جريدة الوطن
الأحد ١٥ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ ذو الحجة ١٤٤٦هـ
أين
يقف القانون؟ كاميرات المراقبة في السيارات.. بين حق الحماية وحرمة الخصوصية
مع التطور السريع في التقنيات الحديثة، وانتشار استخدام
كاميرات المراقبة المثبتة داخل المركبات، والمعروفة بـ«Dash Cam»، أصبح من الضروري
بيان الوضع القانوني لهذا الاستخدام، خاصة أن هذه الكاميرات أصبحت تقوم بتسجيل كل
ما يحدث داخل السيارة وخارجها بالصوت والصورة، وقد تُستخدم لاحقاً كوسيلة إثبات أو
حتى لأغراض النشر.
مشروعية استخدام كاميرات المركبات
أوضح المحامي حسين غلوم أنه من حيث المبدأ، لا يُعتبر تركيب كاميرا مراقبة داخل
السيارة فعلاً مجرماً في ذاته. بل إن القاعدة الأصلية تُجيز للأشخاص حماية
ممتلكاتهم وتوثيق ما يقع حولهم من وقائع، خصوصاً في ظل حوادث السير المتكررة
والخلافات المتعلقة بالتأمين أو المسؤولية.
غير أن هذه المشروعية ليست مطلقة، بل تخضع لقيود قانونية صارمة متعلقة بحقوق
الخصوصية، وعدم الإضرار بالغير، وعدم استخدام التسجيلات خارج الغرض المشروع.
تمييز قانوني بين التصوير داخل وخارج السيارة
ولفت غلوم إلى أنه أصبح من الشائع أن تحتوي كاميرات المركبات على عدستين أو أكثر،
تقوم بتصوير الجزء الداخلي من السيارة (السائق والركاب)، وكذلك الخارج (الطريق
والمارة والسيارات الأخرى)، وأكد أن التصوير داخل السيارة يُعد في نطاق الملكية
الخاصة، ولكنه مشروط بإخطار الركاب المرافقين، خصوصاً إذا كانت الكاميرا تُسجل
الصوت، حيث إن تسجيل الركاب دون علمهم يُعد انتهاكاً للخصوصية، وقد يُعرّض مالك
السيارة للمساءلة المدنية أو الجنائية.
أما التصوير خارج السيارة، فشدّد على أنه يعتبر أكثر حساسية، لأنه قد يُصوّر المارة،
والمركبات الأخرى، وأحياناً الممتلكات الخاصة أو حتى منشآت حساسة. وإذا تم استخدام
التسجيلات بشكل متواصل دون مبرر، أو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يُعتبر
ذلك اعتداء على الحياة الخاصة أو انتهاكاً لقوانين الجرائم الإلكترونية.
موقف المشرع البحريني
ونفى المحامي غلوم وجود تشريع خاص في البحرين -حتى الآن- يُنظّم استخدام كاميرات
المراقبة داخل المركبات، مؤكداً أن استخدامها يخضع لعدد من المبادئ العامة، منها:
- المادة (26) من الدستور البحريني، التي تنص على حماية حرية المراسلات والخصوصية.
- قانون الجرائم الإلكترونية رقم (60) لسنة 2014، الذي يُجرّم تسجيل أو نشر مقاطع
صوتية أو مرئية دون موافقة أصحابها، إذا ترتب على ذلك ضرر للغير.
- القانون المدني البحريني، الذي يُقر مبدأ عدم جواز التعسف في استعمال الحق، وخاصة
عندما يؤدي ذلك إلى ضرر غير مشروع. وأضاف: بالتالي، فإن استخدام الكاميرا يكون
مشروعاً إذا اقتصر على التوثيق الشخصي دون نشر أو إساءة استخدام.
قانونية الـ«Dash Cams» بدول الخليج
وحول الموقف في دول الخليج، أشار غلوم إلى أن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في
السعودي يُجرّم تصوير الأشخاص أو المركبات دون إذن، خاصة في الأماكن العامة أو
أثناء وقوع حادث، بينما يعتبر القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في الإمارات، تصوير
الأفراد أو نشر المقاطع المصورة دون تصريح جريمة يُعاقب عليها بالغرامة أو الحبس،
بينما تصدر قوانين صريحة في كل من الكويت وقطر وعُمان بشأن «Dash Cams»، لكنها
تُخضع التصوير والتسجيل للقوانين العامة المتعلقة بالخصوصية والآداب العامة.
شرط المصلحة المشروعة
أما في النظم القانونية المقارنة، خاصة الأوروبية، فأشار غلوم إلى أن تصوير الأشخاص
أو المركبات في الأماكن العامة عبر كاميرات مركبات خاصة يُعد ضمن «معالجة بيانات
شخصية» تخضع لقوانين حماية البيانات مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).
ومن ثم، يُشترط وجود مصلحة مشروعة، وأن يكون التسجيل محدود الزمن وغير مخصص للنشر.
أما في الولايات المتحدة، فإن قانون الخصوصية يختلف من ولاية لأخرى، إلا أن تسجيل
الصوت غالباً ما يتطلب موافقة الأطراف، بينما يُعد تسجيل الفيديو في الأماكن العامة
مقبولاً نسبياً ما لم يُستخدم ضد الغير.
واستخلص المحامي حسين غلوم توصيات كانت كالتالي:
1- إخطار الركاب داخل السيارة بوجود الكاميرا بشكل واضح، خاصة إذا كان هناك تسجيل
صوتي.
2- عدم نشر أو مشاركة المقاطع المصورة أو الصوتية عبر أي وسيلة، إلا بعد التأكد من
خلوها من أي اعتداء على خصوصية الغير.
3- توجيه الكاميرا الخارجية نحو الطريق العام فقط، والامتناع عن تصوير المارة أو
الممتلكات الخاصة بشكل مباشر.
4- استخدام التسجيلات فقط في نطاق الحماية الشخصية أو تقديم الأدلة للجهات المختصة
عند وقوع حادث.
5- ندعو المشرّع البحريني إلى إصدار قانون خاص يُنظم استخدام الكاميرات داخل
المركبات، تحقيقاً للتوازن بين الحق في الحماية، وحق الآخرين في الخصوصية.
* محام، باحث قانوني، ومنفذ خاص

الدستور وفقا لأخر تعديل - دستور مملكة البحرين
الصادر بتاريخ 14/ 2/ 2002
قانون رقم (60) لسنة 2014 بشأن جرائم تقنية
المعلومات