعمال حالة ما يكون مستوفيا لشروط القبول الشكلية المشار إليها آنفًا. كما يكون
له رفض طلب الاستجواب وبالطبع عدم ادراجه على جدول الأعمال حالة عدم استيفاء الطلب
لشروط القبول الدستورية ولكن ذلك رهين بإخطار مقدمي الاستجواب بأسباب رفض قبول الطلب.
وإننا نرى أن هذا الاستخدام الدستوري من قبل رئيس المجلس يعد في حقيقة التكييف القانوني
له واجبا دستوريًا يلتزم بالقيام به تطبيقا لحكم المادة 12 من اللائحة الداخلية لمجلس
النواب التي توجب على رئيس المجلس تطبيق أحكام الدستور والقوانين وتنفيذ نصوص اللائحة
الداخلية لمجلس النواب. أما فيما يتعلق بطلب الإفادة عن الجهة المختصة بحسم الخلاف
حالة تباين وجهات النظر بين مكتب المجلس ومقدمي طلب الاستجواب فبطبيعة الحال إن ما
يصدر عن المجلس أو مكتبه أو لجانه في اختصاصاته البرلمانية هو أعمال برلمانية، فإذا
حدث خلاف في وجهات النظر بين مكتب المجلس وبين لجنة من لجان المجلس أو بين لجنة من
لجان المجلس ولجنة أخرى أو بين مكتب المجلس وبين بعض من أصحاب السعادة أعضاء المجلس
(مثل الفرض موضوع هذا الرأي الدستوري)، فإن هذه الأمور كلها وهي أعمال برلمانية لا
تخضع لرقابة المحكمة الدستورية (مادة 106 من الدستور) حيث تختص هذه المحكمة برقابة
دستورية القوانين واللوائح فقط. ولكن الاختصاص بالنسبة لباقي الأعمال البرلمانية خلاف
القوانين ينعقد لمجلس النواب وحده. وفي شأن السؤال المطروح، إننا نرى أن صاحب الاختصاص
في حسم أي من الخلافات سابق الإشارة إليها هو مجلس النواب ذاته. ويؤيد رأينا في هذا
صراحة نص المادة 149 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب والتي تعطي للمجلس مجتمعا كامل
الصلاحية في تقرير ما يراه مناسبا حيال الاستجوابات وطلباتها سواء من الناحية الإجرائية
الشكلية أم من الناحية الموضوعية (يراجع في ذلك المواد 66/ج ، 67/د ، 68 ، 69 من اللائحة
الداخلية لمجلس النواب). أما فيما يخص السؤال الرابع والأخير الذي يتمثل فيما يلي:
في حالة قبول طلب الاستجواب من قبل مكتب المجلس وإدراجه في جدول الأعمال، هل يصوت المجلس
على إحالة الاستجواب إلى اللجنة المختصة أم يحال إلى اللجنة بدون تصويت ، ويكون الإدراج
المنصوص عليه في اللائحة الداخلية لمجرد العلم بالشيء فقط. ردًا على ذلك فإن المادة
18 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب نصت في فقرتها (أ) على أن مكتب المجلس يختص بوضع
جدول أعمال المجلس ، ويعلن الرئيس هذا الجدول ويخطر به الأعضاء والحكومة قبل انعقاد
الجلسة بوقت كاف.
وفي شأن طلب الاستجواب فإذا ما قرر رئيس المجلس أو مكتب المجلس دستورية هذا الطلب شكلاً
وتمت الموافقة على إدراج طلب الاستجواب على جدول الأعمال في أول جلسة تالية لتقديمه
لإحالته إلى اللجنة المختصة، فإننا نرى أنه لا يتصور دستوريًا أن يكون المقصود بالإحالة
إلى اللجنة المختصة مجرد الإحالة التلقائية، لأنه لو كان القصد ذلك لما تم الإدراج
على جدول أعمال المجلس ، وخاصة أن كل الموضوعات التي تدرج على جدول الأعمال تصبح دستوريًا
في حوزة المجلس ويكون للمجلس حيالها كامل الصلاحيات (الموافقة - الرفض - الإرجاء...)،
ولكن بالطبع وفقا للآلية الدستورية المتطلبة للاقتراع والتصويت وإصدار القرار. والقول
بغير ذلك هو سلب لاختصاص دستوري أصيل مقرر للمجلس مجتمعًا، لأنه حتى لو أُريد عدم مناقشة
موضوع مدرج على جدول الأعمال وسحبه فإنه يلزم إصدار قرار من المجلس بعد التصويت على
ذلك سواء بسحب الموضوع من جدول الأعمال أو بإرجاء المناقشة فيه. لماذا؟: الإجابة بكل
بساطة هو انه بإدراج أي موضوع على جدول أعمال المجلس وبمجرد الإدراج يكون قد تعلق للمجلس
حق بهذا الموضوع وخاصة ان التنظيم الدستوري في مملكة البحرين قد وضع هذا الطريق ورسمه
سواء لمجلس النواب أو لمجلس الشورى أو لمجلس الوزراء، حيث القاعدة الدستورية في شأن
اتصال تلك المجالس بأي من الموضوعات هو جدول الأعمال ، ومن ثم فإنه يلزم حالة إدراج
طلب الاستجواب على جدول أعمال مجلس النواب أن يصوت المجلس على إحالته إلى اللجنة المختصة.
هذا هو التفسير المنطقي والقانونى لنص المادة 146 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب
وليس التفسير اللفظي الذي يتوقف عند ظاهر النصوص، ثم أنه يلزم أن يتم تحديد اللجنة
المختصة ولن يتسنى ذلك بالطبع إلا بموجب قرار يصدر عن المجلس بعد التصويت فى هذا الشأن.
ويؤيد وجهة نظرنا انه لو كان المشرع يقصد الإحالة التلقائية لما أعوزه النص على ذلك،
فكان بمقدور المشرع أن يستخدم ذات العبارات التي أوردتها الفقرة الثالثة من المادة
128 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب وهي المتعلقة بالاقتراح بالرغبات التي جاء نصها
كما يلي (..... ويحيل الرئيس الاقتراح فور تقديمه إلى اللجنة المختصة لدراسته وتقديم
تقرير عنه للمجلس). ولعله من الواضح أن المغـايرة اللفظية بين عبارات المادتين 128
و146 ذات دلالة واضحة، كما أن عبارة (لإحالته للجنة المختصة)، تعني أن الخطاب هنا موجه
إلى مجلس النواب فيلزم دستوريًا أن يصدر المجلس قرارا في هذا الشأن أي انه يلزم الاقتراع
داخل المجلس على الإحالة إلى اللجنة المختصة، وبالطبع يتضمن هذا القرار تحديد اللجنة
المختصة من بين لجان المجلس، وخاصة إن هناك شروطا مسبقة يلزم التثبت منها قبل التصويت
على الإحالة وهي: 1- أن تكون الجلسة علنية إلا إذا كانت سرية بناء على طلب الحكومة
أو رئيس المجلس أو عشرة أعضاء. 2- توافر النصاب القانوني لصحة انعقاد المجلس. 3- أن
يصدر القرار بالإحالة إلى اللجنة بالأغلبية المطلقة للحاضرين وعند تساوي الأصوات يرجح
الجانب الذي منه الرئيس. 4- إذا لم يكتمل نصاب انعقاد المجلس مرتين متتاليتين اعتبر
اجتماع المجلس صحيحا على ألا يقل عدد الحاضرين عن ربع أعضاء المجلس. (تراجع المادتان
79 و80 من دستور مملكة البحرين)
دستور
مملكة البحرين
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب
مرسوم
بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
بقانون رقم (12) لسنة 1972 بشأن إنشاء مجلس تأسيسي لإعداد دستور للدولة