أخبار الخليج - السبت 30 أغسطس
2008م - العدد 11117
الشيكات
بدون رصيد .. مشكلة تهدد السوق
تحقيق:
محمود النشيط
أيدت كل من غرفة تجارة وصناعة البحرين والمصرف البحرين المركزي تغليظ العقوبات على
جريمة إصدار شيك من دون رصيد، متفقين على أهمية تشديد العقوبة على هذه الجريمة، حفاظاً
على سمعة ومكانة النشاط التجاري وتعزيز ثقة التجار والمستثمرين في بيئة الأعمال في
البلاد، معتبرين أن هذا المقترح يصب في الاتجاه الذي كانت الغرفة والمصرف المركزي يدعوان
إليه، وخاصة أنه يرتبط بسمعة البحرين كمركز مالي وتجاري.
وكان رئيس مجلس النوّاب خليفة بن أحمد الظهراني قد تقدم باقتراح بشأن تعديل المادة
(393) من المرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976م بإصدار قانون العقوبات، بحيث تشدد العقوبة
في جريمة إعطاء شيك بسوء نية ليس له مقابل وفاء .
حيث يعطي هذا الاقتراح المصداقية والثقة في المعاملات التجارية في مملكة البحرين، وترى
الغرفة أن ملاحظات ومرئيات مصرف البحرين المركزي جديرة بالاهتمام لأنها تضفي مزيدا
من الثقة على التعامل بالشيكات، وبالأخص في المعاملات التجارية والمالية، وخاصة أن
التقديرات تشير إلى أن هناك زيادة في قيمة الشيكات المرجعة حيث بلغت 2،36 مليون دينار،
و2،38 مليون دينار في عامي 2004 - 2005 على التوالي.
وان تشديد العقوبات سوف يساهم في الحد من ظاهرة إساءة استخدام الشيكات ،مشددة في الوقت
ذاته على ضرورة الإسراع في معالجة مشكلة الشيكات المرجعة وإيجاد الحلول الكفيلة بوقف
هذه الظاهرة التي تؤثر سلبا في الثقة في قبول الشيكات كأداة وفاء في جميع التعاملات،
وبالأخص التجارية التي باتت أمرا ملحا تتصل بمجريات التطور والانفتاح التجاري والاقتصادي
واتساع شبكة العلاقات التجارية خاصة مع قيام السوق الخليجية المشتركة، وخاصة أن الجميع
يحرص دوما على توفير كل المناخات الإيجابية التي من شأنها أن تعزز من سمعة البحرين
في مجالات العلاقات التجارية والاقتصادية من دون أن تؤثر فيها ظاهرة إصدار الشيكات
من دون رصيد .
وتشير الإحصائيات الخليجية حول هذه الظاهرة بأن دولة الكويت تتربع على قائمة الدول
الخليجية التي تعاني هذه القضايا التي تقدر بحوالي 62 ألف قضية في السنة، ثم المملكة
العربية السعودية بحوالي 55 ألف حالة شيك من دون رصيد، وكان نصيب العاصمة الرياض وحدها
خلال الأعوام الماضية أكثر من 30 ألف شكوى في هذا الخصوص، ثم بقية الدول رغم أن مملكة
البحرين سجلت الشهور الستة فيها من العام الجاري انخفاضا كبيرا كما تؤكد سجلات النيابة
العامة، ويرجع ذلك إلى التعديل الذي طرأ على المادة 393 من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم
بقانون رقم 15 لسنة 1976 ويهدف فيه القانون المقدم من مجلس النواب إلى تشديد العقوبة
في جريمة إعطاء شيك من دون رصيد بسوء نية وقرر مجلس الوزراء تضمين مشروع القانون أعلاه
بمذكرة برأي الحكومة بشأنه..
المشاركون معنا في هذا التحقيق تنوعت آراؤهم في هذا الخصوص، إلا أن غالبيتهم أجمعوا
على أن هذه القضية تعتبر مقلقة للجميع، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من التوعية بجانب
القانون، لان أحد الطرفين يكون ضحية الجهل بعواقب الأمور الذي تترتب عليه مثل هذه القضايا
التي لا يخلو منها أي مجتمع في العالم، كما لا تخلو السجون من متهمين لم يعرفوا عواقب
أفعالهم ليقضوا سنوات طويلة خلف القضبان لشرطة قلم، ومن أجل متعة قصيرة، أو حتى من
دون قصد..
الأسباب والدوافع
من المشاركين معنا في هذا التحقيق أحمد عبدالله الهندي (رجل اعمال) الذي قال: تعتبر
ظاهرة إصدار شيكات من دون رصيد من الجرائم التي يمتاز ممارسوها بطابع معين يغلب عليه
الكلام اللطيف المنمق، والشكل المهندم الذي لا يوحي أبداً للطرف الآخر، بأن من يصدر
هذا الشيك لا يملك رصيداً، وأن هذه المعاملة مصيرها أروقة المحاكم، طلباً لحق مشروع
انتزع من دون وجه حق، وللإنصاف أقول ان الأصابع ليست كلها سيان، والناس كذلك، فكم من
شخص تعرض لظروف قاهرة جعلته يقدم على هذه الخطوة بحسن نية إلا أن الظروف لم تساعده،
فكان القضاء الفيصل بينه وبين خصمه.
وأضاف الهندي: ان المتابع لسجل قضايا الشيكات من دون رصيد في محاكم مملكة البحرين بشكل
خاص، ودول مجلس التعاون يجدها متفاوتة من عام لآخر، وهذا الأمر يعود إلى وجود السيولة
عند المتعاملين في التجارة الذين هم أكثر المتورطين في مثل هذه القضايا التي تنظرها
المحاكم وتصدر فيها أحكاما متفاوتة حسب نظرة القاضي للأجواء التي تم فيها إصدار الشيك
وسمعة الشخص و وضعه المالي قبل وبعد إصدار الشيك الذي حول إلى القضاء، وعليه أرى أن
على الجهات المعنية في مؤسسات المملكة المختلفة إذا ما أرادت معرفة تحليلية أكثر لهذه
الظاهرة أن تتابع الأسباب والدوافع التي تجعل من الناس تقدم على هذه الجريمة التي يطالب
البعض بتشديد العقوبات فيها من دون الاطلاع على الخلفيات الأخرى رغم أهميتها.
جرائم حديثة
أما علي رضـا توراني (تاجر) فقال: عندما تحذر العديد من الجهات الرسمية من خطر تصاعد
جريمة إصدار الشيكات من دون رصيد، وتؤكد النيابة العامة بين فترة وأخرى أن هذه الجريمة
آخذة في الارتفاع من عام لآخر، وعندما نقرأ في الصحف أن بعض من يمارس هذه الجريمة شخصيات
نيابية ممثلة للشعب يفترض فيها النزاهة وحسن التصرف، فإن الأمر يحتاج إلى إعادة نظر
جدية، لما تحتويه خلفية الإقدام على التوقيع على الشيكات من جريمة لا تحمد عقباها،
وخاصة ان النية كانت مبيتة للخداع من قبل الموقع، ضد التاجر الذي أمنه وساعده وصبر
أسابيع وشهور للحصول على حقه ليفاجأ بعد ذلك بأن ما كان يتوقع ان يكون في حسابه مجرد
أرقام موقعة على ورقة لا تقدم ولا تؤخر، بينما الواقع كان من نصيب الموقع المخادع الذي
لم يكن يراعي أي معايير للأخلاق الإنسانية، والقيم الحميدة المطلوب التحلي بها عند
معاملات البيع والشراء والشراكة وغيرها من أمور بين الطرفين..
كذلك أشار توراني إلى أن القانون والقضاء البحريني ينظر إلى مرتكبي جريمة إصدار شيك
من دون رصيد أنها جريمة حديثة وكبرى، وقد طالب بعض أعضاء مجلس الشورى وأعتقد بعض النواب
بإعادة النظر في أحكام القضاء والعقوبة ضد مرتكبي هذه الجريمة وطالبوا بتشديدها، بما
يتوافق مع حجمها للحد منها بعد أن أصبحت ظاهرة تتطلب جهودا مضنية وجبارة للقضاء عليها،
إلا أن بعض هذه القضايا تكون نتيجة ظروف اقتصادية قاهرة نتفهم ويتفهم القضاء ظروفها
ويساعد على الحل التوافقي فيها.
مبالغة في العدد
من جانبه قال المواطن منصور يوسف ان بعض وسائل الإعلام المحلية لا سيما الصحافة منها
تبالغ كثيراً عندما تصف قضايا إصدار شيك من دون رصيد بأنها ظاهرة، بينما الواقع المدعم
بمؤشرات النيابة العامة تؤكد أن الأمر لا يعدو ظاهرة يرتكبها بعض الأفراد، لا تندرج
في جدول الجرائم الخطرة والمنظمة التي تحتاج إلى أن تقرع لها الأجراس المنذرة بخطر
قبل أن نعمل على توعية المجتمع بجميع فئاته من الوقوع في هذه المشاكل، ويتحولون في
وقت قياسي اما الى مجرمين أو مغفلين ضحك عليهم بورقة موقعة لا تنفع بل تضر عندما يأتي
موعد الصرف ويكتشف المغدور به أنه لا يوجد رصيد مالي عند الموقع أدناه وعليه أن يتجه
إلى القضاء وينتظر سنوات طويلة حتى يحكم له في القضية، بحكم ربما لا يتناسب ومكانة
الضرر الذي خلفه من أصدر الشيك..
وعليه أعتقد أن علينا في وسائل الإعلام ألا نبالغ كثيراً في حجم القضايا التي ربما
تكون في احدى الدول الخليجية أضعاف أضعاف ما لدينا، وهذا التراجع نتيجة الوعي الذي
يحمله غالبية الناس ومعرفتهم بعواقب هذا العمل إذا ما قاموا به، ووعي التجار بعدم قبول
أي شيكات من أي كان إلا بعد الاطمئنان على وضعه المادي، ومعرفته عن قرب بشهادة من يثق
بهم، ومن دون ذلك لن تتم هذه المعاملة، وإذا ما أراد لها أن تتم فعليه بالدفع النقدي
المباشر.
وعي مجتمعي
إلى ذلك قال علي محمد بدر (رجل اعمال): ان الوضع الاقتصادي في مملكة البحرين يزداد
نمواً يوماً بعد يوم، وقضايا إصدار شيكات من دون رصيد لن يتراجع عددها السنوي بل ربما
تكون في زيادة كلما زادت المشاريع والمنافسة القوية لإثبات الوجود في السوق على أمل
الربح السريع حتى ان تطلب الأمر خوض مغامرات كبيرة وقاتلة على أمل الانفراج المستقبلي
بأقل الخسائر، إلا أن نتائج الأمور لا يمكن حسمها بسهولة لمن عاش الحلم الوردي في الواقع
ليصحو بعد ذلك وقد تلبس بقضية إصدار شيك من دون رصيد وحان وقت الصرف والحساب لا يغطي
المطلوب ليدخل في دوامة كبيرة قد تكلف الكثير، وقد يخسر كل ما أنجزه في سنوات طويلة
جداً، وهذا الأمر كله نتيجة عدم وجود وعي مجتمعي واقتصادي وأمني يعرف الجميع وفي مختلف
المواقع أن من يقدم على هذا العمل سوف يكلفه الكثير الكثير.
وعليه أرى أنه من المناسب جداً أن تتبنوا عبر هذا التحقيق جانب التوعية من أخطار مثل
هذه القضايا لأن عواقبها وخيمة جداً، وقد تهدم العديد من الأسر وتشرد الأبناء، وأغلقت
الشركات وتوقفت المشاريع الكبيرة نتيجة لحظة تهور لم تكن نتائجها في الحسبان لقلة الوعي
بخطورة الفعل في حينه، وهو يتماشى مع الجهود القائمة داخل مجلسي النواب والشورى، ومساندة
مجلس الوزراء بخصوص المادة القانونية 393 من قانون العقوبات التي يطالبون جميعاً فيها
بتغليظ العقوبة أكثر مما تنص عليه الآن..
الدوافع احتيالية من جانبها قالت المحامية فوزية جناحي انه قد زادت قضايا إصدار شيكات
من دون رصيد في الحقبة الأخيرة وكثرت الجنح المتداولة أمام المحاكم خاصة بعد ثورة التشريعات
والتطورات الاقتصادية، حتى أصبحت جرائم إعطاء شيكات من دون رصيد خداع صاحب الحق، في
الإيقاع بالضحية، وهذا النوع من الإجرام كثيراً ما يتوافر فيها طرق احتيالية متعددة.
كذلك تكون دوافع محرر الشيك لا تكون قائمة على أساس توافر القصد الجنائي، وإن ارتكابه
من الجرائم التي نص عليها القانون، إذ ان كثيراً من الأشخاص قد واجهتهم عثرات مالية
فيتأخرون عن سداد المستحقات التي في ذمتهم نتيجة هذا التعثر.
وأضافت جناحي: كل هذه الصور المتعددة قد زادت من عدد القضايا بالمحاكم، وهو ما يثقل
كاهل القاضي والمتعاطي بالقانون لم يرسم شكلاً معيناً أو نمطاً خاصاً يصوغ فيه القاضي
حكمه، وإنما جعل له ان يتفهم للواقعة ويستخلص الحقيقة منها جميعاً، ومن سائر العناصر
المطروحة أمامه على بساط البحث ليصل بدوره إلى الصورة الحقيقية لواقعة عودة الشيك.
وحيث انه كثرت في الآونة الأخيرة مثل هذه القضايا فقد أخذ المتعاملون بالشيكات المصداقية
فيها وخصوصاً أن أغلبهم إن لم يكن الكل يجدون صعوبة في استرجاع حقوقهم المالية ممن
أصدر الشيك لأن غالبيتهم لا يكون لديهم قوة مالية، أو توجد لديهم عقارات يمكن اتخاذ
إجراءات قانونية للحجز عليها لاستيراد الحق لصاحبه. مع العلم أن غالبية الشيكات تكون
بين التجار وأصحاب الأعمال..
وتواصل المحامية فوزية جناحي قائلة: يجب على المشرع تشريع قانون يحدد ويقيس التعامل
بالشيكات، كما يجب وضع أحكام صارمة لتلك المسائل الشائكة حتى يكون للشيك قوته ومركزه
القانوني ويقوي الثقة بين المتعاملين به في ظل الحركة التجارية والاقتصادية التي تشهدها
الآن مملكة البحرين..
انخفاض الجرائم من جانبه أشار محامي عام أول في النيابة العامة عبد الرحمن السيد أن
قضايا إصدار شيكات من دون رصيد أخذت في الانخفاض بشكل كبير عن الأعوام السابقة، وذلك
بعد تعديل المادة 393 الخاصة بالشيكات، حيث تشير الإحصائيات المرصودة خلال الشهور الستة
من العام الجاري 2008 والواردة للنيابة العامة من تاريخ الأول من يناير على 27 يونيو
بأنها 686 قضية، وقد تم إنجاز 90% منها.
وأضاف السيد: وإذا ما رجعنا إلى نوعية القضايا التي نظرت النيابة العامة فيها موزعة
حسب معايير معتمدة حسب النوع ومنها جنحة فإن عدد القضايا الواردة هو 661 قضية، أحيل
منها للمحكمة 354 قضية، وقد حفظ منها 240 قضية لأسباب أخرى، أما ما هو قيد التحقيق
فقد بلغ 67 قضية بنسبة إنجاز بلغت 89%.
كما أن هناك أنواعا أخرى مثل رد الاعتبار وقد بلغت نسبة الإنجاز فيها 66%، بينما كانت
نسبة ما أنجز في قضايا شكوى إدارية 90%، بمعدل 20 قضية حفظت لأسباب أخرى وقضيتين قيد
التحقيق.. وعليه فإن النسبة المئوية لمجموع ما تم إنجازه خلال الستة الشهور الأولى
من العام بلغت 90%، وهو أمر متقدم كثيراً عن السابق في النظر في قضايا الشيكات من دون
رصيد.
قانون
رقم (64) لسنة 2006 بإصدار قانون مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية
قانون
رقم (8) لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون (15) لسنة
1976
قانون
رقم (41) لسنة 2005 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (46) لسنة 2002
مرسوم
بقانون رقم (15) لسنة 1976 بإصدار قانون العقوبات
مرسوم
بقانون رقم (42) لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية
مرسوم
بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية
مرسوم
بقانون رقم (54) لسنة 2002 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب
مرسوم
بقانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976
مرسوم
بقانون بتعديل المادة (393) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة
1976
مرسوم
بقانون رقم (25) لسنة 1986 بشأن تعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (13) لسنة 1971
بشأن تنظيم القضاء
مرسوم
رقم (102) لسنة 2007 بتشكيل مجلس إدارة مصرف البحرين المركزي
أمر
ملكي رقم (5) لسنة 2003 بتعيين أعضاء النيابة العامة
إعلان
بشأن المعاملات التجارية
إعلان
بشأن قانون عقوبات البحرين
"الحكومة"
تعديلات "النواب" لجرائم الشيكات إعفاءً من العقوبة
في
تجاوز صريح للقانون: رئيس بلدي الجنوبية يوقف اعتماد الشيكات
تغليظ
العقوبات على الشيكات من دون رصيد وقانون الجرائم الإلكترونية