أخبار الخليج - العدد 11263 - الجمعة 23 يناير 2009
في ندوة بالشورى حول الأزمة المالية العالمية:
التحرر الاقتصادي والعولمة وراء
الأزمة
أكد السيد علي بن صالح الصالح رئيس مجلس الشورى الدور الممكن أن تلعبه المؤسسات
التشريعية في الوقت الراهن في إيجاد آليات تشريعية تسهم في تفادي الآثار السلبية
للأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على مملكة البحرين.
مشددا خلال الندوة التي
أقامها مجلس الشورى صباح أمس (الخميس) تحت عنوان: "الأزمة المالية وأبعادها
الاقتصادية" والتي حاضر فيها الدكتور جعفر محمد الصائغ المستشار الاقتصادي والمالي
بالمجلس، على ضرورة أن تكون الحلول المقترحة لتداعيات الأزمة المالية، حلولا مبتكرة
قابلة للتطبيق على ارض الواقع، بحيث يراعى من خلالها حجم السيولة المالية المتوافرة
في المملكة، وخاصة أن البحرين تتأثر بلا شك باقتصاديات دول العالم وإن كانت تتبع
سياسات مالية سليمة.
كما رأى رئيس المجلس أن الوقت مازال مبكرا للحكم على طبيعة الآثار التي خلفتها
الأزمة المالية العالمية، وهو ما يستدعي التحرك بسرعة لإيجاد الحلول الوقائية.
وقد حضر الندوة عدد من أعضاء المجلس والأمين العام والمستشارين القانونيين وعدد من
كبار المسئولين والموظفين بمجلس الشورى.
وقدم الدكتور جعفر محمد الصائغ المستشار الاقتصادي والمالي بمجلس الشورى عرضا شاملا
للأسباب الجوهرية التي أدت إلى بروز الأزمة المالية، وأبعادها على اقتصاديات دول
مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
حيث اعتبر الصائغ أن التحرر الاقتصادي ومن ثم ظاهرة العولمة ساهمت بشكل كبير في
تحويل الاقتصاديات الرأسمالية وخاصة الاقتصاد الأمريكي من اقتصاديات صناعية إلى
اقتصاديات مالية تعتمد على قطاع الخدمات، مشيرا إلى الهبوط الحاد الذي شهده عام
2007م في قيمة العقارات إلى الدرجة التي لم يستطع أصحاب العقارات على إثرها سداد
ديونهم حتى بعد بيع عقاراتهم المرهونة.
وأضاف الصائغ أن "المصارف والمؤسسات المالية هي السبب الرئيسي وراء الأزمة المالية
الحالية، وذلك من خلال توسعها في إصدار الأصول المالية سعيا لتحقيق الربح من دون
اعتبار لحجم الاقتصاد العيني، ومدى حاجته لتلك الأصول، وهو ما أدى بالتبعية إلى
زيادة المديونية وعدد المدينين، مما يجعلها أزمة مالية وليس اقتصادية".
أما عن تداعيات هذه الأزمة على دول مجلس التعاون الخليجي، فقد أوضح الصائغ أن
ارتباط الاقتصاد الخليجي بالاقتصاد العالمي واعتماده على القطاع النفطي كمصدر رئيسي
للميزانية العامة، جعلها لا تستطيع النأي بنفسها عن تداعيات أزمة الاقتصاد
العالمية، حيث يحدد الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام قدرة الحكومات في دول مجلس
التعاون الخليجي على الإنفاق خلال فترة الانكماش الاقتصادي الشديد.
مشيرا في هذا الإطار إلى فقد أسواق الأسهم في دول المجلس لنحو نصف قيمتها، متوقعا
أن تشهد المصارف التجارية الخليجية تراجعا في الربحية بسبب تباطؤ النمو في حجم
الأنشطة، حيث أصبحت مطالبة باتخاذ الإجراءات المناسبة مثل الاندماج المصرفي، وتوفير
السيولة لدعم الحركة الاقتصادية.
كما تحدث الدكتور جعفر الصائغ خلال الندوة عمّا يتعرض له القطاع العقاري حاليا
وبشكل مباشر من تحديات جمة وذلك بسبب الوضع المعقد في كل من الائتمان المصرفي
والأسواق الثانوية شبة المجمدة، والمشاريع العقارية المجمدة أو الملغية، وكنتيجة
مباشرة لضعف القطاع العقاري سوف يتأثر قطاع الإنشاءات بشكل سلبي من خلال تأجيل
المشاريع أو إلغائها، ومن عدم توفر الظروف الائتمانية اللازمة، فيما يتمثل الجانب
الايجابي في ذلك في انخفاض أسعار مواد البناء.
وخلص الصائغ إلى أن الأزمات المالية والاقتصادية المتتالية التي شهدها ويشهدها
الاقتصاد العالمي بدأ تأثيرها يمس بمقومات النظام الاقتصادي الحالي، وأن حدة
الاندفاع نحو تحرير الاقتصاد وإطلاق الحرية الفردية التامة بدأت تتراجع لدى الكثير
من الدول، كما بدأت عملية تقييم اقتصاد السوق عند العديد من متخذي القرار الاقتصادي
في البلدان المختلفة.