البحرين - جريدة
أخبار الخليج - الأحد 2 مايو 2011 الموافق 28 جمادى الأولى 1432هـ العدد
12092
وزارة العدل تبلغ
مجلس النواب: إنشاء صندوق لمعالجة أوضاع المدنيين لا يتوافق والدستور
يبحث مجلس النواب اقتراحا بقانون بشأن إنشاء صندوق
لمعالجة أوضاع المدنيين الذين يثبت اعسارهم قضائيا في سداد قروض استهلاكية ومقسطة
غير تجارية تجاه الجهات الحكومية والمؤسسات المالية.
وقبل أن يبت المجلس في هذا المقترح بقانون بصفة نهائية حرصت لجنة الخدمات بالمجلس
على الحصول على مرئيات وزارة العدل والشئون الإسلامية في هذا المقترح بقانون.
وباستقراء أحكام المقترح في مجمل أحكامه فقد تبين أنه يقوم على فكرة قيام الحكومة
بشراء مديونيات بعض المدينين لدى الجهات الحكومية التي تقدم خدمات مالية للمواطنين
والمؤسسات المالية التي تخضع لرقابة مصرف البحرين المركزي، وذلك من خلال صندوق يتبع
وزارة المالية ويتم تمويله من الاحتياطي العام للدولة.
وقد حددت المادة الأولى نطاق المديونيات المشتراة، فيما يسمى بالمديونية المتعسرة،
في الرصيد القائم للقروض الاستهلاكية والقروض المستحقة التي حصل عليها المدين
المعسر من الجهات الدائنة، كما حددت نطاق المدينين المستفيدين من هذا الصندوق في
الأشخاص الطبيعيين الذين تم اتخاذ إجراءات قضائية بشأنهم بسبب اعسارهم في سداد رصيد
المديونية وأثقل بأعباء والتزامات مالية تتجاوز 50% من دخله الشهري، وأن تكون
المديونية بسبب الحصول على قروض استهلاكية.
وعن الغاية التي يهدف إليها المقترح فقد أشارت المذكرة الايضاحية له الى أنها
تستهدف مساعدة المواطنين الذين يثبت اعسارهم قضائيا وتتخذ ضدهم إجراءات التنفيذ من
أجل سداد قروض استهلاكية ومقسطة غير تجارية، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لكي تحصل
البنوك وشركات الاستثمار على حقوقها من هؤلاء المدينين.
وفي ضوء ما تقدم ترى وزارة العدل ما يلي:
أولاً: ان تدخل المشرع لفرض قيام الحكومة بتسديد مديونية بعض المدينين وحلولها
محلهم في مواجهة قطاع انتاجي وخدمي معين هو قطاع البنوك وشركات الاستثمار الخاضعة
لرقابة البنك المركزي يشكل مخالفة دستورية وشرعية في آن واحد، ولا سيما إذا أخذنا
في الاعتبار حجم المال العام المخصص لشراء المديونية وجدولتها مدة طويلة، إذ أن ذلك
يؤثر من الناحية العملية في التنمية ولا تتحقق بالتالي الزيادة التي تطلبها الدستور
في مادته العاشرة في الدخل القومي، ولا محاجة في هذا الشأن بما نص عليه الدستور في
مادته الخامسة من كفالة الدولة لتحقيق التضامن الاجتماعي، إذ أن ذلك يعني العمل على
التوفيق بين وحدات المجتمع في بنيانه وتداخل مصالحه واتصال أفراده وترابطهم ليكون
بعضهم لبعض ظهيرا، وهو ما حدده الدستور في حالات الشيخوخة أو المرض أو العجز عن
العمل أو اليتم أو الترمل أو البطالة، أما في حالات إعسار المدينين عن سداد
مديوناتهم الناتجة عن قروض استهلاكية لقطاع انتاجي وخدمي فإن المساعدة التي أشارت
إليها المذكرة الايضاحية لا تمت لمبدأ التكافل أو التضامن الاجتماعي بصلة، ذلك أن
الاعسار الذي ترتب على هؤلاء المدينين عن سداد ديونهم ليس مرجعه كوارث أو محن عامة
بحيث تكفله الدولة، وفقا لنص المادة 12 من الدستور.
وبناء عليه فإن هذا المقترح قد أخرج فكرة التضامن والتكافل الاجتماعي من مضمونها
وفحواها، إذ جاء تطبيقه للمبدأ وبينه وبين الفهم الصحيح له بونا بعيداً بل يمكن
القول إن هذا المقترح فيه إهدار صريح لمبدأ التضامن الاجتماعي الذي كفله الدستور إذ
أن هذا المقترح دعوة صريحة إلى كل من تنطبق عليه أحكامه من المدينين للجهات المنصوص
عليها فيه التوقف عن سداد مديونيته، حتى ولو كان قادرا فعليا على سدادها، الفترة
التي تكون له حالة إعسار راكنا إلى عدم ملاحقته قضائيا وسداد الصندوق المزمع إنشاؤه
من المال العام لمديونيته، ومن ثم إعادة جدولتها بالقدر الذي تسمح له ظروفه المادية
بسدادها.
ثانياً: إن القانون «أي قانون» هو التعبير الصادق والأمين عن المجتمع في احتياجاته
وتطلعاته، لذلك ينبغي أن ينبع من الواقع ولضرورة اجتماعية ولا يغالي في الأمان
فيكون مجرد شعارات خالية من المضمون التطبيقي.
ومن المذكرة الايضاحية للمقترح الماثل يتضح ان ضرورته الاجتماعية تدور في محورين
أولهما مساعدة بعض المواطنين الذين يثبت اعسارهم قضائيا وتتخذ ضدهم إجراءات التنفيذ
من أجل سداد قروض استهلاكية وحمايتهم من حالات الحبس، وثانيهما حصول البنوك وشركات
الاستثمار على حقوقها من هؤلاء المدينين.
أما عن غاية المساعدة لبعض المواطنين فإلى جانب ما أسلفنا من أن هذا المقترح يحتوي
في مضمونه على دعوة صريحة إلى تقاعس المدينين الذين ينطبق عليهم المقترح عن سداد
مديونياتهم للاستفادة من مزايا هذا المقترح، فإن المساعدة التي يتوخاها المقترح قد
جاءت واهية، إذ أنه من ناحية أعطى البنوك المديرة، نائبه عن الدولة، بإدارة القرض
المقدم من الصندوق بما في ذلك اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والقضائية قبل
المدينين المعسرين الذين يخلون بالتزاماتهم بها.
أما بشأن مساعدة البنوك وشركات الاستثمار في الحصول على حقوقها من هؤلاء المدينين
فإنه إلى جانب أنه ليس من التزامات الدولة تقديم تلك المساعدة، فإن بديهيات العمل
المصرفي تتطلب تأمين القروض التي تمنحها البنوك بضمانات تكفل تحصيلها، فإذا تقاعست
المصارف عن تأمين ضماناتها فلا تتحملها الدولة من خلال المال العام.
كذلك فإن المقترح المذكور قد أقام تمييزا غير مبرر في شأن الخاضعين له من دائنين
ومدينين، مانحا لهم امتيازات مالية وقانونية خاصة في حين أن ما عداهم من دائنين
ومدينين الذين لا يخضعون لأحكام المقترح يطبق عليهم قوانين أخرى، من دون أن تكون
لهم أية امتيازات مالية أو قانونية، فإنه فضلا عن ايجاده ازدواجيا في أحكام القانون
الوطني فقد شابه عدم دستورية لإخلاله بقاعدة المساواة.
وبناء عليه ترى وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف عدم الموافقة على المقترح
موضوع الرأي.
دستور
مملكة البحرين