الوطن - الثلاثاء 25 مارس 2008م - العدد 835
جريمة الاتجار بالأشخاص
كتب(ت) :
انطلاق من السياسة الرشيدة لمملكة البحرين وقيادتها الحكيمة وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة
الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد ''حفظه الله'' وتوجيهات جلالته برعاية الإنسان
وإعلاء شأنه وصون الكرامة الإنسانية لجميع المواطنين والمقيمين على أرض المملكة فقد
تضمن دستور المملكة م يترجم هذه المبادئ والتوجيهات السامية حيث نصت المادة (18) من
الدستور ''الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ..الخ''.
فإذا تأملنا الجهود المبذولة في مجال الرعاية الاجتماعية نجد أن هناك تطورات أساسية
قد حدثت تمثلت في إصدار العديد من التشريعات المعززة للضمان الاجتماعي والتي تترجم
المبادئ والقيم الواردة في الدستور، والتي تهدف بمجملها إلى رفع وتحسين نوعية الحياة
للسكان بمختلف فئاته ونحقق المبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية
المواثيق والاتفاقيات الدولية وعلى وجه أخص التي تتعلق بمكافحة ظاهرة الإتجار بالأشخاص،
وتعد بحق آليات تنفيذ فاعلة تترجم سياسة الدولة واهتمامها بالإنسان لكونه الهدف الأسمى
والغاية العظمى للتنمية الشاملة عامة والتنمية البشرية والمستدامة خاصة.
إن مفهوم المشكلة وأبعادها أصبح تجارة متنامية يزداد تفاقمها لأسباب متعددة منها ظروف
اجتماعية واقتصادية أو بيئية أو سياسية تتعلق بالحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية
أو الفقر وتعد جرائمها من الجرائم الدولية المنظمة العابرة أو ما تسمى ''عبر الوطنية''.
وقد عرف القانون البحريني رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الإتجار بالأشخاص بأن:
- الإتجار بالأشخاص: تجنيد شخص أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله بغرض إساءة
الاستغلال، وذلك عن طريق الإكراه أو التهديد أو الحيلة أو باستغلال الوظيفة أو النفوذ
أو بإساءة استعمال سلطة ما على ذلك الشخص أو بأية وسيلة أخرى غير مشروعة سواء كانت
مباشرة أو غير مباشرة وتشمل إساءة الاستغلال، استغلال ذلك الشخص في الدعارة أو
في أي شكل من أشكال الاستغلال أو الإعتداء الجنسي، أو العمل أو الخدمة قسر أو الاسترقاق
أو الممارسات بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
ب- يعتبر إتجار بالأشخاص تجنيد أو نقل أو تنقيل أو إيواء أو استقبال من هم دون الثامنة
عشرة أو من هم في حالة ظرفية أو شخصية ل يمكن معها الاعتداد برضائهم أو حرية اختيارهم،
متى كان ذلك بغرض إساءة استغلالهم ولو لم يقترن الفعل بأي من الوسائل المنصوص
عليها في الفقرة السابقة.
ج- يفترض علم الجنائي بالسن الحقيقية للمجني عليه الذي لم يبلغ من العمر ثماني عشرة
سنة.
أن خطورة مشكلة الإتجار بالأشخاص بالنظر أنها قد أضحت من التحديات الكبرى التي تواجه
المجتمعات الإنسانية المعاصرة والتي أخذت جرائمها بالنمو والزيادة المضطردة على نطاق
العالم وأصبحت تجارتها تحتل المركز الثالث بعد تجارتي السلاح والمخدرات نتيجة للأرباح
الكبيرة التي تجنيها العصابات والشبكات الإجرامية التي تقف وراءها، إذا تشير تقارير
المنظمات المعنية بالأمم المتحدة إلى م يلي:
. إن الأرباح الناجمة عن الإتجار بالأشخاص تحتل المركز الثالث بعد الإتجار بالسلاح
والمخدرات.
. إن معدل هذه الأرباح تقدر بسبعة ملايين دولار أمريكي سنوي تجنيها عصابات الجريمة
المنظمة والتي يقع في براثنها أربع ملايين ضحية.
. أن تقارير منظمات العمل الدولية تشير إلى أن أكثر من 12 مليون شخص يقعون كضحايا للعمالة
القسرية أو السخرة سواء أكانت بأجر أو بدون أجر.
. أن تقارير منظمة اليونسيف تشير إلى أن هناك حوالي مليون ومائتي ألف طفل وطفلة يجبرون
على البغاء سنوي.
. أن هناك أعداد متزايدة تصل من النساء يقدرون بالآلاف يتم إغراؤهن يومي بالدخول في
عالم الجنس السياحية وبخاصة النساء التي يعانين من البطالة في بلدان فقيرة.
. تشير تقارير أخرى أن هناك حوالي أربع ملايين من النساء والأطفال يتعرضون لتجارة غير
مشروعة سنوي ينتج عنها أرباح طائلة لمؤسسات إجرامية تصل إلى حوالي (5,9) مليار دولار
أمريكي سنوي.
. أن هناك بعض مشاريع إجرامية تعد أكثر ربح وتتصل بشكل وثيق بجرائم الإتجار بالأشخاص
هي عمليات غسل الأموال وتهريب المخدرات وتهريب البشر فضلا عن روابطها الوثيقة بعمليات
الإرهاب.
وإزاء ذلك فإن هناك بعض التدابير التي يجب اتخاذها تتمثل بعضها فيم يلي:
. وقاية المجتمع وتعميق وعيه بطبيعة التحديات والأخطار الناجمة عن الإتجار بالأشخاص
وآثاره البغيضة.
. حماية ضحايا الإتجار بالأشخاص من الأطفال والنساء وخدم المنازل ومن في حكمهم.
. توفير الرعاية الشاملة للضحايا بجوانبها الصحية والنفسية والاجتماعية والترويحية
مع تأهيلهم واستحال حقوقهم وإعادة اندماجهم في المجتمع.
إن مكافحة الإتجار بالأشخاص بمختلف حالاته وأشكاله والتصدي الحازم والموضوعي لأجل معالجة
أسبابه والحد من آثاره وتوفير سبل الحماية والرعاية المطلوبة لضحاياه، والعمل على وقاية
المجتمع من جرائمه البغيضة وفق منهجية علمية دقيقة وآلية إجرائية منظمة ومستعينة بكل
الوسائل والسبل المتاحة وصولا إلى مجتمع خالٍ من أي نوع من أنواع الانحراف أو الجريمة
وترسيخ قيم المجتمع القائمة على العدل والإحسان والحرية والمساواة ومكارم الأخلاق تلك
القيم الواردة بالشريعة الإسلامية.
إذ أن الإنسان مخلوق مكرم تطبيق لما أكدته الشريعة الإسلامية السمحاء والمبادئ والقيم
الأخلاقية الرفيعة التي يلتزم بها المجتمع البحريني وذلك استهداءً بالآية الكريمة:
(ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير
ممن خلقنا تفضيل) سورة الإسراء الآية (70).
ومن هنا نجد أن المنهج العام للمملكة الذي يؤكد على أن للإنسان قيمة عليا وينتصر لكرامته
وينتصف لحقوقه ويرفع عنه أي وجه من وجوه الغبن أو التعسف أو الضرر بحقوقه، وهذا ما
أكده الدستور في العديد من نصوصه على رعاية الإنسان وإعلاء شأنه والحفاظ على حريته
وصون كرامته سواء أكان مواطن أو مقيم على أرض المملكة، وأيض المواثيق والاتفاقيات والعهود
الدولية والإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان المصادق عليها من قبل المملكة وفي مقدمتها
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك التشريعات البحرينية من قوانين وأنظمة ولوائح
تتعلق بتجريم ومكافحة الإتجار بالأشخاص بكل أشكاله وحالاته ومعاقبة مرتكبي جرائمه وقد
تأكد ذلك الهدف من صدور قانون مكافحة الإتجار بالأشخاص رقم (1) لسنة 2008 الذي جرم
كل أشكال الإساءة والاستغلال للأشخاص دون تفريق وفرض عقوبات صارمة عليه.
لذا نرى أن الهدف الأسمى هو مكافحة الإتجار بالأشخاص بصوره المختلفة ولنا في سبيل تحقيق
هذا الهدف اتخاذ كل ما من شأنه القضاء على هذه الظاهرة أو الحد منها تمهيد للقضاء عليه.
دستور
مملكة البحرين
قانون
رقم (1) لسنة 2008 بشأن مكافحة الاتجار
بالأشخاص
قانون
رقم (7) لسنة 2006 بالتصديق على الميثاق العربي لحقوق
الإنسان
أمر
أميري رقم (24) لسنة 1999 بإنشاء لجنة حقوق
الإنسان في مجلس الشورى
قرار
رقم (52) لسنة 2004 بشأن الترخيص بتسجيل جمعية البحرين لمراقبة حقوق
الإنسان