الوسط -28 مايو 2008 -العدد
2091
مجلس
النواب عليه الإقرار ببطلان الإدانة والتراجع وفق مخرج دستوري
المنامة
- محرر الشئون المحلية
دعا المحامي والمحكِّم الدولي المختص بالقانون الدولي الخاص محمد رضا بوحسيِّن مجلس
النواب إلى الإقرار ببطلان قرار إدانة وزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب خلافاً
لحكم لجنة الشئون المالية والاقتصادية ببراءة الوزير من التهم المنسوبة إليه في الاستجواب
وفقاً لأحكام الدستور واللائحة الداخلية للمجلس.
وأكد بوحسيِّن أن «دولة المؤسسات الدستورية ذات الأصول البرلمانية توجب أن يكون الدستور
وقواعده المكملة الفيصلَ والمرجعيةَ في أي موضوعات تتصل بقرارات البرلمان وإجراءاته
وبنوع العلاقة القائمة بين السلطات العامة من جهة والممارسات التي قد تنشأ من تلك العلاقات
من جهة أخرى التي بيّنت وأوضحت النصوص الدستورية حدودها ومداها (المادة 32 من الدستور)».
وقال: «عليه فلا يمكن التمادي في ما من شأنه إحداث عدم الشرعية الدستورية في عمل البرلمان،
ولا يمكن دعم وتأييد أي انتهاك صارخ لمبادئ الدستور واللائحة الداخلية، من خلال مبررات
ومغالطات متتابعة تهدف إلى إخفاء الحق والحقيقة الدستورية تحت شعار (سيادة البرلمان
على أعماله وقراراته)».
وتناول بوحسيِّن في مذكرته موضوع الاستجواب وفقاً لحكم اللائحة الداخلية لمجلس النواب
قائلاً: «يعتبر الاستجواب إحدى وسائل التحقيق البرلماني وأكثرها خطورة، وقد نصت عليها
المادة (65) من الدستور في صياغة عامة حددت المحاور الرئيسية لموضوعه وتناولت اللائحة
الداخلية بنصوص خاصة تفصيلية كيفية الاستجواب وآليته من حيث الوقت والإجراء والموضوع».
وتابع «أجازت المادة (146) من اللائحة إحالة الاستجواب إلى اللجنة المختصة وعلى اللجنة
المعنية أن تجري الاستجواب وفقاً للقواعد التي حددتها اللائحة الداخلية بهذا الخصوص؛
إذ من الاشتراطات الأساسية للاستجواب أن يبنى من الناحية الدستورية على وقائع وموضوعات
محددة وفقاً لما نصت عليه المادة (65) من الدستور وما تضمنته قواعد اللائحة الداخلية
للمجلس الصادر بتفويض دستوري وفقاً لما قررته المادة (94) من الدستور. فإذا اشتمل على
عيب من العيوب الدستورية لا تجعله متوافقاً مع أحكام الدستور، فهي تصم الاستجواب بعيب
دستوري مهم، يستتبع عدم سلامته دستورياً وضرورة عدم المضي فيه حفاظاً على الدستور ومنعاً
للسوابق التي تكرس ممارسة ينتهك من خلالها الدستور».
وأكد أن لـ «رئيس المجلس - في عملية الاستجواب وإصدار القرارات - دوراً بالغ الأهمية
من الناحية الإجرائية والموضوعية. فمن الناحية الإجرائية يدرج رئيس المجلس الاستجواب
في أول جلسة قادمة (المادة 146 من اللائحة) ويتحقق من سلامة الاستجواب من الناحية الموضوعية،
وعدم تعارضه مع نص دستوري أو قانوني، وهو ما يعبر عنه بالرقابة السياسية السابقة لرئيس
المجلس على الأعمال والممارسات التي يختصها البرلمان. وحيث إن طرح قرار اللجنة الذي
انتهى إلى براءة الوزير المعني واقتراح اللجنة الانتقال لجدول الأعمال، فإذا ما رغب
المجلس رفض هذه النتيجة يقتضي ذلك أن تتم مناقشته قبل التصويت عليه وذلك بسماع آراء
الأعضاء المؤيدين للاستجواب والمعارضين له قبل قفل باب المناقشة والتصويت على قرار
اللجنة. وعدم اعتماد هذه الآلية وفقا لما نصت عليه المادة (149) يكون المجلس قد ارتكب
مخالفة لهذا النص ولم يرعَ تطبيق أحكام الدستور، وهو أمر يعني رئيس المجلس وفقاً لحكم
المادة (12) المذكورة».
دور المجلس في إقرار تقارير اللجان
وأشار بوحسيِّن إلى أن «اللجان في الأعمال البرلمانية لها دور فعال مؤثر على المستويين
السياسي والقانوني في العديد من المسائل التي يتم تداولها والتحقيق فيها من خلال هذه
اللجان، وقد تكون بعض هذه المسائل ذات طبيعة استثنائية وهو ما يتطلب من اللجان التعامل
مع هذه المسائل في الحدود الاستثنائية دون التوسع فيها وكذلك الأمر بالنسبة للمجلس».
والواقع «أن إذا ما تمت إحالة الاستجواب لإحدى اللجان المختصة إعمالاً لنص المادة (146)،
فنظراً لطبيعة القيود القانونية للاستجواب لخطورة هذا النوع من المساءلة البرلمانية
يتطلب من اللجنة والمجلس التعامل مع هذه المسائل في حدود ضيقة دون التوسع في التفسير
باعتباره استثناءً من الناحيتين: من حيث المساءلة ذاتها استجواباً: ومن حيث تفسير القواعد
القانونية المتعلقة بآلية الاستجواب ونتائجه التي يمكن إيضاحها وفقاً لما يلي:
1. القاعدة: إن قواعد المسئولية الوزارية شأنها شأن أي نوع من أنواع المسئولية القانونية
ترد دائماً باعتبارها استثناء وخروجاً عن الأصل، ومن ثم لا يجوز أن تقرر هذه المسئولية
إلا بناء على نصوص واضحة ومحددة، وبناء عليه متى ما تخلفت النصوص القانونية أو قصّرت
عن معالجة موضوع المسئولية بشكل صريح وواضح، فلا يجوز اللجوء إلى تفسير النصوص المقررة
لتلك المسئولية بشكل موسع، بل لابد من تقريرها بالشكل المضيق والمتقيد بالنصوص باعتبارها
استثناء ترد على خلاف الأصل بما يمتنع معه التوسع في تفسير هذه المسئولية أو مد نطاقها.
ولذلك فقد فرضت نصوص اللائحة الداخلية العديد من القيود القانونية على استخدام المساءلة
البرلمانية في مختلف صورها وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالاستجواب».
وعليه لمّا كانت المسئولية أساسها الاستثناء وعدم جواز تفسير النصوص المقررة لها بشكل
موسع واتباع أسلوب التفسير الضيق بشأنها، فإن مقتضى ذلك - وخاصة بعد أن استكملت اللجنة
تساؤلاتها وتحقيقاتها الرئيسية كلها مع آراء الخبراء التي استعانت بهم في هذا التقرير
الذي انتهى إلى تقرير عدم الإدانة - كان يستوجب إعمالاً لمبدأ (الاستثناء) قبول ما
انتهت إليه اللجنة المعنية باعتباره أمراً واقعاً بغض النظر عن أي تحفظات أخرى قد يراها
المجلس، وذلك تطبيقاً وتغليباً لقاعدة الاستثناء وعدم التوسع في تقرير تلك المسئولية.
2. باعتبار أن المسئولية الوزارية ذات خطورة من الناحية السياسية والوطنية والقانونية
تجاه من يتم مسائلته، فإن جميع النصوص التي تضمنتها اللائحة الداخلية قد تضمنت قيود
استثنائية لعدم التوسع على الأصل العام، وذلك من حيث الإجراءات و التوقيت و الضمانات
الدستورية للمستجوب و من حيث طبيعة الموضوع وترابطه و من حيث وسائل التحقيق وجمع المعلومات،
وذلك كله لضمان تحقيق العدالة وعدم التجاوز لتحقيق عدم الشرعية.
ينبغي التطبيق الحرفي وفقاً للقيود التشريعية الواردة في متن المادة (149)، فإذا رغب
المجلس طرح تقرير اللجنة جانباً ورفض نتيجة عدم الإدانة التي انتهى إليه، فإن ذلك يستوجب
بالضرورة أن يتم طرح المسألة «للمناقشة» وتمكين المؤيدين والمعارضين للاستجواب من «مناقشته»
قبل التصويت عليه، وذلك باعتبار إن مثل هذا الشرط قيد دستوري أوردة المشرع واشترط ضرورة
تطبيقه في حالة الحكم بالإدانة.
ما هي الطبيعة القانونية لقرار اللجنة؟
وقال بوحسيِّن: «دون الدخول في جدلية الطبيعة القانونية لقرار اللجنة هل هو مجرد «اقتراح»
أم «نتيجة ملزمة»، بمعنى هل المجلس يتقيد بما انتهت إليه لجنة التحقيق البرلمانية من
نتائج أم له أن يأخذ بها ومن ثم تنصب مناقشته وفقاً لما خلصت إليه اللجان البرلمانية
من نتائج؟
فسواء كان المجلس يملك حق «قبول» أو «رفض» النتيجة التي انتهت إليه اللجنة المختصة،
فإن المجلس في كل الأحوال ملزم باتباع القيود والإجراءات المنصوص عليها في الدستور
وأحكام اللائحة الداخلية للمجلس والتي تعتبر مكملة لأحكام الدستور، فيكون المجلس ملزما
من الناحية الدستورية بأعمال الآلية التي حددتها نص المادة (149) في حالة الإدانة أو
البراءة. فإذا كان المجلس يميل إلى الإدانة، فإنه يتقيد على نحو وجوبي بعرض الاقتراح
بالإدانة «للمناقشة» من قبل المؤيدين والمعارضين للاستجواب قبل التصويت عليه، والمجلس
ملزم في ذلك دون أن يكون له خيار غير ذلك على النحو الذي يؤدي إليه منطوق ومدلول نص
المادة (149) فإذا ما تجاوز مدلول النص الصريح ومنطوقة الواضح وصوت على قرار الإدانة
دون «مناقشته»، فإنه يكون بذلك قد تجاوز صحيح حكم القانون وشاب إجراءاته عوار جسيم
أفقده الشرعية الدستورية.
ورأى بوحسيِّن أن «اللائحة الداخلية للمجلس الصادرة بقانون رقم (54) لسنة 2002 هي مكملة
للدستور، إذ ان نص المادة (149) قد جاءت صياغته واضحة وحاسمة مشترطةًَ ضرورة «مناقشة»
قرار الإدانة قبل التصويت عليه، و ذلك لخطورة قرار «الإدانة» على المستقبل السياسي
للوزير وآثاره السياسية والاقتصادية على الحكومة، ومن ثم لا يجوز استبعاد «المناقشة»
عن قرار الإدانة «قبل التصويت عليه».
وأضاف «فإذا خالف المجلس نص المادة (149) فيكون خالف الدستور باعتبار أن هذا النص الذي
هو في اللائحة يكمل النصوص الدستورية وتحديداً نص المادة (94) التي تقول ان المجلس
يضع لائحته الداخلية في شأن الإجراءات والمناقشة والتصويت والسؤال والاستجواب ومن ثم
فإن نص المادة (149) من اللائحة تكون مكانتها مكانه القواعد الدستورية ومكملة لها في
الجوانب الإجرائية التي لم يعالجها الدستور، إذ استنادا للتفويض الدستوري بموجب المادة
(94) وضع المجلس اللائحة الداخلية الصادرة بقانون رقم (54) لسنة 2002 وإذا كانت تلك
اللائحة صادرة استناداً إلى ذلك التفويض الدستوري، فقد أضحت مكملة لأحكام الدستور في
خصوص وظيفة البرلمان وسائر صلاحياته الدستورية، وتغدو وثيقة ذات طبيعة دستورية وتأخذ
حكم القوانين الأساسية ، وذلك في حدود التفويض الدستوري».
خيارات سحب الثقة
وتناول بوحسيِّن في مذكرته مدى جواز طرح الثقة دستوريا وفقا لقرار الإدانة غير الدستوري؟
وقال:«لا يجوز طرح الثقة بالوزير استناد لقرار اشتمل على عيوب شكليه وموضوعيه تخالف
أحكام القانون والدستور باعتبار أن الدستور في المادة (66) منه واللائحة الداخلية في
مادتها (152) إنما تجيز ذلك مشروطاً بأن يكون الاستجواب وإقراره قد تم وفقاً للقيود
الدستورية وأن يكون على إثر مناقشه استجواب تمت وفقاً للإجراءات القانونية وعدم مخالفتها
لحكم القانون والدستور. أما إذا اعترى هذا الاستجواب عيب عدم الدستورية نتيجة عيوب
شكليه وموضوعيه أحاطت بهذا الاستجواب بما يستتبعه ذلك من بطلان كل إجراء ثم استنادا
إليه بما في ذلك طلب سحب الثقة. وعليه، كان على المجلس وفقاً للآليات المنصوص عليها
في اللائحة الداخلية، أن يسحب قراره بالتصويت على اقتراح معيب دستورياً ومخالف للائحة
وما ترتب عليه من آثار وإعادة الثقة بالوزير المعني».
لا سيادة للمجلس خارج نطاق الدستور
وقال بوحسيِّن: «لقد ترددت اخيرا في قاعات المجلس عبارة «البرلمان سيد قراره وجدول
أعماله»، في إشارة لرفض تدخل السلطة التنفيذية في قرار المجلس؟ واستقلال السلطة التشريعية
عن السلطة التنفيذية وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات.
هناك العديد من الجوانب والتحفظات على هذا الرأي، ففي الحقيقة أن الأعمال البرلمانية
تتضمن جوانب سياسية وأخرى رقابية، وجميع الجهود الخاصة بأعضاء البرلمان وأعماله هدفها
المصلحة الوطنية والصالح العام لأفراد الشعب، وانطلاقا من ذلك فإن روح التعاون المطلوبة
وفقا لما جاء بنص المادة (32/أ) من الدستور تؤكد أهمية العمل التعاوني بين السلطات
المختلفة لتحقيق الهدف الاسمي وهو المصلحة الوطنية.
وإذا كان البرلمان هو الممثل لإرادة الشعب، إلا انه يجب الاعتراف إن السلطة التنفيذية،
هي صاحبة الاختصاص دستوريا في رسم السياسية العامة للدولة وتوجيهه (المادة 47 من الدستور)،
وهو الأمر الذي أعطى للسلطة التنفيذية بعض الامتيازات على جدول أعمال البرلمان (المادة
87 من الدستور) دون الإخلال بحق الأخير في التشريع باعتباره يمثل الإرادة الشعبية.
إذ لا يستقيم حق السلطة التنفيذية الدستوري في رسم السياسة العامة وحرمانها أو عدم
الاعتراف لها بالوسائل والأساليب اللازمة لتحقيق ذلك عن طريق العمل التشريعي ورهنه
بإجراءات العمل المعقد داخل البرلمان.
لقد تضمنت المادة (18) من اللائحة الداخلية على نحو صريح حق السلطة التنفيذية في مشاركة
المجلس في قراراته وجدول الأعمال حيث تنص على أن يختص مكتب المجلس بوضع جدول الأعمال
مراعياً أولوية إدراج مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة وكذلك الموضوعات الهامة
الجارية، ويعلن الرئيس جدول أعمال ويخطر به الأعضاء والحكومة قبل انعقاد الجلسة بوقت
كافٍ».
أما فيما يتعلق بمبدأ الفصل بين السلطات قال بوحسيِّن:«لا يعني إلغاء الأصل الدستوري
الذي استلزم ضرورة التعاون فيما بين السلطات الثلاث (المادة 32 من الدستور)، وذلك لأغراض
تتعلق بالمصلحة العامة. كما أن مبدأ الفصل بين السلطات لا يعني الفصل المطلق بينهما
بل يعني الفصل النسبي المرن وإمكانية التدخل فيما بينهم واستخدام أسلوب الرقابة المتبادلة
بين السلطات لمنع الاستبداد والتعسف في استخدام الحق والخروج عن أحكام القانون والدستور».
وأضاف:«نقول إن البرلمان سيد جدول أعماله وقراراته طالما كانت تتفق وأحكام الدستور
والقواعد الدستورية الواردة باللائحة الداخلية، على أن ذلك لا يلغي دور السلطة التنفيذية
وتعاونها مع السلطة التشريعية بوضع جدول الأعمال أو مناقشة القرارات الباطلة دستوريا
وفقا لمعايير سياسية وقانونية. الواقع أن البرلمان كان هو الممثل لإرادة الشعب، فإن
النصوص الدستورية تجعل من السلطة التنفيذية صاحبة الاختصاص في رسم السياسة العامة للدولة
وتوجيهها (المادة 47 من الدستور)، الأمر الذي يترتب عليه ضرورة منح هذه السلطة الوسائل
والإمكانيات التي تكفل لها وضع سياساتها العامة موضع التنفيذ. وبموجبه تقرر الاعتراف
للسلطة التنفيذية ببعض الامتيازات على جدول أعمال البرلمان (المادة 81-87 من الدستور)».
هل تدخلت الحكومة في أعمال المجلس؟
وعما إذا كان طلب مجلس الوزراء يعتبر تدخلاً في شئون السلطة التشريعية؟ قال بوحسيِّن:«إن
طلب مجلس الوزراء من المجلس إعادة طرح الموضوع وتعديل الأوضاع لتتفق مع الشرعية الدستورية
لمخالفة قرار الإدانة لجميع القيود والمبادئ التي قررها الدستور واللائحة، وخصوصا إذا
ما أخذنا بعين الاعتبار ان إدانة الوزير على النحو المذكور هي لا تمس الوزير بذاته،
بل تمس السلطة التنفيذية في مجموعها باعتبار أن الوزير جزء من التشكيلة الوزارية التي
تمثل السلطة التنفيذية، فإن محاولة المجلس إنفاذ قراره الباطل دستورياً يمس بشكل مباشر
السلطة التنفيذية بما يستدعي تدخلها إعادة الشرعية الدستورية ومنع مخاطر تنفيذ هذا
القرار الباطل على وضع السلطة التنفيذية في مجموعها.
وأضاف «نحن أمام حالة يعتدي فيها المجلس على السلطة التنفيذية بالمساس بالتشكيلة الوزارية
على نحو غير دستوري ليحقق سيادة غير مشروع، فلو كان القرار سليماً ورفضت السلطة التنفيذية
تنفيذه فإنه في مثل هذه الحالة يمكن معالجته من خلال الآلية المنصوص عليها في الدستور،
أما إذا كان القرار باطل فإن إصرار المجلس على تنفيذه فإن ذلك يعتبر تعدي على السلطة
التنفيذية والدستور».
طريقة حل النزاع
من الناحية الدستورية والسياسية
ونوه بوحسيِّن بأن حل النزاع من الناحية الدستورية والسياسية يتطلب حل أي منازعة أو
إشكال البحث عن أصل المشكلة وتحديد معالمها ومن ثم وضع الحلول والاقتراحات لتسويتها
بما يتفق والمصلحة العامة وأحكام الدستور.
ودعا إلى تحديد الإشكال القانوني لقرار المجلس بالإدانة قائلاً: «إن المحور الأساسي
في الخلاف القانوني «يكمن في كيفية إقرار هذا الاستجواب بعد أن قامت اللجنة بطرحه للمجلس
وقام الأخير بالانتهاء إلى قرار الإدانة على خلاف ما انتهت إليه اللجنة التي اقترحت
«الانتقال لجدول الأعمال»، ولقد كانت هناك خروقات واضحة لحكم المادة (149) وتجاوز جسيم
للقواعد والمبادئ الدستورية».
ولفت إلى أن المستفاد من الصياغة الصريحة لنص المادة( 149) التي وضعت قيود تشريعية
واضحة لمعالجة حالتي البراءة والإدانة بإعطاء حالة الإدانة ضمانات دستورية و تشريعية
واجبة الاتباع وملزمة للمجلس ولا يمكن الحيدة عنها ومخالفتها.
وأضاف «لقد عالجت المادة حالتي البراءة والإدانة وفقاً لما يلي: في حالة عدم الإدانة
توصي اللجنة المختصة في تقريرها «الانتقال لجدول الأعمال»، ويكون للاقتراح بالانتقال
لجدول الأعمال الأولوية على غيره من الاقتراحات المقدمة. ويبث المجلس في هذه الاقتراحات
دون مناقشة إذا كان التقرير منتهياً إلى الانتقال لجدول الأعمال. وهي الحالة التي كان
يفترض أن يتم اعتمادها في النتيجة التي انتهت إليها اللجنة بخصوص الاستجواب الموجه
لوزير شئون البلديات والزراعة. إذ لا يجوز قانوناً و وفقاً لمقتضى النص الواضح أن يعرض
الرئيس اقتراحا على المجلس لم يتضمنه تقرير اللجنة، وبالتالي لا يجاوز أن يصار إلى
عرض أمر إدانة الوزير على المجلس بخلاف الاقتراح الوارد بالتقرير».
واذ ان التقرير قد تضمن «الانتقال إلى جدول الأعمال» هدياً على ما نصت عليه المادة
(149) في حالة البراءة، فإن هذا «الاقتراح» هو الاقتراح الوحيد الذي يتوجب على المجلس
البت فيه دون مناقشة. أما إذا رفض «الاقتراح» فإنه يستوجب رفع الجلسة للتمكن من مناقشة
قرار الإدانة وفقاً لما تطلبته الفقرة الثانية من المادة (149) وذلك أيضاً لتمكين جميع
الأطراف بما فيها السلطة التنفيذية التشاور ووضع جدول الأعمال في هذا الأمر.
أما في حالة الإدانة، «فإنه نظراً لخطورة هذا الحكم فقد أحاطه المشرع والدستور بضمانات
وقيود عديدة للأسباب التي تمت مناقشتها سابقاً، لذلك فقد قيدت المادة (149) حكم الإدانة
بضرورة «مناقشته» قبل التصويت عليه وحددت طريقة «المناقشة» بسماع آراء الأعضاء المؤيدين
للاستجواب والمعارضين له بالتناوب، وعدم «جواز قفل باب المناقشة» دون تمكين أثنين كحد
أدنى من طالبي الكلام من كلا الفريقين.
ويعتبر قيد «المناقشة» الوارد بالمادة قيد دستوري لا تجوز مخالفته أو الالتفات عنه.
و أضاف:«صياغة النص في هذا الشق حاسمة ومحددة لقوله «ولا يجوز قفل باب المناقشة قبل
أن يتحدث» وكلمة «لا يجوز» في الصياغة التشريعية تعني الصفة الآمرة للقاعدة وعليه فلا
يجوز مخالفتها من قبل المخاطبين بها، وأي تجاوز ينشأ عنه البطلان المطلق فإذا رأى المجلس
عدم الأخذ بنتيجة التقرير، كان عليه أن يطبق القيود الاستثنائية الواردة بالمادة المذكورة
في حالة الإدانة، وأن يتم رفع الجلسة باعتبار أن مثل هذا القرار ليس في جدول أعمال
المجلس من جهة لتمكين جميع الأطراف بما فيها السلطة التنفيذية للتشاور ودراسة الأمر
لاتخاذ القرار المناسب بشأنه مع مراعاة جميع التحفظات الواردة على الاستجواب والقيود
و المبادئ الدستورية الخاصة في هذه الحالة. وبذلك، فإن المجلس قد وقع في خطأ دستوري
جسيم مرتين.
ويتمثل الخطأ الأول عندما قام رئيس المجلس بعرض «اقتراح» على المجلس لم يتضمنه تقرير
اللجنة ولم يتضمنه جدول الأعمال أيضاً بالمخالفة لنص المادة (51) من اللائحة، وهذا
يترتب عليه بطلان قرار المجلس وما ترتب عليه من آثار قانونية.
والخطأ الثاني هو عدم «مناقشة» قرار الإدانة على النحو الذي فرضته المادة (149) قبل
التصويت إذ قيد «المناقشة» في قرار الإدانة من الضمانات الدستورية للوزير المستجوب،
وكان على المجلس حينما اتجهت نيته و إرادته إلى مخالفة قرار اللجنة بالبراءة، أن يتخذ
الإجراءات القانونية اللازمة في حالة الإدانة وهو قيد ضرورة «مناقشته» على النحو الذي
حددته المادة (149).
الحلول والمقترحات
وبشأن الحلول والمقترحات أوضح بوحسيِّن «إن الأعمال البرلمانية وجميع ما يجرى تحت قبة
البرلمان خاضعة للرقابة القضائية للمحكمة الدستورية حسب ما جاء في نص المادة (106 من
الدستور)، وللرقابة السياسية السابقة لرئيس مجلس النواب، إذ وفقاً لمقتضيات نص المادة
(12) من اللائحة الداخلية، فإن رئيس المجلس معني بالإشراف على أعمال المجلس وإدارته
و يراقب مكتبه ولجانه ويدير المناقشات وهو الذي يحدد موضوع البحث ويرد إليه من خرج
من المتكلمين ويطرح الموضوعات لأخذ الرأي عليها، ويراعي في ذلك كله تطبيق أحكام الدستور
والقوانين وتنفيذ نصوص هذه اللائحة».
ودعا بوحسيِّن إلى التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية للخروج بالشرعية الدستورية،
«إذ ان الدستور يعتبر أسمى القوانين وعليه فلا يجوز الخروج عن أحكامه، وإذا فوض الشعب
ممثليه في السلطة التشريعية في التعبير عن إرادته، فإن ذلك كان بقصد أن لا يخرج أعضاء
السلطة التشريعية عن الدستور باعتباره أسمى تعبير عن إرادة الشعب».
وأضاف «فإذا أصدرت السلطة التشريعية قانوناً وقرار يخالف أحكام الدستور أو اللائحة
الداخلية باعتبارها مكملة لأحكام الدستور، تكون قد خالفت إرادة الشعب العليا، ويكون
من حق السلطة التنفيذية الاعتراض على هذا القانون أو القرار، كما يجوز للسلطة القضائية
وقف ومنع تطبيقه وإن البرلمان سيد أعماله وقراراته، طالما كانت هذه الأعمال والقرارات
تتفق وصحيح أحكام الدستور واللائحة الداخلية. وإن ذلك لا يلغي دور السلطة التنفيذية
و تعاونها مع السلطة التشريعية بوضع جدول الأعمال أو مناقشة القرارات الباطلة دستورياً
و فقاً لمعايير سياسية وقانونية، خاصة كما قلنا إن هذا القرار الباطل لا يمس الوزير
بذاته وإنما يمس السلطة التنفيذية ويؤثر في التشكيلة الوزارية».
ومن هذا المنطلق فإنه يمكن التعاون بين السلطتين أعمالاً لما جاء بنص (المادة 32 من
الدستور) وكسابقة برلمانية وسياسية أن يتم الحوار الموضوعي ومناقشة هذا الخطأ في إطار
سياسي وقانوني بما يحقق المصلحة العامة ويدعم السياسة العامة ويحفظ الضمانات الدستورية
والقيود الواردة باللائحة الداخلية للمجلس.
اعتماد مفهوم المخالفة لإعادة الشرعية
وأوضح «ان الطرح الخاطئ لقرار المجلس وما ترتب عليه من نتائج، قائم على فهم مبتور لجزء
من قانون اللائحة دون تقصي لجميع جوانبه خاصة الضمانات والقيود التي أوردها في قرارات
الإدانة. فالقاعدة، أن القانون ليس ركاماً من نصوص متفرقة لا رابط بينها يجري تفسيرها
بمعزل وعلى حدة، بل هو متعض قانوني متكامل ومنسق من قواعد مترابطة يعضد بعضها بعضا
ومنظمة يعتبر كل منها جزء من كل كبير و يتحدد معني ومدى كل منها في ضوء ذلك الكل المتماسك
والصياغة التشريعية الآمرة لقواعد اللائحة».
ولو تمت قراءة نص المادة (149) على نحو متأن وواضح للإجراءات والقيود التي تستوجب اتخاذها
من قبل المجلس في حالة البراءة وفي حالة الإدانة لاتضح للعموم قبل أهل التخصص أن المسألة
ليست تحديا لقرار المجلس الذي هو سيد أعمال وقراراته بقدر ما هو وجود مخالفة واضحة
وجسيمة لقاعدة دستورية جاءت بنص المادة ( 149) من الدستور بخصوص قرار الإدانة.
فإذا كانت سيادة المجلس حقاً دستوريا، فإن القيد على هذه السيادة قد جاء من نفس القوة
أي من الدستور نفسه واللائحة الداخلية للمجلس، إذ كيف حرص المجلس و الأعضاء على سيادتهم
تكون سبباً لتجاوز أحكام الدستور؟
فالقرارات والأحكام الصادرة عن سلطات البرلمان المختصة إنما قوامها وقوتها لتنفيذية
مشروطة باستيفائها من الناحية الشكلية والموضوعية للقواعد المقررة في الدستور والقانون.
وانطلاقا من هذه المفاهيم، فإنه ليس من العيب والسيادة في احترام الدستور أن يتراجع
المجلس عن قرار اتخذه خلافاً للشرعية الدستورية والقانونية، فإذا كان رأس الدولة ممثلاً
في جلالة الملك، قد أجاز له الدستور بمقتضى المادة (38) وضع المراسيم بقوة القانون
على أن نفاذها مشروطا بعدم مخالفتها لأحكام الدستور. وإذا كان لجلالة الملك أن يستخدم
وسائل الرقابة السابقة في إصدار التشريعات و القوانين حين نصت الفقرة الثالثة من المادة
(106) من الدستور على أن يحيل إلى المحكمة الدستورية ما يراه من مشروعات القوانين قبل
إصدارها لتقرير مدى مطابقتها للدستور.
عدم الشرعية لا يمكن أن يحقق المشروعية الدستورية
وخلص بوحسيِّن إلى القول:«بعد ان أصبح واضحاً عدم مشروعية قرار المجلس من الناحية القانونية
لخرقه قواعد قانونية آمره تتعلق بضمانات دستورية، فإنه يمكن للمجلس بعد أن تأكد من
هذه الحقيقة الاكتفاء بالمساءلة السياسية و النتائج التي انتهت إليه حتى تاريخه على
أن يتم إعادة عرض الأمر على المجلس لمخالفة دستورية وقانونية، ويمكن تحقيق ذلك عن طريق
إحالته للجنة الشئون القانونية بطلب رئيس المجلس ، أو اتخاذ الإجراءات والمداولات بين
المجلس لسحب قراره بالتصويت على القرار الذي تم عرضه عليه بالمخالفة لحكم القانون ومحو
جميع آثاره وما ترتب عليه من نتائج ، وبذلك يتم تجديد الثقة بالوزير المعني وعودة السيادة
للسلطتين التنفيذية والتشريعية».
دستور
مملكة البحرين
مرسوم
بقانون بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 2002 بشأن مجلسي الشورى والنواب
مرسوم
بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
رقم (52) لسنة 2002 بتعيين أمين عام لمجلس النواب