جريدة الوسط الاثنين 23 مارس 2009 الموافق 26 ربيع الاول
1430 هــ العدد 2390
في منتدى «الوسط» بشأن التعديلات الدستورية
صعوبة توافق الكتل على التعديلات يبقي المجلس النيابي منقوص الصلاحية
الوسط - جميل المحاري
توقف الحديث بعد جلسة مجلس النواب في 13 يناير/ كانون الثاني 2009 بشأن الإصلاحات الدستورية
إثر موافقة النواب على تأجيل الاقتراح الذي تقدمت به كتلة الوفاق بالإضافة إلى رئيس
كتلة المنبر الإسلامي وكتلة المستقبل والنائب عبدالعزيز أبل والمتضمن تعديل مواد دستورية
أجمعت الكتل النيابية على أنها تمثل عائقاً أمام أداء المجلس النيابي لدوره التشريعي.
وبحسب النائب في كتلة الوفاق جلال فيروز فإن عدد المواد التي تقدمت بها الكتلة في البداية
كانت 11 مادة تقلصت تدريجياً إلى أن وصلت إلى أربع مواد فقط ومع ذلك فإن الكتل النيابية
الأخرى لاتزال تراوغ حول طرحها للمناقشة وإقرارها من قبل المجلس لرفعها بعد ذلك للحكومة.
ويرجع فيروز هذا الموقف للكتل النيابية إلى تعرضها لضغوط من خارج المجلس النيابي.
كانت المواد المطروحة أولاً هي 38, 68, 72, 78, 88, 92 , 109, وأيضاً 52 , 85, 86 ,102
وجميعها تتعلق بدور المجلس النيابي ومجلس الشورى في عملية التشريع وذلك بعد أن أثبتت
الممارسة العملية أن هذه المواد تعيق عمل المجلس النيابي في هذا الإطار ويرى المشاركون
في المنتدى أن هذه التعديلات ضرورة ملحة حتى يكون للعمل البرلماني والرقابي بشكل خاص
أساس في أي تحول ديمقراطي أو دستوري في البلد.
ويؤكد المشاركون في منتدى «الوسط» بشأن التعديلات الدستورية في البحرين أن القضية الدستورية
دائماً ما كانت ضمن أولويات المعارضة وذلك حال الحراك السياسي في أي بلد, ويقولون:
«إن الملف الدستوري هو أحد الملفات المهمة على الساحة ولكنه يجب أن لا يحجب الملفات
الأخرى, وإن مسألة تراجع ملف الإصلاحات الدستورية في الآونة الأخيرة هو نتيجة وجود
ملفات أخرى ربما تكون أكثر إلحاحاً في الفترة الحالية».
وقد شارك في المنتدى كل من عضو كتلة الوفاق البرلمانية جلال فيروز ورئيس اللجنة القانونية
بجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن إسماعيل وعضو اللجنة القانونية بجمعية العمل
الديمقراطي سامي سيادي.
وفيما يلي نص المنتدى:
* ما هي المواد الدستورية التي تقدمت كتلة الوفاق بمقترح لتعديلها ولماذا تم طرح هذه
المواد بالذات؟
- جلال فيروز: لدينا في الجمعيات المعارضة بشكل عام ملاحظات كثيرة فيما يخص دستور العام
2002 ونعتقد بأن هذا الدستور قد جاء بإرادة من طرف واحد دون توافق الجميع وانتقص من
صلاحيات الشعب باتجاه إعطاء صلاحيات أكبر للقيادة السياسية, وبطبيعة الحال حدث هناك
تراجع كبير عن دستور العام 1973 وهذه الإشكالية مازلنا نعيشها, كما لانزال نحلم بدستور
عصري جديد بين الحكم والشعب يأخذ بعين الاعتبار ما وصلت إليه الأمم المتقدمة.
أما بالنسبة للمواد التي يراد تعديلها, فهي تهدف إلى الوصول إلى مرحلة نستطيع من خلالها
أن ندعي بأن دستور 2002 لا يقل عن صلاحيات دستور العام 1973 ونبنى على ذلك, إن المعارضة
وعبر المؤتمرات الدستورية التي عقدتها, ومن خلال الرؤى الدستورية المشتركة لست جمعيات
سياسية وصلت إليها من دراسة العديد من أوراق العمل فإن هناك ما يقارب من 50 مادة يراد
تعديلها في دستور 2002, ولكننا ارتأينا أن الحكم لم يقدم لنا ما يشير إلى تقبله لمثل
هذا الأمر, ولذلك فاننا رأينا التدرج في طرح التعديلات بحيث نستطيع أن نرتقي للسلم
الأول, ومن خلال التوافق ارتأينا في كتلة الوفاق أن نطرح بعض التعديلات الجزئية وطرحنا
في البداية تعديل 20 مادة وبعد ذلك تم اختزالها في تعديل 11 مادة.
* وهذه العشرون مادة هي مرتبطة أساساً بالعمل البرلماني؟
- فيروز: صحيح هي ترتبط بالعمل البرلماني وصلاحيات المجلس النيابي, وعندما طرحنا هذه
المواد للمناقشة مع الكتل البرلمانية الأخرى في بداية العام 2007 ووجدنا أنها لا تريد
أن تتوافق على تلك المواد, ولذلك حاولنا التوافق معها على 11 مادة وهي المواد 38, 68,
72, 78, 88, 92 , 109, وأيضاً المواد 52 , 85, 86 ,102.
ولاحظنا أن هناك حديثاً أولياً
بشأن إمكانية التوافق على هذه المواد ولكن بعد ذلك أي خلال شهري نوفمبر/ تشرين الثاني
وأكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام حاولنا أن نعرض هذه المواد في المجلس ولكن لاحظنا
أن الكتل الأخرى لا تتوافق حتى بشأن هذه المواد الإحدى عشر.
الإطار العام للتعديلات
* سنتطرق إلى مواقف الكتل في المجلس في محور آخر, ولكن ما هو الإطار العام لهذه التعديلات؟
-فيروز: بالأساس نحن نريد من هذه التعديلات أن لا تتناقض مع الروح الدستورية والتي
تعطي السلطة للشعب وأن الشعب هو مصدر السلطات جميعاً, كما راعينا فيها أن لا يكون هناك
تدخل أو هيمنة من السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية.
* وهذه التعديلات أتت من خلال ممارستكم للعمل البرلماني وتأكدكم من صعوبة إجراء أي
تعديل أو تغيير من خلال البرلمان ولذلك تقدمتم بهذه التعديلات الجزئية, المنبر الديمقراطي
لديه رؤية حول التعديلات الدستورية طرحها من خلال ورقة قدمت إلى المؤتمر الدستوري الأخير,
فأين تتقاطع هذه التعديلات مع التعديلات التي تقدمت بها كتلة الوفاق للبرلمان وهل هناك
اختلاف في الرؤى؟
- حسن إسماعيل: من خلال الواقع وبالتحديد الفصل التشريعي الماضي وجدنا أن هناك العديد
من المواد التي تحتاج إلى تعديلات دستورية, وهذه التعديلات ضرورية ومهمة, وبغض النظر
عن أن هذا الدستور قد صدر بإرادة شعبية أو إرادة منفردة, فمن اللازم أن نتعاطى مع أحكامه
وبالتحديد مع الأحكام المتعلقة بالحريات, وعلى هذا الأساس نحن تقدمنا بورقة عمل سميناها
بوثيقة الإصلاح الدستوري وقدمناها في المؤتمر الدستوري الأخير في العام 2007, وقد تركزت
هذه التعديلات على المواد الجوهرية والتي كشفت الممارسة عن ضرورة تعديلها, وبالطبع
فإن هناك الكثير من الأحكام التي تحتاج إلى تعديل, كما أنه من المؤكد أن دستور 2002
قد انتقص من مبدأ الفصل بين السلطات وان السلطة للشعب, فبالتالي فإن ابرز ما ركزنا
عليه هي المواد المتعلقة بالمادة 87 وهي من أخطر المواد التي استحدثها دستور 2002 وليس
لها مثيل حتى في دساتير الدول الأخرى وهي تعطي صلاحية تقديم جلالة الملك أو الحكومة
اقتراحات بقوانين لها صفة الاستعجال متعلقة بالأمور الاقتصادية والمالية وإن على مجلس
النواب أن يقرها خلال 15 يوماً وإن لم يستطع المجلس ذلك فإنها تحال إلى مجلس الشورى
فإن لم يستطع مجلس الشورى إقرارها خلال مدة 15 يوماً, فإن جلالة الملك يصدرها بمراسيم
بقوانين دون أن يعرضها على المجلس التشريعي كما هو الحال بالمراسيم بقوانين التي تصدر
بين دوري الانعقاد أو في حالة حل المجلس, ولذلك أكدنا على ضرورة إلغاء هذه المادة وعلى
هذا الأساس نحن نتوافق بشأن التعديلات المطروحة عن هذه المادة والتي أكدت على ضرورة
إلغائها.
وهناك مواد أخرى جوهرية منها المادة 92 والتي تعطي الحكومة الحق في صياغة الاقتراحات
بقانون وأوضحنا أن الواقع يكشف عن أن هذه المادة هناك صعوبة في تطبيقها كما أنها تعطل
الاقتراحات بالقوانين المقدمة من الأعضاء, إذ أنها تحال أولاً إلى الحكومة ومن ثم إلى
الشئون القانونية التي تضعها في صيغة مشروع قانون, وبذلك يمكن للحكومة أن تعدل وتغير
من المشروع بقانون, وهنا مكمن الخطورة إذ طالبنا بضرورة أن تكون الصياغة التشريعية
من اختصاص اللجنة التشريعية, إذ يوجد نص في اللائحة الداخلية للمجلس أن هذه اللجنة
هي المختصة بصياغة الاقتراحات بقوانين, ويمكن للجنة الاستعانة بأهل الاختصاص.
ومن ضمن الاقتراحات أيضا, أنه في حالة إصدار مراسيم بقوانين خلال دورتين أو في حالة
الحل التي يصدرها جلالة الملك, يجب عرضها على المجلس النيابي ويحق للمجلس النيابي أن
يعدل عليها أو يرفضها, والمسألة المهمة هنا أن على المجلس النيابي أن يلجأ إلى المحكمة
الدستورية إذ إنه تم إصدار مراسيم بقوانين خلال الفصل التشريعي الحالي في دور الانعقاد
الثاني ونرى أن هذه المراسيم لم تكن لها صفة الاستعجال وبالتالي فهي مخالفة للدستور
ويتعين اللجوء إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها.
التوافق بين الجمعيات السياسية
* قبل طرح كتلة الوفاق التعديلات الدستورية في البرلمان كانت هناك مشاورات مع الجمعيات
المعارضة ومن ضمنها جمعية «وعد» فهل ترون في الجمعية أن هذه التعديلات يجب أخذها كحزمة
واحدة أو انه يمكن التنازل عن بعض المواد من أجل إجراء ولو تعديل بسيط في الدستور مهما
يكن محدوداً؟
- سامي سيادي: بالنسبة لمسألة التوافق فإنها بالنسبة لنا مسالة مفصلية وقد بدأت مع
إصدار دستور العام 2002 وذلك من خلال توافقنا مع الجمعيات المعارضة على ضرورة أن يكون
هناك تصدٍ لما تم من تجاوز وقفز على ما جاء في ميثاق العمل الوطني -بغض النظر عن التفسيرات
التي حاولت أن ترقع هذا التغيير في الدستور ومكتسبات دستور 1973- وهنا يجب أن أشير
إلى أن دستور العام 2002 لم يأتِ فقط بتعديلات وإنما جاء أيضاً بمواد جديدة لم تكن
موجودة إطلاقاً في دستور العام 1973 على رغم أن هذا الدستور قد بني على خلفية الميثاق
وما جاء في دستور 1973, على سبيل المثال المادة 87 لا وجود لها في الدستور السابق وأيضاً
هناك مواد أخرى كما طرح الأستاذ حسن إسماعيل, وبالتالي فنحن أمام واقع دستوري مغاير
لما هو متفق عليه سواءً في ميثاق العمل الوطني أو دستور 1973. إن أهمية معارضة هذا
الدستور تكمن في انه خلال الفترة السابقة من العام 2002 وحتى العام 2008 نجد أن السلطة
التشريعية قد لحقها شلل تام في المواضيع المتعلقة بسلطة التشريع والرقابة وهي تواجه
دائماً بما جاء في الدستور نفسه, على سبيل المثال المادة 92 من الدستور التي تعطل إصدار
التشريعات والقوانين بأن يرمى الاقتراح في حضن الحكومة لمدة قد تطول إلى سنتين وبالتالي
فنحن أمام معضلة كبيرة جداً تحتم ضرورة وجود هذه التعديلات, وعلى هذا الأساس عقدت العديد
من المؤتمرات الدستورية ولو كانت هذه المؤتمرات في مناخ ديمقراطي سليم لما كان ووجهة
من قبل الحكومة وخصوصاً خلال المؤتمر الدستوري الأول الذي منعت الحكومة عقده في مكان
معين ومن ثم منعت ضيوف المؤتمر الذين هم من الزعامات الوطنية في الكويت الشقيقة.
أعتقد بأن التعديلات هي ضرورة ملحة حتى يكون للعمل البرلماني والرقابي بشكل خاص أساس
في أي تحول ديمقراطي أو دستوري في البلد, أما ما يخص التوافق بين الكتل داخل البرلمان
لتمرير هذه التعديلات فإن المشهد لا يعطي مؤشراً بأنه من الممكن طرح هذه التعديلات
كحزمة واحدة وبالتالي فإنني أأكد على أن طرح التعديلات بالنسبة لنا في وعد ضرورة ملحة
وبأي شكل من أشكال الآليات القانونية التي ستتخذها المعارضة في طرح هذه التعديلات.
نحن في المعارضة بشكل عام ليس لدينا ذلك التفاؤل الكبير بتمرير هذه التعديلات من خلال
المجلس النيابي لاعتبارات تتصل بالشكل الذي اوجد المجلس والكتل الموجودة التي قد تغضب
من وصفها «بكتل الموالاة» وهي في الحقيقة ترتهن بما تأتي به الحكومة والنظام.
* إلى أين وصلت المناقشات مع الكتل المختلفة في البرلمان فيما يخص المواد التي طرحتموها؟
- فيروز: أولاً أحب أن أذكر أنه كان واضحاً لدينا قبل المشاركة في البرلمان وحتى الآن
أنه ما لم تكن هناك إرادة من جلالة الملك بتعديل المواد الدستورية فإن هذه التعديلات
لن تتم, وقد وجدنا بأنه في حالة موافقة أركان الحكم والقيادة السياسية في البلد على
أي من التعديلات فإنه خلال فترة قصيرة جداً ستسري هذه التعديلات وسنرى أن الكتل البرلمانية
الأخرى ستوافق عليها, نحن على قناعة بذلك, الأمر الآخر هو عندما نجلس ككتلة الوفاق
مع باقي الكتل في الجلسات التنسيقية فإننا نرى منهم توافقاً وإحساساً بأن هناك حاجة
إلى التعديلات الدستورية فهم أيضاً يشكون من أن دورة المشروع بقانون هي دورة طويلة
تأخذ أكثر من ثلاث سنوات كما أن الكثير من المواد الدستورية تنتقص من صلاحيات المجلس
وتجعله وكأنه مجلساً استشارياً, لذلك فإنهم يقبلون في الغرف المغلقة هذه التعديلات.
الذي حصل في نهاية العام 2007 وبداية العام 2008 أي عند نهاية الدور الثاني أنه كان
هناك توافق على تمرير جملة من التعديلات وكانت في حدود ثمانية تعديلات وكان يبقى على
نهاية الدور الثاني ما يقارب الشهر والنصف, ولكننا تفاجأنا بأنه في اليوم المحدد لطرح
هذه التعديلات -وبعد عدة تأجيلات كما وضع هذا الموضوع على جدول الأعمال وسحب لأكثر
من مرة- أن هناك غياباً كبيراً من قبل النواب ولم يكن هناك 27 نائباً, إذ انه في حالة
تمرير مقترح بتعديل دستوري فإن ذلك...
* ولكن المقترح كان مقدماً من أغلب الكتل النيابية؟
- فيروز: في تلك الفترة كان المقترح مقدماً من قبل كتلة الوفاق بالإضافة للنائب عزيز
أبل. إن تمرير أي مقترح بتعديل دستوري يستوجب الحصول على موافقة ثلثي المجلس النيابي
وإلا فإن الاقتراح بالتعديلات تسقط من الفصل التشريعي وليس من دور الانعقاد ما يعني
عدم إمكانية طرحها مرة أخرى من خلال هذا المجلس وبما أن الحضور في تلك الجلسة كان أقل
من هذا العدد لذلك قمنا بسحب المقترح من جدول الأعمال ورجعنا للتداول مرة أخرى مع الكتل
النيابية, ومع بدايات دور الانعقاد الثالث جلسنا مع الكتل وذكروا أنه لديهم بعض التحفظات
على التعديلات المقدمة ولذلك قمنا باختزال المواد المقدمة إلى أربع مواد فقط وهي المواد
52 , 85, 86, 102. إن المادة 52 هي مادة مهمة جداً ويوجد اتفاق على أهميتها من قبل
أغلب الكتل وهي أن لا يتجاوز عدد أعضاء مجلس الشورى نصف عدد أعضاء مجلس النواب, لقد
كان هناك توافق على هذه المادة, وأيضا المادة 85 وهي أن مشروعات القوانين في القراءة
الثانية بين مجلسي الشورى والنواب وبعد القراءة الثانية تأتي إلى مجلس النواب فإذا
وافق مجلس النواب عليها ترفع مباشرة لجلالة الملك أي أن الرأي النهائي يكون لمجلس النواب,
وقد وقع على هذه التعديلات الأربعة رئيس كتلة المنبر الإسلامي ورئيس كتلة المستقبل
وبذلك أصبح هناك 20 نائباً موقعين على هذه التعديلات وقد وضع هذا الموضوع على جدول
الأعمال ولكن مع الأسف الشديد انه قبل يوم واحد من الجلسة وجدنا أن هناك رفضاً وطلباً
بأن يؤجل هذا الموضوع إلى بعض الوقت وقد طلب الإخوان في الكتل الأخرى مهلة أسبوعين,
في حين أن هذا الموضوع قد مر عليه وقت أطول من هذه المهلة بكثير ولكن ما حصل أننا وجدنا
أن هناك ضغطاً على الكتل من خارج المجلس, والبعض منهم قد صرح بذلك, وأنهم لا يستطيعون
أن لا يستجيبوا لهذه الضغوط وهناك أيضا تباينات كبيرة في داخل الكتل كما أوضحوا, لذلك
وصلنا إلى اقتناع بأنه لا يراد لهذه التعديلات بأن تمرر, نحن بصدد طرح التعديلات مهما
يكن من أمر, إذ أن تكليفنا وواجبنا يحتم علينا ذلك, ولكن الدورة التي ستأخذها هذه التعديلات
أي إقرارها من المجلس النيابي ورفعها للحكومة نحن لا نستطيع ولنهاية هذا الفصل التشريعي
أن نقر هذه التعديلات, إنني أأكد أنه إن أراد جلالة الملك أن يتم إجراء هذه التعديلات
فانه من الممكن أن نذهب إلى الفصل التشريعي الثالث بشيء من التطور في الوضع الديمقراطي
في البحرين.
آليات التعديل
* الأستاذ حسن إسماعيل, كما ذكر الأخ جلال فيروز فإن هناك صعوبة كبيرة في إجراء هذه
التعديلات من خلال المجلس النيابي, فهل هناك آليات أخرى لذلك كاللجوء إلى المحكمة الدستورية
أو إجراء استفتاء شعبي؟
- إسماعيل: إن المحكمة الدستورية ليس لها علاقة بموضوع التعديلات الدستورية وإنما اختصاصها
ينحصر في مدى مطابقة القوانين واللوائح والقرارات الإدارية للدستور.
إن الخطوة التي بدأها الإخوان في الوفاق هي خطوة اقتراح بتعديل الدستور وليس الموافقة
على إجراء هذه التعديلات وبالتالي فإن خطوة سحب الموضوع من جدول الأعمال ليست موفقة,
إذ لا يتطلب الاقتراح بتعديل الدستور موافقة ثلثي المجلس إن موافقة الثلثين هي في حالة
الموافقة على التعديل, إذ يكفي أن يتقدم 15 عضواً من أعضاء المجلس باقتراح بتعديل الدستور
لإحالة للجنة المختصة ولكن عند إقرار هذه التعديلات فإنه يتطلب موافقة العدد اللازم
وهو ثلثا أعضاء المجلس.
- فيروز: هناك مادة في اللائحة الداخلية تتضمن أنه يتم طرح مقترحات تعديل القانون بتعديل
دستوري والمقدم من 15 عضواً في الجلسة التالية لتقديم هذا الطلب ويتم التصويت ويشترط
حصول موافقة الثلثين لتمرير مقترح التعديل في الدستور.
- إسماعيل: إنني لم أطلع على هذا النص في اللائحة الداخلية وإن وجد فإنه مخالف مخالفة
صريحة لنص الدستور, إذ إن نص الدستور يقول بأنه يكفي 15 عضواً للتقدم بمقترح لتعديل
الدستور.
- فيروز: إن المقترح بقانون يقدم إلى اللجنة المعنية وهذه اللجنة تقوم بدراسة سلامته
من الناحية القانونية ومن ثم تقوم بتقديمه للمجلس وفي هذه الحالة فإن المجلس لا يقوم
بمناقشة المقترح مادة مادة.
- إسماعيل: نحن لا نتحدث عن ذلك إنما نتحدث عن اقتراح لم يصل إلى مرحلة المناقشة وهذا
الاقتراح يتطلب توقيع 15 عضواً لإحالته للجنة المختصة فهل تم سحب المقترح عندما أحيل
من اللجنة؟
- فيروز: نعم إن ذلك ما تم بالفعل.
- إسماعيل: من المهم في الفترة الحالية التعاطي مع ما هو موجود, فعندما تسعى إلى تعديل
مواد دستور 2002 فانه يجب عليك أن تطرق كافة الأشكال سواءً في داخل المجلس أم خارجه
من أجل تمرير هذه التعديلات التي كشف الواقع عن صعوبة التطوير ولا أعتقد أن هناك من
يماري بأن المادة 92 قد أعاقت الدور التشريعي للمجلس.
* ولكن هل من الممكن تمرير التعديلات من خلال الاستفتاء الشعبي؟
- سيادي: فيما يخص الاستفتاء فإن هناك أيضاً ملاحظة على النص الدستوري الخاص بذلك,
على اعتبار أن هذه المقولة مستحدثة وبالتالي فإنها تنفي مقولة التعديلات الدستورية
فنحن نقول بأن المادة 43 من الدستور هي أيضا مستحدثة وهي تنص على «للملك أن يستفتي
الشعب بالقوانين والقضايا العامة التي تتصل بمصالح البلاد ويعتبر موضوع الاستفتاء موافقاً
عليه إذا أقرته أغلبية من أدلوا بأصواتهم وتكون نتيجة الاستفتاء ملزمة ونافدة من تاريخ
إعلانها وتنشر في الصحيفة الرسمية» والملاحظة على هذه المادة علاوة على أنها استحدثت
في دستور 2002 فإنها قد جاءت دون ضوابط أو حد أدنى للمشاركين في الاستفتاء فبالتالي
هناك خطورة من مسالة الاستفتاء الشعبي على اعتبار أن نص المادة لم يأت بالضمانات الكافية
لإجراء هذا الاستفتاء سواءً بالنسبة للحد الأدنى للتصويت كما انه لم يأت بضوابط وآليات
هذا الاستفتاء.
كما ذكر الأستاذ جلال أن هناك صعوبة في طرح التعديلات الدستورية من خلال البرلمان وإنما
هناك قناعة بأنها ضرورة ملحة ويجب طرحها بأي شكل من الأشكال سواءً كان ذلك من داخل
أو خارج البرلمان, إن التعديلات الدستورية قد أخذت مدى بعيداً من حيث النقاش وخلق الثقافة
والوعي الدستوري وأعتقد بأن المجتمع على قناعة تامة بأنه بعد ست سنوات من العمل البرلماني
لم تقدم لهذا الشعب أية إضافة في سلم الرقي بالديمقراطية إلى الأمام والدفع بمسألة
الإصلاحات الدستورية والنتيجة كانت أن المسبب والمعوق الرئيس في ذلك هو دستور 2002.
- إسماعيل: إن إجراء الاستفتاء يتعلق بإرادة جلالة الملك وحتى التعديلات الدستورية
والتي هي تختلف عن الاقتراحات بقوانين أو إصدار أي قانون إذ إن جلالة الملك يملك سلطة
مطلقة في التصديق على التعديلات الدستورية في حين أن جلالته في حالة عدم تصديقه على
مشاريع القوانين خلال مدة محددة وهي 30 يوماً فإنها تتخذ تلقائياً قوة القانون وبالتالي
فإن التعديلات الدستورية تتعلق بإرادة جلالة الملك, ولذلك فانه من الضروري التوافق
على ولو الحدود الدنيا من هذه التعديلات في ظل تركيبة المجلس الحالية.
تقليص عدد أعضاء الشورى
* فيما يخص تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى إلى النصف, هل تعتقدون بأن مجلس الشورى والذي
سيمرر عليه الاقتراح سيوافق على ذلك؟
- فيروز: يجب أن نلاحظ أولاً أنه لا يوجد في جميع الممالك الدستورية فيما يتصل بمجلس
الشورى بما هو موجود في البحرين, ففي جميع الممالك الدستورية الرأي النهائي يكون للسلطة
المنتخبة وذلك ما يحدث في الولايات المتحدة وبريطانيا في حين انه في الدول العربية,
ففي المملكة المغربية هناك نظام المجلسين إذ إن هناك مجلس النواب المنتخب ومجلس المستشارين
وهو مجلس أعضاؤه أقل من مجلس النواب من جهة ومن جهة ثانية فإنه منتخب ولكن بصيغة غير
مباشرة إذ إن أعضاءه يمثلون مؤسسات المجتمع المدني وحتى في هذه الحالة فإن الرأي النهائي
يرجع إلى مجلس النواب, والتجربة الأقرب لنا هي في المملكة الأردنية الهاشمية فهناك
مجلس النواب ومجلس الأعيان المعين والذي يكون أعضاؤه أيضاً نصف عدد مجلس النواب.
فيما يخص هل من الممكن أن يوافق مجلس الشورى على تقليص عدد أعضائه إلى النصف فإنه يمكن
القول إن بعض أعضاء مجلس الشورى اليوم كانوا من ضمن أعضاء مجلس الشورى في التسعينيات
وكانت رؤيتهم في ذلك الوقت أن البحرين لا تحتاج إلى مجلس منتخب, وعندما جاءت الإرادة
الملكية بأن يكون هناك مجلس منتخب قبلوا بذلك, فإذا أتتهم تعليمات بالموافقة على تقليص
عددهم فإنهم سيقبلون بذلك وأنا متيقن من ذلك تماماً وإن هذه الموافقة ستكون بالإجماع
من مجلس الشورى.
* ولكن هل تمت مناقشتهم في ذلك من قِبلكم؟
- فيروز: في حديثنا مع عدد منهم أكدوا أننا نحتاج إلى تطوير التجربة البرلمانية في
البحرين وأن يكون عدد أعضاء مجلس الشورى أقل من مجلس النواب.
* ألا تعتقدون بأن هناك تراجعاً كبيراً في حجم التعديلات الدستورية التي تطالب بها
المعارضة في الوقت الراهن مقارنة بحجم المطالبات السابقة؟
- إسماعيل: دائماً ما كنا نؤكد على أنه يجب التعاطي مع ما هو موجود ومتاح, ربما يكون
هناك سقف أعلى للمطالب ولكن الواقع والظروف ترغمك على التعاطي مع ما هو موجود, بالطبع
نحن نتفق مع الطرح القائل بأنه يجب تقليص عدد أعضاء مجلس الشورى, وذلك ليس لتعزيز الدور
التشريعي والرقابي لمجلس النواب فحسب, ولكن لاعتبارات أخرى, فلدى مجلس النواب مهمات
لا تقتصر على الجانب التشريعي ولكن هناك مهمات تتعلق بالرقابة على أداء السلطة التنفيذية.
بالإضافة إلى ذلك فإن مجلس الشورى لا يمتلك أدوات كالاستجواب أو لجان التحقيق أو الاقتراح
برغبة ويشتركون مع مجلس النواب بوسيلة السؤال والتشريع فقط, وبالتالي فإن مهماته لا
تستدعي مساواة عدده مع عدد أعضاء مجلس النواب وهذا جانب مهم جداً كوسيلة من وسائل الإقناع
بأن لا يجوز أن يتساوى عدد أعضاء المجلسين.
فيما يخص حجم التراجعات فإن جمعية المنبر الديمقراطي وأول ما شاركت في انتخابات العام
2002 أكدت على أنها ستشارك في الانتخابات دون أن نتنازل عن أن دستور العام 2002 قد
انتقص من الدور التشريعي لمجلس النواب وعلينا أن نطرق هذه الوسيلة, فليس البرلمان هو
الحل كما طرحت بعض الشعارات في المرحلة السابقة وإنما البرلمان ما هو إلا وسيلة من
الوسائل الهادفة إلى التغيير من اجل العدالة الاجتماعية, ولذلك لن أسمي الحال الآن
بالتراجع وإنما التعاطي الواقعي مع ما هو موجود وذلك ما كنا نقوم به ونسعى إليه.
التراجع في طرح «المعارضة»
* السؤال نفسه أوجهه لك أستاذ سامي: ألا ترى أن هناك تراجعاً كبيراً في مستوى الطرح
وخصوصاً مع غياب دور المؤتمر الدستوري؟
- سيادي: بالنسبة لي -وبغض النظر عن وجود مجلس الشورى- فإن الصلاحيات الممنوحة لهذا
المجلس هي الأهم, فهذه الصلاحيات هي التي خلقت شكلاً من أشكال الإضعاف للمؤسسة الشعبية
التي هي البرلمان وبالتالي أفقدت البرلمان وممثليه بأن يكونوا ممثلين حقيقيين للإرادة
الشعبية.
لا أعتقد أن مجلس الشورى قد جاء من فراغ وإنما قد جاء لهدف معيّن وهو التصدي للمؤسسة
التشريعية والواقع قد أثبت ذلك بغض النظر عن من يمثلنا في البرلمان, إن دور مجلس الشورى
ليس بالدور الذي يعزز من الديمقراطية.
بالنسبة لموضوع القضية الدستورية, إن هذه القضية دائماً ما كانت ضمن أولويات المعارضة
وهذا حال الحراك السياسي في أي بلد, إن الملف الدستوري هو أحد الملفات المهمة على الساحة
ولكنه يجب أن لا يحجب الملفات الأخرى, إن مسألة تراجع ملف الإصلاحات الدستورية في الآونة
الأخيرة هو نتيجة وجود ملفات أخرى.
إن المؤتمرات الدستورية هي إحدى الآليات التي تعاطينا معها جميعاً من أجل أن يكون لنا
صوتاً مسموعاً.
* ولكن البعض يربط المؤتمر الدستوري بعزيز أبل ويرى هذا البعض أنه مع خروج أبل من رئاسة
المؤتمر فإن المؤتمر قد انتهى فعلياً؟
- سيادي: إن عزيز أبل كان في إحدى الدورات رئيس اللجنة التنفيذية للمؤتمر الدستوري
وذلك بالإضافة إلى كوكبة من الشخصيات المهتمة بالقضية الدستورية وهم من قادوا هذه القضية
ومازالوا كذلك, وأعتقد انه من خلال المرور على المؤتمرات الدستورية السابقة سنجد أن
هناك عدداً كبيراً ممن تعاطوا مع هذا المؤتمر وقدموا دراسات كثيرة.
- إسماعيل: هناك طرح هو أن المؤتمرات الدستورية قد ماتت, ولكن ضمن رؤيتنا فإن التعديلات
الدستورية يجب أن لا تكون خاصة فقط بالجمعيات الأعضاء في المؤتمر وإنما يجب أن تشارك
في ذلك جميع القوى السياسية في المجتمع, من ضمن الأمور التي أثرت على مسألة أن يكون
هذا الملف موحداً مع جميع القوى السياسية سواءً كانت مشاركة أو مقاطعة إذ انه حتى الجمعيات
المشاركة كانت تنتقد دستور 2002, ما كان يجب التصريح بأنه إن لم تقدم الحكومة تعديلات
مجزية فإن الحكومة تتوهم بأننا سنشارك في انتخابات 2006, كان يجب وضع خطوط رجعة للتعامل
مع قضية المشاركة والمقاطعة, الدولة كلما وجدت أن هناك فرقة بين القوى السياسية فإنها
ستستفيد من ذلك, وبالتالي فانه لابد من أن نسعى إلى إيجاد مؤتمر عام وطني لمناقشة قضية
التعديلات الدستورية.
* البعض يقول إن كتلة الوفاق قد تقدمت بالتعديلات الدستورية للبرلمان من أجل إبراء
الذمة فقط وهي لا تتوقع أن يتم تمرير هذه التعديلات ولكن لتقول للجميع لقد فعلنا ما
علينا فعله واللوم يقع على باقي الكتل؟
- فيروز: هذا الكلام ليس دقيقاً, فمع بداية الفصل التشريعي قمنا بعقد عدد من الاجتماعات
مع الجمعيات السياسية الأخرى وتوصلنا إلى اتفاق بشأن تقديم إحدى عشرة مادة للمجلس من
أجل تعديلها, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أننا وخلال دوري الانعقاد الأول والثاني
كان هناك حوار رئيس كتلة الوفاق وبعض أركان القيادة السياسية من أجل التوصل إلى اتفاق
في قضية التعديلات الدستورية وذلك لقناعتنا بأن هذه المسألة تبدأ من الأعلى, وبعد أن
لمسنا أنه لن يكون هناك تطوراً في هذه المسألة وبعد أن حدث انقطاع وسد للأبواب توجهنا
إلى الكتل النيابية وعرضنا عليها أفكارنا من أجل التوافق وحاولنا إقناع الكتل بأهمية
التعديلات وبالفعل اقتنعت معظم الكتل البرلمانية بذلك, لدينا يقين بأنه إذا قمنا بعرض
مقترحاتنا بالتعديلات الدستورية وتم رفضها فإنه لن نستطيع أن نقدم هذه المقترحات خلال
هذا الفصل التشريعي, لا أريد القول بأننا وصلنا إلى طريق مسدود ولكن ما أريد قوله هو
أننا طرحنا عبر مبادرة الحوار السياسي والتي بادرت جمعية المنبر الديمقراطي بطرح فكرتها
أن تكون على رأس أولويات هذا الحوار مسألة التعديلات الدستورية للوصول إلى توافق من
اجل الإصلاح السياسي الجذري.
في جميع الأحوال إن تحركاتنا لم تأتِ فقط من أجل إبراء الذمة, نحن سنعرض مسألة التعديلات
الدستورية مرة أخرى على المجلس وربما سنصل إلى قناعة بأن الكتل الأخرى سترفض هذه التعديلات
وفي ذلك الحين سنعرض التعديلات ونبرئ ذمتنا وسنبين ذلك للحكم الذي طرح علينا المشاركة
في الحياة البرلمانية ومحاولة تغيير وتطوير الدستور من خلال البرلمان بأننا شاركنا
وحاولنا التغيير ولكننا لم نصل إلى نتيجة, وإن حدث ذلك فإنه يعني الوصول إلى مأزق كبير
في مشروع الإصلاح السياسي في البلاد.
دستور
مملكة البحرين
قانون
بشأن الجمعيات السياسية
مرسوم
بقانون بشأن إنشاء مجلس تأسيسي لإعداد دستور للدولة
مرسوم
بتشكيل لجنة تعديل بعض أحكام الدستور