أخبار الخليج - العدد
11589 - الثلاثاء 15 ديسمبر 2009
موظفو القطاع الخاص
بين:فرحة اقتراح رفع الراتب .. وصدمة تحفظ الحكومة
تحقيق: نوال عباس
أبدت الحكومة تحفظها على مشروع قانون للنواب ينص على إنشاء حساب دعم
مستوى معيشة المواطنين العاملين في القطاع الخاص بحيث يحدد الحد الأدنى للرواتب بما
لا يقل عن 300 دينار في الشهر مع إعادة الحد الأدنى للمعيشة كل 3 سنوات.
وأكدت الحكومة في ردها أنها تعمل على تحقيق أفضل السبل للعيش الكريم للمواطن من
خلال التنظيمات القانونية المختلفة مثل الضمان الاجتماعي وقوانين العمل وصندوق
العمل مشيرة إلى ان مشروع قانون النواب لا يتفق مع الرؤية الاقتصادية للبحرين التي
تهدف إلى رفع الإنتاجية والتنافسية، كما أن مشروع القانون سوف يؤدي إلى توجه أصحاب
الأعمال إلى خفض أجور العاملين لديهم وخاصة الجدد.
وذكرت الحكومة في ردها أن مشروع القانون سوف يتطلب اعتمادات مالية إضافية وزيادة
المديونية وهذا سوف يؤثر في مؤشرات التقييم للمنظمات والمؤسسات الدولية للوضع
المالي والاقتصادي في البحرين.
يذكر أن وزارة العمل أطلقت مبادرة في نوفمبر 2006 تقضي بتحديد الحد الأدنى لأجور
البحرينيين العاملين في القطاع الخاص بـ 200 دينار الأمر الذي كان له انعكاسات
ايجابية على المستوى المعيشي والاقتصادي والاستقرار الوظيفي لهذه الكوادر البحرينية
العاملة في القطاع الخاص، نتيجة تجاوب عدد كبير من قبل شركات ومؤسسات القطاع الخاص
مع هذه المبادرة، كذلك قامت لجنة التطوير لتحسين الأجور بوزارة العمل بتوقيع
اتفاقيات عديدة لرفع أجور العاملين البحرينيين في مؤسسات شركات القطاع الخاص ممن
تقل أجورهم عن 200 دينار وذلك ضمن مراحل المشروع الوطني للتوظيف الذي تنفذه
الوزارة. ولكن اقتراح النواب برفع الحد الادنى للراتب إلى 300 دينار للعاملين في
القطاع الخاص هذه المرة لم يجد صدى من الحكومة وتحفظت عليه رغم إصرار الموظفين
العاملين في القطاع الخاص على حاجتهم إلى هذه الزيادة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة
والغلاء المعيشي الذي يزداد يوما بعد يوم، وطالبوا بأن تعيد الحكومة النظر في
القرار لأنه يؤدي إلى نقلة كبيرة في حياتهم الأسرية وسيعمل على توفير حياة كريمة
لأسرهم، جاء ذلك خلال التحقيق التالي:
اقتراح ممتاز
زليخة عبد الحميد اعتبرت الاقتراح الذي طرحه مجلس النواب بزيادة الحد الادنى للراتب
إلى 300 دينار للقطاع الخاص اقتراحا ممتازا لتحسين أوضاع موظفي القطاع الخاص
الكادحين المظلومين مقارنة بالقطاع الحكومي الذين يحصلون على أفضل الامتيازات من
رواتب أفضل وأوقات عمل اقل وإجازات كثيرة ومنها الأعياد، وخاصة أن الحكومة ساعدت
الموظف عندما وضعت الحد الأدنى للراتب بـ200 دينار مما أدى إلى التزام عدد كبير من
الشركات بالحد الأدنى.
وتقول زليخة: ان الأعمال في القطاع الخاص تتطلب الوقوف مدة 8 ساعات أحيانا كذلك
نضطر إلى العمل نوبتين إذا كان الموظف المناوب قد اعتذر عن الحضور وهذا يسبب لنا
كثيرا من الأمراض مثل أمراض الظهر والأمراض الخطيرة، ولا يوجد تأمين صحي علينا لذلك
زيادة رواتبنا ستعمل على تحسين المستوى المعيشي لنا وخاصة اننا ملتزمون بمسئوليات
كثيرة أهمها مساعدة الأسرة والمساهمة في الإنفاق وتوفير راتب الخادمة التي تهتم
بالمنزل في غيابنا لأننا نغيب فترة طويلة عن المنزل ونحتاج إلى من يهتم بأطفالنا
بالإضافة إلى إيجار المنزل والمواصلات ولا نحصل إلا على 250 دينارا وبالتالي نجد أن
الراتب لا يكفي أبدا لان راتب زوجي لا يكفي في ضوء القروض التي تقع على كاهلنا.
وطالبت زليخة بأن تكون الزيادة أكثر من 300 دينار بالإضافة إلى النظر في إجازات
القطاع الخاص لأنهم لا يحصلون على إجازاتهم في الأعياد وإذا مرت فترة طويلة لا
يستفيدون منها.
وطالبت الحكومة ألا تتحفظ على الاقتراح وان تعمل على تقليل سنوات التقاعد لتكون اقل
حتى تستطيع المرأة العاملة في القطاع الخاص أن تتقاعد مبكرا لتهتم بأولادها لان
العمل يأخذ الكثير من أوقاتها بحيث لا تتفرغ لأسرتها.
إعادة النظر في التحفظ
زهرة مجيد اضطرتها ظروفها إلى العمل لمساعدة والدها الذي يعول 10 أفراد من اخوانها
الصغار وخاصة بعد فشلها في السنة النهائية في الثانوية العامة مما جعلها تدرس منازل
لإكمال تعليمها.
وتحدثت زهرة التي حرمت من الاستمتاع بالحياة المدرسية وسط صديقاتها على مقاعد
الدراسة وحكمت عليها ظروفها أن تسهم في إعالة أسرتها وهي لم تنه دراستها الثانوية
وعبرت عن فرحتها بالاقتراح ليس من اجل الاستمتاع بالمال لشراء ملابس اواكسسوارات
والاستمتاع بالمال مثل الفتيات اللائي في سنها ولكنها قالت: الاقتراح جيد وأتمنى
على الحكومة النظر فيه وعدم التحفظ عليه حتى استطيع مساعدة والدي بمبلغ اكبر فأنا
أتقاضى راتبا قدره 250 دينارا وأعطي والدي 200 دينار واخذ 50 دينارا لاحتياجاتي
والمواصلات، والزيادة في الراتب ستساعد والدي على سداد قروضه في ظل الغلاء المعيشي
وأتمنى أن يطبق الاقتراح لان موظفي القطاع الخاص مهضوم حقهم ويعملون ساعات طويلة
وأحيانا ساعات كثيرة رغم عدم حصولهم على امتيازات وإجازات أيام الأعياد.
غضب من التحفظ
وكانت ليلى علي قد فرحت كثيرا من اقتراح النواب ولكنها غضبت من تحفظ الحكومة عليه
وقالت: ان العاملين في القطاع الخاص يستحقون أكثر في ضوء الغلاء المعيشي الذي نعيشه
بالإضافة إلى الراتب القليل الذي نتقاضاه والعمل ساعات طويلة، ومتطلبات الحياة
الكثيرة من قروض وإيجار ومصاريف الأطفال، فبالنسبة لي أخذت ابني إلى الروضة ولا
يمكنني اخذ ابنتي إلا بعد أن يتخرج الأول فيها ويذهب إلى المدرسة.
وأغمضت عينيها وقالت: "أموت ويتنفذ الاقتراح" فهو سيكون له تأثير كبير فينا فيمكننا
اخذ ابنتي إلى الروضة التي طالما حلمت بها وأمسكت القلم وهي تردد الحروف والأناشيد
التي يردها أخوها الأكبر، بالإضافة إلى تسديد المصاريف من جهة وإحضار خادمة
للاهتمام بأبنائي من جهة أخرى، لأني اعمل بنظام النوبات واحتاج إلى من يرعى أبنائي
في غيابي، فابني كثير ما يردد (اجلسي معي يا أمي) وهو يبكيني ولكنني لا يمكنني ذلك
لأني أساهم بجزء كبير في نفقات الأسرة والإيجار.
واقترحت ليلى أن تقوم الحكومة بدعم المواطن العامل في القطاع الخاص من خلال راتب
شهري إذا رفضت شركات القطاع الخاص الانصياع للقرار أو توفير وظائف جديدة للعاملين
في القطاع الخاص وخاصة أنهم يعملون بدون استراحة أحيانا.
زيادة الراتب التقاعدي
وقد اعتبرت سميرة بيات أن اقتراح النواب برفع راتب القطاع الخاص إلى 300 دينار مفرح
جدا واشتاطت غضبا من تحفظ الحكومة عليه وقالت: لماذا لا تتساعد الحكومة مع
المواطنين؟ فهم يعيشون في معاناة من المصاريف التي تسيطر عليهم من إيجارات والقروض
وربما رفع الراتب سيفتح الباب للشباب للزواج، لذلك نتمنى على الحكومة ان تعيد النظر
وتوافق عليه لمساعدة المواطنين أو يرفعوا الراتب التقاعدي، حتى نستطيع أن نتقاعد مع
سد احتياجاتنا وخاصة أن موظفي الحكومة يحصلون على راتب تقاعدي أفضل واجازات أكثر.
وشكرت وزارة العمل للفتة الجميلة التي تقوم بها لتحسين رواتب القطاع الخاص من خلال
تدريب العاملين وزيادتهم 50 دينارا بعد انتهاء التدريب.
وبدا على حنان مقبول التعب والإنهاك لأنها حامل وتنتظر مولودا جديدا كأنها تريد
فرصة للتحدث والراحة من العمل الذي لا تستطيع تركه لحاجتها الماسة إلى المال لتحسين
مستواهم المعيشي وخاصة أنها تعيش في غرفة واحدة مع أبنائها وأكدت أهمية قبول
الحكومة القرار وعدم تحفظها لأن موظفي القطاع الخاص في اشد ماسة إلى المال في ظل
الظروف الصعبة ومتطلبات الحياة والقروض، ومصاريف ونفقات الأطفال.
فرصة للشباب
في حين فرح الشاب احمد عيسى كثيرا عند سماع اقتراح النواب واستنكر تحفظ الحكومة
عليه وقال : الاقتراح جيد فراتبي 200 دينار ولم احصل على زيادة منذ 3 سنوات وخاصة
بعد الازمة العالمية الاقتصادية والموافقة على هذا الاقتراح ستفتح بابا جديدا
للشباب فيمكنهم الزواج، فالبنوك ترفض إقراضنا براتب 200 دينار، لذلك يجب الاهتمام
بالموظف في القطاع الخاص ومنحه الراتب الجيد أسوة بالعامل في القطاع الحكومي.
الاستثناء من القروض
محمد جعفر استغرب تحفظ الحكومة على الاقتراح وقال: اننا لا نجد من الراتب شيئا
لندخره في ظل المصاريف الكثيرة فراتبي 216 دينارا و"تطير مع الريح" على مصاريف
السيارة والأكل والبترول، في ظل الغلاء المعيشي.
وتحدث بحرقة وقال: لماذا نحن محرومون من القروض من البنوك لان رواتبنا اقل من 300
دينار؟ فهذا ظلم يجب رفعه عن موظفي القطاع الخاص فالتميز لموظفي الحكومة فقط، فلذلك
نتمنى تحسين مستوى موظفي هذا القطاع لانه لا يمكن للشباب أن يعملوا طول عمرهم من
غير أن يتطوروا.
وطالب سيد محمد سيد كاظم بالموافقة على الاقتراح وعدم التحفظ عليه لأنه اقتراح جيد
ويوفر المستوى المعيشي الجيد للمواطنين العاملين في القطاع الخاص، وخاصة الشباب
المقبلين على الزواج، الذين يتمنون الحصول على القروض لتحسين مستواهم وشراء
احتياجاتهم مثل السيارة لأنه يستعمل سيارة والدته.
واعتبر جعفر أن الزيادة ستعمل على تغيير جزء كبير في حياته لأنه يساعد والده في
المصاريف وطالب الحكومة بأن تسهم في زيادة الراتب.
نجاة عبدالله اعتبرت الاقتراح جيدا لأنه يوفر مستقبلا أفضل للشبان من خلال الزواج
والحصول على القروض وشراء سيارة.
وقالت: عندما لا تستطيع الحكومة أن توفر لنا وظائف في الحكومة، لماذا تحرمنا حق
زيادة رواتبنا وتتحفظ على هذا القرار؟ فنحن مواطنون مثل الآخرين ونريد أن نتمتع
بحياة كريمة فنحن لا نستمتع حتى بالإجازات والامتيازات التي يحصل عليها موظفو
القطاع الحكومي ورفع الراتب يمكن أن يحسن من أوضاع العاملين في القطاع الخاص وخاصة
أن راتب 200 دينار لا يكفي في هذا الزمن، فنحن محرومون حتى من الحصول على القروض
بسبب رواتبنا القليلة ونحن مضطرون للعمل بسبب مصاريف الحياة الصعبة.
وقد كان لرجال الأعمال رأي في اقتراح مجلس النواب حول زيادة الحد الأدنى للراتب
للعاملين في القطاع الخاص إلى 300 دينار:
الزيادة حق للمواطن
شريف احمدي ( رجل أعمال) اعتبر أن قضية زيادة الراتب للموظف إلى 200 أو 300 دينار
تخضع للعرض والطلب بين التاجر والموظف فالموظف البحريني إذا اكرمته فسيعمل، وارتفاع
المستوى المعيشي والمواد الغذائية يجعل من حقه أن يحصل على راتب جيد يستطيع من
خلاله العيش حياة كريمة فالحياة العملية اخذ وعطاء، فالموظف يقوم بالعمل بعد
التدريب وإذا حصل على مبتغاه لا يضرب ولا يحتج على صاحب العمل والتاجر البحريني
يريد بحرينيا منتجا وهنا تكون المعادلة، وتحديد الحد الأدنى للراتب شيء نسبي وإذا
اجبر التاجر على راتب 300 دينار تكون فرصة للتاجر للتلاعب وسلك طرق غير مشروعة.
وأضاف: أنا من المؤيدين لرفع اجر الموظف للبحريني وإعطاءه حقه، حتى نخفف عبء العمال
الأجانب واستخدامهم للمرافق في البلاد، ولكن الأمر متروك للتاجر والموظف بدون ضغط
على التاجر خاصة أن "تمكين" صرف أموالا طائلة لتدريب البحرينيين من اجل مستقبل
أفضل، لكن الإخلاص في العمل واجب على كل موظف وعليه أن يعمل بجد حتى يعيش في بيئة
كريمة.
معادلة صعبة
رجل الأعمال احمد جاسم التحو تساءل هل تكاليف المنتج والخدمة تغطي مصاريف الراتب؟
وهل المؤسسة تستطيع أن تحقق المعادلة الصعبة بالأخص بلادنا مفتوحة والمنتجات
الخليجية تنافس المنتجات المحلية؟ وبالتالي تكون المنافسة في الأسعار هي المشكلة
لان المؤسسات الصغيرة التجارية تنافس المؤسسات التجارية الكبيرة.
وتمنى التحو أن ترفع الأجور للموظفين إلى 300 دينار ولكن المشكلة في العولمة
والمنافسة واقترح أن يعطى العامل في القطاع الخاص 200 دينار، والحكومة تساهم بـ100
دينار.
التحديات مشكلة
عبدالحكيم الشمري أبدى تحفظه على الاقتراح مثل الحكومة وقال: من حيث المبدأ نحن
العاملين في القطاع الخاص نتمنى أن نتمكن من رفع الرواتب للمواطنين من اجل تشجيعهم
والاستقرار ولكن التحديات التي تواجه كثيرا من المؤسسات الخاصة تجعلها تعمل على
تقليص نفقاتها بما في ذلك بند الأجور وخاصة إذا ما عرفنا ان جزءا كبيرا من المؤسسات
الصغيرة المتوسطة تواجه تحديات كثيرة ومتقلبة خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد
ركودا كبيرا بالإضافة إلى تحمل هذه الشريحة الكبيرة تبعات قرارات إصلاح سوق العمل
ومنها دفع 10 دنانير عن كل عامل اجنبي والتأمينات الاجتماعية، وتأمين التعطل،
وأخيرا السماح للعمالة الأجنبية بالتحرك بشكل حر في السوق المحلية مما يزيد من
منافسة العامل الأجنبي لرب العمل ومزاحمته في نشاطه اقتصاديا.
كذلك قرار رفع الأجور للعامل البحريني يؤثر سلبا في آليات السوق في النمو والتطور،
لذلك نناشد مجلس النواب التريث لدراسة اثار الازمة الاقتصادية والقرارات التي اتخذت
مؤخرا، فيما يتعلق بالقطاع الخاص، واقترح أن يسمح المجال لـ "تمكين" من اجل تخريج
دفعات من الباحثين عن العمل المؤهلين الذين يعتبرون سلعة مطلوبة في سوق العمل عند
ذلك سنجد المؤسسات البحرينية ستتنافس على توظيفهم وإعطائهم رواتب جيدة، خاصة مع عدم
وجود المؤهلات المطلوبة في سوق العمل مثل قطاع الحدادة والبناء، والتشييد وسياقة
المركبات الثقيلة.
ونصح الشمري البحرينيين بالعمل بمرتبات مجزية في وظائف ترضي طموحهم.