الوسط - العدد : 2651 - الأربعاء
09 ديسمبر 2009م الموافق 22 ذي الحجة 1430 هـ
في ندوة حقوق الإنسان
بالتجديد الثقافية: شجرة حقوق الإنسان لكل الناس
كتب : مكي حسن
حث الدكتور عبدالحسين شعبان الحكومات العربية على التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات
الدولية الخاصة بحقوق الإنسان منوها بان التوقيع على أي اتفاقية يعني الانضمام اليها،
فينعكس ذلك على التشريعات الدستورية والقانونية، وهذا بحد ذاته يشكل التزاما بما ورد
في هذه الاتفاقيات من نصوص ومواد قانونية.
جاء ذلك في الندوة التي أقامتها جمعية التجديد بالتعاون مع منتدى الفكر العربي، وتحدث
فيها الدكتور عبدالحسين شعبان الخبير في شئون قضايا وملفات حقوق الإنسان في لندن وبيروت،
وادارتها الدكتورة وجيهة البحارنة من إدارة الجمعية، وحضرها عدد كبير من المدعوين والمواطنين
وذلك بمقر الجمعية مساء الأحد السادس من ديسمبر الجاري.
دعا المحاضر قادة الدول العربية الى العمل الجاد على نشر ثقافة حقوق الإنسان، والبدء
في تدريس هذه المادة ضمن برنامج وزارات التربية بالوطن العربي من الابتدائي حتى الجامعة،
ليتسنى للمواطن الفرد معرفة الحقوق التي له والواجبات التي عليه تجاه نفسه وعائلته
ووطنه، ومعرفة المزيد من الحريات معالجة التجاوزات عبر المواد والنصوص القانونية، والحق
في التنظيم والعمل السياسي، وتشكيل الجمعيات والمؤسسات المدنية لتلعب دورها في تنوير
وتطوير المجتمع.
وتابع: "ان العمل الجاد على نشر ثقافة حقوق الإنسان، يشمل نشر هذه الثقافة للقضاة وخطباء
المساجد وأفراد الشرطة والمعلمين والصحفيين وغيرهم من خلال دورات وورش عمل ومعلومات
جديدة تؤكد ثقافة المساواة، وحب الوطن، والمواطنة الحقة ومساواة الرجل بالمرأة باعتبارها
كائنا بشريا يحق له تسلم المناصب والترشيح والاقتراع".
كما أكد أن على الحقوقي ان يبتعد عن تمثيل دور السياسي، فطالما اختط خط الحقوق والدفاع
عن الناس، فلا يجب أن يغرق في السياسة، يمكنه ان يتناول قضايا سياسية لكن لا يجب أن
يغرق في بحارها، وان يعمل ضمن أجندتها، مشيرا الى أن الحقوقي إذا فعل ذلك، وتمرغ في
بحار السياسة، تسحب منه صفة "الحقوقي"، ويسبغ عليه لقب "السياسي"، منوها في الوقت ذاته
الى ان الحقوقيين هم أكثر شريحة في المجتمع تتعرض للضغوط، لذا يجب أن يكون الحقوقي
حذرا مما يجري من حوله، وإلا غرق في بحار السياسة وأمواجها المتلاطمة.
وقال الدكتور عبدالحسين شعبان: "إن الشجرة التي تحدثت عنها الدكتورة وجيهة البحارنة
رئيسة جمعية التجديد في مقدمة المحاضرة، وتعني بذلك شجرة حقوق الإنسان، وجدت لكل الناس،
باعتبارها ملاذا للمحرومين، ومآبا للمظلومين"، وبالمقابل نرى دأب الأنظمة العربية على
كسر جذع هذه الشجرة، وحرق غصونها، لتحرم شعوبها من ثمارها المتعددة والمتمثلة في المساواة
بين الجميع، وحق الحياة الحرة والكريمة، وحق التنقل، وحق الملكية وحق التعبير.
وأوضح في استهلاله لندوة (حقوق الإنسان في الوطن العربي.. إلى أين؟) ان موضوع الليلة
هو حوار معرفي وثقافي مفتوح، نكمل بعضنا بعضا من خلال الحوار والتعليقات والأسئلة في
موضوع حقوق الإنسان بالوطن العربي ككل مشددا في هذا الصدد على عدم فصل الحديث النظري
عن التطبيق الفعلي للمبادئ، وأن الحقوق التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
منذ نشأته في 10 ديسمبر 1948 هي ثمار يانعة، مشيرا في هذا الصدد الى مرور الذكرى الـ
61 لميلاد الشجرة الوارفة، وقد اينعت ثمارها أكثر من 100 اتفاقية لاحقة، انطلاقا من
ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي شكلت أرضية لمبادئ المساواة والحريات والمسئوليات
الفردية والجماعية.
وذكر أن الإعلان العالمي لحقوق الانسان قد ساهم فيه عدد من المختصين تحاوروا قرابة
3 سنوات ليخرج الإعلان بالصيغة التي خرج بها في 10 ديسمبر 1948، تلتها ثمار أخرى، تمثلت
في تثبيت الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في الإضافات التي حصلت
في أعوام 1968 و1976 و.1993
واوضح ان هذه التطورات شكلت روافع لحقوق الإنسان في العالم رغم ظهور الحرب الباردة
(الصراع بين الشرق والغرب) والأيدلوجي بين المعسكرين، وعقد حينها مؤتمر هيلسنكي عام
1975، حضرته 33 دولة، وخرجت بقانون جديد يقر بحرمة الحدود الجغرافية بين الدول، ثم
جاء لاحقا مبدأ حق تقرير المصير، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول.
وواصل حديثه كلمحة تاريخية من جهة، وكتحليل سلس من جهة أخرى، مسلطا الأضواء على هذه
المراحل وأسباب ظهورها، وما اقتضته من ضرورات واضافات الى الميثاق والإعلان في المراحل
اللاحقة، وقد تجلى ذلك في انهيار جدار برلين والكتلة الاشتراكية عام 1989، وانبلج حينها
فجر يوم جديد (عهد جديد) يتحدث فيه الناس عن أهمية تمتع الشعوب بالحرية والمساواة والديمقراطية،
وقد شعرت الحكومات وخاصة العربية بذلك.
وتابع: هاهو مؤتمر كوبنهاجن اليوم يكشف عن أهمية التعاون الدولي في مجال البيئة و تغيير
المناخ، وليشكل منحى جديدا لحقوق الدول والأفراد في هذه المرحلة الجديدة من التطور
الذي لحق بالعالم، ومن هذه المنطلقات والتغيرات يمكننا ان نؤكد الدور المتكامل لحقوق
الإنسان ومساراتها في العملية التنموية والديمقراطية.
وأماط اللثام عن نواقص في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منها: أن الإعلان لم يتطرق
الى مبدأ حق تقرير المصير، ولم يتطرق الى حقوق الأقليات، ولم يتطرق الى الحقوق الاقتصادية
والاجتماعية إلا في مرحلة لاحقة حيث ثبت حق العمل وحق التمتع بالمنجزات العلمية والثقافية،
بالاضافة الى حق التنمية والحق في السلام والحق في بيئة نظيفة وغيرها.
وتابع الدكتور شعبان، في استعراضه لتاريخ تطور حقوق الإنسان، قائلا: "إلا ان مرحلة
مابعد 11 سبتمبر 2001، عكست واقعا مرا لمبادئ حقوق الإنسان في دول الغرب مما أدى الى
احتجاجات، تراجعت على إثرها الدول في عدم الحق في التواصل مع التجاوزات بل يجب وقفها
فورا لأنها تمس الأبرياء"، ولا يعكس ذنبا أو جرما قام به عدد من الأفراد، فيعم الغضب
على الأمة، ومن هنا بات الطرح من جديد، هو تأكيد الحقوق السياسية والديمقراطية كحقوق
فردية وجماعية في آن واحد، وثبت على أساسها الحق في التعددية، أي الاعتراف بتعدد الأفكار
والسياسات، ويرتبط هذا بحق المحكوم في اختيار الحاكم، وبدأت على إثرها تترسخ مفاهيم
جديدة كمبادئ أساسية في حقوق الإنسان.
وكشف في تحليل له حول روافع حقوق الإنسان، أي أهمية وجود ضمانات، قائلا: أنها خمس روافع،
أولا: يجب ان يحدث التحول ضمن إطار دستوري وقانوني.. أي أهمية وجود قوانين تراعي حقوق
الإنسان.. ثانيا: لابد ان تكرس هذه المبادئ والحقوق في المناهج التربوية والتعليمية
لتدريس مادة حقوق الإنسان، ونشر الثقافة الحقوقية من طالب الابتدائي الى خريج الجامعة.
ثالثا: لابد أن يساهم الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان، والترويج لها من خلال ضمان
حرية التعبير للصحفيين ومن خلال تأكيد المبادئ الأساسية وهي الحق في التعبير، الحق
في الاعتقاد، والحق في التنظيم والحق في المشاركة السياسية.
رابعا: تأكيد كفاءة مؤسسات المجتمع المدني من خلال الحقوقيين والإعلاميين وغيرهم من
العاملين في مجال حقوق الإنسان..
خامسا: دور النخب السياسية والثقافية ولاسيما الحاكمة في تطوير وضمان حقوق الإنسان
للمواطنين.
وفي محاولة من المحاضر لاستذكار اول الدول العربية التي اختطت نهجا باتجاه التعامل
مع التوجهات الدولية الجديدة، ومنها الانفتاح على الجوانب المتعلقة بحقوق المواطنين،
وحقهم في التحرك والتنقل والقراءة والمعرفة والتعبير، ومنع الاعتقالات التعسفية، ومنع
ممارسة التعذيب ضدهم، هذه الدول هي: المغرب، وعين رئيس جمعية حقوق الأنسان رئيسا للوزراء
(عبدالرحمن يوسف) ثم الملك حسين مطلع تسعينيات القرن الماضي، ثم مملكة البحرين حين
تولى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في البحرين في 1999، وما تلاها
من تشريعات وقرارات بعودة المبعدين، وإطلاق سراح المعتقلين، ووقف العمل بقانون أمن
الدولة، والبدء في إصلاحات دستورية توجت بانتخابات المجلس النيابي.
وقال: "مازلت أتذكر في التسعينيات، كان الحديث عن حقوق الانسان، ومطالب سياسية ممنوع
في البحرين، وها نحن اليوم نتحدث بحرية عن حقوق الإنسان، فهذا في الحقيقة ثمرة من ثمار
شجرة حقوق الإنسان وتفهم القيادة السياسية في مملكة البحرين لضرورة التعامل مع شعبها
بصورة أفضل"، وضمان حقها في المشاركة السياسية، وضمان حرية الصحافة والتعبير والحركة
والتنقل، ولا عودة للاعتقال التعسفي، ولا لممارسة التعذيب في السجون حيث صدرت تشريعات
سامية في هذا الخصوص.
كما يبدو من حديث الدكتور شعبان، ان الحديث عن حقوق الإنسان ذو شجون وخاصة إذا ارتبط
بتسليط قليل من الضوء على نضال شعب البحرين ضد التعسف، والتعذيب، والمطالبة ببرلمان
وعدالة اجتماعية، ففي هذا الشأن اكد مواصلة العمل السلمي الاحتجاجي من جهة، مؤكدا أهمية
ألا تنجر مؤسسات المجتمع المدني الى الصراع السياسي المرتكز على العنف، فتفقد بذلك
حيويتها، وتغرق في مآرب أبعد عن مطالب الناس، فتفقد بذلك ثقتهم لكونها حادت عن أهدافها
المطلبية والحقوقية.
واختتم المتحدث في ندوة (حقوق الانسان وتطوراتها) بالقول: "إذا حصر الإنسان نفسه في
حدود حقوق الإنسان، فسيجد المرء أنه حصر نفسه في حيز ضيق، ولم يستخدم ما وهبه الله
من عقل"، ومنوها بأن الخليفة الثاني عمر (الفاروق)، قد قال لعمر بن العاص: "متى استعبدتم
الناس، وقد ولتهم أمهاتهم أحرارا؟"، فيما قال الإمام علي مخاطبا واليه على مصر (مالك
الاشتر): "لا تكن على الناس سيفا ضاريا، فالناس أما أخ لك في الدين.. أو أخ لك في الخلق".
كما أكد أن "حلف الفضول" بين النبي الأعظم والمشركين في مكة في بداية العهد النبوي،
يعتبر من أهم وأعرق العهود الحقوقية والتعاقدية، جسدت أهمية الالتزام بنصوص هذه العقود
طالما أنها وقعت عليها ورضيت بما ورد فيها من نصوص.
ومن جهة أخرى، شهدت الندوة تكريم جمعية التجديد لكل من الدكتور همام غصيب الامين العام
لمنتدى الفكر العربي ومقره في عمان بالأردن، وتكريم الدكتور عبدالحسين شعبان أيضا..
وقد ألقى الدكتور همام كلمة، جاء فيها: "أن فكرة المنتدى العربي، جاءت ضمن تصورات الأمير
الحسن بن طلال عام 1981 بأهمية العمل على نشر الفكر الوسطي كأحد السبل لاستشراف المستقبل،
والاستفادة من ذلك في التوجهات الوحدوية والتنموية بالوطن العربي كافة".
وقدم السلام على البحرين، وقيادتها، وشعبها، وداناتها ولآلئها، فهي منارة للوسط المعتدل
منذ فترة طويلة وردت في مذكرات أين الريحاني حين جاء الى البحرين في ثلاثينيات القرن
الماضي، واختتم: ها هو الوقت قد أزف، فلا فرق بين عمان، والقاهرة وبغداد، ودمشق والمنامة،
فالجسر موجود، وما علينا إلا التواصل المستمر لرفع شان الامة وتنوير طريقها في الحرية
والامان.

دستور
مملكة البحرين
أمر
أميري رقم (24) لسنة 1999 بإنشاء لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشورى
قرار
رقم (52) لسنة 2004 بشأن الترخيص بتسجيل جمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان
الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان
مؤسسات
وطنية لنشر وتشجيع وحماية حقوق الإنسان
اتفاقية
حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)
حقوق
الإنسان كفلها الدستور
تقرير
حقوق الإنسان للبحرين في جنيف
حقوق
الإنسان حجر الزاوية في دولة القانون
الشورى:
حريصون على سن تشريعات لصالح حقوق الإنسان
النائب
فيروز يعرض إنجازات البحرين في مجال حقوق الإنسان
حقوق
الإنسان :البحرين تعزز احترامها لهذه الحقوق بسلسلة تشريعات
البحرين
مستعدة لعملية المراجعة لتنفيذ التزاماتها في مجال حقوق الإنسان