جريدة الأيام - السبت 17 أكتوبر2009
الاستغلال المادي للأطفال القصر
يهدف القانون الجنائي البحريني إلى حماية الناس ومن
ضمنهم القاصرون وقد حدد عقوبة الحبس التي قد تصل إلى 3 سنوات على من يقوم بالاحتيال
على قاصر وسلب ماله وذلك في المادة 392 في قانون العقوبات البحرين والذي نص على أن
(يعاقب بالحبس من انتهز حاجة قاصر أو محجور عليه أو من حكم باستمرار الوصاية أو الولاية
عليه، أو أستغل هواه أو عدم خبرته وحصل منه إضرار بمصلحته أو بمصلحة غيره على مال أو
على إلغاء سنداً أو تعديله، فإذا وقعت الجريمة من وليه أو وصيه أو قيم عليه أو من ذي
سلطة عليه عد ذلك ظرفا مشددا، ويفترض علم الجاني بقصر المجني عليه أو استمرار الولاية
أو الوصاية عليه، ما لم يثبت من جانبه أنه لم يكن مقدوره بحال الوقوف على الحقيقة).
وهذا التجريم حماية للقاصر من الإستغلال المادي من قبل الذين ينتهزون عدم خبرة وصغر
سن القاصر فيحملونه على تصرفات ضارة به ويحصلون منه على مزايا مادية أو نقدية لا تتناسب
مع ما تم تقديمه من خدمات وما كان يتاح لهم الحصول عليها لو كان تعاملهم مع شخص بالغ
وقد لاحظ المشرع البحريني أن البطلان الذي يقرره القانون المدني لهذه التصرفات غير
كاف لذلك أوجد هذه المادة الجنائية. أركان الجريمة: تقوم هذه الجريمة على أركان ثلاث
(حالة المجني عليه إذ يتعين أن يكون قاصراً، والركن المادي الذي يفترض العناصر التالية
الفعل الذي يتمثل في إنتهاز فرصة احتياج أو ضعف أو هوى في نفس المجني عليه (القاصر)
والنتيجة التي تتمثل في حصول المتهم على كتابة أو ختم سندات تمسك أو مخالصة متعلقة
بمبلغ من النقود أو شيء من المنقولات أو على تنازل عن أوراق تجارية أو غيرها من السندات
المالية أو إلغاء السند أو تعديله المهم هو الإضرار بمصلحة القاصر المادية، والركن
المادي يفترض الإضرار بالمجني عليه في صورة القصد الجنائي. انتهاز فرصة احتياج أو ضعف
أو هوى في نفس المجني عليه: يمثل هذا العنصر الفعل الذي تقوم به الجريمة ويعني انتهاز
الاحتياج أو الضعف الإحتيال والنصب لاستغلال أموال القاصر، والاستغلال هو الاستفادة
على نحو غير عادل من ظروف القاصر الخاصة فالمتهم المحتال ينتهز معاناة المجني عليه
احتياجا أو ضعفاً أو هوى ليستنزف ثروته ويجني بذلك ربحاً لا يستحقه وأهم دليل في الواقع
العملي على ذلك هو انتفاء التناسب بين ما يقدمه المتهم وما يحصل عليه، ثم كون ربحه
لم يكن متاحاً لو تعامل مع شخصاً بالغ والاحتياج يعني ظروفاً إقتصادية سيئة جعلت المجني
عليه لا يستطيع بالوسائل العادية إشباع متطلبات حياته المشروعة كالطعام أو السكن أو
التعليم والضعف تعبير متسع يشمل جميع صور العجز عن الوقوف موقف التعادل إيزاء المتعاقد
الأخر، فلكونه صغير سن (قاصر) يجعله في صورة الضعف وعدم الخبرة ونقص في المعلومات وقصور
المقدرة عن التبصر بالنتائج المحتملة للتصرفات القانونية ومن ضمنها المادية. أما هوى
النفس فيراد به النزوات والرغبات الطاغية التي قد تسيطر على المراهق أو المراهقة في
هذه السن الصغيرة فيسعى إلى إشباعها مهما كلفه ذلك من مال كعشقه لصديقته أو حبيبته
ورغبته في الإنفاق عليها إرضاءً لها ومثال آخر عندما يقوم القاصر بالإدمان على الخمر
أو المخدرات وينفق بدون حساب أو أن يكون لدى القاصر شهوة إقتناء الجديد من سيارات السباق.
وقد ألحق المشرع البحريني هذه الجريمة بجرائم الاحتيال والنصب لأن مسلك المتهم في هذه
الحالة ينطوي على الغش والتدليس والكذب وانتهاز ظروف صغر سن المجني عليه واستغلالها
لحمله على تصرف ضار بمصلحة القاصر حتى يحقق المتهم لنفسه نفعاً مالياً غير مشروع، وعلى
هذا النحو، فان ما يقرب بين هذه الجريمة والنصب أن فعل المتهم هو صورة من الاحتيال
على المجني عليه والاستغلال السيئ لظروفه، ولكن يفرق بينهما أن ما تفترضه هذه الجريمة
من احتيال لم يرق إلى مرتبة الطرق الاحتيالية وبالإضافة إلى ذلك، فان هذه الجريمة لا
تفترض وقوع المجني عليه في غلط، فقد يكون على بينة من الضرر الذي سوف يصيبه بالعمل
الذي يحمل عليه، ولكنه لا يستطيع تفاديه لخضوعه لضغط الاحتياج أو الضعف أو الهوى. ويشدد
القانون في العقوبة إذا وقعت هذه الجريمة من ولي القاصر أو القيم عليه أو من ذي سلطة
عليه، وبذلك يكون قانون العقوبات البحريني تنبه إلى ضرورة حماية حقوق القاصر وحقوق
صغير السن ونحن في عمود ثقافة أمنية نذكر الجميع بأهمية حماية القصر من الوقوع في براثن
المحتالين والنصابين ونحذر من أن له عقوبة جنائية.