البحرين- جريدة الوطن- الأحد 27 محرم 1432الموافق 2 يناير 2010
اعتبرتها خلطاً بين أنواع الجرائم..
هيئة التشريع والإفتاء: التعديل النيابي على المادة »41« من »العقوبات«
يؤدي لإفلات الجناة
كتب - خالد هجرس:
قالت هيئة التشريع والإفتاء القانوني إن النواب خلطوا بين
الأنواع المختلفة من الجرائم في تعديلهم المادة (41) من قانون العقوبات،
وهي المادة المعنية بتحديد آلية اعتبار الجريمة المستحيلة، واعتبرت أن ما حمله
الاقتراح بقانون كان إسقاطاً لمبادئ قانونية في الفقه الجنائي لا تعديلات على
أوضاع فيه. وجاء في تعليق الهيئة، على المشروع المعروض على جدول أعمال أول
جلسة نيابية ضمن بنود الرسائل الواردة من الحكومة إلى النواب: ''تجدر الإشارة إلى
أن الجريمة المستحيلة واحدة من الجرائم الناقصة، يستحيل وقوع الجريمة فيها،
والتي يقدم الفاعل على ارتكابها أياً كانت الظروف اللاحقة المحيطة بها،
وبعبارة أخرى تعتبر الجريمة مستحيلة إذا استحال تحقق نتيجتها الإجرامية في
الأوضاع أو الظروف التي أتى فيها الفاعل سلوكه الإجرامي لسبب لم يكن في
حسبانه وليس لإرادته دخل فيه، بمعنى أن الجاني أفرغ كل نشاطه في سبيل
التنفيذ ومؤملاً النجاح له، ولكن لم يبلغ النتيجة، والاستحالة قد ترجع
إلى تخلف النتيجة أو ألحق موضوع الحماية القانونية، وقد تعود تارة أخرى إلى عدم
كفاية أو عدم صلاحية الوسيلة المستعملة في ارتكاب الجريمة''. وأوضحت الهيئة
أن النص الحالي للمادة يقول ''إذا استحال تحقق الجريمة التي قصد الفاعل
ارتكابها لقصور الوسيلة، أو لتخلف الموضوع، وجب تطبيق أحكام الشروع''،
ومعناه أن وصف الجريمة المستحيلة يطلق عليها متى استحال تحقيق النتيجة الإجرامية
بسبب قصور الوسيلة بحيث لا تصلح الوسيلة مطلقاً وفي جميع الظروف لتحقق النتيجة
أو بسبب تخلف موضوع الجريمة''، مضيفاً: ''النص يقول '' إذا استحال تحقق
الجريمة التي قصد الفاعل ارتكابها لقصور الوسيلة، وكانت هذه الوسيلة صالحة
بطبيعتها لتحقق الجريمة، وجب تطبيق أحكام الشروع'' وهذا لا يستقيم في
الجريمة المستحيلة التي يتعين أن تكون الوسيلة المستعملة في الجريمة غير
صالحة مطلقاً لتحقيق النتيجة الإجرامية، كما إن هذا النص يؤدي إلى إفلات
كثير من الجناة من العقاب رغم أنشطتهم الإجرامية الخطيرة، وبالتالي لا يؤدي
إلى تحقيق العدالة الجنائية''. أقسام الجريمة وذكرت الهيئة في ردها، حول
أقسام الجريمة، أن الشروع في الجريمة يستلزم البدء في تنفيذها وعدم تحقق
النتيجة لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيها، فإذا أوقفت الجريمة في مرحلة السلوك
سميت بالجريمة الموقوفة، أما إذا أفرغ الجاني كل سلوكه دون تحقق النتيجة
فتسمى بالجريمة الخائبة، وسبب خيبتها يلقي عليها وصف الجريمة المستحيلة،
فإذا كانت الخيبة ترجع إلى استحالة اقترافها لتخلف الموضوع أو لعدم صلاحية الوسيلة
كانت مستحيلة أما إذا كانت الوسيلة المستعملة صالحة بطبيعتها لتحقق الجريمة، فلا
يمكن القول بوجود جريمة مستحيلة إنما خائبة''. ونوهت الهيئة أن الجريمة
الخائبة يعاقب عليها بالعقوبة الكاملة أما المستحيلة فبالشروع، بحسب المادتين
(40) و(41) من قانون العقوبات، وأكدت أن لفظ الاستحالة على الجريمة لا
يكون إلا لشيئين هما في موضوع الحماية القانونية أو وسيلة الجريمة، فمثلاً
لو صارت سلوكاً يحوي قصداً بالقتل على جثة إنسان ميّت أصلاً، فإن هذه
جريمة مستحيلة لانتفاء موضوع الحماية القانونية، أو أن تكون الوسيلة فاسدة في
رغبة الشخص بإطلاق عيار ناري من مسدس خال من الرصاص أو فاسد، أما ما سوى ذلك،
فهو يندرج تحت الجريمة الخائبة التي تكون إما إطلاق النار على المجني عليه
بهدف قتله لكن العيار أصابه في غير مقتل. الخلط بين »المستحيلة«
و»الخائبة« ومن الملاحظ أن التعديل حذف جزءاً من شكلي الجريمة المستحيلة وهو
في الموضوع محل الحماية القانونية، وعليه فإن هذا الحذف يخلط نوعي الجريمة
المستحيلة والخائبة، لأن تعريف الثانية يكون بحسب المادة (40) من قانون
العقوبات ''إذا كانت جميع الأعمال التي ترمي إلى اقتراف الجريمة تمت دون أن
تفضي إلى نتيجتها عوقب الفاعل بعقوبة الجريمة التي قصدها''، وعليه سيثار
سؤال في حال اعتماد هذا النص بالنسبة للخلط بين النوعين، بأي الحكمين يؤخذ
في حال المثال السابق الذي قام فيه الجاني بجميع الأعمال الرامية إلى محاولة
قتل رجل كان ميتاً قبل الإتيان بالسلوك الإجرامي؟، والجواب في حال وجود
النصين معاً أن المادة (40) ستعتبر عقوبتها عقوبة الجريمة الكاملة أما
المادة (41) فستقول إنها شروع، وهذا بلا شك خلط يؤدي إلى خلط تشريعي،
باعتبار أن الجريمة الخائبة فيها وسيلة صالحة لكن النتيجة لم تحدث، بينما المثال
الذي ينطبق على الجريمة المستحيلة الموجودة حالياً سيكون متطابقاً مع شروط
الجريمة الخائبة والجريمة المستحيلة في ذات الوقت.
دستور
مملكة البحرين