أخبار الخليج - العدد 11314
- الاحد 15 مارس 2009
القانون
المختلف عليه بين الشورى والنواب إرث المعاش التقاعدي
هل يخالف الشريعة؟
تحقيق: زينب حافظ
قدم مجلس النواب اقتراحا بقانون إلى مجلس الشورى، بشأن تحويل التأمين الاجتماعي إلى
ميراث بعد موت المؤمن عليه، في حالة عدم وجود أقارب من الدرجة الأولى للاستفادة بالمعاش،
نظرا لورود الكثير من الشكاوى إليهم من آباء وأمهات أصبحوا يعانون ظروفا معيشية صعبة
بعد وفاة أبنائهم.
وعلى الجانب الآخر رفض الشوريون هذا المقترح لأنه لم يبن على دليل شرعي صحيح، إذ ان
مبالغ التأمين تخرج من ذمة المؤمن عليه لصالح التكافل الاجتماعي، ووافقهم في ذلك رجال
الدين لأن التأمين نظام اجتماعي لحماية اسر العاملين بعد وفاتهم، وهذا النظام يقوم
على أساس التبرع بقسط التامين لصالح صندوق التقاعد.
اما العاملون الذين يتم استقطاع مبالغ التأمين من رواتبهم فكان لهم رأى أخر، إذ أكد
احدهم ان من حق أبنائه الحصول على ما تبقى من مبلغ التأمين الخاص به بعد وفاته نظرا
للظروف المعيشية الصعبة المثقلة بالقروض التي يعانيها الجميع، وأخرى تساءلت عن مصير
المبالغ التي تم استقطاعها منها خاصة انها لم تكمل الحد الأدنى لسنوات العمل كي تستحق
عنها معاشا تقاعديا، ويوجد من يرى ان صندوق التقاعد نظام اجتماعي والإرث تشريع ديني
ولا يجب خلط هذا بذاك، هذه الآراء وغيرها الكثير رصدناها خلال التحقيق التالي:
عبر عبدالرحمن شاهين - موظف - عن رأيه في استحقاق أهل الموظف المتوفى للمبلغ الذي تم
استقطاعه منه على مدار سنوات عمله قائلا: يجب أن يتم توزيع المبلغ الذي تم استقطاعه
من الموظف على ورثته بحسب الشرع بعد وفاته، لانه ليس من العدل أن يحيا أبناء المتوفى
وهم يعانون القروض الشخصية وأقساط السيارات، وتذهب أموال أبيهم إلى صندوق التقاعد ليستفيد
منها أفراد آخرون، لأن ذلك لا يوافق الشرع الذي يعطي الحق للأبناء في مدخرات أبيهم،
وإذا لم يكن للمتوفى أبناء فلتذهب أمواله إلى أمه وأبيه، أما إذا أحيل الموظف إلى التقاعد
وصرف أكثر مما ادخره فلتدعمه الحكومة طبقا لنظام التكافل الاجتماعي.
أما معصومة عبدالله فأمضت في العمل ثلاثة عشر عاما، ثم تقاعدت، ولم تستطع سحب مستحقاتها
أو شراء سنوات إضافية كي تحصل على معاش تقاعدي، وتروي مشكلتها قائلة: تقاعدت عن العمل
لظروف صحية منذ أكثر من عشر سنوات وحاولت سحب مدخراتي من التأمينات عن الفترة التي
عملت بها، ولكني لم استطع لأن القانون لم يسمح لي وقتها بذلك، ذريعة انني غير متزوجة
وهناك أمل في أن استطيع معاودة العمل لاستكمال المدة المؤهلة للمعاش وهى خمسة عشر عاما،
حتى استطيع الحصول على معاش تقاعدي، كما رفضوا أن أقوم بشراء المدة المتبقية لأنني
تركت الخدمة، والقانون يبيح شراء سنوات إضافية للموظف أثناء فترة عمله، وأنا حاليا
بلغت الخمسين من عمري، ولا يوجد أمل في أن استطيع معاودة العمل، ولذلك أرى أن النواب
لديهم حق في التطرق إلى هذه الجزئية لأن هناك حالات استثنائية يجب النظر إليها بمنظور
مختلف، لأن الموظفة غير المتزوجة لن تستفيد من المبالغ التي تم استقطاعها منها، ومن
العدل أن تذهب هذه المبالغ إلى ورثتها.
مواطن بحريني فضل عدم ذكر اسمه، لم يوفق في حياته الزوجية ولم ينجب أبناء، مما اضطره
للعودة إلى بيت العائلة، وعلى الرغم من انه تخطى الأربعين عاما من عمره فإن والده مازال
يتكفل به، عمل في احدى شركات القطاع الخاص مدة ثمانية عشر عاما، ثم تم الاستغناء عنه
ومرت سنتان ولم يستطع الحصول على عمل، وحاول شراء عامين كي يحصل على معاش تقاعدي أو
الاستمرار في التأمين وهو خارج العمل ولكن القانون وقف له بالمرصاد، وهو يتساءل أليس
من العدل أن تعود المبالغ التي قام بدفعها إلى عائلته بعد وفاته؟ حتى وان توف والداه
قبله فلتذهب إلى أشقائه الصغار الذي يشاركهم في رزقهم بعد أن وصل إلى هذه السن ومازال
من دون عمل.
لا للخلط
وعلى الجانب الآخر رفض الدكتور الجليل الحلواجي تماما الخلط بين الشرع والنظم الاجتماعية،
لان الإرث يخضع للاحكام الشرعية، والتقاعد يخضع للقوانين البشرية، والظروف الاجتماعية
التي يمر بها الأفراد لا تعطيهم الحق في الخلط بين الأحكام السماوية والقوانين الدنيوية،
وخاصة ان نظام التأمينات الاجتماعية موجود في كل الدول الإسلامية وهناك فصل بينه وبين
الإرث الذي يعد مالا خالصا لصاحبه له الحق في التصرف فيه أثناء حياته بكامل حريته،
وأيضا له أن يوصي به لمن يشاء بعد وفاته.
وحول اجازة اعتبار المعاش التقاعدي ارثا بحسب الاقتراح بقانون الذي تقدم به مجلس النواب
يفسر عضو مجلس الشورى عبدالرحمن إبراهيم عبدالسلام هذه الجزئية المختلف عليها بين الشورى
والنواب قائلا: قانون التأمين الاجتماعي والتقاعدي نص على ان التأمين على الموظف والمستحقين
وهم الأسرة التي يعولها المؤمن عليه من زوجة وأبناء، بالإضافة إلى والديه إذا كانا
تحت رعايته، فإذا توفي الموظف سواء كان في الخدمة أو بعد إحالته إلى التقاعد فيؤول
المعاش إلى المستحقين، وحددت الأنصبة بحسب قانون التقاعد ولا علاقة لها بالميراث، والاشتراكات
التي يدفعها الموظف ليست ملكا له ويضعها وديعة لدى التأمينات الاجتماعية، ولكنها شرط
من شروط التوظيف أن يخصم من راتبه نسبة معينه بغرض التكافل أو الضمان الاجتماعي، وبمجرد
أن تخصم من راتبه فهي خرجت من ذمته المالية وأصبحت ضمن دائرة الضمان الاجتماعي التي
فيها المشتركون متكافلون يكمل بعضهم بعضا، فإذا مات الموظف وهو حديث العهد بالوظيفة
التزم الصندوق بدفع معاش للمستحقين عن هذا الموظف، ويحدد مبلغ المعاش بثلث آخر راتب
أو 180 دينارا كحد ادنى.
وقد تقدم النواب باقتراح بقانون فحواه أن تكون مستحقات التقاعد تركة ويتم توزيعها على
الورثة، وقد اجمع العلماء على ان هذا لا يجوز، لان المعاش التقاعدي ليس إرثا، ولكنه
شرع كي تستفيد منه الزوجة حتى وفاتها، والابنة حتى تتزوج وفى حال ترملها أو طلاقها،
ويستفيد منه الذكور إلى أن يبلغوا السن التي قررها القانون، وكذلك الأبوان إذا كان
مسئولا عنهما أثناء حياته، واعتبار ان هذا ميراث يستحق للورثة سوف يخرج عن فلسفة التأمينات
الاجتماعية لأنه سيدخل أشخاصا آخرين غير الذين حددهم قانون التقاعد مثل أشقاء المتوفى
أو أعمامه وما إلى ذلك.
موافقة بالإجماع
ويعلق النائب جلال فيروز قائلا: نؤمن بأن المال الذي يدفعه أي فرد كتأمين إما انه يكون
تأمينا يصرف له في حياته وإما بعد وفاته. هذا المال هو من حق المؤمن عليه، ويعد من
ضمن ما وفره واستثمره للمستقبل والواقع هو ان من وصل إلى سن الستين فانه يستحق استيفاء
راتب تقاعدي بناء على ما دفعه طوال سنين عمله بشكل شهري حيث تم استقطاع مبلغ ثابت من
حسابه فانه في حال أن هذا الشخص توفي قبل بلوغ سن الستين فمن الطبيعي أن يكون ورثة
هذا الشخص هم المستحقين للمبلغ أو الراتب الذي كان من المفترض أن يحصل عليه صاحب التأمين،
ولذلك إننا نرى ان الأموال التي يدفعها الفرد يجب ألا تذهب ادراج الرياح لأن في ذلك
مضيعة لحق المؤمن عليه، وانطلاقا من ذلك أقررنا أن يكون هناك توريث لهذا الاستحقاق،
وهذا الاقتراح تمت الموافقة عليه بشبه إجماع من أعضاء المجلس، وحجة التأمينات الاجتماعية
بأن هذا الأمر سيؤدي إلى تسريع العجز الاكتواري في أموال المتقاعدين فان هذه الحجة
لا قوة لها لأن الذي يحصل عليه ورثة المتوفى سيكون ضمن الأموال التي أودعت من قبله
شهريا لهيئة التأمين لأنه سوف يأتي عليه الوقت الذي يتسلم هذه المبالغ على هيئة راتب
تقاعدي.
ويوافقه في الرأي النائب الدكتور صلاح علي موضحا السبب الذي يقف خلف تطرق مجلس النواب
لهذه الجزئية قائلا: وصلت عدة شكاوى من أباء وأمهات أصبحت أوضاعهم المعيشية صعبة جدا
بعد أن فقدوا أبناءهم لسبب أو لآخر وهم في منتصف العمر اثر حادث أو مرض مزمن، وكان
هؤلاء الأبناء يقومون بإعالتهم، والهدف من هذا المقترح بقانون هو تحقيق صورة جديدة
من التكافل الاجتماعي غير موجودة في العديد من أنظمة صناديق التقاعد، بغرض إدخال الورثة
من ناحية الآباء والأمهات في الاستفادة من الراتب التقاعدي في حالة غياب الورثة الرئيسيين
من الدرجة الأولى.
ويرى المجلس ضرورة أن يستفيد من راتب المتوفى احد أقربائه في حالة عدم وجود ورثة من
الدرجة الأولى، فيعود إلى الأقارب من الدرجة الثانية وهم الأب والأم، أو الأقارب من
الدرجة الثالثة وهم أخوات الموظف المتوفى في حال ثبوت احتياجهم إلى هذا المعاش، لأن
الحكومة المتمثلة في صندوق التقاعد تقوم حاليا باسترداد الراتب التقاعدي للموظف المتوفى
إذا لم يكن لديه زوجة وأبناء.
والمعروف ان أنظمة صناديق التقاعد تلزم الموظف إن يساهم بنسبة من راتبه، وجهة العمل
تشارك بنسبة، ونحن نتكلم عن توزيع المبلغ الذي تم استقطاعه من الموظف فقط وفق الإرث
الشرعي، وهذا المبلغ سيكون اقل من النصف وسيبقى الجزء الأكبر في صندوق التقاعد ولن
يلحق به الضرر، وبالتالي فإن هذا المقترح الذي تقدم به مجلس النواب لن يرهق صندوق التقاعد
كما بررته الحكومة لأن الحالات التي تحدث عنها القانون هي حالات قليلة وليست شائعة.
وهناك موافقة جماعية من قبل مجلس النواب مع العلم بأن الحكومة قد تحفظت على هذا المقترح
مبررة ذلك بأنه قد يسبب عجزا في صندوق التقاعد إضافة إلى انه غير معمول به في معظم
أنظمة صناديق التقاعد.
رأي الدين
وجاء رأي الدين مخالفا للرأي السابق حيث أكد الشيخ عبد اللطيف المحمود أن نظام التأمين
والتقاعد يعد نظاما اجتماعيا للعاملين في الدوائر الاجتماعية والقطاع الخاص، بغرض حمايتهم
وحماية أسرهم من بعد وفاتهم، وهذا النظام يقوم على أساس التبرع بالقسط الذي يدفعه لمصلحة
صندوق التأمين، وبالتالي تنقطع صلة المؤمن عليه بالمبالغ التي دفعها وذلك في حالة وفاته،
ولذلك فان المعاش الذي يستحقه بعد التقاعد لا يرتبط بمقدار ما دفعه ولا بمقدار ما دفعه
عنه صاحب العمل لأن هذا النظام يقوم على أساس التكافل الاجتماعي بين جميع المنتمين
إلى هذا النظام وبالتالي فان القول بأنه إذا لم يكن للمتوفى مستحق للمعاش فانه يكون
ارثا سواء للأهل من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة أمر مخالف لأساسيات هذا النظام،
وما يحصل من هذه الأموال التي لا يوجد لها مستحقون تذهب إلى مستحقين آخرين يشملهم هذا
النظام، وعلى سبيل المثال إذا توفي احد المشتركين في العشرين من عمره ولم يعمل سوى
عام واحد ولديه زوجة وأبناء، فان الصندوق يكون مسئولا عن زوجته وأبنائه لحين زواجها
أو وفاتها، وعن الأبناء الذكور إلى أن يبلغوا سن العمل والإناث حتى يتزوجن كما يعود
حقهن في معاش أبيهن إذا طلقن وهذا المعاش قد يظل يصرف لهذه العائلة عشرين عاما أو أكثر،
فالنظام الحالي أو التأمين تكافل لهم ولأسرهم.
والتقسيم في المعاش يختلف عن الميراث ففي المعاش تستحق الزوجة نصيبا أكثر مما تحصل
عليه في حالة الإرث لأنها تعتمد على المعاش بشكل كامل في متطلبات حياتها، وهذا النظام
الحديث قائم على أساس كفالة المؤمن عليه، والذين يعتمدون عليه في حياتهم، ولا يوجد
ما يمنع من استحداث أنظمة تنشد حماية المجتمع على الا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية،
وهذا ما توصلت إليه من خلال دراستي للتأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية في
الأطروحة التي قدمتها لنيل درجة الدكتوراه.
وجاء رأى الدكتور احمد بخيت أستاذ اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب
جامعة البحرين مؤيدا للرأي السابق من حيث عدم تسمية المعاش بالمدخر بالمعنى الدقيق
لأنه ناتج عما يسمى اشتراكا تعاونيا، أو تكافلا اجتماعيا، لأنه بمثابة اعانه صاحب المعاش
في المرحلة المتقدمة من العمر، أو مد يد العون لأولاده من بعده إذا كان قد توفي مبكرا
وبالتالي لا يصدق عليه مسمى التركة بالمعنى الدقيق ويتقرر على ما تسمح به إمكانات الخزانة
في صرف المستحقات، وهذا النظام يلحق بالنظام الاجتماعي، أي إن نظرة التعاون في هذا
النظام اكبر من نظرة الملك.
وكان حديث رئيس المحكمة الكبرى الاستئنافية السنية الدكتور ياسر المحميد هو مسك الختام
لكل الآراء السابقة إذ أشار إلى ان المعاش التقاعدي لا يلحق بالتركة لأن التركة من
الأموال المستحقة لولي أمر المسلمين ولها ضوابط، وهذا الشق من الموضوع لا يدخل في شرعية
التركة، لأن من شروط التركة أن تكون ملكا خالصا للمتوفى، والمعاش لا يدخل في هذه الجزئية
بالمعنى الاصطلاحي.
قانون
رقم (3) لسنة 2008 بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي
قانون
رقم (13) لسنة 1975 بشأن تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لموظفي ومستخدمي الحكومة
مرسوم
بقانون رقم (24) لسنة 1976 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي
مرسوم
بقانون رقم (8) لسنة 1980 بتقرير زيادة لأصحاب المعاشات والمستحقين
مرسوم
بقانون رقم (11) لسنة 1976 بإصدار قانون تنظيم معاشات ومكافآت التقاعد لضباط وأفراد
قوة دفاع البحرين والأمن العام
مرسوم
رقم (44) لسنة 2008 بتشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي
قرار
رقم (11) لسنة 1992 بشأن زيادة الحد الأدنى للمعاشات
قرار
رقم (11) لسنة 1996 بشأن زيادة معاشات أصحاب المعاشات والمتقاعدين والمستحقين عنهم
قـرار
رقم (21) لسنة 2007 بشأن زيادة الحد الأدنى لمعاشات المستفيدين والمستحقين عنهم
الخاضعين لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالمرسوم بقانون رقم (24) لسنة
1976
زيادة
جميع المعاشات التقاعدية 7%
قانون
بشأن الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي
«الشورى»
يعيد «زيادة 7% في رواتب المتقاعدين»
المتقاعدون
يطالبون بزيادة معاشاتهم مع زيادة الرواتب
خدمات
الشورى تناقش حق الورثة في المعاشات التقاعدية
"خدمات
النواب" تقر 3% زيادة سنوية لمتقاعدي القطاع الخاص
مجلس
النواب يوافق على زيادة 3% لمعاشات العاملين بالقطاع الخاص