جريدة الوقت - 1413 الأحـــد
17 محرم 1431 هـ - 3 يناير 2010
الزواج بأخرى بين الضرورة المجتمعية والشرعية
نساء: الخلع «إنقاذ للمرأة».. علماء: الضوابط موجودة والموافقة بيد القاضي
الوقت - أمل سلمان وتغريد إبراهيم:
لم ينقطع الحديث عن ضرورة وجود توافق مجتمعي على مشروع قانون أحكام الأسرة ''الشق الشيعي''
والمأمول ان يقنن الأحوال الشخصية، وبالتوازي مع هذا التوافق يأتي شرط الضمانة الدستورية
التي تتمسك بها جمعية الوفاق استنادا إلى مرجعيتها. وبحسب المشروع، فإنه يسمح للمرأة
بأن تخلع زوجها ضمن شروط محددة، مثل عدم الإنفاق أو الغياب، وكذلك جواز تضمين عقد الزواج
اشتراط المرأة عدم زواج زوجها عليها، وضرورة موافقة الولي (والد أو المسؤول عن الفتاة)
على الزواج، إلا أنه في الوقت نفسه، لا يجوز للولي أن يمتنع عن تزويج الفتاة من دون
مانع شرعي، كما أن الطلاق لا يقع في حالة فقد الزوج للتمييز بسبب السكر أو الغضب. واعتبر
عدد من علماء الدين، إقرار المشروع مخالف لأحكام الشريعة، ما لم يقترن بـ ''ضمانات
دستورية''، إلا إن واضعيه والداعين لتقنين الأحكام الأسرية كـالمجلس الأعلى للمرأة
والاتحاد النسائي، اعتبروه ضرورة مجتمعية لما تشكله الأسرة من دور محوري مهم في تركيبة
المجتمع، وما يستوجبه ذلك من ضرورة لحفظ كيانها وتماسكها. ويتضمن قانون أحكام الأسرة
(السني) في شأن الخلع في مادة (97) أنه يجوز للمرأة طلب خلع زوجها أو الطلاق، ''إذا
كان هناك علل أو ضرر أو شقاق (عدم إمكانية إصلاح الوضع بين الزوجين) وللغياب والفقدان
وعدم الإنفاق'' أما بخصوص التوثيق والإذن بالزواج فإن المادة رقم (17) من القانون تشير
إلى إنه يتوجب على الزوج في حالة اشتراط الزوجة ألا يتزوج عليها إخطارها بزواجه بكتاب
مسجل مصحوب بعلم الوصول خلال ستين يوماً من تاريخ تحرير الوثيقة''. المشعل: لا فتوى
تحرم عدم زواج الرجل على زوجته أوضح رئيس المجلس العلمائي السيد مجيد المشعل، أنه فيما
يخص الخلع فإن ''الضوابط موجودة ولكن بشروط معينة، إذا أحرزها القاضي وثبت الضرر وإذا
حصل تراض بين الزوجين وتبقى الموافقة بيد القاضي''. وبخصوص جواز اشتراط المرأة على
زوجها عدم الزواج عليها، قال ''الزواج بامرأة ثانية مباح وليس محرم بحسب الفتاوى الفقهية
والمرتكزات الإسلامية، وهي قضية مستحبة ولا توجد فتوى تحرم على الزوج عدم الزواج على
زوجته، فكل شرط يخالف كتاب الله يضرب عرض الحائط، ولكن يجوز له أن يتعهد لها بعدم الزواج
إذا كان برضى الزوجين وهذا الأمر لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية''. وتابع ''الأمر
بيد الرجل والإسلام جعل القوامة للرجل، والزواج والطلاق بيده وأعطاه مساحة خاصة لتكون
له القوامة والسلطة بالمنزل والاستقرار، أما إذا كان الزوج ضعيفا بسبب الاشتراطات سيؤدي
إلى خلل في العائلة''. وطالب المشعل ''ألا يتناقض هذا القانون مع روح الحق الشرعي حتى
لا يفقد الزواج بعضا من تركيبته، وعلينا أن نلتفت إلى الأحكام الشرعية التي أعطت للرجل
حق الزواج من أكثر من امرأة، ومثل هذه الاشتراطات ستقيد الزوج وستقلب المعادلة بالمنزل''.
فاطمة: القانون مخالف للشريعة ولا يتناسب مع المجتمع تعارض فاطمة عبدعلي (42) سنة وهي
أم لخمسة أولاد، القانون الذي يجيز للمرأة الخلع واشتراط عدم الزواج عليها في عقد الزواج،
لأنه ''مخالف للشريعة الإسلامية، فالشرع حلل التعدد للزوج وأجاز له الزواج من 4 نساء،
بشرط العدل بينهم''. وأضافت ''فضلاً على إنه قد تكون للزوج ظروف معينة تجبره على الزواج
كمرض الزوجة، أو عدم قدرتها على الإنجاب وفي إقرار هذا القانون إجحاف لحقه في ذلك''.
ورأت عبدعلي أن هذا القانون ''لا يتناسب مع المجتمع البحريني، لكونه مجتمعا إسلاميا
يستمد قوانينه من كتاب الله وسنته، فإذا كان الله قد حلل للزوج التعدد، فكيف بإمكان
البشر الاعتراض ومنع ذلك؟''. كما نفت عبدعلي أن يساهم هذا القانون في صيانة حقوق المرأة
''على العكس سيسهم إقرار هذا القانون، والعمل به في المجتمع البحريني في إثارة الكثير
من المشكلات الزوجية، ولربما كان في بقاء المرأة في ظل زوجها حتى ولو تزوج عليها صيانة
لحقوقها، وحفظ لحياتها الزوجية ولحياتها الأسرية وعدم تشتيت الأبناء''. وتابعت ''أحياناً
قد يكون زواج الزوج من أخرى مجرد نزوة وتنتهي، فلا يحق للزوجة أن تهدم بيتها وتشتت
العائلة لمجرد ذلك''. ورأت عبدعلي أنه ''لا يوجد قانون كفيل بتحقيق السعادة والاستقرار
الزوجي والحد من الخلافات الزوجية، وصيانة حقوق المرأة أفضل وأشمل من دين الله وكتابه
وسنته''. زهرة: الخلع عامل لزيادة نسبة الطلاق علقت زهرة عطية (أم رياض) 40 سنة على
القانون قائلة ''لا أملك الحق في أن أبدي رأيي في هذا القانون، لأنه يدخل في الإطار
الديني، والوحيد الذي يملك هذا الحق هم السادة العلماء والمراجع الكرام''. وأوضحت ان
هذا القانون حسب رأيها الشخصي ''ستكون له تبعات سلبية بسبب كثرة الطلاق في الآونة الأخيرة
في مجتمعنا البحريني، وما الخلع إلا عامل في زيادة نسبة الطلاق بشكل نسبي''. واستدركت
''إقرار هذا القانون سيسهم في إعطاء المرأة قوة في تحديد مصير حياتها، وسيكون هناك
حد لكل من الطرفين، حيث يعرف الزوجان حقوقهما وما عليهما من واجبات''. العويناتي: القانون
يحفظ كرامة المرأة التي استغلها الرجل بعصمته أيدت فاطمة خليل العويناتي'' 21 سنة طالبة
جامعية'' إقرار هذا القانون، لافتة إلى أن ''المجتمع البحريني انفتح الى حد بعيد وأصبح
بمقدوره ان يعي القوانين التي تسن وتصب في صالح المجتمع''، منوهة إلى أن ''مثل هذه
القوانين، تحفظ حق وكرامة المرأة التي استغلها الرجل من خلال عصمته، والذي فهمها بصورة
خاطئة والتي أكدتها الآية القرآنية (الرجال قوامون على النساء) وتناسى بقية ما أشارت
إليه الآية (بما فضل الله بعضهم على بعض)''. وأوضحت العويناتي أن ''معنى القوامة ليست
هي استقواء الرجل على المرأة وهي كائن ضعيف، وإنما تكمن في ان الرجل يقوم على رعاية
المرأة على عكس ما نراه في يومنا هذا، فكثير من النساء هن من يعلن الرجال''، وفق ما
قالت. وعما إذا كان مثل هذا القانون سيساهم في تقليل الطلاق والخلافات الزوجية التي
تضج بها أروقة المحاكم، قالت إن ''الطلاق يزداد والخلافات لابد منها في كل أسرة والعنف
هو العنف وهذه مشكلات مجتمعية أزلية لا يردعها قانون معين''. وأضافت العويناتي أن ''مثل
هذا القانون يضع المرأة موضع قوة أمام الرجل، ويجعل الرجل يتأهب للمرأة ويضع كرامتها
نصب عينيه، فالمرأة نصف المجتمع وبدونها لا يقوم ولا يتكاثر النسل البشري''. وتابعت
''والرسول (ص) قال رفقاً بالقوارير، قيل من هم القوارير فقال النساء، فالمرأة كائن
بشري رقيق لا تحتمل قسوة الرجل، والأخير عليه ان يضعها تحت مظلة رعايته لا تحت مظلة
عنفوانه وجبروته وغطرسته''. أم محمد: المرأة تضيع سنين عمرها للحصول على ورقة الطلاق
حاورت ''الوقت'' عددا من النساء اللاتي عانين من الخلافات الزوجية، حتى وصلت بهن إلى
أروقة المحاكم، إذ أكدت أم محمد أنها من أشد المؤيدين لهذا القانون، مشيرةً إلى ''الكثير
من المشكلات التي تكتظ بها أروقة المحاكم، فإقرار هذا القانون سيحد بدرجة كبيرة من
هذه المشكلات''. وأضافت ''من خلال تجربتي مع المحاكم فإن الكثير من المشكلات التي أراها،
خصوصا تلك التي تنتشر بين الشباب، تكون مثلاً في تخلي الزوج عن زوجته وهجرها''. وطالبت
في هذا الصدد ''بقانون ثابت ورسمي في البحرين، يعطي المرأة حق طلب الخلع في حالة تخلي
الزوج عنها لمدة تصل إلى 3 أشهر مثلاً من دون مماطلة في المحكمة''، لافتة إلى أن ''الكثير
من المشكلات البسيطة بين الزوجين اللذين يلجآن للمحكمة لطلب الانفصال، تظل هناك سنين''.
وقالت ''وعندما تكون المرأة الجانب المظلوم في هذه القضية، وتماطل المحكمة في تنفيذ
طلب الطلاق بسبب عدم وجود قانون صارم، فإن المرأة تضيع سنين عمرها في سبيل الحصول على
ورقة الطلاق، حتى أنها تمنع من السفر في حالة لم يتم إقرار الطلاق رسمياً من المحكمة''.
وأشارت أم محمد إلى أن ''بعض الأزواج يلجأون إلى الزواج من أخرى في ظل عدم وجود سبب
مقنع، وقد يكون بدافع المال أو الجمال أو أسباب أخرى''، موضحة أنه ''من حق المرأة أن
تطلب عدم الزواج عليها''. وشددت أم محمد علي أن ''عدم وجود قانون صارم يفتح المجال
ويشجع الشباب على التمادي، فإقرار القانون سيشكل حداً وسيعمل الشباب ألف حساب قبل إقدامهم
على فكرة الارتباط''. الرجال لا يردعهم أي قانون ولا يكترثون بشيء أيدت ( س. غ. أ)
وهي إحدى النساء البحرينيات المتضررات، والتي هجرها زوجها، القانون الذي يجيز للمرأة
اشتراط عدم الزواج عليها في عقد الزواج، وحق الخلع في ظروف معين (كالهجر وعدم النفقة)
بل وتطالب به، وتنقل لنا معاناتها مع زوجها الذي هجرها وتزوج عليها، الأمر الذي سبب
مشكلات نفسية لها ولأطفالها، الذين حملت همهم فوق 7 سنوات. وقالت إن إقرار هذا القانون
''يتناسب مع المجتمع البحريني الذي تعاني النساء فيه من ظلم الرجال، وسيساهم إلى حد
ما في صيانة حقوق المرأة''. لكنها تبدو متشائمة من إمكان أن يقلل القانون من مشكلات
الطلاق والخلافات الزوجية، لأن الرجال على حد قولها '' لا يردعهم أي قانون ولا يكترثون
بشيء''. كما أكدت إحدى المتضررات والتي امتنعت عن ذكر اسمها، أن بند الخلع ''حق من
حقوق المرأة وحق شرعي وأصيل من الأمور التي شرعها الإسلام وأعطاها للمرأة، ولكن للأسف
لا يعمل به بالمحاكم الشرعية حتى لو حدد القاضي درجة الضرر، فالقضية تطول ولا تحل''.
وفيما يتعلق بشرط عدم الزواج على الزوجة، قالت ''لا إشكال في ذلك، إذا كان بموافقة
الزوج، ومن حقها أن يستأذن منها في حال الزواج عليها ونظرا للوضع الراهن، فالمشكلات
الزوجية وحالات الانفصال سببها لجوء الزوج للزواج بامرأة أخرى، فينسى زوجته وأولاده
مما يؤدي إلى التفكك الأسري''. وأضافت أن ''الإسلام شرع له هذا الحق، ولكن لم يشرع
له أن يظلم المرأة لذا يجب وضع ضوابط لزواجه الثاني في مجتمعنا البحريني''. وأوضحت
أن ''الكثير من الدول تضع شروط للزواج الثاني، وأن يكون ميسور الحال ويستطيع أن يصرف
على الزوجتين ولا يهملهما''، منوهة إلى أن ''مثل هذه الشروط تنظم الحالات الأسرية بالمجتمع،
فالرجال يوافقون على هذا البند لأنه يتوافق مع مصالحهم ويغضون النظر عن حقوق المرأة''.
وتابعت ''في الجهة الأخرى، بعض النساء تلغي حقوقها بسبب تأثير رجال الدين عليها، ومجتمعنا
لا يعطي أهمية لحقوقها وكل ما يتعلق بالمرأة في المجتمع البحريني مهمش' الجودر: بعض
النساء لا تنجب ومن حق الزوج الارتباط بأخرى أشار الشيخ صلاح الجودر إلى أن طلب الخلع
''يتوافق مع الشريعة الإسلامية، خصوصا إذا كانت هناك أضرار على المرأة، ومن حقها أن
تقدم طلب الخلع والقاضي ينظر في القضية، وبالتالي يحدد درجة الضرر وبعدها يتم الخلع
بتراضي الطرفين، ومرت لدينا كثير من هذه القضايا وتم متابعتها والقاضي حدد الحكم النهائي''.
وبخصوص زواج الرجل على زوجته، قال الجودر ''إذا كان هذا الشرط برضى الزوج، لا مانع
من ذلك لأن بعض النساء لا تحتمل الزواج عليها، لكن الشرع حلل للزوج تعدد الزوجات''،
منوها إلى أن ''الحياة الزوجية فيها إشكالات وتحدث أمور غير متوقعة، تكون سببا لتعكير
أجواء الحياة الزوجية''. وأضاف أن ''بعض النساء، لا تستطيع الإنجاب، وبالتالي فمن حق
الزوج الارتباط بأمراة أخرى من أجل الإنجاب، وهذا القانون سيكون إشكالية كبرى مخالفة
لحقوق الزوج في التعدد''. وقال الجودر ''أستغرب تمرير هذه المادة لأنها تخالف نصا شرعيا،
ولأنها ستكون إشكالية وانتقاص لحقوق الرجل وحتى القوامة ستنتفي، وبالتالي سيؤدي إلى
ضعف الأسرة فالرجل سيشعر بالضعف لان هذا الحق سيتم سلبه منه''. وأوضح الجودر انه ''في
النهاية تعتبر هذه القوانين وضعية لأنها وضعت باجتهادات بشرية، وتحتاج إلى قراءة ودراسة
من جديد مع إعادة التدقيق''. عبدلله: يجب المساواة في الحقوق والواجبات بين المرأة
والرجل اعتبرت رئيس جمعية نهضة فتاة البحرين سميرة عبد الله، أن الخلع ''ضمانة للمرأة
في ظل سلب حرياتها وحقوقها، فلها الحق أن تضمن حقها وهو نوع من أنواع المطالبة بالعدل''،
مضيفة أن ''إصدار قوانين المساواة بين الرجل والمرأة، ستشكل ثقافة مع مرور الزمن وهذا
البند شكل من أشكال وعي المرأة وعامل من عوامل الأسرة السعيدة''. وقالت عبدالله إن
''الحقوق والواجبات بين المرأة والرجل يجب أن تكون متساوية ولا فرق بينهما''، متساءلة
عن ''سبب التوجس من منح حقوق المرأة، فالحصول على الحقوق لا يأتي على عجل، بل يحتاج
إلى فترة زمنية وما حصل من تطور على صعيد المرأة البحرينية هو نتيجة نضال بدأ منذ أكثر
من نصف قرن''.