البحرين -
جريدة أخبار الخليج- السبت27 نوفمبر
2010 الموافق 21 ذو الحجة 1431هـ
د.فيصل الغرير في
خطبة الجمعة: أسباب الطلاق.. الاستعجال في الزواج وسوء الاختيار
قال د.فيصل الغرير في خطبة الجمعة أمس ان كلمة من
الكلمات أبكت عيون الأزواج والزوجات، وروعت قلوب الأبناء والبنات، يا لها من كلمة
صغيرة ولكنها خطيرة، إنها الطلاق والفراق، فكم هدَّم من بيوت وفرق من شمل للبنات
والبنين.
والناظر في حياة الناس اليوم يجد أن الطلاق اليوم كثر وهو في ازدياد مستمر ولعل من
الأسباب هو تغير الأخلاق واستخفاف الأزواج والزوجات بالحقوق والواجبات، وتضيع
الأمانات والمسئوليات، وعدم غض الطرف عن بعض الزلات ولعل من أهم أسباب الطلاق
الاستعجال في الزواج وسوء الاختيار فحكمنا على الزواج بظاهره ومنصبه وماله أما
الجوهر ومعدنه وعلاقته بالناس فلا يسأل عن ذلك.ئ؟
فكم يحتاج الزوجان الى العشرة بالمعروف والمحبة القانعة الراضية، والقرب من الله عز
وجل فمن علق قلبه بالله ورجع إليه في شئونه كلها عاش حياة السعداء.
وقال الطلاق كلمة لا ينازع أحد في جدواها وحاجة الزوجين إليها حينما يتعذر العيش
تحت ظل واحد، وإذا بلغ النفور بينهما مبلغا يصعب معه التودد، فالواجب أن يتفرقا
بالمعروف والإحسان، يقول عز وجل "إن يتفرقا يُغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا
حكيما". وان الله لم يخلق الزوجين بطباع واحدة، والزوجان اللذان يظنان أنهما مخلوق
واحد يعيشان في أوهام، وان الحياة الزوجية داخل البيت لا تكون هادئة على الدوام فقد
يتعكر الجو، لكن المهم هو كيفية التعامل مع هذا الخطأ وهذه المشكلة التي تواجه
الزوجين، ولقد أرشد الله عز وجل والرسول عليه السلام الزوجين الى أمور مهمة في
حياتهم الزوجية فقال تعالى:
"فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيرا كثيرا". فقد تكون الزوجة
عند زوج تؤذيه وتهينه، فيصبر لوجه الله ويحتسب أجره عند الله ويعلم ان الله معه،
فما هي أعوام حتى يكرمه الله عز وجل بذرية صالحة طيبة.
وقال الرسول، صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً". فإن هذه الأحاديث وهذه
الآيات تربي الزوجين على أهمية هذا الميثاق الغليظ وأن الكره اليسير يجبُ ألا يؤدي
إلى الطلاق.
إخوة الإيمان.. الحياة الزوجية حياة اجتماعية، ولابد لكل اجتماع من رئيس يرجع إليه
عند الاختلاف في الرأي، والرجل أحق بالرئاسة "الرجال قوامون على النساء" فالرجل هو
صاحب القوامة في البيت لأنه أعلم بالمصلحة، وأقدر على التنفيذ.
وإن قوامته في بيته لا تعني منحه حق الاستبداد والضرب والقهر فعقد الزوجية ليس عقد
استرقاق بل إنه أزكى من ذلك وأجل.
عباد الله: إن العلاقات الزوجية عميقة الجذور فيها المودة والرحمة والسعادة، يقول
الرسول صلى الله عليه وسلم إذا صلت المرأة خمسها وحصَّنت فرجها، وأطاعت بعلها ــ أي
زوجها ــ دخلت من أي أبواب الجنة شاءت". وبهذا يفهم الرجل أن أفضل ما يستصحبه في
حياته ويستعين به على واجباته الزوجة اللطيفة للعشرة القويمة الخلق وهي التي تسره
إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في أمر مباح، إن هذه الزوجة هي دعامة البيت
السعيد.
يا معشر الأزواج تريثوا فيما أنتم قادمون عليه، إذا أردتم الطلاق فاستشيروا العلماء
والحكماء واسألوهم عما أنتم فيه.
ثم اعلموا أيها الأزواج والزوجات إن أحدنا لتمر عليه فترات لا يرضى فيها عن نفسه
ولكنه يتحملها ويتعلل بما يحضره من المعاذير، واذا كان كذلك فليكن هذا الشأن بين
الزوجين يلتمس كل منهما لقرينه المعاذير، ولابد من غض الطرف عن الهفوات والزلات حتى
تستقيم العشرة.
ثم اعلموا أن لكلا الزوجين حقا على الآخر، فحق على الزوج أن ينفق على زوجته ولا
يكلفها من الأمر ما لا تطيق، وان يُسكنها في بيت يصلح لمثلها ويعلمها ويؤدبها ويغار
عليها ويصونها وان يعاشرها بالمعروف، ومن حق الزوج على زوجته أن تطيعه بالمعروف.
وان تتبعه في مسكنه وألا تصوم تطوعا إلا بإذنه وألا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه
وألا تخرج من غير إذنه وأن تحفظه في دينه وعرضه. يقول عليه الصلاة والسلام "أيما
امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة".
إنه من المعلوم عندما يتقدم أي شخص للزواج لابد له من إجراء الفحص الطبي وهذا أمر
محمود لسلامة الزوجين من الأمراض، إلا اننا في حاجة ماسة الى سلامة الزوجين الروحية
والعاطفية والعشرة بينهما بالمعروف وهذا يكون عن طريق التوجيه والإرشاد والتعلم.
وحلاً لمشكلة الطلاق والبحث عن أساليب عملية لتحقيق استقرار الأسرة وسعادتها فإننا
نتمنى من مجلس النواب القادم والحكومة الموقرة الاهتمام بهذا الموضوع الذي تمت
مناقشته سابقا والعمل على الإسراع بقانون يلزم المقبلين على الزواج بدخول دورات في
مقدمات الحياة الزوجية حتى يعرف الزوج وتعرف الزوجة الحقوق والواجبات تجاه الآخر
وكيفية التعامل مع المشاكل فإن بعض الدول قامت بهذا المشروع فانخفضت فيها نسبة
الطلاق في خلال عشر سنوات من 32% الى 7%.
واستكمالا لهذا المشروع نقترح إنشاء مكاتب للإصلاح والتوجيه الأسري في جميع محافظات
المملكة حتى تكون هذه المكاتب عونا لصاحب المشكلة في الرجوع إلى أهل الاختصاص
واستشارتهم لحل مشكلته