جريدة الوسط
- العدد : 2621 الاثنين 09 نوفمبر 2009م الموافق 21 ذي القعدة 1430 هـ
دعت لإنشاء قنواتٍ إعلامية لدعمه... في ختام مؤتمرها السادس
«الإصلاح»: من الضروري
سنّ تشريعاتٍ لحفظ «العمل الخيري» من الاستغلال
المنامة - حسن المدحوب
أوصى مؤتمر جمعية الإصلاح السادس الذي اختتم أعماله يوم أمس بفندق الكروان بلازا بتشجيع
«الوقف الخيري» والعمل على تأطيره بشكل مؤسسي سليم يحفظ الوقف وينميه، وإحياء فكرة
«الوقف المؤقت».
ودعت الجمعية في توصياتها كذلك لفتح المجال أمام الشباب وتوجيههم وإعطائهم الثقة بالنفس
وذلك من خلال إشراكهم في إدارة المؤسسات الخيرية وتبني قدرات المتميزين منهم وتدريبهم
وتوجيههم الوجهة الصحيحة، والسعي لتضمين العمل التطوعي ضمن المناهج لغرس ثقافة التطوع
في تفكير الأجيال.
وشددّت على ضرورة إنشاء إعلام خيري مسموع ومرئي ومكتوب يدعم العمل الخيري بنشر ثقافته
وتحبيب الناس فيه وحثهم على التطوع له ويدحض الشبهات التي تثار حوله، والتعاون مع المؤسسات
الإعلامية المختلفة لتوعية الجمهور بالعمل التطوعي والتعريف بالنشاطات التطوعية التي
تقوم بها المؤسسات الأهلية والحكومية.
كما طالبت بحماية العمل الخيري عن طريق سن التشريعات والقوانين التي تحفظه من إساءة
استخدامه واستغلاله من جهة، ومن تغوّل القوانين العشوائية والمزاجية من ناحية أخرى.
وقدمت خلال اليوم الثاني للمؤتمر أربع أوراق رئيسية تمحورت حول «العمل الخيري»، إذ
عرضت خلالها نماذج محلية وإقليمية وعالمية ناجحة في هذا المجال. أوضح رئيس مجلس إدارة
لجنة الأعمال الخيرية بجمعية الإصلاح هشام ساتر أن مجلس إدارة «نادي الإصلاح» قرر في
عام 1970م إنشاء اللجنة الاجتماعية من أجل تنظيم الجهود الخيرية والعمل على تنميتها
وتفعيلها. إلا أن كثرة الأعباء وتوسع مجالات العمل الخيري للجنة الاجتماعية استدعى
إعادة تشكيل اللجنة وتطويرها لتصبح في العام 1992م لجنة الأعمال الخيرية، وتبدأ بذلك
انطلاقة جديدة للعمل الخيري الذي تقوم به جمعية الإصلاح على المستويين المحلي والخارجي
منذ قيامها قبل أكثر من ستين عاما. وذكر أن عمل لجنة الأعمال الخيرية تطور بشكل ملحوظ،
إذ لم يعد محصورا في مجال الإغاثة الإنسانية بل تجاوز ذلك إلى المساهمة في مشروعات
التنمية المستدامة، وهذا ما يبدو جليا من رسالة لجنة الأعمال الخيرية التي تُرجمت إلى
مشاريع خيرية متعددة.
وأضاف ان لجنة الأعمال الخيرية لاتزال سباقة إلى طرح المشروعات المتميزة وذات الصفة
المستمرة ومنها: مشروعات الصدقة الجارية، الوقفيات الخيرية المتعددة، بناء ورعاية المساجد
(داخل وخارج البحرين)، مشروعات المياه وحفر الآبار، مشروعات العلم النافع، الاستقطاع
الشهري، مشروع الأسر المنتجة، المشروعات التربوية والتنموية. وأردف «تمتلك اللجنة عددا
من العضويات في مجموعة من مختلف المنظمات الدولية والأهلية، والتي منها على سبيل المثال
لا الحصر: عضو استشاري للمنظمات غير الحكومية في المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة
للأمم المتحدة، عضو مؤسس في اتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي، عضو المجلس
الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، عضو مجلس المنظمات العالمية للإغاثة والتنمية في
العراق. وأشار ساتر إلى انه في شهر أكتوبر/ تشرين الاول من عام 2004م وبعد إنجاز أعمال
التدقيق الداخلي والخارجي حصلت اللجنة على شهادة الآيزو 9001 إصدار 2000، وبذلك تعتبر
لجنة الأعمال الخيرية بجمعية الإصلاح من أوائل المؤسسات في مجال عملها التي تحصل على
شهادة الجودة في الأداء وبمعايير دولية على مستوى الخليج العربي. وفي ورقته التي جاءت
تحت عنوان «العلاقة بين العمل الخيري الإسلامي ومشروع النهضة... نماذج وتجارب» قال
مدير مؤسسة سليمان الراجحي بالمنطقة الشرقية بالسعودية محمد الخميس إن العمل الخيري
التطوعي يعد في الدول المتقدمة نشاطا أساسيا ودعامة من دعامات التنمية والتطور ومكملا
للعمل الحكومي ومعززا لأهدافه، بل يعتبر أحيانا أكثر كفاءة منه في تقديم الخدمات لأنه
يتميز بالمرونة والبعد عن البيروقراطية والتعقيد كما أنه أقل كلفة. متابعا «لذلك فإن
ثقافة العمل التطوعي أصبحت معيارا ومؤشرا قويا للتنمية والتقدم، وكما هو معلوم فإن
كثيرا من الدول المتقدمة تعتبر القطاع الخيري هو القطاع الثالث مساهمة في التنمية».
وأضاف «ان التنمية والنهضة يحتاجان إلى العمل الخيري باعتبار أنه يشكل إطارا أخلاقيا
راقيا يدفع المجتمع إلى الإنتاجية الطوعية التي تتجاوز الجوانب الرسمية وتسد الفجوات
وتطلق عنان التفكير لخدمة المجتمع وتحقيق تنميته ونهضته».
وأردف «من ناحية أخرى فإن العمل الخيري الإسلامي مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية التي
لا يمكن أن تتحقق النهضة إلا بها، وكانت جلية وواضحة خلال الغزو الروسي لأفغانستان
وخلال الحرب الهمجية ضد مسلمي البوسنة ما جعل الغرب يحارب العمل الخيري الإسلامي ومؤسساته
حربا ممنهجة للحيلولة دون حصول مزيد من هذا التواصل الذي عبر الحدود والقارات». وتطرق
في ورقته إلى نموذجين من نماذج التنمية والنهضة بالمجتمع من خلال مؤسسات العمل الخيري،
أحدهما على مستوى قارة أفريقيا والآخر على مستوى المملكة العربية السعودية، فعلى مستوى
القارة الافريقية هناك مؤسسات التعليم العالي في جمعية العون المباشر «لجنة مسلمي افريقيا»،
ومنها كلية التربية الجامعية في زنجبار (UCEZ)، والمعهد الصومالي للتنمية الإدارية
(SIMAD)، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا، أما النموذج الثاني فهو مؤسسة
سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية في المملكة العربية السعودية. وفي حديثه عن التحديات
التي تواجه العمل الخيري الإسلامي في الوقت الحاضر قال المستشار الدولي في مجال العمل
الخيري والإنساني عبدالفتاح سعد إن العمل الخيري يواجه جملة من التحديات في اللغة والمصطلحية
أو التعريف وفي الهوية والفكر، ولا يتوافر على رغم أهمية الموضوع على ما يمكن أن نطلق
عليه المفكر الخيري ومراكز البحث أو ما يطلق عليه (Think Tank) الذي يستطيع رسم الاستراتيجيات
والخطط والسياسات التي تنهض بالعمل الخيري العربي والإسلامي. وتابع «من بين تلك الأسئلة
التي تستحق البحث والدراسة: هل ستركز الجمعيات الخيرية العربية والإسلامية على أكثر
الدول فقرا كأولوية بحيث تأتي دول مثل اليمن والصومال ومالي وتشاد والنيجر والسودان-
دارفور وأفغانستان، ووضع غزة الراهن وأوضاع اللاجئين في المنطقة العربية من الفلسطينيين
والعراقيين والسودانيين، كأولوية وتركز على تلك المناطق لتخرج سكانها من براثن الفقر
الحاد؟ أم هل ستتوجه الجمعيات الخيرية بالتركيز والاهتمام وفق مؤشرات أعداد وجود المسلمين
في العالم، حيث أثبتت دراسة قام بها معهد بيوتشير أن أعداد المسلمين في الهند وروسيا
والصين تفوق أعداد المسلمين جنوب الصحراء الكبرى؟ ثم السؤال الكبير: ما هو مستقبل التضامن
العربي الإفريقي، وخصوصا منذ تفجر أوضاع إقليم دارفور ثم الوضع في تشاد ومالي والنيجر
والسنغال وموريتانيا؟ فكلها بلاد إسلامية، ويوجد فيها العرب وتوجد بعض الصراعات بين
العرب والأفارقة. ومع الأسف لم يعقد مؤتمر منذ أكثر من 32 عاما، على رغم خطورة الموقف.
إن التفكير في هذه القضايا سواء على مستوى الانتشار وطبيعة البرامج وإعمال التفكير
الوقائي مهم لتجنب النزاعات والحروب التي تنهك الشعوب العربية والإسلامية. واستطرد
«تأتي كذلك قضية الموازنة بين العمل الداخلي والخارجي في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة
والنظرة إلى العمل الخيري كأداة سياسية وليست إنسانية، كما لاتزال قضايا التنسيق بين
جمعيات من دولة عربية للعمل في الخارج سواء في بلد واحد أو عدة بلدان في مجال من المجالات
ذات أهمية لتقليل التكاليف وعدم الازدواجية». وتحدثت آخر الأوراق المقدمة عن رؤى وآفاق
جديدة للعمل الخيري الإسلامي، إذ قدمها الأمين العام للجان الخيرية التابعة لجمعية
الإصلاح الاجتماعي بالكويت جاسم الياسين ذاكرا فيها أن هناك مثلا 122 جمعية أهلية في
دولة الإمارات، منها 55 جمعية ذات نشاط ثقافي، و18 جمعية مهنية، و9 جمعيات نسائية،
بينما يقفز هذا الرقم في الكويت إلى أكثر من 180 مؤسسة، منها 52 جمعية نفع عام، هذا
بالإضافة إلى أعداد جيدة من المبرات الخيرية.
واستدرك بالقول: «لكن في المقابل هناك في «إسرائيل» نحو 30 ألف جمعية تعمل في القطاع
الخيري التطوعي وفق إحصائية رسمية لعام 2003م، كما أنه بناء على الإحصاءات الرسمية
لعام 1995م بلغ حجم النشاطات التي أنجزها هذا القطاع 11 مليار دولار أميركي، أي ما
يساوي نحو 13 في المئة من الناتج المحلي، ويعمل فيه ما يقرب 145 ألف شخص بشكل رسمي،
بالإضافة إلى 177 ألف متطوع، علما أن معظم إيرادات العمل الخيري «الإسرائيلي» تتدفق
من القطاع الحكومي، وتبلغ ما يقارب 64 في المئة من حجم هذا القطاع، وفي الولايات المتحدة
1,514,972 منظمة وجمعية، حيث يتم الترخيص يوميّا عندهم لـ 200 جمعية تعمل في هذا المجال،
وينتظم في هذا القطاع قرابة الأحد عشر مليون نسمة، بينما تبلغ إيراداته نحو 212 مليار
دولار سنويّا.
وأردف «في الوقت الذي تتبرع بعض الشركات في العالم الإسلامي بنسبة 2.5 في المئة من
أموالها للزكاة نجد أن القانون الأميركي يفرض على الشركات أن تتبرع بنسبة 5 في المئة
من عوائدها للجمعيات اللاربحية الخيرية سنويا».