البحرين
-جريدة أخبار الخليج - الأحد 7 نوفمبر 2010
الموافق 30 ذو القعدة 1431
قضايا في أمن الطاقة
أمن الطاقة في دول الخليج بين الحقيقة والوهم
إعداد: مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة 1
تحت رعاية الشيخ خالـد بن عبـدالله آل خليفـة نائب
رئيس مجلس الوزراء، سيبدأ خلال هذا الأسبوع يومي التاسع والعاشر من شهر نوفمبر
الجاري المؤتمر الدولي "أمن الطاقة: آفاق التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس
التعاون لدول الخليج العربية" الذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية
والدولية والطاقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومركز الخليج للأبحاث لمناقشة عدد
من القضايا النفطية الهامة.
وفي هذا المقال سنلقي الضوء على بعض أبعاد قضية أمن الطاقة كموضوع استراتيجي يهم
منطقة الخليج العربي وأوربا وآسيا والولايات المتحدة وغيرها.
1- توطئـــــة
يمكن تأطير الاهتمام بأمن الطاقة وقضاياها المتشعبة من الناحية التاريخية إلى عشية
الحرب العالمية الأولى، عام 1914 حين اتخذ الزعيم البريطاني ونستون تشرتشل، وكان في
حينها وزيرا للبحرية، قرارا بتحويل طاقة اسطول البحرية التي كانت تعمل بالفحم إلى
العمل على النفط الخام، لجعل الأسطول البريطاني أسرع وأكفأ من نظيره الألماني.
ومنذ ذلك التاريخ، بدأ الاهتمام المتصاعد بأمن الطاقة. إن مرد الاهتمام بهذا
الموضوع لا يعزى فقط إلى اختلال التوازن بين عرض الإمدادات والطلب عليه في السوق
وما رافقه من ارتفاع مطرد في الأسعار التي لامست عتبة الـ 150 دولارا للبرميل في
أغسطس من عام 2008، بل يمكن أن يعزى كذلك إلى أن أمن الطاقة أصبح مرادفا لعدم
اليقين في بعض الدول المصدرة وإلى السباق والتنافس الجيوسياسي والتهديدات الإرهابية
وحاجة الدول الى الطاقة لتعزيز النمو الاقتصادي. ولعل الطلب المتعاظم الى الطاقة في
الصين لتعزيز عملية النمو الاقتصادي فيها يُعد من أبرز الأمثلة على ذلك، ولاسيما أن
الصين كانت حتى وقت قريب مصدرا صافيا للنفط، بيدَ أن ذلك تغير جذريا في السنوات
القليلة الماضية، مع ارتفاع الاستهلاك على النفط فيها إلى أكثر من 7 ملايين برميل
يوميا متجاوزة في ذلك اليابان، التي كانت حتى وقت قريب ثاني أكبر مستهلك للطاقة في
العالم. وتشير التقديرات إلى أن الصين بمعدلات النمو الاقتصادي الحالية التي تقترب
من الـ 10% سنويا يمكنها أن تتجاوز الولايات المتحدة الأمريكية الـمستهلك الأول
للطاقة في العالم بحلول .2025
وعودا على بدء، ينظر إلى التهديدات الإرهابية التي طالما تصدر عن تنظيم القاعدة
باستهداف مفاصل الإقتصاد العالمي وبنيته التحتية بما في ذلك المرافق النفطية ومصافي
التكرير كأحد مصادر عدم الاستقرار لسلامة إمدادات الطاقة. إلى جانب ذلك فإن العالم
آخذ بالاعتماد على مصادر طاقة من دول مازالت نظم الأمن فيها قيد التطوير. وتبرز بين
الآونة والأخرى خلافات سياسية تؤثر بشكل غير محسوب أو متوقع على تدفق الطاقة
وانسيابها، ولعل مثال ذلك ما حصل في مطلع عام 2008 من خلاف بين روسيا الاتحادية
وأوكرانيا حول تسعير الغاز الطبيعي وإلى توقف إمدادات الغاز المتجهة إلى أوروبا
ولاسيما إمداداتها إلى بولندا وألمانيا.
إن تجليات أمن إمدادات الطاقة لا تتوقف عند هذا الحد فقط بل تمتد لتشمل مع النمو
المتسارع في تجارة الطاقة ما يعرف بـ "نقاط الاختناق"Transit Choke points عبر
الممرات البحرية. ومن أهمها مضيق هرمز والذي يمر من خلاله أكثر من 17 مليون برميل
يوميا أو ما يعادل 40% من تجارة النفط البحرية. ومن نقاط الاختناق الأخرى التي لا
تقل أهمية عن مضيق هرمز كل من مضيق مالقة الذي يربط شبه القارة الهندية بشواطئ
المحيط الهادي، مضيق باب المندب الذي يربط بحر العرب بالبحر الأحمر، ومضيق البوسفور
الذي يربط البحر الأسود وبحر قزوين بالدول المطلة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
2 - أمن إمدادات النفط والغاز في دول الخليج العربي: بين الحقيقة والوهم
إن دول الخليج العربي بما حباها الله من ثروات طبيعية تحتل اليوم أهمية فائقة قدر
تعلق الأمر بالطاقة، ولا غرو في ذلك ولاسيما أن دول الخليج (بالإضافة إلى العراق
وإيران) لديها من الاحتياطات النفطية المؤكدة، كما في نهاية عام 2009 ما يصل إلى
754 مليار برميل أي ما يعادل 57% من الاحتياطات العالمية المؤكدة المقدرة بـ 1333
مليار برميل. في حين يصل إنتاج النفط فيها إلى أكثر من 24,5 مليون برميل يوميا بحسب
آخر البيانات المتاحة، أو ما يعادل 30% من الإنتاج العالمي.
إزاء هذه المعطيات أضحت منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي تحتل أهمية قصوى في
الجدل المحتدم حول أمن إمدادات النفط. إن أحد الأشكال التي يقوّم فيها أمن الطاقة،
بالإضافة إلى ما يبرز إلى السطح بين الآونة والأخرى من دعوات تنذر بقرب نضوب النفط
وهم أنصار ما يعرف بـنظرية (ذروة النفط) Peak Oil Theory هو درجة الاعتماد على
الواردات (Degree of Dependency). ومن هنا احتلت دول الخليج والشرق الأوسط القدح
المعلى لاعتماد العديد من دول العالم عليها في تأمين امداداتها. ولا تزال ماثلة في
الأذهان التصريحات الشهيرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في خطابه
عن حالة الاتحاد عام 2004 بما مفاده ان: الولايات المتحدة أصبحت مدمنة للنفط الذي
ما فتئ يأتيها من بعض المناطق غير المستقرة ما يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة،
مضيفاً ان الولايات المتحدة ومن خلال التطورات الهائلة في التكنولوجيا عاقدة العزم
على تقليل اعتمادها على نفوط الشرق الأوسط بنسبة تصل إلى 75% بحلول عام .2025
إن هذه الشكوك حول عدم ضمان التدفق الآمن والمستقر من دول الشرق الأوسط تغذيها
عوامل عديدة لعل أبرزها احتلال العراق للكويت عام 1990 وما ترتب عليه من فقدان
السوق لكميات تراكمية خلال عام 1990/1991 تربو على 420 مليون برميل، ناهيك عن الحرب
العراقية الإيرانية التي شهدت في بداياتها تراجعا في إنتاج وتصدير البلدين .
وقد سارعت دول الخليج في كلتا الحالتين وخاصة السعودية بالاستجابة الفورية لنقص
الإمدادات في السوق من خلال توظيف طاقتها الإنتاجية الفائضة والتي وصلت إلى 5
ملايين برميل يوميا إبان الأيام الأولى للغزو العراقي لدولة الكويت. وقد لعبت
السعودية بذلك ما يعرف بـ "المنتج المتمم" Swing Producer في السوق، ما أفضى إلى
احتواء النقص المحتمل في إمدادات السوق العالمية.
إن نظام أمن الطاقة العالمي كما هو معمول به اليوم جاء كردة فعل لحرب أكتوبر عام
1973 حين أشهر العرب لأول مرة في تاريخهم وبشكل فعال وناجع سلاح النفط من خلال فرض
الحظر النفطي على الدول الموالية لإسرائيل. وكان من نتائج ذلك وبنصيحة من مستشار
الأمن القومي الأمريكي هنري كيسنجر إنشاء ما يعرف بـ "وكالة الطاقة الدولية" عام
1974 التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها والتي تضم في عضويتها اليوم 28
دولة أوروبية. وتعمل الوكالة المذكورة كمنسق لسياسات الطاقة في الدول الأعضاء فيها
بما يضمن التدفق الآمن والموثوق به للإمدادات من خلال توظيف ما يعرف بـآلية
احتياطيات الطوارئ التي تعادل 90 يوما من صافي الواردات.
بيدَ أن إطلاق التعميمات المغلوطة ذات الطابع النمطي والتي طالما تتردد في وسائل
الإعلام الغربية متشدقة بأن إمدادات الطاقة من دول الخليج والشرق الأوسط هي
بالضرورة غير مستقرة يجانبه الصواب.
إن أيّ متتبع للتاريخ القريب لسجل الدول المنتجة للنفط يميط اللثام عن حقيقة لا
يمكن إنكارها وهي أن أغلب الاضطرابات التي تشهدها الدول النفطية تنحصر في دول خارج
منظومة الخليج العربي والشرق الأوسط منها على سبيل المثال لا الحصر الإضرابات
العمالية لعمال النفط التي شهدتها فنزويلا عام 2002 احتجاجا على ترشيح الرئيس
الفنزويلي شافيز لولاية ثانية، كان من نتائجه تراجع الإنتاج فيها إلى أكثر من
الثلث. كما تشهد نيجيريا أكبر دولة نفطية في إفريقيا قلاقل مستمرة من قبل المتمردين
الانفصاليين في حوض دلتا النيجر مما تسبب في تراجع صادراتها للولايات المتحدة. كما
تلوح في الأفق حاليا التهديدات الإيرانية حول إيقاف الملاحة في الخليج على خلفية
التطورات في ملفها النووي، أضف إلى ذلك، فإن منطقتنا العربية في الخليج بخلاف
المناطق الجغرافية الأخرى هي في منأى عن الأعاصير كإعصار كاترينا الذي ضرب خليج
المكسيك صيف عام 2005، كما أن منطقتنا يندر أن تشهد توقفا في إنتاجها لأسباب فنية
بخلاف ما حصل مؤخرا في أمريكا في حادث المنصة الشهير Deepwater Horizon التابع
لشركة بي بي والذي كان من نتائجه تسرب كبير للنفط في المياه العميقة قبالة شواطئ
فلوريدا وحدوث أضرار بيئية كبيرة لا تحمد عقباها.
خلاصة القول ان الإمدادات التي مصدرها دول الخليج العربي هي إمدادات موثوق بها يشهد
على ذلك سجلها التاريخي الممتد لعقود طويلة خلت.
3- دور الأوبك ودول المجلس كأداة لتحقيق استقرار الإمدادات
حرصت منظمة الأقطار المصدرة للبترول، أوبك، منذ إنشائها عام 1960 في بغداد والتي
احتفلت قبل أيام بيوبيلها الذهبي بمرور خمسين عاماً على إنشائها، حرصت على تأمين
استقرار السوق من خلال إمداده بما هو مطلوب لتحقيق التوازن من دون الإخلال بأسعار
النفط. ولبلوغ ذلك تجهد الأقطار الخليجية والعربية الأخرى في الشرق أوسط وشمال
إفريقيا على الاستثمار الرأسمالي في مشاريع الطاقة المتعددة، إذ تشير المنظمة
العربية للاستثمارات البترولية (أبيكورب) إلى إنفاق أكثر من 478 مليار دولار لهذا
الغرض خلال الفترة من 2011 - 2015 تتركز أغلبها في المملكة العربية السعودية ودولة
الإمارات العربية المتحدة وقطر بالإضافة إلى دول أخرى كالعراق والكويت والجزائر.
إلا أن الاضطلاع بمثل هذه المشاريع الباهظة التكلفة يستوجب توافر ما يعرف بأمن
الطلب على الإنتاج (Security of Demand) أسوة بأمن المعروض من الإمدادات (Security
of Supply) التي تشدد عليه بإستمرار الدول الغربية المستوردة للطاقة.
إن المراقب للسوق النفطية اليوم يجد بروز رؤية أو شبه إجماع بين دول الأعضاء في
أوبك وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، بتأمين
الاستقرار الآمن للإمدادات بما يلبي حاجة السوق من ناحية من دون الإضرار بنمو
الناتج المحلي الإجمالي العالمي من خلال الدفاع على مدى أو نطاق سعري يتراوح بين 70
و80 دولارا للبرميل، وهو سعر عادل يلبي إلى حد كبير متطلبات الموازنة العامة
لغالبية الدول الخليجية، كما يلبي طموح الشركات النفطية العالمية بما يضمن لها
الولوج في استثماراتها النفطية خاصة في المياه العميقة وفي الحقول الحدية التي يصعب
التنقيب فيها.
4- الطريق إلى الأمام من المواجهة إلى التعاون
بعد عقود من الاتهامات والاتهامات المضادة تحملت فيها الدول النفطية العربية وزر
الافتراءات الكثيرة عند حدوث قلاقل في السوق كما كان يحصل حتى منتصف الثمانينيات من
القرن الماضي شهدت الفترة منذ مطلع التسعينيات تغليب لغة الحوار والتعاون بين الدول
المنتجة والدول المصدرة بلغت ذروتها في إنشاء (منتدى الطاقة العالمي) الذي اتخذ من
العاصمة السعودية الرياض مقرا له بدءا من عام 2005 لتعزيز أمن الطاقة.
وقد لعبت دول مجلس التعاون الخليجي العربية دورا بارزا في تفعيل الحوار مع دول
مستوردة للطاقة الذي شمل في السنوات الأخيرة التعاون في هذا المضمار مع دول الاتحاد
الأوروبي ووكالة الطاقة الدولية ومجموعة العشرين بالإضافة إلى الدول المنتجة خارج
أوبك كالنرويج والمكسيك وروسيا.
نخلص مما ورد إلى أن التعاون بين الدول المنتجة والدول المصدرة أضحى ضرورة حتمية
يمليها واقع عالمنا اليوم الذي جعلت منه العولمة قرية صغيرة مما يجعل من الاعتماد
المتبادل واقعا لا يمكن إنكاره. إن العمل يدا بيد في تأمين تدفق آمن للإمدادات من
خلال الحوار وتعزيز الشفافية في نشر المعلومات والبيانات وتبادلها سيجعل هدف تحقيق
أمن الإمدادات في متناول الجميع
قانون
رقم (28) لسنة 2006 بشأن الاحتياطي للأجيال القادمة
مرسوم
ملكي رقم (38) لسنة 2003 بإنشاء لجنة الغاز الطبيعي
مرسوم
رقم (23) لسنة 1997 بإعادة تنظيم وزارة النفط والصناعة
قرار
رقم (1) لسنة 1973 بتعيين مدير لإدارة النفط
قرار
رقم (40) لسنة 2005 بتعيين مدير بالوكالة في وزارة النفط
إقرار
قانون اتفاقيتي الاستكشاف النفطي
الشورى
يبحث قانون الاستكشاف النفطي اليوم
وزراء
النفط في البحرين ومصر وسوريا يبحثون البرامج النفطية المشتركة