جريدة أخبار الخليج - العدد 11596 - الثلاثاء 22 ديسمبر 2009
الحكم بعدم دستورية النص على مصادرة أموال الزوجة أو الأبناء القصر للمتهمين بغسل الأموال
كتب: سيد عبدالقادر
حكمت المحكمة الدستورية أمس بعدم دستورية مصادرة أموال الزوجة أو الأبناء القصر
للمتهمين في قضايا غسل الأموال، وقضت المحكمة في نص الحكم بعدم دستورية نص الفقرة ( 3-3) من
المادة 3 من قانون حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الصادر بالمرسوم بقانون
رقم (4) لسنة 2001، المعدل بقانون رقم (54) لسنة 2006، فيما تضمنه هذا النص من عبارة
"أو لزوجه أو لأبنائه القصر" وإلزام الحكومة بالمصروفات ومبلغ 300 دينار مقابل أتعاب.
وقد أحدث الحكم الصادر ردود فعل واسعة داخل الأوساط القانونية فور صدوره، حيث تخوف
البعض في البداية من إمكانية أن يلجأ بعض المتورطين في قضايا غسل إلى تحويل أموالهم
في البنوك بأسماء زوجاتهم وأولادهم القصر، لكن الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة
عضو مجلس الشورى والأكاديمي السابق، قلل من هذه المخاوف وأكد أن الحكم بعدم دستورية
الفقرة المذكورة جاء لأنها كانت عامة وتحتاج إلى تحديد أكثر، من خلال صياغة قانونية
جديدة تكون أكثر تحديدا لتحديد المال الذي يمكن مصادرته للزوجة والأبناء القصر، فقد
تكون لديهم أموال من مصادر شرعية، قبل تورط عائلهم في هذا النوع من الأفعال، وتلك لا
تجوز مصادرتها، وقد تكون هناك أموال مصادرها شرعية.
وقال: إذا كان هناك إثبات أو دليل بأن هذه الأموال منقولة من الشخص المدان إلى زوجته
أو أولاده القصر أو أحد أقربائه، فيجب أن يتم إلغاء هذا النقل ومصادرة هذه الأموال،
أما إذا كانت هذه الأموال كتبت أو نقلت إليهم قبل صدور الحكم بفترة كافية - ويجب على
القانون تحديد هذه الفترة - فيجب ألا تمس هذه الأموال من قبل السلطات.
وفي يومنا هذا فإن حركة الأموال يتم رصدها بسهولة، وباستطاعة السلطات أن تثبت هذا التحرك
المالي، وتسعى من خلال القضاء إلى مصادرته إذا ما توافرت الأدلة على عدم مشروعيتها،
وهذا أمر يمكن إثباته بسهولة وبطرق مختلفة، والقضاء قادر على أن يفصل في الأمر بناء
على ذلك.
ولذلك فإن الحكم بعدم دستورية هذه الفقرة من المادة الثالثة من القانون المشار إليه،
هو حكم على حق ويشير إلى ضرورة إعادة النظر في هذه الفقرة من قبل السلطة التشريعية
( البرلمان) حتى لا يكون هناك ظلم على مواطن، وهو ما يعني أن هذه الفقرة بحاجة إلى
مراجعة لتفصل بين المال الحرام الذي اتى عن طريق غسل الأموال أو طرق غير مشروعة، عن
المال المشروع الذي أتى عن طريق شرعي.
لذلك فإن المحكمة الدستورية على يقين من أن هناك من يملك من أبناء وأزواج المتهمين
مالا ليس مصدره الطرق غير الشرعية، وقد يكون قد اكتسب هذا المال عن طريق الميراث.
ويختتم الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة عضو الشورى كلامه قائلا: لقد كانت المادة
مطلقة والمحكمة كانت على حق بالحكم بعدم دستوريتها.
الطعن بعدم الدستورية
كانت المحامية فاطمة الحواج قد قامت مع موكلها المتهم في إحدى قضايا غسل الأموال من
خلال إجراء عمليات تحويل برقي لمبالغ مالية متحصله من نشاطه في الاحتيال وأثناء نظر
قضيته أمام المحكمة الكبرى الجنائية، قد تقدما إلى المحكمة الدستورية العليا، بطعن
على المادتين 2-1 (بند أ- ج)، و 3/3-2/2 (بند ج) من المرسوم بقانون رقم 4 لسنة 2001
بشأن حظر ومكافحة غسل الأموال والمعدل بالقانون رقم 54 لسنة .2006
وكانت نتيجة هذا الطعن أن أصدرت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى قرارها في الدعوى الجنائية
رقم 2137/2007 بوقف الدعوى لحين الفصل بعدم الدستورية.
* تنص المادة الأولى المطعون عليها وه 2-1 ( بند أ- ج ) على.
يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل من أتى فعلاً من الأفعال الآتية وكان من شأنه إظهار
أن مصدر هذه الأموال مشروع:
أ- إجراء أية عملية تتعلق بعائد جريمة مع العلم أو الاعتقاد أو ما يحمل على الاعتقاد
بأنه متحصل من نشاط إجرامي أو من أي فعل يعد اشتراكاً فيه.
ب- إخفاء طبيعة عائد جريمة أو مصدره أو مكانه أو طريقة التصرف فيه أو حركته أو ملكيته
أو أي حق يتعلق به مع العلم أو الاعتقاد أو ما يحمل على الاعتقاد بأنه متحصل من نشاط
إجرامي أو من أي فعل يعد اشتراكاً فيه.
* وتنص الفقرة و 3/3-2/2 ( بند ج) الطمعون عليها على التالي:
.... وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف
دينار في أي من الحالات الآتية: ج- إذا ارتكب الجاني الجريمة بقصد إظهار المال المتحصل
من نشاط إجرامي أنه من مصدر مشروع.
3-2 مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية يحكم على كل من ارتكب جريمة من جرائم غسل
الأموال بالإضافة للعقوبة المقررة بمصادرة الأموال موضوع الجريمة أو أية أموال مملوكة
له أو لزوجته أو لأبنائه القصر مساوية في القيمة للأموال موضوع الجريمة.
كما يقضى بمصادرة هذه الأموال والأملاك في حالة انقضاء الدعوى الجنائية لوفاة المتهم
ولم يثبت ورثته مشروعية مصدرها.
وقالت المحامية إن المحكمة قد فصلت في حكمها بعدم دستورية الفقرة و 3/3-2/2 (بند ج)
فيما لم تتعرض للمادة الأخرى.
العقوبة شخصية
وقد دفعت الحواج في مرافعتها المقدمة للمحكمة بعدة دفوع أهمها:
* المادة (9 / ج، د) من دستور مملكة البحرين لسنة 2002 حيث نصت تلك المادة على أن:
جـ - الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في مِلكه إلا في حدود القانون،
ولا ينـزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفيـة
المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضا عادلا.
د - المصادرة العامة للأموال محظورة، ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي
في الأحوال المبينة بالقانون.
* أن المادة (20) من دستور مملكة البحرين نصت على أن:
أ- لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل
بالقانون الذي ينص عليها.
ب- العقوبة شخصية.
جـ - المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمّن له فيها الضمانات الضرورية
لممارسة حق الدفاع في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة وفقا للقانون.
وقالت الحواج: إذا ما كانت مصادرة أموال المتهم المتحصلة من الجريمة لا خروج فيها عن
القانون أو الدستور، فإن الأمر غير مستساغ عقلاً ومنطقاً بالنسبة إلى أموال زوجته وأبنائه
الذي من الممكن أن يكون قد تلقوها عن الغير بأي سبب من أسباب اكتساب ملكية تلك الأموال،
وبالتالي تكون مصادرة أموال سالفي الذكر مخالفة لأصل من الأصول التي قام عليها الدستور
وهو مبدأ شخصية العقوبة حيث لا يجوز تعدي أثر العقوبة المتهم ليشمل زوجته وأبنائه القصر
والتعرض لأموالهم بالمصادرة، فضلاً عن عدم جواز تلك المصادرة بموجب النص الدستوري.