جريدة الوقت - الأحد 2 أغسطس 2009 - العدد 1259
«النيابة» تنصح من سرّب مضمون التقرير المالي للتنمية السياسية مراعاة المصلحة العامة
المحامي العام : ليس من حق أحد أن ينتزع من القضاء سلطته
صرّح المحامي العام الأول عبدالرحمن السيد محمد - النائب العام بالإنابة - بأن النيابة
العامة تابعت بكل أسف ما نشر في بعض الصحف خلال الأيام القليلة الماضية بشأن التجاوزات
المالية والإدارية بمعهد التنمية السياسية منسوباً إلى لجنة التحقيق الإداري التي شكلها
مجلس الأمناء، وإذ لاحظت أن ما نشر يتضمن معلومات تفصيلية احتواها التقرير المقدم إليها
رفق الشكوى المقدمة من رئيس مجلس الأمناء بالمعهد وهو محل التحقيق لذلك فإنها تبين
الآتي:
أولا: ليس من حق احد أياً كان موقعه وأياً كان قدره أن ينتزع من القضاء سلطته أو يجلس
في مقعده أو يفتئت على كلمته أو يصدر حكماً بالإدانة أو البراءة وفق ما شاء له الهوى
فساحة القضاء ليست ميداناً حراً ومفتوحاً لتزاحم الآراء وتسابقها وإنما للقضاء نظمه
الخاصة التي تساندها تقاليد تاريخية عريقة وقيم مستقرة راسخة والنيابة العامة بوصفها
شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية هي المنوط بها قانوناً إصدار قرار الاتهام وعندما
يصدر قرارها بالاتهام يكون لها وحدها دون غيرها الحق في تأييد هذا الاتهام بالحجج والأدلة
والأسانيد في مرافعتها أمام هيئة المحكمة ويصبح المتهمون والمحامون هم وحدهم أصحاب
الحق في تفنيد التهم والرد على أسانيد النيابة وأدلتها ويبقى الأمر من بعد للمحكمة
أن تقول كلمتها في جو ينبغي أن يكون موفور الهدوء والحرية كامل الحيدة والتجرد ومن
ثم فإن توجيه الصحافة للرأي العام بصورة تؤثر في مجرى العدالة هو أمر موجب للحساب والعقاب
بغض النظر عن صدق ما اشتمل عليه هذا التوجيه أو كذبه لذلك كله وضمانا لحسن سير العدالة
وتفادياً للتأثير على القضاء وأعمالا لحكم الدستور الذي يقرر أن المتهم برئ حتى تثبت
إدانته في محاكمة قانونية تكفل له ضمانات الدفاع عن نفسه وما ينص عليه قانون العقوبات
وقانون الصحافة من حظر نشر الأمور التي من شأنها التأثير في رجال القضاء والنيابة العامة
المكلفين بالتحقيق أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة فإننا نهيب
بالصحافة ليس فقط من منطلق الالتزام بالدستور والقوانين وإنما التزاما بالمصلحة العليا
للوطن أن تتوقف عن تناول الوقائع التي تضمنها البلاغ المقدم من رئيس مجلس الأمناء والتقرير
المالي والإداري أو ما عساه يرتبط بهذا الموضوع لأنه محل تحقيق لم ينتهِ بعد.
ثانياً: وإيضاحا للحقائق فإن النيابة العامة وفور تلقيها البلاغ المقدم من رئيس مجلس
الأمناء بالمعهد باشرت التحقيق فيه واستمعت إلى الشهود واتخذت إجراءات تحفظية بمنع
المتهمين من السفر وندبت لجنة فنية مكونة من ثلاثة خبراء يعملون بديوان الرقابة المالية
لفحص أعمال المعهد وما تضمنه التقرير المقدم رفق البلاغ للتأكد من صحتها وهي في انتظار
ورود هذا التقرير.
ثالثاً: إذا كان هناك من يعتقد أن مضمون تقرير لجنة التحقيق التي شكلها مجلس الأمناء
لوحده هو دليل قاطع على ارتكاب الجريمة ضد من ورد اسمه في التقرير وقام بناء على هذا
الاعتقاد بتسريبه إلى الصحافة فهو وأهم ومخطئ لأن هذا التقرير لا يخرج عن كونه وقائع
تقوم النيابة بالتحقق من صحتها وجمع الأدلة ضد المسؤول عن ارتكابها واسباغ التكييف
القانوني الصحيح عليها وأن نشرها في هذه المرحلة يضعف القضية ويقوي مركز المتهم الذي
سوف يعد دفاعاً مسبقاً قبل استجوابه، لذلك فإن النيابة العامة تنصح من سرب مضمون التقرير
المالي والإداري إلى الصحافة لنشره أن يراعي المصلحة العامة وأن يضع في اعتباره مكانة
وأهمية المعهد وأهدافه باعتباره إحدى ثمار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى ويترك
الموضوع للنيابة العامة بوصفها الأمينة على الدعوى الجنائية لكي تباشر اختصاصها بالشكل
الذي تراه مناسباً وفقاً للقانون.
مرسوم
بقانون رقم (13) لسنة 1971 بشأن تنظيم القضاء
أمر
ملكي رقم (44) لسنة 2002 بشأن رئاسة المجلس الأعلى للقضاء
توسيع
استقلالية السلطة القضائية